سندات الخزانة تتقدم بعد مؤشر أسعار المستهلك مع ارتفاع الأسهم الأميركية

متداولون يعملون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (NYSE) في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم الإثنين 20 مارس 2023.
متداولون يعملون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (NYSE) في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم الإثنين 20 مارس 2023. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حققت الأسهم الأميركية مكاسب متواضعة في جلسة تداول متقلبة، بينما ارتفعت أسعار سندات الخزانة بعد تقرير كشف عن تراجع معدل التضخم بنسبة طفيفة في أبريل، ورفع المتعاملون في عقود المقايضة رهاناتهم على تخفيض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام.

تأرجح مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بين الخسائر والمكاسب قبل أن يغلق جلسة الأربعاء مرتفعاً بنسبة 0.4%.

سجل مؤشر "ناسداك 100"، الذي يعطي وزناً نسبياً كبيراً لأسهم التكنولوجيا، ارتفاعاً بنسبة 1.1%، في أعلى مستوى له عند الإغلاق منذ 18 أغسطس الماضي. ودعمت أسهم التكنولوجيا العملاقة – "أمازون" و"أبل" و"مايكروسوفت" – أداء المؤشرين. بينما انخفضت أسهم "والت ديزني" بنسبة 3.1% في التعاملات بعد إغلاق السوق بسبب خسائر البث التي جاءت أعلى من المتوقع.

ارتفعت أسعار المستهلك في الولايات المتحدة بنسبة 0.4% في أبريل، وسجل المؤشر العام لأسعار المستهلك ارتفاعاً بنسبة 4.9% على أساس سنوي، في أول قراءة له تقل عن مستوى 5% منذ عامين.

هذه القراءة مازالت أعلى كثيراً من مستهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يبلغ 2%، بينما يوازن مسؤولو البنك المركزي بين ضرورة تخفيض معدل التضخم المنفلت في مواجهة احتمال ركود الاقتصاد وأزمة القطاع المصرفي.

انخفض عائد سندات الخزانة لأجل عامين، التي تتسم بحساسية خاصة تجاه السياسة النقدية، إلى 3.91%، مع بلوغ العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 3.44%.

عقود المقايضة تشير إلى أن المستثمرين يراهنون على تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس تقريباً هذا العام.

التضخم وأسعار الفائدة

قالت ليز يونغ، رئيسة استراتيجية الاستثمار في شركة "سوفاي" (SoFi)، عبر الهاتف: "عوائد سندات الخزانة تنخفض، وأسهم التكنولوجيا ترتفع. وقد جاء مؤشر أسعار المستهلك إيجابياً بمعنى أنه أخيراً أقل من 5%. يبدو أننا نتحرك في الاتجاه الصحيح في بعض المسارات الأساسية، لا سيما بعض القطاعات الخدمية. وهذا أمر مشجع لأنه الجزء الذي ما يزال يثير قلق معظمنا. ومع ذلك، ما يزال مستوى التضخم عند 4.9% والمؤشر الأساسي ما يزال عند 5.5% - وهذا المؤشر الأخير لم ينخفض على الإطلاق على أساس سنوي".

وأضافت: "أعتقد أن هذه التطورات لا تدعو أسواق الأسهم إلى الاحتفاء بها بدرجة يبدو معها أننا خرجنا أخيراً من مرحلة الخطر. وهو مالم يحدث بالتأكيد".

بينما يراهن المتعاملون على وقفة مؤقتة في الاجتماع التالي للبنك المركزي، وبدء تخفيض أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن في يوليو، إلا أن ذلك ليس حتمياً. ويقول ديفيد دونابديان، رئيس شؤون الاستثمار في شركة "سي آي بي سي برايفت ويلث" (CIBC Private Wealth): "إن المتابعين ينظرون كثيراً باستخدام نظارات وردية إلى جميع أنواع النتائج التي تساعد بنك الاحتياطي الفيدرالي على امتلاك القدرة على خفض أسعار الفائدة. غير أن ذلك كله مجرد توقعات، لم تتحقق بعد".

أضاف دونابديان: "إذا التقطت صورة سريعة عن البيانات الاقتصادية وبيانات التضخم اليوم واعتمدت عليها وحدها في الاستدلال، فإن ذلك من شأنه أن يوجهك إلى توقع عدم تخفيض أسعار الفائدة على الإطلاق هذا العام. إن السوق تتشبث بنوع من الأفكار يفترض أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ينحاز إليها".

