مصانع حديد مصرية توقف الإنتاج أو تقلصه بسبب شح الدولار

عمال يرتدون كمامات واقية يجهزون الهيكل الحديدي لمبنى قيد الإنشاء في العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، مصر
عمال يرتدون كمامات واقية يجهزون الهيكل الحديدي لمبنى قيد الإنشاء في العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، مصر المصدر: رويترز
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يشكو بعض مصنّعي الحديد والصلب في مصر من شح العملة الأجنبية اللازمة لاستمرار أعمالهم واستيراد المواد الخام، في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، لذا لجأ بعضهم إلى تقليص الإنتاج أو وقفه تماماً.

تُعَدُّ مصر إحدى أكثر دول الشرق الأوسط مديونيةً، وتَعرَّض اقتصادها الذي يبلغ حجمه 400 مليار دولار لصدمات الأزمة الروسية-الأوكرانية، باعتبار مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، بالإضافة إلى كون البلدين المتنازعين من أهمّ مصادر السياحة إلى مصر. كما تواجه البلاد شحّاً شديداً في السيولة الأجنبية من العملات.

أشرف الجارحي، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "الجارحي للصلب"، قال لـ"اقتصاد الشرق" إن "الإنتاج متوقف بالمصنع منذ بداية 2023، لم نعمل إلا 15 يوماً بسبب غياب الخامات اللازمة، خاطبنا الجهات الحكومية أكثر من مرة لتوفير الدولار لنتمكن من العودة إلى العمل والإنتاج".

الأمر لا يتوقف على شركات الحديد والصلب في القطاع الخاص، بل امتد أيضاً إلى بعض الشركات الحكومية وشبه الحكومية. مسؤول داخل شركة "حديد المصريين" كشف لـ"اقتصاد الشرق" أن أحد مصانع الشركة التابعة توقف عن الإنتاج خلال شهرَي فبراير ومارس وأسبوعين بعد العيد، لعدم توافر الخردة اللازمة لعملية الإنتاج.

حرّرَت مصر عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، مما دفع سعر الجنيه المصري إلى الانخفاض أمام الدولار بنحو 25% منذ بداية 2023 حتى الآن، وبنحو 50% منذ مارس من العام الماضي مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.

لم تردّ شركة "حديد عز"، أكبر منتج للصلب في العالم العربي وأفريقيا، المملوك أغلبها للملياردير المصري أحمد عز، على طلبات من "اقتصاد الشرق" للتعليق على حجم إنتاجها الحالي، ومدى توافر الدولار اللازم لديها لعملية استيراد الموادّ الخام.

إنفوغراف: 93.6% ارتفاع في أسعار حديد عز خلال عام

تمتلك "حديد عز" حالياً أربعة مصانع في السادات والعاشر من رمضان والسويس والدخيلة بالإسكندرية، بطاقة إنتاجية تصل إلى نحو 7 ملايين طن من حديد التسليح والصلب المسطح، وفقاً لبيانات الشركة على موقعها الإلكتروني.

التصدير يدعم الموقف

شركات الحديد والصلب في مصر التي تصدّر بعض إنتاجها إلى الخارج، هي الأفضل حالاً الآن، إذ لجأت فقط إلى خفض الإنتاج، بعدما ساعدتها عائدات التصدير على توفير بعض احتياجاتها الاستيرادية.

حسن المراكبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة "المراكبي للصلب"، قال إن "غالبية المصانع لدينا تعمل بطاقات إنتاجية بين 30% و40%، وهي مصانع تعتمد على التصدير، لذا فلديها قدرة على تدبير الدولار، صناعة الحديد تعتمد بشدة في الإنتاج على المكوّن الأجنبي".

"إنتاج الحديد والصلب في مصر حالياً يعتمد على قدرة كل مصنع على توفير العملة الصعبة، نعمل بنحو 25% من طاقتنا الإنتاجية لصعوبة توفير الدولار اللازم"، حسب طارق سليمان، رئيس مجلس إدارة شركة "المدينة للصلب".

تعتمد مصر في مواردها الدولارية على إيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج، إلى جانب الصادرات التي تتأثر مباشرة بفتح الاعتمادات الدولارية لاستيراد المواد الأوّلية.

طارق الجيوشي رئيس مجموعة "الجيوشي للصلب" يقول إن مصانع مجموعته تعمل، لكن دون كامل الطاقة الإنتاجية، "نواجه صعوبة شديدة في تدبير الدولار، والمواد الخام الحالية لا تكفي احتياجات المصانع، لذا تتراجع معدلات إنتاج المصانع على نحو كبير".

مصر، التي تواجه معضلة في توفير السيولة الدولارية اللازمة لجميع الصناعات التي تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج، ركزت في الفترة الأخيرة على توفير الدولار للسلع الرئيسية اللازمة من الطعام والأسمدة، وتبذل جهوداً حثيثة لتوفير سيولة دولارية فورية من خلال بيع بعض الأصول المملوكة لها بالعملة الصعبة.

ونيس عياد رئيس مجموعة "عياد للصلب"، قال إن إنتاج شركته "يختلف شهريّاً حسب توفر الخامات، الإنتاج مرهون بمقدار توافر العملة (الأجنبية)".