تدخلات بنك اليابان المحتملة تتوقف على وتيرة وسرعة تراجع الين

حزم أوراق نقدية يابانية فئة ألف ين بأحد فروع مصرف "ريسونا بنك" في طوكيو في اليابان
حزم أوراق نقدية يابانية فئة ألف ين بأحد فروع مصرف "ريسونا بنك" في طوكيو في اليابان المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما جاءت التحذيرات من تدخل الدولة في وقت مبكر أكثر مما يتوقعه بعض مراقبي الين الياباني، لكنهم يركزون على غرار السنة الماضية على وتيرة تراجع العملة المحلية، عوضاً عن استهداف مستويات معينة.

يبدو أن اختراق مستوى 140 أمام الدولار الأميركي المراقب بشدة دفع المسؤولين لاستباق التكهنات بالتدابير الحكومية، عن طريق عقد اجتماع مفاجئ يوم الثلاثاء. وتجدر الإشارة إلى أن تحرك الين صوب مستوى 146 كان وراء إجراء اليابان العام الماضي أول تدخل في عملتها منذ 1998، رغم أنه خلال فترة سبقت ذلك صدرت تصريحات رسمية متكررة تحذر من إمكانية تبني إجراء مباشر.

سارع خبراء استراتيجيون لتسليط الضوء على أن الظروف الحالية مختلفة عن سبتمبر الماضي، عندما هبطت العملة بما يفوق 20% على مدى السنة. وفي حين تواصل سياسة بنك اليابان النقدية التيسيرية للغاية الضغط على الين، واستفادة عملات على غرار الدولار واليورو بسبب ارتفاع أسعار الفائدة بالخارج، فإن العجز التجاري بالبلاد بات أقل ثقلاً على العملة، كما ستوفر عوامل مثل صعود أعداد السائحين بعضاً من الدعم.

هل ستتدخل الحكومة؟

قال شوسوكي يامادا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة والعملة اليابانية لدى "بنك أوف أميركا" في طوكيو: "تدل تجربة العام المنصرم على أنه لا يمكننا استبعاد إمكانية التدخل بناء على سرعة تراجع الين أو مستويات سعر الصرف.. رغم ذلك، مع استقرار أسعار النفط وصعود الأجور وعودة السياح الأجانب، تحسنت حسابات التكلفة والجدوى لسعر ين أضعف، لذلك ربما يتلاشى قدر كبير من ضرورة التدخل".

الين يقترب من أدنى مستوياته لكن هل تتدخل اليابان هذه المرة؟

من جهة أخرى، أشار مسؤول كبير مختص بالعملة يوم الثلاثاء إلى أن الحكومة قد تفرض إجراءات في حال اقتضي الأمر ذلك لمواجهة تدهور سعر صرف الين، وجاء هذا التصريح في أعقاب الاجتماع الثلاثي الأول منذ مارس الماضي بين وزارة المالية وبنك اليابان ووكالة الخدمات المالية. يأتي ذلك بعد تحذير وزير المالية شونيتشي سوزوكي في 26 مايو، بعد يوم واحد من تخطي الين الياباني مستوى 140 مقابل الدولار لأول مرة منذ نوفمبر.

أوضح تاكويا كاندا، مدير عام معهد أبحاث "جايتام.كوم" (Gaitame.com): "ربما لم يحدد المسؤولون مستوى حاسم، لكن المشاركين بالسوق يترقبون مستوى 145، لأن التدخل حدث قرب 146 في سبتمبر الماضي.. وعلى حد قول كبير مسؤولي العملة بوزراة المالية، فإن الأمر المهم حالياً هو سرعة وشدة التقلبات، كما أن التذبذبات الأخيرة في نطاق ين واحد تقريباً- أو أقل- يومياً يجب اعتبار أنها تواكب عوامل الاقتصاد الأساسيةـ ولا تبرر التدخل".

منافع اقتصادية

يحقق الاقتصاد الياباني بعض المكاسب من العملة الضعيفة والتي ستساعد في تحقيق أهداف على غرار المستهدف الذي رُفع مؤخراً لجذب استثمارات أجنبية مباشرة واردة بقيمة 100 تريليون ين (715 مليار دولار) بحلول 2030. كما تستفيد سوق الأسهم أيضاً، إذ بلغ مؤشر "توبكس" أعلى مستوياته منذ 1990 الشهر الجاري، وكشفت البيانات الرسمية أن ما يفوق 1.9 مليون أجنبي زاروا البلد الآسيوي خلال أبريل الماضي، أي ثلثي مستويات ما قبل وباء كوفيد تقريباً.

نمو اقتصاد اليابان يتجاوز المتوقع بعد ركود من الناحية الفنية

أشار دايسوكي أونو، كبير الخبراء الاستراتيجيين في مصرف "سوميتومو ميتسوي بانكينغ" (Sumitomo Mitsui Banking): "يبدو أن الين الضعيف يحقق منافع، من بينها الأداء الأقوى للأسهم وتحسن السياحة الوافدة، ومساعدة اليابان في جذب الاستثمار الأجنبي، بينما يأتي انخفاضه تدريجياً أكثر من السنة المنصرمة، وكان من المتوقع أن يبدأ التدخل الشفهي عند مستوى 140 تقريباً على غرار السنة الماضية، لكن الوضع مختلف السنة الحالية".

قلل أونو من احتمالية التدخل حتى اختراق قاع السنة الماضية عند 151.95 مقابل الدولار. وجرى تداول العملة اليابانية حول مستوى139.75 يوم الأربعاء، متراجعة 6% تقريباً منذ بداية العام.

رهانات هبوطية

تراهن صناديق التحوط على هبوط الين أكثر مقارنة بوقت تدخل سبتمبر الماضي، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن لجنة تداول العقود الآجلة للسلع. رغم ذلك، فإن مقياس مراكز الاستثمار الكلية التابع لمصرف "سيتي غروب" يوضح أن الرهانات الهبوطية أقل شدة.

قد يشجع ذلك على تزايد الرهان على تدهور الين، لأسباب أهمها أن محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا أبدى توجهاً تيسيرياً، ولطالما نوه إلى أنه سيواصل سياسة التيسير النقدي لبلوغ هدف التضخم عند 2%.

أكد تيبي إينو، رئيس وحدة بحوث الأسواق العالمية في طوكيو بمصرف "إم يو إف جي بنك" (MUFG Bank): "في الأجل القريب، قد يواصل زوج الدولار مقابل الين مساره الصعودي إذ استمر سعر الفائدة الحقيقي بالتراجع في اليابان وحافظ البنك المركزي على نهجه التيسيري، كما أنه يصعب رؤية تعافي للين حتى يتبنى بنك اليابان إجراءات على صعيد السياسة النقدية".