"غولدمان" و"باركليز": الفائدة الأميركية لن تنخفض بالقدر المتوقع في 2023

أزمة سقف الديون الأميركية

ضعف مؤشر على حركة الدولار مقابل سلة من أقرانه في مجموعة العشرة. في السلع الأساسية، انخفضت الأسعار الفورية للذهب وتراجعت أسعار النفط بعد أن أظهرت بيانات حكومية أميركية ارتفاع مخزون النفط الخام الأسبوع الماضي.

ما يزال المستثمرون يتحسبون من مخاطر الأزمة في محادثات سقف الديون الأميركية، حيث يحذر بعض خبراء التداول في وول ستريت من أضرار "لا يمكن تصورها" على المدى الطويل في حالة تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون.

قادة "وول ستريت" يحذرون من مخاطر تعثر أميركا عن سداد الديون

لم يحرز الرئيس جو بايدن والجمهوريون في الكونغرس تقدماً ملموساً يذكر نحو تجنب تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخها. وقال بايدن في تصريحات يوم الأربعاء: "إذا تخلفنا عن سداد ديوننا، فإن العالم بأسره سيصبح في ورطة". ويعتزم الرئيس ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي عقد اجتماع آخر يوم الجمعة.

تجاوزت تكلفة التأمين على ديون أميركا ضد التخلف عن السداد حالياً بعض الأسواق الناشئة، بل وحتى الدول ذات التصنيف الائتماني مرتفع المخاطر. وأدى تزايد قلق المستثمرين إزاء احتمال التخلف عن السداد إلى جعل التأمين على سندات الخزانة أعلى تكلفة من سندات اليونان والمكسيك والبرازيل من بين دول أخرى تخلفت عدة مرات عن سداد ديونها ولديها تصنيفات ائتمانية أقل بكثير من الولايات المتحدة.

سيحول المستثمرون أنظارهم إلى تقرير أسعار المنتجين يوم الخميس. وفي مارس، انخفض مؤشر أسعار الجملة بأكبر قدر منذ بداية الوباء. ويتوقع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع بلومبرغ أن ترتفع قراءة المؤشر العام بنسبة 0.3%.

تعقيب وول ستريت على أرقام التضخم

بريا ميسرا، الرئيسة العالمية لاستراتيجية أسعار الفائدة في شركة "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities):

"جاء التضخم أضعف قليلاً وهذا يفسر سبب ارتفاع جميع فئات الأصول. وقد تكون السوق مفرطة في التفاؤل وتعطي وزناً كبيراً ومبالغاً فيه لضعف الزيادة في أسعار بعض مجموعات السلع المتقلبة بطبيعتها، مثل الفنادق. نحن بحاجة إلى مزيد من قراءات مؤشر أسعار المستهلك لتوضيح أن التضخم آخذ في الانخفاض بالتأكيد".

لويس نافيلييه، الرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار في شركة "نافيلييه آند أسوشيتس" (Navellier & Associates):

"يبدو أن تراجع الحماس يعود إلى أن رقم التضخم "الأساسي الفائق" (Super Core) – الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة والسكن - جاء أعلى من المتوقع. وقد يسير بنك الاحتياطي الفيدرالي في أي من الاتجاهين الشهر المقبل، فرغم أن المؤشر العام لأسعار المستهلكين الآن أقل من سعر الفائدة على الأرصدة الفيدرالية الذي يبلغ 5%، فإن الاتجاه يستقر عند مستوى أعلى بكثير من مستهدف البنك المركزي للتضخم الذي يبلغ 2%، ومع استمرار نمو الاقتصاد، والبطالة عند أدنى مستوياتها منذ 50 عاماً، فإن جهود البنك لإبطاء الاقتصاد من خلال رفع أسعار الفائدة حتى الآن تلحق الضرر الأكبر بالبنوك الإقليمية ".

جون ليبر، الرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار في شركة "تيتان أسيت مانجمنت" (Titan Asset Management):

"هناك بالتأكيد بعض الارتياح لأن المؤشر لم يتجاوز النسبة المتوقعة، وهو ما يدعم فكرة توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤقتاً عن زيادة الفائدة. وخلال الأشهر القليلة المقبلة، سنحصل على التأثير الأساسي في الاقتصاد، والذي ربما يقدم مزيداً من الدعم. أما عن الصورة الأكبر، فإن السوق شديدة التركيز على التوقف المؤقت عن رفع الفائدة ولكن التوقف المؤقت يظل ضاغطاً، وما تزال لدينا برامج التيسير الكمي، إذا رأينا البيانات الاقتصادية تستمر في الانخفاض، وهو ما أعتقد أنه سيحدث، فأنا لا أرى أن هذا جيد للأصول الخطرة بالنظر إلى التقييمات الحالية".

الأميركيتان