"مبادلة كابيتال فنتشرز": رأس المال لم يعد ميزة تنافسية للشركات الناشئة

إبراهيم عجمي، المسؤول في الذراع الاستثمارية لـ"مبادلة": هدفنا أن تبلغ قيمة بعض الشركات التي نستثمر فيها 100 مليار دولار

إبراهيم عجمي
إبراهيم عجمي المصدر: مبادلة كابيتال
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في ظل أزمة التمويل والتباطؤ الاقتصادي حول العالم، يتجه مؤسسو الشركات وأصحاب رأس المال الجريء بشكل متزايد نحو الشرق الأوسط. هناك، تبرز "مبادلة كابيتال فنتشرز" في قلب هذا الاهتمام المتنامي.

في عام 2017، أطلقت مجموعة "سوفت بنك" صندوق "رؤية" بقيمة 100 مليار دولار، بدعم من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة "مبادلة للاستثمار"، وهي صندوق سيادي، مقره أبوظبي. وفي العام ذاته، افتتحت "مبادلة" أول مكاتبها في الولايات المتحدة، متطلعةً للاستثمار في مؤسسي شركات وادي السيليكون.

الفرق الآن هو أن المؤسسين والمستثمرين لا يحتاجون إلى شركات مثل "مبادلة" للقدوم إليهم، فهم يسافرون إلى الخارج لإجراء محادثات وحضور فعاليات، ولجمع الأموال حالياً، في ظل ندرة رأس المال.

في بيئة استثمارية ينحسر فيها بشكل كبير دخول رأس المال الجريء في مشاريع استثمارية، ومن كافة مصادره تقريباً، تجد "مبادلة" نفسها فجأة تحظى بشهرة واسعة، بفضل محافظتها على وتيرتها الثابتة.

نفذت "مبادلة كابيتال فنتشرز"، الذراع الاستثمارية لشركة "مبادلة للاستثمار"، خمسة استثمارات جديدة منذ بداية عام 2023 وحتى أبريل، مقارنة بـ14 استثماراً في عام 2022 بأكمله. وتشمل استثمارات العام الجاري، شركات مثل "نيوروساينس" (Neuroscience)، و"كروما ميديسن" (Chroma Medicine)، و"إيبي بيولوجيكس" (Epi Biologics).

بشكل عام، استثمرت "مبادلة كابيتال فنتشرز" 800 مليون دولار في السوق الأميركية، منذ إطلاقها في أكتوبر 2017، و358 مليون دولار في أوروبا منذ انطلاقها هناك في 2019. تمثل قيمة تلك الاستثمارات مبالغ صغيرة مقارنة بـ284 مليار دولار قيمة أصول شركة "مبادلة للاستثمار" في قائمة مركزها المالي.

في وقت سابق من شهر مايو الجاري، التقت "بلومبرغ" إبراهيم عجمي، رئيس وحدة الاستثمار في الشركات الناشئة بشركة "مبادلة كابيتال" لدى مكتب "مبادلة" في "سيلز فورس تاور" في مدينة سان فرانسيسكو.

"مبادلة" تقود تحالفاً لشراء حصة بشركة تأمين مقابل ملياري دولار

تدير "مبادلة كابيتال فنتشرز" استثمارات الشركة الأم "مبادلة للاستثمار" في صندوق "رؤية"، وتساعد في تقديم المشورة بشأن استثمارات "مبادلة" في الشركات الناشئة بالخارج ،مثل "أيكونيك" (Iconiq) و"آرش" (Arch) و"دراغونير" (Dragoneer).

عجمي، الذي يقسّم وقته ما بين سان فرانسيسكو ولندن وأبوظبي، يجتمع مع الشركات الناشئة، ويحضر فعاليات "سايل جي بي" (SailGP)، وهي مسابقة أطلقها لاري إليسون مؤسس "أوراكل" (Oracle Corp).

