عمالقة التحوط يخسرون المليارات بعد مراهنة جنونية من المتداولين الأفراد على "ريديت"

العلامة التجارية لموقع "ريديت" على شاشة كمبيوتر محمول
العلامة التجارية لموقع "ريديت" على شاشة كمبيوتر محمول المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لمرة واحدة، تَفوَّق المتداولون الأفراد على وول ستريت. وفي غضون أسابيع، عانت أسطورتان من أساطير صناديق التحوط (ستيف كوهن ودان سوندهايم) خسائر دامية بعدما اجتمع المتداولون الهواة لتحدي بعض أكثر المستثمرين خبرة. وفي حالة كوهين، انتهى به الأمر وكين غريفين يتدافعان لتقديم المساعدة لشخص ثالث هو غابي بلوتكين، الذي تضررت شركته بشدة.

وأدى التداول المحموم على شركة "غيم ستوت كورب" (GameStop Corp) وغيرها من الأسهم التي راهنت صناديق التحوط ضدّها، إلى خسائر في الأيام القليلة الماضية التي يمكن اعتبارها من بين الأسوأ في الحياة المهنية بأكلها لمديري الأموال هؤلاء. وتراجع صندوق كوهين "بوينت 72 أسيت مانجمنت" (Cohen’s Point72 Asset Management) بما يصل إلى 15% حتى الشهر الجاري، فيما هبط صندوق سوندهايم "دي1 كابيتال بارتنرز" (D1 Capital Partners) بنحو 20% بعد أن كان من أفضل الصناديق أداءً العام الماضي. أما شركة بلوتكين "ملفين كابيتال" (Melvin Capital) فقد تكبدت 30% من بداية الشهر حتى الجمعة.

غزو الجموع

وفي تحول مُزرٍ لعمالقة صناديق التحوط، الذين سجّلوا عودة قوية في 2020 مع جموح الأسواق جراء كوفيد-19، دفعت هذه الأزمة آلافاً، إن لم يكن ملايين، من متداولي التجزئة، إلى سوق الأسهم الأمريكية، ما خلق قوة جديدة يعجز المستثمرون المحترفون عن مكافحتها حتى الآن على ما يبدو.

ويتكون المهاجمون من مجموعة من المتداولين الذين يستخدمون خاصية رهانات على منصة "ريديت" (Reddit) لتنظيم هجماتهم التي تركز على الأسهم التي تشتهر ببيعها على المكشوف من قبل صناديق التحوط، وأبرزها أسهم شركة "غيم ستوب"، متجر التجزئة المتعثر الذي ارتفع بنسبة 1700% الشهر الجاري، وتشمل الأهداف الأخرى كذلك "إيه إم سي إنترتينمنت هولدينغز" (AMC Entertainment Holdings Inc) و"بيد باث آند بيوند إنك" (Bed Bath & Beyond Inc.).

ويتفشى الألم عبر قطاع صناديق التحوط على الأرجح، وتنتشر إشاعات بين المتداولين عن خسائر فادحة في عديد من الشركات، وتراجع صندوق مؤشرات "غولدمان ساكس"، "VIP ETF"، الذي يتتبع أشهر أسهم صناديق التحوط، بنسبة 4.3% يوم الأربعاء في أسوأ يوم له منذ سبتمبر.

وغطى مديرو الأموال مبيعاتهم على المكشوف الخاسرة، فيما قلّصوا رهاناتهم المتفائلة للجلسة الرابعة على التوالي يوم الثلاثاء. وخلال تلك الفترة وصل إجمالي تدفقاتهم الخارجة من السوق إلى أعلى مستوى على الإطلاق منذ أكتوبر 2014، وفقاً لبيانات جمعتها وحدة التداول الأساسي في "غولدمان".

وتضررت "دي1" التي أُسّسَت في 2018، وبلغت أصولها تحت الإدارة 20 مليار دولار في بداية العام، إلى حد ما من الهجمات، لأن الشركات الخاصة تشكّل نحو ثلث ممتلكاتها، وكانت تقلص تعرُّضها لها، وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر.

وقال أحد الأشخاص، الذي طلب عدم الكشف عن هُويته لسرية مثل هذه القرارات، إن الصندوق مُغلَق أمام الاستثمارات الجديدة، وليس لديه خطط لاستقبال رأسمال إضافي.

وتتناقض خسائر "دي1" مع مكاسب بنسبة 60% في صندوق سوندهايم، البالغ من العمر 43 عاماً، خلال اضطرابات الوباء العام الماضي.

الضحية الأشهر في السوق

وحصلت "ملفين" يوم الاثنين سرّاً على ضخ نقدي من نظرائها، وتلقت مليارَي دولار من غريفين، شريك بلوتكين، ومن صناديق التحوط التي يديرها في "سيتادل" (Citadel)، بجانب 750 مليون دولار من رئيسه السابق كوهين.

وقال ممثل عن الشركة إن المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي حول إفلاس "ملفين كابيتال" خاطئة تماماً، وأضاف: "تركز الشركة على توليد عائدات عالية الجودة معدلة وفق المخاطر للمستثمرين، ونقدّر دعمهم".

وحتى العام الجاري كان لدى بلوتكين، البالغ من العمر 42 عاماً، واحد من أفضل السجلات في اختيار الأسهم لصناديق التحوط. وعمل لدى كوهين لمدة ثمانية أعوام، وكان أحد أكبر صانعي الأرباح لديه قبل أن يرحل ويؤسس "ملفين" التي حقّقت عائدا ًسنويا ًبنسبة 30% منذ إطلاقها، وأنهت العام الماضي مرتفعة بأكثر من 50%، وفقاً لأحد المستثمرين.

وخسر صندوق آخر هو "مابليلين كابيتال" (Maplelane Capital) بأصول بقيمة 3.5 مليار دولار، نحو 33% الشهر الجاري حتى الثلاثاء، وهو ما يعود جزئياً إلى مركزه المكشوف في "غيم ستوب"، وفقاً لأحد المستثمرين.

ورفض ممثلو صناديق "بوينت 72" و"دي1" التعليق على الأمر.

وربما ساهمت خسائر بعض أكبر صناديق التحوط في تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" يوم الأربعاء بنسبة 2.6%، في أسوأ هبوط له منذ أكتوبر، وإحدى النظريات وراء هذا التراجع أن الصناديق تبيع رهاناتها الطويلة للحصول على النقدية لتغطية رهاناتها القصيرة.

ويُعَدّ كوهين، البالغ من العمر 64 عاماً، أشهر ضحية لاضطرابات العام الجاري حتى الآن، وأصبح المالك الجديد لفريق البيسبول "نيويورك ميتس"، الذي حقّق مكسباً بنسبة 16% في 2020، يُعَدّ شخصية وطنية، بعدما تَغلَّب على جنيفر لوبيز وأليكس رودريغز في منافسة لشراء النادي.

وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، كسر كوهين عادته، وهي التغريد، معلقاً فقط على فريق "ميتس"، وكتب على منصة التواصل الاجتماعي: "يا فرسان الأسهم، واصلوا جلب التحديات".