بلومبرغ
ارتفع الدولار الأميركي مؤخراً بلا هوادة، لكن البنوك المركزية في آسيا لديها القوة اللازمة للحد من تداعيات ذلك.
يملك صناع السياسات الاقتصادية بالمنطقة، ما يفوق 5.5 تريليون دولار من احتياطيات النقد الأجنبي التي يمكنهم استغلالها لدعم عملاتهم، بحسب حسابات شركة "تي دي سيكيوريتيز"، وباستخدام بيانات جمعتها "بلومبرغ". كان الاحتياطي الآسيوي قد بلغ مستوى قياسياً قدر بـ5.9 تريليون دولار أميركي خلال 2021.
يتحول التركيز إلى الإجراءات التي قد يتخذها المسؤولون بالمنطقة بعد فشل التحذيرات الكلامية وعمليات تثبيت سعر الصرف في وقف انحدار عملاتها. في حين أن المُصدرين سيستفيدون إذا تدهورت عملاتهم؛ فإن جولة الهبوط المتواصلة قد تسفر عن تدفقات رأس مال خارجة.
تدخل البنوك المركزية للدفاع عن العملات
أوضح أليكس لو، الخبير الاستراتيجي في العملات الأجنبية الآسيوية والاقتصاد الكلي في "تي دي" والمقيم في سنغافورة أن: "بنوك آسيا المركزية تملك قوة كافية من احتياطيات العملات الأجنبية مثل العام الماضي للتدخل في حال قرروا ذلك، ونعتقد أن جهود بث الطمأنينة بالتصريحات ربما تكون كافية بالوقت الراهن".
حتى الآن، لجأ المسؤولون إلى التدخل باستخدام التصريحات للدفاع عن عملاتها، كما برز ذلك في اليابان والصين وتايلندا. ذهب بنك الاحتياطي الهندي خطوة أبعد من ذلك عن طريق بيع دولارات لمنع وصول الروبية الهندية لمستوى قياسي منخفض. قال بنك إندونيسيا المركزي أيضاً إنه على أهبة الاستعداد للتدخل بالسوق.
استمر المستثمرون في التخمين مع رفض كبار المسؤولين الماليين اليابانيين اليوم تأكيد ما إذا كانت طوكيو تدخلت بالأسواق لتدعيم الين الياباني. ذكر وزير المالية شونيتشي سوزوكي الشهر الماضي أن لديه إحساساً قوياً بوجود حاجة ملحة للتدخل من أجل الين الياباني، ولن يستبعد المسؤولون أي خيارات في مواجهة تحركات العملات الأجنبية المبالغ فيها.
نهج انتقائي لإدارة أسعار الصرف
قالت سونال فارما، كبيرة خبراء الاقتصاد في الهند وآسيا سابقاً في شركة "نومورا هولدينغز": "تواصل آسيا اتباع نهج انتقائي، بما فيها استخدام احتياطيات العملات الأجنبية كخط دفاع أول في حالة استمرار التدفقات الخارجة".
رجحت أن تواصل الهند وتايلندا والفلبين استغلال الاحتياط النقدي لكبح التقلبات المفرطة لأسعار صرف عملاتها والحد من الضغوط التضخمية المستوردة من الخارج مع صعود أسعار الغذاء والنفط.
على الرغم من ذلك؛ فإن مسؤولي الهند والفلبين ليس من المرجح أن يتمكنوا من كبح الضغوط الصعودية للأبد إذا كانت ضغوط خفض القيمة مستمرة ومدفوعة بعوامل أساسية، بحسب ما كتب خبراء "نومورا" الاستراتيجيون ومن بينهم كريغ تشان في مذكرة أمس.
أحبطت مسيرة الدولار الأميركي مؤسسات على غرار مصرف "إتش إس بي سي هولدينغز" وشركة "مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت" (Morgan Stanley Investment Management) التي بدأت العام الجاري في التنبؤ بأن أصول الأسواق الناشئة ستقدّم أداء جيداً.
هبط سعر صرف الين الياباني بما يتجاوز 12% أمام الدولار منذ نهاية ديسمبر الماضي، وتراجع سعر صرف اليوان داخلياً لأضعف مستوى منذ 2007 الشهر المنصرم بينما يقترب الرينغيت الماليزي من أدنى مستوياته خلال 1998.
تغطية تكاليف الاستيراد
يتمثل النبأ السار في أن غالبية البنوك المركزية الآسيوية لديها قدرة على تغطية تكاليف الاستيراد بنسبة أعلى كثيراً من القاعدة العامة التقليدية البالغة 3 شهور. كما رفعوا احتياطياتهم بعد أن نهلوا منها للدفاع عن عملاتهم خلال 2022.
قالت شريا سودهاني، الخبيرة الاقتصادية المقيمة في سنغافورة بمصرف "باركليز"، إن تايوان تتصدر منطقة آسيا الناشئة من حيث حجم الاحتياطي في آسيا الناشئة عدا الصين، على أساس المبالغ الكافية لتغطية عمليات الاستيراد، تليها الهند والفلبين وتايلندا.
اختتمت سودهاني: "نشك في أن البنوك المركزية الآسيوية على استعداد لزيادة أسعار الفائدة لمواجهة قوة الدولار الأميركي، ويمكن أن يكون التدخل باستخدام الاحتياطيات النقدية أو إطلاق التصريحات خياراً للبنوك المركزية التي تشعر بالقلق".