في ما يلي أبرز ما جاء في المقابلة:

بلومبرغ: يبدو أن هناك نوعاً من التحول في الأجواء، حيث أصبح المستثمرون في الشرق الأوسط فجأة هم الأكثر تميزاً. من وجهة نظرك، هل تغيرت الأمور؟ هل هناك اهتمام جديد بالحصول على التمويل من "مبادلة" ومصادر أخرى في الشرق الأوسط؟

عجمي: هناك استثمارات في شركات رأس المال الجريء، وتحديداً من منطقة الخليج والشرق الأوسط، وهذا ما كان يحدث خلال 10 إلى 15 عاماً الماضية. من الواضح أننا في "مبادلة" كنا في الطليعة، لكن هناك أيضاً مؤسسات أخرى، سواء كانت من الكويت أو جهاز أبوظبي للاستثمار، ومن الواضح أن هناك مؤخراً شركات من السعودية.لقد ظل رأس المال هذا يبحث لبعض الوقت عن مديرين ومستثمرين متميزين. فالأمر لا يتعلق فقط بالقول "أجل، أنا مجرد مدير لشركة رأس مال جريء، وقد اعتدتُ أن أكون مؤسساً.. وهذا يعني أنني مدير مالي جيد اليوم". الأمر ليس كذلك. فالتحديات كبيرة جداً، ولدينا القدرة على اختيار الشخص الذي نستثمر فيه.

"مبادلة" تستثمر في "ثروة" الناشئة وسط طفرة في تداولات الأفراد

بلومبرغ: هل هذا هو التحول؟ القدرة على الاختيار.

عجمي: لطالما كانت لدينا القدرة على اختيار من نستثمر فيه. نحن فقط أكثر انتقائية ونستخدم رأس المال بما يتماشى مع استراتيجيتنا.

على سبيل المثال، تعتبر الرعاية الصحية والتكنولوجيا الصحية جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا في "مبادلة". لذلك نحن نعمل مع الكثير من المديرين، ونلتقي بالعديد من المديرين الجدد، وتحديداً في مجال الرعاية الصحية.

بلومبرغ: أخبرنا كيف ترى علاقاتك مع مؤسسي الشركات الناشئة؟

عجمي: أنت تدخل في عقد التزام مع المؤسس. إذا قمت بتنفيذ الأعمال وبناء شركة كبيرة، سأقوم بتوفير رأس المال، وأكون شريكاً طويل الأجل معكم. أنا مستثمر، ولست صديقاً لكم.

أجرينا الكثير من المحادثات الصعبة. نعيش الآن في عالم يشهد تحسناً لقدرات الشركات الناشئة على إطالة أمد تشغيلها قبل استنفاد رأس المال. وفي هذا السياق، أجرينا الكثير من المحادثات بشأن كيف تصبح أكثر كفاءة؟ وكيف تعود إلى المبادئ الأساسية؟ كما أننا نجري حالياً محادثات مع الشركات حول الدمج مع شركات أكبر أو البيع لصالحها، وكيف يجب أن يكون التفكير على المدى الطويل؟

النظرة إلى المخاطرة

بلومبرغ: إذن أنت تقصد الشركات التي لم تتخيل بالضرورة أنه يتم الاستحواذ عليها، والتي أرادت أن تقاوم دخول طرح عام أولي، فهل ستخبرها بالتفكير في عملية استحواذ؟

عجمي: إطلاقاً. لأنه من المحتمل أن تكون هذه الشركات جزءاً من منصة أكبر يوماً ما، وتصبح شركة ذات قيمة كبيرة جداً.

"سوفت بنك" تستعد لجمع 10 مليارات دولار من طرح "أرم" في نيويورك

بلومبرغ: لم تعقد مثل هذه المحادثات قبل عامين مع أحد المؤسسين.

عجمي: السوق تطورت طبعاً. ينفق المستثمرون قدراً أقل بكثير من رأس المال. توقفت أسواق الاكتتاب، وهناك انكماش اقتصادي.

تطورت النظرة إلى مخاطرة الاستثمار، وكلك النظرة إلى مخاطر وكيفية قيامك بإدارة نشاط تجاري.

أعتقد أن عصر النظر إلى رأس المال على أنه ميزة تنافسية، قد انتهى. أجل، سنمنح هذه الشركة 5 مليارات دولار فقط، ومن خلال منحها 5 مليارات دولار، فإنها ستتفوق على كل الشركات المنافسة، وستحصل على أعظم منتج، ومن ثم ستكون هي الشركة الفائزة.

النموذج الأبرز لذلك هو "أوبر" في مقابلة "دورداش". (ملاحظة: صندوق "رؤية" يدعم كلتا الشركتين).

توافر لديهما الكثير من رأس المال، ولكن كانت لديهما استراتيجيات مختلفة حول كيفية التعامل مع الأسواق.

لذا، فإن الوضوح والاستراتيجية والتنفيذ في النهاية عوامل مهمة. رأس المال مهم، لكنه ليس أهم عامل من حيث تميز الشركات عن بعضها. لم يعد الوضع يسمح بأن يكون رأس المال الأكبر مبرراً لأن تكون الأفضل.

