وفاة سيرشاند هندوجا تُذكي نزاعاً عائلياً على 14 مليار دولار

الخلافة من أهم المسائل العالقة.. والمعارك القانونية بين أفراد العائلة تهدد بتقسيم إمبراطورية تجارية توظف 200 ألف شخص

غوبيشاند هندوجا
غوبيشاند هندوجا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لعقود طويلة ترأس سيرشاند هندوجا، إمبراطورية تجارية ضخمة تُعد الأساس لثروة العائلة التي تعود جذورها إلى أكثر من قرن، وهي واحدة من أكبر الثروات العائلية في العالم

أثارت وفاته عن عمر 87 عاماً، تساؤلات عمّن سيصبح فعلياً كبير العائلة التي ما زالت معاركها القضائية مستمرة منذ سنوات للسيطرة على الاستثمارات، والتي تشمل الخدمات المصرفية، والإعلام، والطاقة، بما يهدد بالتالي بتقطيع أوصال المجموعة التي كانت متماسكة في السابق.

غوبيشاند هندوجا، البالغ من العمر 83 عاماً، هو الأكبر سناً اليوم بين أفراد العائلة البريطانية الهندية بعد وفاة سريشاند يوم الأربعاء في لندن. خاض غوبيشاند مع شقيقيه الأصغر سناً، براكاش (77 عاماً) وأكوش (72 عاماً) على مدى السنوات الثلاث الماضية، معركة ضد كبير العائلة وابنته فينو، بسبب رسالة وقّعها الأشقاء الأربعة، تفيد بأن أي أصول يملكها أحدهم هي ملك للجميع.

رغم أن العائلة دعت إلى هدنة في هذا الصراع المرير على السلطة في نوفمبر، فإنها -وكما تبيّن الشهر الماضي- لا تزال تخوض بشكل سرّي، مفاوضات بشأن القضايا والمشكلات ذات الصلة.

إمبراطورية على المحك

تملك العائلة الممتدة لأربعة أجيال على الأقل، ثروة مشتركة تقارب 14 مليار دولار، ما يضعها بين أثرى 20 عائلة في آسيا، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.

عائلة "هندوجا" الثرية تطلق شركة لإدارة أموال كبار الأغنياء

ديفيد هوكينز، الشريك المؤسس في شركة استشارات الأعمال العائلية "بيرشيرون أدفايزوري" (Percheron Advisory)، وصف وفاة سريشاند بأنها "اختبار حاسم للهدنة الأخيرة التي عقدتها عائلة هندوجا".

يضع هذا الصراع مصير إحدى أكبر المجموعات التجارية في العالم والتي توظّف أكثر من 200 ألف شخص حول العالم، على المحك.

تتضمن أصول مجموعة "هندوجا غروب" (Hinduja Group)، حيازات ضخمة في شركات هندية مدرجة في البورصة، بدءاً من شركة "أشوك ليلاند" (Ashok Leyland Ltd)، ووصولاً إلى مصرف "إندوس إند بانك" (IndusInd Bank Ltd)، ومقره في مومباي. كما تعمل العائلة على تجديد فندق قرب 10 داون ستريت (مقر الحكومة البريطانية) في وسط لندن، حيث تملك مجموعة من المنازل الفخمة المطلة على حديقة "سانت جيمس بارك". كذلك، اشترت شركة استثمارات عقارية تابعة للمجموعة، أكثر من 250 فداناً من الأراضي في مدن هندية كبرى.

معارك قضائية

قبل ثلاثة عقود، أسس سريشاند المعروف باسم "إس بي" (SP)، بنكاً سويسرياً أصبح محور معركة قضائية في المملكة المتحدة بين أفراد العائلة.

نزاع عائلي يهدِّد مستقبل إمبراطورية عمرها أكثر من 100 عام

تسرب النزاع إلى العلن في 2020 بسبب مزاعم "إس بي" بأن أشقاءه الثلاثة كانوا يحاولون انتزاع السلطة منه. يشغل حفيد "إس بي" البالغ 32 عاماً، واسمه كرم، منصب الرئيس التنفيذي لمصرف "هندوجا بنك" (Hinduja Bank)، ومقره في جنيف، فيما تشغل شانو، ابنة "إس بي" التي تبلغ 59 عاماً الشهر الجاري، منصب رئيسة مجلس الإدارة.

قادت شانو وفينو البالغة 56 عاماً، المعركة القضائية الأخيرة لصالح فرع "إس بي" من العائلة، وكتبتا في بيان صدر الأربعاء، أن سريشاند مات في سلام صباح ذلك اليوم.

وأضافتا: "سنستمر في الحفاظ على إرث (إس بي) والتمسك بقيمه".

فينو هندوجا، ابنة سريشاند هندوجا، تغادر محكمة العدل العليا في لندن، 2022.
فينو هندوجا، ابنة سريشاند هندوجا، تغادر محكمة العدل العليا في لندن، 2022. المصدر: بلومبرغ

مبدأ إرشادي

أسس والد الأشقاء الأربعة، بارماناند، الشركة التي حملت أسماءهم في 1914 بإقليم السند في الهند البريطانية. وانضم "إس بي" وأشقاؤه إلى ما بدأ كشركة لتجارة السلع الأساسية واستيراد السجاد، ثم سرعان ما نوعت الشركة استثماراتها، مع نجاحها المبكر في توزيع أفلام بوليوود خارج الهند.

أغنى 20 عائلة في آسيا تمتلك ثروات تقارب نصف تريليون دولار

بارماناند، الذي توفي في 1971، غرس لدى أبنائه شعاراً تعاهدوا على الالتزام به، يقول: "الجميع يملكون كل شيء.. وما من شيء عائد لأحد دون غيره".

التزم الأشقاء بتلك السياسة لعقود، ووصفوها بأنها دليلهم الاسترشادي. إلا أن تلك الجبهة الموحدة انهارت في سنوات "إس بي" الأخيرة، والتي عانى خلالها من أحد أنواع الخرف.

قال ليون فرناندو دل كانتو، وهو محام مقره في لندن ويعمل مع الأثرياء: "حاول الأشقاء إرشاد أنفسهم من خلال شعار فضفاض للغاية. في هذه الحالة، ستقرر المحاكم مستقبل النزاع في ظل غياب اتفاقيات واضحة أو دستور للعائلة".

هدنة هشة

اتفقت ابنتا "إس بي" وأشقاؤه، كجزء من هدنة العام الماضي، على تمزيق رسالة تعود إلى عام 2014، توضح المبادئ التي توحّد العائلة، ما يزيد من فرصة تقسيم مجموعة الشركات.

مع ذلك، تزداد هشاشة الهدنة. فاتفاق الهدنة نفسه لا يزال يحتاج إلى التوقيع، في وقت لا تزال لدى الأسرة مسائل عالقة تخص الإدارة والخلافة، حتى من قبل وفاة "إس بي".

قد تؤدي تلك العوامل إلى دعاوى قضائية مستقبلية في المملكة المتحدة أو أي مكان آخر في أرجاء إمبراطورية عائلة هندوجا.

حالياً، تبدو العائلة متحدة في الحزن على وفاة كبيرها. فقد كتبت العائلة في بيان: "لطالما كان الأشقاء روحاً واحدة في أربعة أجساد. وفاته خلفت فراغاً كبيراً".