عزل المسافرين لن ينتهي قريباً

 هو إقرار بأنَّ الرحلات الخالية من الهموم لا تزال على بعد أشهر عدة.
هو إقرار بأنَّ الرحلات الخالية من الهموم لا تزال على بعد أشهر عدة. بلومبرغ
Clara Ferreira Marques
Clara Ferreira Marques

Columnist for Bloomberg Opinion in Hong Kong. Commodities, ESG, Russia & more. Via Singapore, Mumbai, London, Milan, Moscow, Paris, Cape Town, Lisbon.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت إحدى أولى خطوات الرئيس الأمريكي جو بايدن عند وصوله إلى المكتب البيضاوي، هي مطالبة المسافرين الدوليين بالحصول على فحص سلبي لكوفيد- 19قبل مغادرتهم، ثم خضوعهم للحجر الصحي عند هبوطهم؛ وتفكر بريطانيا أيضاً في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بالنسبة للقادمين إليها.

وهذان الإجراءان الوقائيان الأساسيان قد طال انتظارهما، مما يعني إقراراً بأنَّ الرحلات الخالية من الهموم لا تزال على بعد أشهر عدَّة.

ويرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ الفيروس لا يزال يتقدَّم بسرعة - بمساعدة متغير جديد أكثر قابلية للانتقال، وربما يكون أكثر فتكاً – في ظل عدم قدرة اللقاحات على مواكبة ذلك حتى الآن.

تصاريح المناعة

ويرجع هذا أيضاً، لأنَّه على الرغم من كل الآمال المعقودة على تصاريح المناعة أو تلك التصاريح المصدرة لمن تمَّ تلقيحهم، فإنَّ الأبحاث الجارية على قدم وساق لم تصل بعد إلى المكان الذي نحتاج إليه كي نعتمد على هذه الشهادات الصحية وحدها. وبالنسبة للكثيرين؛ تبدو كأنَّها نسخ رقمية من كتيبات المدرسة القديمة الخاصة بالحمى الصفراء، التي يتمُّ تدبيسها في وثائق السفر - وهو حل ليس مألوفاً وبسيطاً بتاتاً.

وستصبح بعض النسخ من هذه التصاريح جزءاً من حياتنا في السنوات القادمة، لسبب بسيط يكمن في أنَّه لن تكون هناك عودة إلى الوضع السابق، وبالتأكيد ليس في أي وقت قريب. وهناك اعتراضات بمحلها فيما يتعلَّق بالخصوصية، وبخطر تفاقم عدم المساواة. ولحسن الحظ؛ يجب أن تكون التكنولوجيا الجيدة والسياسة السليمة قادرة على التغلب على كليهما.

ولاحظت مجموعة من الأكاديميين في مجلة "لانسيت" في أكتوبر الماضي أنَّ التجارب التي لا تحتوي على عامل المساواة، نادراً ما يتمُّ الاستشهاد بها كسبب وجيه لمنع علاجات الرعاية الصحية تماماً، ويجب ألا تؤذي تدابير الصحة العامة السليمة عدداً من الناس أكبر مما تجبر عليه. وعلى سبيل المثال، لدى الحكومات الوقت للتركيز على تلبية احتياجات الفئات التي غالباً ما تكون مهمشة أولاً، وليس أخيراً؛ وتسريع الوصول إلى اللقاح، والتأكد من أنَّ هذه المبادرات تسهِّل الوصول إلى اللقاح بدلاً من الحدِّ منه.

تطورات مشجعة على صعيد البيانات الشخصية

الجواز الصحي الرقمي: بدعم من المنتدى الاقتصادي العالمي، و"كومون بروجيكت"، وهي مؤسسة غير ربحية تعمل على تطوير التكنولوجيا للاستخدام العام؛ فقد تمَّ إصدار الجواز الصحي الرقمي، وهو أداة تسمح لأي شخص بالتحقق مما إذا كان المسافر يلبي متطلَّبات المكان أو البلد الذي سيسافر إليه. وهو يقلل أيضاً بشكل حاسم كمية المعلومات الشخصية المستخدمة، ويخزنها فقط في هاتف المستخدم أو في المصدر.

ولا يعني أنَّ جوازات المرور هذه على وشك دفعنا جميعاً إلى التحرُّك مرة أخرى.

فأولاً، ضع في اعتبارك جوازات سفر اللقاح، التي في أبسطها، تسجِّل أنَّ المستخدم قد حصل على جرعات لقاح كوفيد-19 المطلوبة.

