هل يتحمل المصريون عبء زيادة قريبة بفواتير الكهرباء؟

ارتفاع السولار وانخفاض الجنيه يفاقمان العبء على ميزانية الدولة

برج لنقل الكهرباء عالية الجهد
برج لنقل الكهرباء عالية الجهد المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كادت سامية علي عبده، أرملة في العقد الرابع من عمرها، وتقيم بمنطقة شعبية ضمن أحياء العاصمة المصرية، أن تسقط مغشياً عليها عندما استلمت فواتير كهرباء متراكمة تقدّر بآلاف الجنيهات، حيث عجزت عن السداد لفترةٍ طويلة بسبب أحوالها المعيشية الصعبة، وبالكاد يكفي دخلها من برنامج دعم "تكافل وكرامة" تكاليف الطعام المتضخمة.

سامية، بالإضافة إلى كثير من المصريين المعرضين لضرر انقطاع الكهرباء بسبب عدم سداد قيمة الفواتير؛ يعانون من هاجسٌ جديد.. ماذا لو صحّ ما تتناقله الألسن وترجّحه التقارير بأنَّ الحكومة ستعاود رفع أسعار الكهرباء بدءاً من يوليو؟

كانت مصر قد رفعت آخر مرة أسعار الكهرباء في يوليو من عام 2021 بنسب تراوحت بين 8.5% و26% للاستخدام المنزلي، الذي يزيد عدد مشتركيه عن 28 مليون مسكن، في حين ثبّتت سعر الكهرباء للقطاع الصناعي حتى 2024-2025. وقررت الحكومة في حينه عدم زيادة أسعار الكهرباء للمنازل حتى نهاية يونيو المقبل مراعاةً لظروف المواطنين بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، وما خلّفتها من تضخم عالمي ومحلي.

سامية، التي لديها 3 من الأبناء، تعتمد على مساعدات اجتماعية من بعض الجمعيات الخيرية، وتقول "لا أعلم ماذا سأفعل لو زادت أسعار الكهرباء من جديد؟ كل شيء زاد سعره في مصر، والمعاش لا يكفيني، ولا أستطيع العمل بسبب ظروفي الصحية، ومساعدات الجيران والجمعية الخيرية تكفي بالكاد الطعام والشراب وبعض مصاريف التعليم، وفي الوقت نفسه لا يمكن العيش دون كهرباء".

بدأت الحكومة المصرية في يوليو 2014 خطة لإلغاء الدعم عن الكهرباء تدريجياً، وكان من المقرر أن تستمر على مدار 5 سنوات لتنتهي في 2019، قبل أن تقرر الحكومة تمديد برنامج الدعم حتى يونيو 2025 لتخفيف تداعيات فيروس "كورونا" على المواطنين.

مصر ترفع سعر السولار لتوفير نصف مليار دولار سنوياً من الدعم

ارتفاع تكلفة الطاقة

بحسب 3 مسؤولين حكوميين تحدّثوا مع "اقتصاد الشرق"؛ هناك نية من الحكومة المصرية لتحريك تعريفة استهلاك الكهرباء في شهر يوليو المقبل ضمن البرنامج المعلن سلفاً لرفع الدعم تدريجياً عن أسعار الكهرباء، ولم تُحدد نسبة الزيادة حتى الآن لا سيما أنَّها مرتبطة بسعر صرف الدولار مقابل الجنيه.

حرّرَت مصر عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، مما دفع سعر الجنيه المصري إلى الانخفاض أمام الدولار بنحو 25% منذ بداية 2023 حتى الآن، وبنحو 50% منذ مارس من العام الماضي مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.

تعريفة الكهرباء كانت محددة في 2021 على سعر صرف الدولار بنحو 18 جنيهاً، لكنَّه تجاوز حالياً مستوى 30 جنيهاً بشكل رسمي.

لم ترد وزارة الكهرباء في مصر على طلبات نصية من "اقتصاد الشرق" للتعليق.

أحد الأشخاص الحكوميين الذين تحدّثوا لـ"اقتصاد الشرق" قال: إنَّ "الأعباء تزايدت على قطاع الكهرباء بعد ارتفاع سعر صرف الدولار لأكثر من 30 جنيهاً، الحكومة ملتزمة بتثبيت الأسعار حتى نهاية يونيو المقبل، نرى تقلبات في أسعار الطاقة والعملة.. ما نحن متأكدون منه هو أنَّ أسعار الكهرباء ستزيد".

ترجح رضوى السويفي، رئيسة البحوث في "الأهلي فاروس"، أن ترتفع أسعار الكهرباء للقطاع المنزلي بنحو 20% في يوليو المقبل نتيجة ارتفاع تكلفة الطاقة مع تراجع سعر العملة المحلية.

تعمل محطات الكهرباء في مصر بالغاز الطبيعي والمازوت والسولار، وهي مصادر الطاقة التي زادت أسعارها العام الماضي بأكثر من الضعف قبل أن تتراجع حالياً لمستويات ما قبل الحرب في أوكرانيا، ولكنَّ تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار يبقي مخصصات دعم الطاقة مرتفعة.

رفعت مصر في وقت سابق من هذا الشهر، وللمرة الثانية خلال عامين، سعر السولار جنيهاً واحداً إلى 8.25 جنيه للتر (27 سنتاً أميركياً)، وهو ما يوفر لخزينة الدولة أكثر من نصف مليار دولار سنوياً، فيما أبقت البلاد على أسعار البنزين ثابتة.

أحد الأشخاص الحكوميين الذين تحدّثوا مع الشرق قال: "أحد السيناريوهات المطروحة هو زيادة الأسعار على كثيفي الاستهلاك، وتثبيت تعريفة الشرائح الأولى.. كلها سيناريوهات مطروحة تُحسم في النهاية بالقرار السياسي".