"ستاندرد تشارترد" يحذر من مخاطر تمويل إضافية تواجه مصر

القاهرة مطالبة بتسديد نحو 25 مليار دولار سنوياً خلال السنوات الأربع المقبلة

صور لأوراق نقدية بالعملة المصرية وعملات أجنبية في نافذة مكتب صرافة في منطقة الزمالك بالقاهرة، مصر، يوم السبت 7 يناير 2023
صور لأوراق نقدية بالعملة المصرية وعملات أجنبية في نافذة مكتب صرافة في منطقة الزمالك بالقاهرة، مصر، يوم السبت 7 يناير 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حذر "ستاندرد تشارترد" من مخاطر تمويل إضافية تواجه مصر خلال الفترة المقبلة، من بينها المدفوعات الكبيرة المطلوب سدادها لصندوق النقد الدولي، وموعد استحقاق السندات الخارجية، مما يقلق المستثمرين ووكالات التصنيف الائتمانية.

أكد البنك البريطاني في مذكرة بحثية صدرت يوم الخميس الماضي أنَّ مصر بحاجة لسداد قرابة 25 مليار دولار سنوياً على مدى السنوات الأربع المقبلة (2024-2027) بما في ذلك 10.3 مليار دولار مدفوعات لصندوق النقد الدولي، و6.2 مليار يورو للسندات المقومة باليورو "يوروبوند"، وذلك خلال العامين الماليين المقبلين.

رئيس ستاندرد تشارترد لـ"الشرق": مصر تقوم بإصلاحات مؤلمة وسنقدم لها الدعم

تسابق مصر، التي تعوزها السيولة، الزمن لحل معضلة تأمين تمويل ضروري، قبل مراجعة رئيسية سيجريها صندوق النقد الدولي، بحسب ما ذكرته "بلومبرغ" الأسبوع الماضي، مؤكدة أنَّ القاهرة تمضي قدماً بكل قوة لتحقيق هدف إبرام صفقات بقيمة ملياري دولار بنهاية يونيو المقبل.

تسعى القاهرة لبيع أصول حكومية بدءاً من بنوك ومحطات الكهرباء إلى شبكة محطات بنزين مملوكة للجيش لمشترين مرجحين من حلفائها الخليجيين، مثل السعودية وقطر والإمارات، وجميعهم قد تعهدوا بمليارات الدولارات لمساعدة مصر على تخطي أزمتها الاقتصادية.

يواجه الاقتصاد المصري عقبات كبيرة، تجلّت بشدة في شُح بالعملة الأجنبية الذي بدأ منذ اندلاع الأزمة الروسية-الأوكرانية في فبراير 2022، ورفع أسعار الفائدة الأميركية على مدار 2022، مما أدى إلى خروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة الأجنبية المستثمرة بأدوات الدَّين.

مصر تسابق الزمن لحل معضلة السيولة عبر أموال الخليج وصندوق النقد

تراجع متوقع للجنيه المصري

توقَّع البنك البريطاني مزيداً من التراجع للجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى38.4 جنيه مقابل الدولار، في ظل ثبات سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري عند 30.9 جنيه لكل دولار منذ مارس الماضي، وبلوغه في السوق الموازية أكثر من 40 جنيهاً.

خفّضت الحكومة سعر صرف الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل 2022، لكنَّ المستثمرين يعتقدون أنَّ قيمته ينبغي أن تتراجع أكثر. بينما يتداول بسعر 30.9 جنيه للدولار، يتوقَّع "سوسيته جنرال" أن يهبط 16% إلى 37 بنهاية العام الجاري، أي قرب نفس مستواه الحالي في السوق السوداء.

يمثل انخفاض قيمة الجنيه عبئاً على الديون، إذ مع توقُّع تحريك جديد في سعر العملة المحلية لنحو 38 جنيهاً لكل دولار؛ ستصبح نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي أعلى من 100% بنهاية يونيو 2023 مقابل 91.6% في يونيو 2022، وفق تقديرات صندوق النقد.

هل تتجه مصر نحو خفض جديد لسعر صرف الجنيه قريباً؟

تسببت التدفقات النقدية الخارجة في تآكل صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري، وإن كان قد جرى تعويض ذلك عبر تحسن الحساب الجاري على خلفية تراجع الواردات وزيادة عوائد قطاع السياحة والتدفقات من قناة السويس، برغم تباطؤ تحويلات المصريين بالخارج، وفقاً لتقرير البنك.