المشكلة الأولى هنا، كما أوضح "ليونيل لوران"، أنَّه ببساطة لا يوجد عدد كافٍ من الأشخاص الذين تمَّ تطعيمهم ليجعل الجهد مؤهلاً، وله أهمية أيضاً، فجرعات اللقاح تأتي ببطء شديد.

لكنَّ الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أنَّنا نفتقر إلى الكثير من المعلومات المطلوبة لجعل هذه المبادرات تحل محل الحجر الصحي وحظر السفر. فلا نعرف ما يكفي عن فعالية جميع اللقاحات التي سيتمُّ توفيرها على نطاق واسع، ولا نعرف بالضبط إلى متى تستمر الحماية الناتجة عن اللقاح. وكما أنَّه ليس لدينا معلومات كافية حول ما إذا كان التطعيم يحدُّ من انتقال العدوى، أو يقضي عليها.

تقييم اللقاحات

ويكمن الأمر الأكثر إثارة للقلق، بالنسبة لأولئك الذين هم خارج أوروبا والولايات المتحدة، في كوننا نعلم أنَّه لا يُنظر إلى جميع اللقاحات بالطريقة نفسها، في ظل وجود الكثير من المعطيات الجيوسياسية، والمعطيات المبهمة التي تعكِّر التقييمات للعروض الروسية، والصينية، والهندية.

فهل سيُنظر إليهم جميعاً بالطريقة نفسها التي سينظر بها إلى الخيارات الغربية على الحدود، أو على سبيل المثال، عند مدخل الألعاب الأولمبية؟ وهل يجب أن ينظر إليهم بالطريقة نفسها؟ أسئلة حاسمة، نظراً لأنَّ الكثير من العالم سوف تتلقى هذه التطعيمات.

إذن ماذا عن البديل الذي يركّز على المناعة، عن طريق اختبار الأجسام المضادة لكوفيد-19؟

في هذا الخيار، سنركِّز على ما إذا كان حامل اللقاح يملك مناعة ضمن مدَّة زمنية معينة، سواء كان ذلك من خلال مرض سابق أو عبر التلقيح، دون سبب للتركيز على تفاصيل اللقاح، مما يجعله خياراً محايداً وجذاباً.

وعادةً، يدور النقد هنا حول وتيرة الاختبارات التي سيتمُّ طلبها، والضغط الناتج على السعة من جراء ذلك، حتى لو فرضنا أنَّه من الممكن حل الأمر الثاني هذا بمرور الوقت، فهناك أيضاً حجة أقل إقناعاً بأنَّها تخلق حوافز ضارة، وتشجّع الناس على الإصابة بالمرض عن قصد للحصول على الأجسام المضادة الضرورية. وهناك القليل من الأدلة على ذلك؛ كما هو الحال مع النقاشات حول الاحتيال على الضمان الاجتماعي، كما أنَّ هناك ميلاً للمبالغة فيما يتعلَّق بمشكلة "الراكب المجاني".

الحماية من كوفيد-19

ولسوء الحظ، فإنَّ المشكلة الأكبر هي أنَّنا لا نعرف ما يكفي عن العلامات التي تشير إلى الحماية من كوفيد-19، للفرد أو للآخرين، عندما يتعلَّق الأمر بالعدوى. ونحتاج أيضاً إلى اختبارات يمكن إجراؤها بسهولة أكبر خارج المختبر، ليس لتحديد الأجسام المضادة فقط؛ ولكن المناعة الفعلية أيضاً. وهما أمران أساسيان بعيدان عن متناول أيدينا في الوقت الحالي.

وستساعد التصاريح في شكل ما في النهاية على فتح الاقتصادات والسفر، والحد من لعنة الإغلاق والحجر الصحي. وقد تكون اللقاحات هي الوكيل العملي، حتى إن كان تحقيق المناعة هو الأمر المثالي، كما هو حال النهج العالمي الموحَّد المتبع. ولكنَّنا بحاجة إلى المزيد من الإجابات لتجنُّب خلق شعور زائف بالأمان، ولتجنُّب العواقب غير المقصودة.

ونتوقَّع أنَّه في القرن الحادي والعشرين سنستمر في السيطرة على حركة الفيروس بطرق مختلفة قليلاً عن الطريقة التي فعلها "الفينيسيون" في القرن الرابع عشر. كما قد نجد أنَّ مدة فترة العزل للقادمين الجدد، قد تطول أيضاً، كما حدث في هونغ كونغ، ويتمُّ النظر فيه في نيوزيلندا، لمنع الحالات التي تستغرق فترة حضانة طويلة. ونحن على الأقل نعلم أنَّ العزل يعمل.