السيارات الكهربائية وحدها لن تتمكن من حل أزمة المناخ

المركبات لها بصمة كربونية عند احتساب الانبعاثات الناتجة عن استخراج المعادن وتوليد الكهرباء

عدد من السيارات الكهربائية تصطف لشحن بطارياتها
عدد من السيارات الكهربائية تصطف لشحن بطارياتها المصدر: غيتي إيمجز
Clive Crook
Clive Crook

Clive Crook is a Bloomberg Opinion columnist and writes editorials on economics, finance and politics. He was chief Washington commentator for the Financial Times, a correspondent and editor for the Economist and a senior editor at the Atlantic.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُعد الانتشار الواسع في استخدام المركبات الكهربائية أحد المتطلبات الأساسية لمكافحة تغير المناخ، لكن إدارة عملية الانتقال من السيارات التي تعمل بالبنزين إلى نظيرتها التي تعمل بالكهرباء لن تكون سهلة.

اقترحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قوانين جديدة لخفض انبعاثات العوادم بشكل كبير، تقوم على إجبار شركات صنع السيارات على تخصيص ثلثي المبيعات الجديدة على الأقل للمركبات الكهربائية خلال العقد المقبل. وسيتعين على الحكومة الأميركية تصحيح كثير من الأوضاع الأخرى، في سبيل نجاح تلك السياسة.

الفكرة وراء هذه الخطة واضحة وصريحة، وهي: للقضاء على انبعاثات الكربون بحلول 2050، إذ يتوجب على الولايات المتحدة خفض التلوث الناتج عن السيارات والشاحنات، وسيساعد زيادة عدد المركبات الكهربائية المستخدمة على ذلك.

لكن الأرجح ألا تخفض المركبات الكهربائية انبعاثات الكربون بالقدر الذي تصوره مؤيدوها، دون سياسات داعمة. فمن واجب صانعي السياسات أن يقدموا للشعب حساباً نزيهاً بالتكاليف والمنافع الخاصة بها.

التخفيضات الضريبية ترفع الطلب

تشكل المركبات الكهربائية 13% من مبيعات السيارات الجديدة عالمياً، ارتفاعاً من 0.2% قبل عقد، وقد تضاعفت حصتها السوقية تقريباً في الولايات المتحدة على مدى العام الماضي، لتبلغ 5.8%، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً، إلى التخفيضات الضريبية الفيدرالية البالغة 7500 دولار التي نص عليها قانون خفض التضخم الأميركي.

الهند تحظر مركبات الديزل في المدن الكبرى بحلول2027

تسعى القوانين الجديدة التي أقرها بايدن لتسريع وتيرة التحول، عبر خفض سقف الانبعاثات الكربونية للمركبات الجديدة 56% ما بين عامي 2026 و2032. ولتستوفي شركات السيارات تلك المعايير المشددة، يجب أن تشكل المركبات الكهربائية صفرية الانبعاثات 67% من مبيعاتها.

تتوقع الإدارة الأميركية أن يؤدي ذلك إلى خفض بصمة الولايات المتحدة الكربونية بمقدار 7.3 مليار طن بحلول 2055، ما يساوي القضاء على قدر الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل في 4 سنوات.

إنها أهداف تستحق الثناء، لكن في الأوضاع التالية أصبحت قدرة الولايات المتحدة على تحقيقها محل شك. ورغم أن الإعانات الحكومية السخية رفعت الطلب على المركبات الكهربائية، إلا أن استمرارها سيكون باهظ التكاليف.

عدم التخلي عن المركبات القديمة

ما زال متوسط سعر المركبة الكهربائية الجديدة أعلى من المركبة التي تعمل بالبنزين بقيمة 12 ألف دولار. فيما يتوقع الخبراء احتمال تساوي الأسعار خلال العام الجاري. لكن حتى إذا حدث ذلك، فيُستبعد أن يتخلى الأميركيون عن سياراتهم التي تعمل بالبنزين ما دامت البنية التحتية لشحن بطاريات المركبات الكهربائية ناقصة.

يُذكر أيضاً أن مشتري المركبات الكهربائية لا يتوقفون عادةً عن استخدام سياراتهم الأخرى؛ فمالكو المركبات الكهربائية الحاليون يملكون متوسط 2.7 سيارة، مقارنة بمعدل 2.1 السائد بين العائلات، وغالباً ما يستخدم 67% منهم المركبات التي تعمل بالبنزين.

مصنعو السيارات الكهربائية الصينيون يهددون عرش "فولكس واجن"

هناك أيضاً عوامل أخرى تعرقل عملية التحول، فمثلاً، قد يؤدي تحول قطاع السيارات إلى المركبات الكهربائية على حساب الطرازات الجديدة الأكثر كفاءة التي تعمل بالبنزين إلى استمرار العملاء في استخدام مركبات تنتج قدراً أكبر من الانبعاثات لمدة أطول عما كانوا سيفعلون. كما تملك المركبات الكهربائية بصمتها الكربونية الخاصة، والتي تظهر عند احتساب الانبعاثات الناتجة عن استخراج المعادن اللازمة لصنع بطارياتها وتوليد الكهرباء اللازمة لتشغيلها.

هذا بغض النظر عن مشكلات سلاسل التوريد، حيث تتحكم الصين في الوقت الحالي بشكل كبير في إنتاج العديد من المكونات الحيوية للمركبات الكهربائية.

الحاجة لتدابير أخرى

بالطبع يجب تشجيع زيادة استخدام المركبات الكهربائية، لكن مع اتخاذ تدابير لتجاوز تلك التحديات والحماية من التبعات غير المتوقعة، إذ يجب على صانعي السياسات الإسراع ببناء محطات الشحن وتشجيع الاستخراج المحلي للمعادن المهمة. كذلك، فإن السماح للبدائل الأقل سعراً الموفرة للوقود والتكنولوجيا ذات الانبعاثات الصفرية بمنافسة المركبات الكهربائية على قدم المساواة، لا تقل أهميته عن الإجراءات الأخرى.

لماذا تغير "تسلا" أسعارها باستمرار؟

ونظرياً يجب أن تشمل التدابير فرض ضريبة على انبعاثات الكربون في جميع قطاعات الاقتصاد، ما سيرفع أسعار البنزين ويحفز المستهلكين على شراء السيارات التي تعمل بالطاقة النظيفة، (بغض النظر عن التقنية المستخدمة فيها)، بينما يقللون من وتيرة استخدام سياراتهم من الطرازات القديمة التي تنتج قدراً أكبر من الانبعاثات.

والأهم أن ذلك سيعزز أيضاً من كفاءة استخدام الطاقة على نطاق أوسع، ويسرع وتيرة الجهود الرامية لخفض انبعاثات الكربون في قطاع توليد الكهرباء.

بالطبع يمكن القول إن حشد الدعم السياسي لفرض ضريبة على انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة مسألة صعبة، وحتى يتغير ذلك، تستطيع الحكومة تحفيز استخدام وسائل النقل منخفضة الانبعاثات بقدر أعلى من النجاح، عبر مد التخفيضات الضريبية لتشمل المركبات الهجينة التي تعمل بالبنزين، وفرض رسوم ازدحام على السيارات مرتفعة الانبعاثات في المناطق الحضرية، على سبيل المثال.

تحتاج مواجهة تغير المناخ استراتيجية شاملة متسقة. وإن كانت المركبات الكهربائية جزءاً من الحل، فهي ليست الحل الوحيد، حيث يوجد الكثير من العمل الشاق الذي ما يزال يتوجب علينا القيام به.