الذكاء الاصطناعي يحتاج لمعالجات شركات تعدين العملات المشفرة

شركات التعدين أمامها فرصة مثالية للاستفادة من الاهتمام المتزايد بالذكاء الاصطناعي وتعويض خسائرها الأخيرة

حفار لتعدين العملات المشفرة مزود بوحدة معالجة رسوم "إنفيديا جي فورس" بمعرض تايلندا للعملات المشفرة 2022.
حفار لتعدين العملات المشفرة مزود بوحدة معالجة رسوم "إنفيديا جي فورس" بمعرض تايلندا للعملات المشفرة 2022. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما توقفت بلوكتشين الخاصة بعملة إيثريوم المشفرة عن استخدام إحدى تقنيات التحقق من المعاملات، والمعروفة باسم "إثبات العمل" في سبتمبر الماضي؛ اختفى الطلب في سوق العملات المشفرة فعلياً على المعالجات المتخصصة التي تؤدي تلك الحسابات بين ليلة وضحاها.

الشركات التي استخدمت واستضافت وحدات معالجة الرسومات (GPUs) شهدت تلاشي جانب مهم من نشاطها الذي كان مزدهراً ذات يوم، وذلك في ظل تفاقم ظروف عصيبة في قطاع العملات المشفرة.

لكن حالياً تجد شركات البنية التحتية لتعدين العملات المشفرة، مثل "هايف بلوكتشين" (Hive Blockchain) و"هت إيت ماينينغ" (Hut 8 Mining)، فرصاً جديدة لإعادة استخدام معداتها المعتمدة على وحدات معالجة الرسوم في قطاع آخر على أعتاب انتعاش محتمل، وهذا القطاع هو: الذكاء الاصطناعي.

قالت جايمي ليفرتون، الرئيسة التنفيذية لشركة "هت إيت" في مقابلة: "إذا أمكنك إعادة توظيف الاستثمارات الموجودة في البنية التحتية للتعدين ووحدات معالجة الرسوم وتحويلها إلى منتجات وقطاعات عمل جديدة؛ سيكون هذا مفيداً للغاية".

فرصة مثالية

نظراً لأن وحدات معالجة الرسوم، المصممة لتسريع عرض الرسوم، تحتاج إلى صيانة مستمرة وبنية تحتية مادية لا يمكن لكل المستخدمين توفيرها. لذلك؛ تستخدم "هت إيت" وقليل من شركات التعدين الأخرى الرقائق لتقديم خدمات الحوسبة عالية الأداء (HPC) للعملاء في مجموعة متنوعة من المجالات. لكن نجاحات قطاع الذكاء الاصطناعي الوليد الذي جذب انتباهاً كبيراً ويتطلب كميات هائلة من القدرة الحاسوبية، تمثل فرصة مثالية للتقدم، وهو ما يلبي طموحات شركات التعدين التي ظهرت عندما اشترت هذه المعالجات في البداية.

"كوين بيس" تدعو إلى إنشاء عملات مشفرة مستقرة مقاومة للتضخم

قالت "هت إيت" إن عملها بالحوسبة عالية الأداء حقق إيرادات تناهز 16,9 مليون دولار في 2022، ما يمثل 11% من إجمالي إيراداتها، وذلك بعد عام واحد فقط من النشاط، مدفوعة جزئياً بطلب عملاء الذكاء الاصطناعي.

بالمثل، قالت "هايف بلوكتشين"، التي اشترت معالجات بقيمة 66 مليون دولار من "إنفيديا" في مطلع 2021، إنها تسعى لزيادة إيراداتها من الحوسبة عالية الأداء 10 مرات، لتبلغ 10 ملايين دولار في 2024، وزيادة بنحو 20 ضعفاً مقارنة بالمستويات الحالية بحلول 2025. حالياً، يتوقع المحللون الذين تتابعهم بلومبرغ أن يصل إجمالي إيرادات الشركة إلى نحو 98 مليون دولار في 2024.

استفادة محدودة

لا تُعد كل شركات تعدين العملات المشفرة مؤهلة للاستفادة من الضجة المثارة حول الذكاء الاصطناعي، كما لن تتمكن من التخلص من التخمة في مخزون الرقائق باهظة الثمن. فوفقاً لشركة "بتبرو كونسلتنغ" (Bitpro Consulting)، التي تقدم خدمات الوساطة لشركات التعدين، يمكن إعادة استخدام ما بين 5% إلى 15% فقط من وحدات المعالجة المخصصة للعملات المشفرة في الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المشابهة، مثل: الرؤية الحاسوبية، وتصميم الرسوم التوليدي.

