صناديق تحوط تخفض رهانات النفط وسط مخاوف الركود في أميركا

مراكز الكيانات غير التجارية قرب أدنى مستوياتها منذ 2011 عبر مجموعة من عقود النفط الرئيسية

ناقلات نفط خارج مصفاة في سولت ليك سيتي،ـ ولاية يوتا، في الولايات المتحدة.
ناقلات نفط خارج مصفاة في سولت ليك سيتي،ـ ولاية يوتا، في الولايات المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يسيطر التشاؤم على مديري الأموال الذين يتداولون المشتقات المالية المرتبطة مع أسعار النفط والوقود، في تكرار للحالة التي ظهرت قبل أكثر من عقد، مما يشير إلى أنهم يستعدون لركود قد يهوي مجدداً بالعقود المختلفة، التي تشمل النفط الخام وحتى وقود الطائرات.

فمراكز التداول التابعة لكيانات غير تجارية مثل صناديق التحوط قريبة من أدنى مستوياتها منذ 2011 على الأقل عبر مجموعة من جميع عقود النفط الرئيسية. في الرهانات التي ربما تكون أكثر دلالة على توقعات الركود، تقترب آراء المضاربين المجمعة حيال الديزل وزيت الغاز -وهما نوعا الوقود اللذان يدعمان الاقتصاد- من أكثر مستوياتها تشاؤماً منذ أوائل جائحة كوفيد-19.

أمور تدعو للتشاؤم

ينبع التشاؤم بشأن سوق النفط هذا العام من اتجاهات متعددة، منها: التوقعات بأن رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد، فضلاً عن أن انتعاش الصين بعد التخلص من قيود كوفيد-19 لم يصل إلى حد الازدهار، إضافة إلى تهديد التخلف عن السداد في الولايات المتحدة إذا فشل الساسة في رفع سقف الديون، واحتمال عدم تنفيذ "أوبك+"جميع تخفيضات الإنتاج التي تعهدوا بها، وكل هذا يطرح العديد من السيناريوهات المتشائمة أمام المتداولين للاختيار فيما بينها.

قال غريغ شيرناو، الذي يدير محفظة تركز على الطاقة والسلع الأساسية في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management)، في مقابلة: "من اللافت للنظر أن نرى هذا النوع من التمركز في الأسواق".

النفط يسجل أول زيادة أسبوعية منذ أبريل بدعم الإقبال على المخاطرة

هناك أيضاً المستثمرون الذين يشكلون الفئة غير التجارية، وهم مجموعة متنوعة لديها توجهات مختلفة، ويتنوعون بين صناديق التحوط التي تراهن على استراتيجيات الاقتصاد الكلي، إلى المتداولين الذين يعتمدون على الخوارزميات، ويركزون على القوة الدافعة للأسعار واتجاهاتها.

سجل التمركز في عقود زيت الغاز والديزل الأميركي ارتفاعاً طفيفاً خلال الأسبوع الأخير. أما المتداولون التجاريون، الذين يعملون لصالح المنتجين بالإضافة إلى تجار النفط الخام الآخرين، فلا يتسمون بنفس القدر من التشاؤم ، لدرجة أن بعضهم يقلل التحوط ضد الانخفاض المحتمل في الأسعار.

الواقع مختلف

في غضون ذلك، لا تعكس الأسواق الفعلية الأساسية الوضع الصعب الذي يستعد له المتداولون. فمصافي تكرير الخام تعمل بأكبر وتيرة في مثل هذا الوقت من العام منذ بداية الجائحة. كما يرتفع السفر الجوي في كل مكان تقريباً، ويبلغ الطلب على البنزين في الولايات المتحدة الآن أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2021.

في الوقت نفسه، تقل مخزونات الوقود عن المستويات الموسمية للبنزين والديزل في الولايات المتحدة، وتراجعت إمدادات الخام أيضاً بفعل تخفيضات "أوبك+" وحرائق الغابات في كندا.

"الطاقة الدولية" ترفع توقعاتها للطلب على النفط 500 ألف برميل يومياً

كل هذه العوامل مجتمعة دفعت منتجي النفط والجهات الفاعلة الأخرى في الصناعة إلى التراجع عن التحوط من انخفاضه. قال المشاركون في السوق إن تجار المقايضة -الذين عادة ما يحجزون مراكز قصيرة الأجل أكثر من الطويلة الأجل لأنهم ينفذون عمليات تحوط لمنتجي النفط- باتوا أقل تشاؤماً إزاء احتمالات حدوث انخفاض مفاجئ في الأسعار.

رفعت وكالة الطاقة الدولية في الآونة الأخيرة توقعاتها بشأن نمو الطلب العالمي على النفط العام الجاري على خلفية انتعاش الصين بعد الجائحة، والذي لم يصل إلى حجم التوقعات المتفائلة رغم الزيادة القوية في الإنفاق الاستهلاكي. ويرجع ذلك إلى أن الطلب الصناعي كان محور التركيز الرئيسي للمتداولين، كما منعهم الضعف في التصنيع والنقل بالشاحنات من شراء عقود الديزل طويلة الأجل.

قالت ريبيكا بابين، كبيرة متداولي الطاقة في "سي آي بي سي برايفت ويلث" (CIBC Private Wealth): "يركز المتداولون على التعافي في الصين، خاصة إذا كانت الزيادة في الاستهلاك الذي يقوده الأفراد يمكن أن تفوق بشكل ملموس ضعف الطلب الصناعي".

توقعات متفائلة

يتردد المتداولون كذلك في التخلي عن المراكز التي تراهن على هبوط السوق بسبب الجمود المستمر في محادثات سقف الديون الأميركية. قال فؤاد رزاق زادة، محلل السوق في مجموعة "ستون إكس" (StoneX)، إن حالة عدم اليقين أمر سلبي بالنسبة للأصول الأكثر حساسية للمخاطر، بما في ذلك النفط.

رغم أن انعكاس الاتجاه الهبوطي ليس وشيكاً على ما يبدو، فقد يساعد الانخفاض المستمر في مخزونات النفط على التغلب على فئات الأصول الأخرى.

قال شيرناو من "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت": "إذا كنتم تعتقدون حقاً أننا في بيئة من انضباط رأس المال وقلة الاستثمار، فمن المرجح عندما يستقر الاقتصاد أن يتفوق أداء السلع الأولية والنفط على مدى فترة زمنية طويلة".