تقرير: تراجع كثافة انبعاثات الميثان في قطاع النفط والغاز الأميركي

تحليل البيانات يكشف عدم ارتباط حجم الإنتاج بكثافة الانبعاثات

مصفاة تكرير نفط تابعة لـ"إكسون موبيل" في باتون روغ بولاية لويزيانا، الولايات المتحدة.
مصفاة تكرير نفط تابعة لـ"إكسون موبيل" في باتون روغ بولاية لويزيانا، الولايات المتحدة. المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تراجعت كثافة انبعاثات الميثان من إنتاج النفط والغاز لدى أكبر 100 شركة منتجة للانبعاثات بهذا القطاع في الولايات المتحدة، بنسبة 28% بين عامي 2019 و2021. كما انخفضت كثافة انبعاثات الغازات الدفيئة، التي تشمل ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز والميثان، بنسبة 30% وفق تحليل للبيانات العامة التي نشرتها منظمات "كلين إير تاسك فورس" (CATF)، و"سيريس" (Ceres)، و"إي آر إم غروب" (ERM Group Inc) غير الهادفة للربح.

تسعى المنظمات من خلال متابعة الدراسة في نسختها السنوية الثالثة، إلى تسهيل مقارنة بيانات انبعاثات الغازات الدفيئة التي تقدمها الشركات الخاضعة للتنظيم سنوياً إلى "وكالة حماية البيئة" الأميركية.

يأتي معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع النفط والغاز، من حرق أنواع الوقود الأحفوري خلال عملية الإنتاج، أو إحراق الميثان، الذي يحوله إلى ثاني أكسيد الكربون. ويُذكر أن تأثير الميثان أقوى من ثاني أكسيد الكربون بمقدار 81 مرة في المدى المتوسط (20 عاماً).

تراجع الانبعاثات وزيادة الإنتاج

كثافة الميثان هي معدل للانبعاثات والغاز المُنتج. تحتسب كثافة الغازات الدفيئة بقسمة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز الناتجة عن كل شركة على كمية الغاز المُنتج ومبيعات الشركة من النفط. وقد عكست نتائج العام الجاري تراجعاً في إجمالي الانبعاثات المُبلغ عنها إلى "وكالة حماية البيئة"، وزيادة في إنتاج النفط والغاز.

أين العدالة في هدف صافي الانبعاثات الصفري؟

يأمل معدو التقرير في أن يساعد تحليلهم لكثافة الانبعاثات على توحيد معايير الإبلاغ في القطاع بأكمله، ليتضح قدر الانبعاثات ومنتجها. كمثال، يوضح التقرير أن شركة "هيلكورب إينرجي" (Hilcorp Energy Co) لإنتاج الغاز والنفط، ومقرها في لافاييت، لويزيانا، هي ثاني أكبر منتج للانبعاثات، بعد "كونوكو فيلبس"، رغم أنها تحل في المرتبة الثانية عشرة ضمن أضخم شركات الإنتاج. تنتج "هيلكورب" نصف كمية النفط والغاز التي تنتجها "إكسون موبيل"، أكبر شركة لإنتاج النفط والغاز، إلا أنها ولّدت 108% من حجم انبعاثات الأخيرة.

ترفع "هيلكورب" إنتاجها بشكل رئيسي عبر شراء منشآت النفط والغاز القديمة، وينتج كثير منها قدراً أكبر من الانبعاثات قبل تجديدها. بعد الاستحواذ على المنشآت، تستثمر الشركة في البنية التحتية والمعدات الجديدة، وبذلك؛ تخفض الانبعاثات مع زيادة الإنتاج، وفقاً لنِك بياتك، أحد المتحدثين الرسميين عن "هيلكورب"، والذي أضاف أن تحديث منشآت الإنتاج الجديدة يستغرق سنوات عدة، بينما لا يقدم التقرير الجديد إلا تلخيصاً تقارب مدته العامين.

المسؤول عن ثلثي انبعاثات الميثان

أخفى التراجع الكبير في متوسط كثافة الانبعاثات ما بين 2019 و2021 التقلبات السنوية بين الشركات والأحواض التي تعمل فيها، كما كشف عن فجوة متزايدة بين مسببي التلوث من منتجي الانبعاثات الأعلى والأقل كثافة.

"سانتوس" الأسترالية تختبر تقنية لخفض تكلفة احتجاز الكربون

متوسط كثافة انبعاثات الميثان الناتجة عن الشركات الموجودة على رأس قائمة أكبر 25 شركة إنتاجاً، أعلى 26 مرة عن تلك الناتجة من آخر 6 شركات في القائمة. أما عن الغازات الدفيئة، فمتوسط كثافة انبعاثات أول 6 شركات في القائمة أكبر 13 مرة من آخر 6 شركات.