بلومبرغ: هذه نقطة مثيرة للاهتمام يطرحها أحد مؤيدي "سوفت بنك" الذي يمكن القول إنه كان وراء تمكين العددي من شركات تلك الحقبة.

عجمي: بالضبط. هذا مثير للاهتمام أيضاً عندما يأتي من صندوق سيادي مثلنا، حيث يتوافر لدينا قدر كبير من رأس المال. الرسالة التي أحاول إيصالها هي أننا ننتقل إلى عالم يصبح فيه الوضوح والدقة في الاستراتيجية وإدراك المخاطر، بمثابة عوامل تميز مهمة للغاية بالنسبة إلى مدير للاستثمار.

صندوق "رؤية.. وتجربة "وي ورك"

بلومبرغ: هل تقول إن شركة "وي ورك" (WeWork)، والتي ربما كانت أكثر استثمارات صندوق "رؤية" كارثية، هي آخر مثال كبير على استراتيجية رأس المال كميزة تنافسية؟

عجمي: كانت "وي ورك" من بين هذه النماذج، وواحدة من تلك الشركات. يتوافر الكثير من رأس المال والتوسع والنمو بوتيرة مرتفعة، وكلها عوامل كبيرة الحجم. وبالتالي، فإنها تمثل أحد الدروس المهمة المستفادة. أعتقد أن استثمارنا في صندوق "رؤية" التابع لـ"سوفت بنك" في نهاية المطاف، سيكون استثماراً جيداً في ضوء القيام بهيكلة التزام الصندوق.

(ملاحظة: تضمن التزام "مبادلة" بقيمة 15 مليار دولار في عام 2017 شراء أسهم ممتازة تدفع بموجبها مجموعة "سوفت بنك" قسيمة بنسبة 7% سنوياً على مدار 12 عاماً، ما يعني عوائد أكثر سلاسة).

شركة عقارات أمريكية تخسر 2.1 مليار دولار في ثلاثة أشهر

بلومبرغ: لا يزال الكثير من الناس يعتقدون بأن "مبادلة" تنفق أموالاً كبيرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى علاقاتكم مع "سوفت بنك". هل هذه العلاقة تلحق بكم الضرر أساساً؟

عجمي: تجاوزت الصناعة بعض الأمور التي حدثت في 2017 و2018. أولاً وقبل كل شيء، استفادت شركات كثيرة من استثمارات "سوفت بنك"، على عكس ما تسمعه.

هناك الكثير من الدروس المستفادة، تم تأسيس بعض الشركات المهمة. (ملاحظة: بالإضافة إلى خيبات الأمل البارزة مثل "وي ورك"، دعم صندوق "رؤية" أيضاً شركات مثل "أرم"،و"فليكسبورت، و"سلاك"، و"أوبر").

بلومبرغ : هل هناك أي مجالات لن تستثمروا فيها؟

عجمي: لا نستثمر في التبغ ولا في الكحول.

فرص النمو في الصين وشرق آسيا

بلومبرغ: ماذا عن الصين، حيث قد تعلن الحكومة الأميركية قريباً قيوداً على الاستثمارات؟

عجمي: لدينا برنامج استثماري نشط في الصين (عبر مبادلة كابيتال)، لكنه ليس جزءاً من منصة شركات رأس المال الجريء. ننظر إلى الصين وجنوب شرق آسيا كفرصة نمو مهمة في العالم. هناك الكثير من الابتكارات التكنولوجية وشركات التكنولوجيا الرائعة التي جرى تأسيسها. هذا جزء مهم من خطتنا طويلة المدى.

بلومبرغ: كيف سيؤثر الاستثمار في مشروعات ناشئة على "مبادلة" بشكل عام؟ من خلال الأموال البالغة قيمتها 284 مليار دولار، يتعين عليكم تحقيق الكثير من العوائد العملاقة والكبيرة حتى تحقق فرقاً بنقاط مئوية قليلة.

كيف تحاول الصين التحرر من "قيود" الولايات المتحدة؟

عجمي: في غضون 10 سنوات، هدفنا هو أن تبلغ قيمة بعض الشركات التي نستثمر فيها اليوم 100 مليار دولار. هذه شركات تقنية مهمة للغاية تعمل على تشكيل الصناعات. رأس المال الجريء ليس الاستراتيجية الوحيدة لدى "مبادلة". لكن التكنولوجيا تدعم الكثير من القطاعات الأخرى التي نعمل فيها.