"جيه بي مورغان" أكبر من أن يسقط.. لكنه قد ينقذ بنكاً يتهاوى

ميزانية البنك العمومية بلغت 3.7 تريليون دولار قبل شرائه لمصرف "فيرست ريبابليك بنك" هذا الشهر

جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ"جيه بي مورغان"
جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ"جيه بي مورغان" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يصعب وصف بنك "جيه بي مورغان" بأنه أكبر البنوك الأميركية فحسب، فهذا لا يفيه حقه نظراً لضخامة حجمه التي تحير العقول منذ قرن من الزمان. قبل أن يشتري مصرف "فيرست ريبابليك بنك" في 1 مايو، بلغ إجمالي ميزانيته العمومية 3.7 تريليون دولار وكان لديه أكثر من عُشر الودائع المصرفية في الولايات المتحدة.

في وقت سابق لشرائه حصة أغلبية في بنك "واشنطن ميوتشوال" (Washington Mutual)، الذي يُعتبر انهياره في 2008 هو الأكبر من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، استحوذ "جيه بي مورغان" على مصرف الاستثمار "بير ستيرنز" (Bear Stearns) ومصرفي "بنك وان" (Bank One) و"تشيس مانهاتن" (Chase Manhattan)، الذي كان قد اندمج مع "كيميكال" (Chemical)، الذي سبق أن اندمج مع "مانوفاكتشوررز هانوفر" (Manufacturers Hanover).

تفوق على المنافسين

قبل كل ذلك بفترة طويلة، وقبل أن تدفع اللوائح التنظيمية مصرفيي البنوك الاستثمارية بالأساس إلى فصل وحدة أصبحت فيما بعد "مورغان ستانلي" خلال فترة الكساد الكبير، واجه لويس برانديز، الذي كان يوشك أن يصبح قاضي المحكمة العليا آنذاك، صعوبات في استيعاب ضخامة "جيه بي مورغان".

ذكر برانديز في كتاب نُشر في 1914 إن المصرف واثنين من منافسيه كانا "تحت هيمنة أحد العباقرة في الدمج". استشهد برانديز بحصر أجراه الكونغرس لعلاقات تلك البنوك بالشركات، وفاق حجمها 22 مليار دولار، وهو ما كان حينذاك أكثر من قيمة جميع العقارات في كل الولايات الواقعة غرب نهر المسيسيبي.

رئيس "جيه بي مورغان": أزمة المصارف الأميركية رفعت احتمالات الركود

ماذا كان برانديز ليقول الآن؟ هناك طرق أخرى لقياس ضخامة الشركات وقوتها –الأرباح والقيمة السوقية والعلاقات السياسية– لكن من حيث الميزانية العمومية، فإن "جيه بي مورغان" يتفوق على منافسيه بفارق كبير.

إذا أغرتك مقارنة المصرف بشركة "بلاك روك"، تذكَّرْ أن أصول مديري الأموال، البالغة تسعة تريليونات دولار موجودة في صناديق تشرف عليها الشركة لصالح عملائها. بالمقارنة، فإن "جيه بي مورغان" يموِّل العالم كما أنه يدير أصولاً يقارب حجمها ثلث ما تديره "بلاك روك".

شمس النظام المالي

إضافة لذلك، يتعامل المصرف مع مدفوعات تفوق خمسة تريليونات دولار يومياً. بإمكانك أن تقول إنه أشبه بإمبراطورية مستقلة. بل إن جون أوثرز، الذي ينشر مقالات رأي لدى بلومبرغ أوبنيون، يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يُسمّي جيمي ديمون، رئيس "جيه بي مورغان"، الشمس التي يدور حولها النظام المالي، ويصف البنك بأنه نوع من المرافق العامة الكبيرة بما يكفي لتعتمد الحكومة نفسها عليها.

"جيه بي مورغان" يستحوذ على "فيرست ريبابليك بنك"

في جادة "بارك أفنيو" بمدينة نيويورك، على مسافة مربعين جنوبي أحد فروع "فيرست ريبابليك بنك"، ينشئ "جيه بي مورغان" ناطحة سحاب ستحتل مربعاً كاملاً في المدينة، في الموقع نفسه الذي كان فيه المقر الرئيسي للبنك فيما سبق. قرار ديمون بهدم المبنى جعله أطول مبنى على الإطلاق يتقرر هدمه طواعية، وسيكون البرج الذي سيحل محله أحد أطول أبراج نيويورك. الكبير يبتلعه الأكبر منه.

حصن منيع

يحبذ ديمون القول بأن ميزانية البنك العمومية مُحكمة كحصن منيع، وهي صورة يسهب في استخدامها مارك بلايث، عالِم الاقتصاد السياسي. قال بلايث، الذي يدير مركز ويليام آر. رودز للاقتصاد الدويل والتمويل في جامعة براون: "إذا كان محط الأنظار الوحيد في المدينة هو قلعة من العصور الوسطى، فأنا أود أن أكون جزءاً منها. نحن لدينا القلعة. ألا تريد أن تكون داخل القلعة؟ الأمر محفوف بالمخاطر في الخارج".

"جيه بي مورغان" يعزز توقعات صافي دخل الفائدة بفضل الودائع

خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، في الوقت الذي ترك المودعون فيه بنوكاً أخرى، ارتفعت الودائع في "جيه بي مورغان". لكن هناك مشكلة في فكرة أن الجميع يرغبون في الانضمام للقلعة. يتساءل بلايث: "ماذا سيحدث إذا تعرضت أسوار القلعة للاختراق؟ سنكون جميعاً في وضع سيئ".

تتعاقب عصور شتى على القوة الاقتصادية في الولايات المتحدة. كما يقول بلايث، حين اضطر المجتمع بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة البناء بشكل أو بآخر، هيمنت القدرة المالية لوزارة الخزانة الأميركية. وحينما أصبح التضخم هو العدو، وكان لدى الاحتياطي الفيدرالي القوة لمكافحته، أفسحت الهيمنة المالية مجالاً للهيمنة النقدية.

الآن، قد يؤذن تضخم البنوك الكبرى التي يصعب انهيارها بعهد جديد. قال بلايث: "قد نكون في عالم هيمنة مالية... لست متيقناً، لكن الأمر يبدو كذلك".