إصدار ترقية لـ"إيثريوم" في أبريل تسمح بعمليات السحب

فضلاً عن ذلك، فالتحول إلى تقديم خدمات الحوسبة عالية الأداء للذكاء الاصطناعي سيحتاج لاستثمار ضخم في الأجهزة والقوى العاملة الإضافية، وذلك في وقت تعاني فيه كثير من شركات التعدين مالياً وسط الانخفاض في أسعار العملات المشفرة.

وخلال العام الماضي أفلست شركة "كور ساينتيفيك" (Core Scientific)، أكبر شركة عامة لتعدين بتكوين باستخدام القدرة الحاسوبية، كما حذّرت شركات تعدين عديدة من أزمات سيولة. لكن الطلب على الرقائق قد يشكل فرصة مثالية لتعويض المبلغ الذي أنفقته الشركات على المعالجات، والذي تقدره "بتبرو" بنحو 15 مليار دولار.

على الجانب الآخر، سارعت حفنة من شركات تعدين إيثريوم إلى شراء الرقائق مرتفعة الثمن عندما أُتيحت بدائل أرخص سعراً لم تكن متوافرة في ذروة انتعاش العملات المشفرة في 2021 ومطلع 2022. ولم تمانع الشركات في دفع ثمن أعلى مقابل تلك المعالجات "ذات القدرة الأعلى"، نظراً للأوضاع الاقتصادية المواتية لارتفاع أسعار إيثريوم، والتي بلغت 4,870 دولاراً في نوفمبر 2021. لكن سرعان ما اكتشفت تلك المجموعة خطأ رهانها، بعد تراجع أسعار إيثريوم، وعدم تمكنها من الاستفادة من تلك الرقائق لفترة طويلة.

منافسة شرسة

نجحت إيثريوم في تنفيذ تحولها إلى نظام إجماع "إثبات الحصة" في سبتمبر الماضي،؛ ما أنهى الحاجة للرقائق، وذلك بعد فترة قصيرة من انخفاض سعرها إلى 880 دولاراً بعد سلسلة من الانهيارات غير ذات الصلة في قطاع العملات المشفرة. ويقوم نظام "إثبات الحصة" على الاختيار العشوائي لمن يقومون بمراجعة العمليات في سلسلة الكتل والتصديق عليها وإجازتها استناداً إلى امتلاكهم عملات مشفرة مودعة على منصة "بلوكتشين"، وتزيد فرصة اختيار من يقوم بعملية الإجازة هذه كلما زادت كمية الرموز المودعة في المنصة.

الخطر الخفي لطموحات البنوك المركزية في العملات المشفرة

قال إيثان فيرا، مدير العمليات في شركة "لوكسور تكنولوجيز" (Luxor Technologies)، التي تقدم منتجات التعدين عن البتكوين وخدماتها، إنه قد يصعب على المعدنين المنافسة أمام شركات خدمات البيانات الكبرى، مثل "مايكروسوفت أزور" (Microsoft Azure) و"أمازون ويب سيرفسيز" (AWS). حيث تستخدم تلك المنصات نظاماً للأدوات وموظفين للدعم متاحة لعملاء الذكاء الاصطناعي، مع ذلك، فخبرات شركات التعدين في إدارة الطاقة قد تمنحها ميزة أكبر، نظراً لأن الذكاء الاصطناعي يستهلك قدراً هائلاً من الكهرباء، مثل التعدين عن العملات المشفرة.

واختتم فيرا أن شركات التعدين تحتاج للاستفادة من الميزات التنافسية التي اكتسبتها خلال تعدين العملات المشفرة، حتى تتمكن من المنافسة في قطاع الحوسبة عالية الأداء، أما "بالنسبة لشركات التعدين التي حولت جزءاً من أعمالها إلى الحوسبة عالية الأداء، فإن ذلك التحول سيكون مربحاً للغاية. لكنه بالطبع لن يكون سهلاُ، حيث لن تنجح فيه إلا شركات التعدين الأكثر براعة وإصراراً" حسب قوله.