قالت ليسلي فيلدمان، مديرة البحوث والتحليل في "كلين إير تاسك فورس" ومن المشاركين في إعداد التقرير: "بعض الشركات تتخذ خطوات أكبر وحدها، وهذا رائع. لكن لن تفعل كل الشركات ذلك، ونحتاج إلى قوانين صارمة للتأكد من أن كل الشركات في القطاع ككل تستوفي المعايير الأساسية ذاتها".

يرتبط نحو ثلثي انبعاثات الميثان بفئة من الماكينات يُطلق عليها "أجهزة التحكم في الهواء المضغوط" (pneumatic controllers)، والتي تتحكم في الضغط أو درجات الحرارة في نظام الإنتاج، وفقاً للتقرير. وأصدرت "وكالة حماية البيئة" اقتراحاً قد يؤدي إلى استبدال الشركات لمعداتها بمعدات أخرى تنتج انبعاثات أقل. وقال باتيك إن "هيلكورب" أزالت 14 ألف جهاز للتحكم في الهواء المضغوط في 2022.

أما أكسيد النيتروز، الذي يشارك في انبعاثات القطاع بقدر أقل بكثير، فهو أقوى من ثاني أكسيد الكربون 273 مرة.

معايير جديدة ومبادرات

عند تحليل بيانات "وكالة حماية البيئة"، استبعد التقرير الانبعاثات التي لم يُبلغ عنها والناتجة عن التسريبات الكبيرة والانبعاثات الناتجة عن شركات إنتاج النفط والغاز الصغيرة التي تقل انبعاثاتها عن الحد السنوي الذي حددته الوكالة عند 25 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون، أو ما يعادله من الغازات الدفيئة الأخرى.

الأصعب من جمع البيانات هو تحديد أسباب التغيرات من عام إلى عام، ومن شركة إلى شركة، ومن منطقة إلى أخرى. قالت فيلدمان إن السياسة تساعد. يشير التقرير إلى عدة تطورات قد تساعد على خفض الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج.

اقترحت "وكالة حماية البيئة" في العام الماضي معايير قد تدفع الولايات إلى طلب الكشف عن التسربات وإصلاحها بشكل منتظم في كل المواقع، وانتباه خاص لاكتشاف حالات جموح الانبعاثات أو إحلال بدائل جديدة ونظيفة ومنخفضة التكلفة محل أجهزة التحكم في الهواء المضغوط المنتجة للانبعاثات.

"إكسون موبيل": تحقيق العالم صافي انبعاثات صفرية في 2050 أمر مستبعد للغاية

خصصت إحدى مواد قانون خفض التضخم، ويُطلق عليها "برنامج خفض انبعاثات الميثان"، 1.55 مليار دولار لجهود "وكالة حماية البيئة" لخفض الانبعاثات، وتوجد مادة أخرى ستفرض رسوماً على شركات الإنتاج الخاضعة للتنظيم والتي يتجاوز حجم التلوث الناتج عنها الحد القانوني.

"تبعث تلك السياسات إشارة إلى مشغلي شركات الإنتاج بأن عليهم تحسين أدائهم"، وفقاً لفيلدمان.

يُعد النمو من الدوافع الرئيسية للتقلب في معدلات كثافة انبعاثات الميثان والغازات الدفيئة. فمثلاً، تحل "كايروس أويل أند غاس" (Caerus Oil and Gas LLC) في المرتبة 47 بين أكبر شركات النفط والغاز إنتاجية، لكنها تاسع أكبر منتج للانبعاثات. فقد أتمت الشركة استحواذين في 2020 و2021، ما رفع عدد عمليات النفط والغاز التي تجريها، واتضح ذلك في التقرير الجديد، وفقاً لكريستن لينغلي، مديرة شؤون المساهمين.

لتحديد الانبعاثات وخفضها، استثمرت الشركة في إجراء جولات طيران منخفض فوق المنشآت، والكشف طوعاً عن أجهزة كشف التسربات الخاضعة للإصلاح، وحملة كبيرة لاستبدال أجهزة التحكم في الهواء المضغوط.

قالت "ديفون إينرجي" في بيان، إن استثماراتها تتضمن، بين استثمارات أخرى، تحسين برنامج كشف التسربات وإصلاحها، والحد من عمليات إحراق الغاز، واستخدام الطاقة الكهربائية في المنشآت متى أمكن، وإعادة تصميم المنشآت للتخلص من الأعطال المعتادة للمعدات.

تتوقع الشركة أن تحقق صافي انبعاثات صفري بحلول 2050 فيما يخص استخدامها المباشر وغير المباشر من الطاقة، كما تشارك في إجراء تحسينات على طرق قياس الانبعاثات عبر مبادرات، منها مبادرة "شراكة النفط والغاز والميثان 2.0" (OGMP 2.0) ومبادرة "جي تي آي فيريتاس" (GTI Veritas) التي أطلقتها شركة "جي تي آي إينرجي".

لم ترد شركات "إكسون موبيل"، و"كونوكو فيلبس"، و"أوكسيدنتال بتروليم" على طلبات التعقيب قبل موعد النشر.