حظر المدارس للهواتف الذكية سيعين أطفالكم

التعجيل في حجب الهواتف الذكية عن الأطفال في المدارس سيسرّع من تحسين تحصيلهم الدراسي

إشارة تقول إن الهواتف ممنوعة بالألمانية، وهي الرسالة الصحيحة بغض النظر عن اللغة التي تُكتب بها
إشارة تقول إن الهواتف ممنوعة بالألمانية، وهي الرسالة الصحيحة بغض النظر عن اللغة التي تُكتب بها المصدر: د.ب.إ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لو سألنا الآباء والأمهات عن الوقت الذي يمضيه أطفالهم في استخدام الهواتف الذكية واللوحيات، يُرجح أن نسمع جواباً واحداً: أكثر مما يجب.

يرتبط الاستخدام المفرط للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بشيوع الاكتئاب وإيذاء النفس في سن المراهقة، كما أنه يضر بالأداء الدراسي للطلاب ويفاقم من التباين في تحصيلهم. السؤال لم يعد عمّا إذا كان ينبغي حظر الهواتف في المدارس، بل بات: لماذا لم تفعل المدارس أكثر ذلك؟

هنالك أدلة دامغة حول الآثار السلبية لهذه الأجهزة على التعلم، فقد أظهرت تقييمات دولية واسعة أن أي شيء يتجاوز الاستخدام المحدود للتقنية في قاعات التدريس يضر بالأداء الدراسي. وخلصت دراسة شملت 14 دولة وردت في تقرير للأمم المتحدة هذا العام، أن مجرد التواجد على مقربة من الهواتف الذكية يعطل التعلم لجميع الأعمار، من مرحلة ما قبل المدرسة إلى الكلية، ويتأثر التلاميذ ضعاف الأداء أكثر من سواهم.

بدافع من مثل هذه النتائج ومن منطق سليم، أعلنت الحكومة البريطانية هذا الشهر أنها ستصدر تعليمات للمدارس بحظر استخدام الهواتف أثناء اليوم الدراسي. وفرضت دول أوروبية أخرى، منها هولندا وفرنسا، حظراً مماثلاً.

هل استعددنا لتأثير الذكاء الاصطناعي على مرحلة الطفولة؟

عقبات تنفيذية

قد تظهر تحديات في وجه تفعيل مثل هذه السياسات، لكن المكاسب التي بدرت في الأماكن التي فعلت ذلك كانت مذهلة. أدى الحظر على الهواتف في منطقتين في إسبانيا لتحسين نتائج اختبار الرياضيات بما يعادل أكثر من نصف عام من التعلم.

كما وجد تحليل في 2022 شمل أكثر من 100 مدرسة مرحلة متوسطة في النرويج أن حظر الهواتف رفع الدرجات التي تلقاها الطلاب وحسّن نتائج اختباراتهم، كما عزز إمكانية التحاقهم بمدرسة ثانوية متقدمة. أسفر كذلك عن تحسن في التحصيل الدراسي فاق ما تجلبه سياسات أكثر تكلفة، مثل تقليل عديد الطلاب في قاعة التدريس أو تزويد المدارس بمزيد من الحواسيب.

برغم هذه الفوائد الواضحة، يبدو أن المدارس الأميركية تتحرك في الاتجاه الخطأ. في 2020، قالت 76% من المدارس العامة إنها حظرت الاستخدام "غير الدراسي" للهواتف أثناء ساعات الدراسة، بانخفاض عن أكثر من 90% قبل عقد.

تدل كل المؤشرات أن هذه التقييدات تُنتهك على نطاق واسع. نتيجةً لزيادة استخدام الهواتف الذكية إبان الوباء، التي غذّتها جزئياً الإغلاقات غير المدروسة للمدارس، يبدو أن بعض المناطق قد تخلت حتى عن الجهود الرمزية لإبقاء الأجهزة بعيداً متناول الأطفال.

وجدت دراسة استقصائية صدرت الشهر الماضي أن 97% من المراهقين الأميركيين يقولون إنهم يستخدمون أجهزتهم أثناء اليوم الدراسي، لمدة متوسطها 43 دقيقة، مع قضاء معظم هذا الوقت في وسائل التواصل الاجتماعي و"يوتيوب" والألعاب.

التضخم في المملكة المتحدة يحرم المدارس من أهداف زيادة الإنفاق

ضرر دائم

إن إيقاف هذا الاتجاه له أهمية بالغة في مساعدة الطلاب على ردم فجوات تحصيلهم الدراسي وتجنب حلول ضرر دائم بحياتهم المهنية وآفاق حياتهم مستقبلاً. إن فرض الحظر على المستوى الوطني الأميركي، على النمط الأوروبي، لن يكون قابلاً للتطبيق في الولايات المتحدة، حيث تتحكم الإدارات المحلية بالمدارس.

لكن يتعين على صناع السياسات أن يؤكدوا على مدى إلحاح هذه القضية. يجب على المجالس التشريعية للولايات أن تضغط على المدارس لتحظر استخدام الهواتف طوال اليوم الدراسي، بما يشمل الدقائق ما بين الحصص وخلال فترات الراحة، ولمصادرتها إن لزم الأمر. يجب عليهم تقديم حوافز للمناطق التي تظهر مكاسب دراسية بعد فرض الحظر على مستوى المدرسة. كما ينبغي عليهم مساعدة المدارس على دفع ثمن أشياء مثل أكياس لتخزين الإلكترونيات وخزائن لاستبقاء هواتف التلاميذ.

لا شك أن المدارس ستتلقى انتقادات شديدة من أولياء الأمور الذين يعارضون مثل هذا الحظر، لكن مع الإقرار بمخاوفهم المشروعة، مثل كيفية الوصول إلى التلميذ أثناء الأزمات، يجب عليها التمسك بالحزم وتوضيح أن بروتوكولات الاتصال في حالات الطوارئ أكثر من وافية.

لقد أصبح مؤكداً أن الهواتف الذكية، برغم أهميتها في الحياة الحديثة، ليس لها مكان في قاعات التدريس، وكلما أسرعت المدارس بمنعها، كان التلامذة أفضل حالاً.