فوائد تخفيض العملة

يسعى بنك "ستاندرد تشارترد" لافتتاح فرعه في مصر العام المقبل، واستمرار تقديم الدعم اللازم للحكومة في وقت يواجه الاقتصاد المصري صعوبات جمّة، كما أعلن بيل وينترز، الرئيس التنفيذي للبنك في مقابلة مع "اقتصاد الشرق" الثلاثاء الماضي، مؤكداً أنَّ مصرفه لديه علاقات قوية في مصر، كما "تتخذ السلطات بعض القرارات المؤلمة لإصلاح الاقتصاد وسوف نقدم لهم الدعم اللازم".

العام الماضي، سارعت الدول العربية الثلاث الغنية بالنفط والغاز لمساعدة مصر، وضخّت ودائع بالبنك المركزي بلغت 13 مليار دولار، لكنَّها أوضحت أنَّ المساعدات الأخرى ستأتي عبر استثمارات تجلب العوائد.

إنَّ فوائد تخفيض قيمة العملة بالنسبة للاقتصاد المصري أقل وضوحاً بالنظر للمخاطر العالمية التي ما تزال هشة؛ إلا إذا ساهمت في جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي، بحسب "ستاندرد تشارترد".

تعمل مصر التي تعاني من أسوأ أزمة عملة صعبة في عقود، على تحضير صفقات جذابة، وتعرض الدولة أجزاء من 32 شركة على الأقل للبيع، والشهر الجاري باعت حصة نسبتها 9.5% بقيمة 121 مليون دولار من شركة "المصرية للاتصالات" إلى مستثمرين أغلبهم من المحليين.

وزير المالية لـ"الشرق": مصر سددت 3.5 مليار دولار مستحقات سندات دولية بالربع الأول

انتظار مراجعة صندوق النقد

ذكر البنك أنَّ المراجعة الأولى لصندوق النقد الدولي محل انتظار، فعلى الرغم من التعليقات البناءة؛ لكنَّ المحادثات تأخرت - إذ كان من المقرر عقدها في مارس 2023- وسط عدم إحراز تقدّم في مبيعات الأصول والتدفقات الوافدة من دول الخليج.

التوقُّعات بخفض الجنيه في الأشهر المقبلة تثبط المشترين المحتملين عن التحرك الآن، بينما يستطيعون انتظار سعر أفضل للأصول المقومة بالعملة المحلية.

تتزايد تحديات القدرة على تحمل الديون برغم أنَّ الانضباط المالي يُبقي العجز تحت السيطرة، ومع ذلك؛ فإنَّ هناك ضغوطاً من ارتفاع تكاليف الفائدة بسبب التضخم، إذ يتوقَّع البنك أن تتجاوز نسبة تكاليف الفائدة إلى الإيرادات 50% في العامين الماليين 2023 و2024 مقابل 44% بالعام المالي المنتهي في يونيو 2022.

مفتاح التعافي لمصر، بحسب البنك هو تعزيز تدفقات العملات الأجنبية غير المرتبطة بالديون، لكن في الوقت نفسه؛ فإنَّ مبيعات الأصول وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للقطاعات الإنتاجية يتقدمان ببطء، مما يعني ضرورة تسريع وتيرة بيع الأصول المملوكة للدولة، ليس لتوفير التمويل الخارجي وإبطاء استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية فقط، ولكن لإقناع صندوق النقد بالالتزام بالإصلاحات أيضاً.

تقدم في مبيعات الأصول

يتوقَّع البنك حدوث تقدّم في مبيعات الأصول ومتطلبات صندوق النقد خلال الأشهر القليلة المقبلة، وموافقة المجلس التنفيذي للصندوق على المراجعة الأولى بالربع الثالث من 2023.

بدأت بعض الفنادق ووكلاء السيارات والشركات العقارية احتساب التغير المحتمل في قيمة العملة المحلية عبر رفع الأسعار.

لم يستبعد "بي إن بي باريبا" احتمال ضخ وديعة خليجية أخرى في البنك المركزي للمساعدة في إدارة أي تعديل مستقبلي في قيمة العملة. قال البنك الشهر الجاري إنَّ أي خفض آخر قد يكون أكبر بكثير من المتصور سابقاً.