لماذا يجب على المستثمرين شراء التذاكر للذهاب إلى إندونيسيا؟

إحياء قطاع صناعة الأفلام الذي كان مزدهراً في يوم من الأيام من خلال انتعاش الطبقة الوسطى والاستثمارات والخبرات الأجنبية

في موقع تصوير فيلم "سِن" (Sin) في جاكرتا
في موقع تصوير فيلم "سِن" (Sin) في جاكرتا المصدر: بلومبرغ
Ronald W. Chan
Ronald W. Chan

Ronald W. Chan is the founder and CIO of Chartwell Capital in Hong Kong. He is the author of “The Value Investors” and “Behind the Berkshire Hathaway Curtain.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رغم أنها لم تصبح بوليوود بعد، لكنّ إندونيسيا توشك على إنتاج أكبر الأفلام السينمائية في آسيا، فقد بدأ افتتاح دور السينما الجديدة بسرعة في أنحاء شاسعة من أرخبيل جنوب شرق القارة، بفضل الاستثمارات النقدية الكبيرة، بعد سنوات من النمو البطيء والرقابة، في وقت يقوم فيه منتجو الأفلام العالميون بالتحضير لأعمالهم في البلاد، ومع ظهور دور الإنتاج المحلية، وإشهار أصحاب دور السينما شركاتهم؛ من الأفضل للمستثمرين البدء بالاهتمام بإندونيسيا في هذا القطاع.

صحيح أن إنتاج الأفلام بدأ في إندونيسيا، منذ عشرينيات القرن الماضي، إلا أنّ الجهود الأولى لم تحظ بقبول الجماهير المحلية، كما منع الاحتلال الياباني إنتاج الأفلام السينمائية، خلال الحرب العالمية الثانية، ليقتصر الأمر- فيما بعد- على عرض الأفلام التي توافق عليها الحكومة، حتى باتت معظم الأفلام الإندونيسية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي مملة وجامدة.

تغير الأمر في الثمانينيات، التي شهدت إطلاق أفلام ناجحة مثل فيلم "بينتار بينتار بودو" (Pintar Pintar Bodoh) عام (1982)، وفيلم "تجوت نا دِن" (Tjoet Nja’Dhien) عام (1988)، وهو أول فيلم إندونيسي يعرض في مهرجان "كان" السينمائي، لتتراجع صناعة الأفلام المستقلة مرة أخرى في التسعينيات وبداية الألفية الثالثة.

بعد ذلك، أعلن الرئيس "جوكو ويدودو" (Joko Widodo)، عام 2015، عن إطلاق مبادرة لتنمية "الاقتصاد الإبداعي" في إندونيسيا؛ في محاولة منه لتخليص بلاده من الاعتماد على الموارد الطبيعية الآخذة بالتناقص، مثل الغاز الطبيعي والنفط الخام والأخشاب ولذلك، قامت الحكومة منذ ذلك الحين برفع القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في إنتاج الأفلام المحلية، ما أدى إلى تشجيع الشركات الدولية- مثل "لوت سينما كو إل تي دي" (Lotte Cinema Co. Ltd) في كوريا الجنوبية، و"توينتيث سينتشيري فوكس" (Twentieth Century Fox) في هوليوود- على الاستثمار في إنتاج الأفلام محلياً.

وأدّى التعاون الأول بين شركة "فوكس" وشركة إنتاج محلية- عام 2018- إلى إنتاج فيلم بعنوان "ويرو سابلينغ 212" (Wiro Sableng 212)، بمعنى (المحارب 212)، والذي حقق أرباحاً بلغت 3 ملايين دولار في شباك التذاكر، دون أي معلومات في الوقت الحالي عن نية شركة "فوكس" العمل على مشروع إندونيسي آخر أم لا.

إضافة إلى ذلك، أنهى المنتج "ماريو قصار" (Mario Kassar)- الذي أنتج أفلام "تيرميناتور" (Terminator)، و"توتال ريكول" (Total Recall)- مؤخراً تصوير فيلم الأكشن والخيال العلمي "فوكس تروت سيكس" (Foxtrot Six)، بالتعاون مع المخرج الإندونيسي "راندي كورومبيس" (Randy Korompis).

ويُعدّ هذا الفيلم- الذي بلغت ميزانيته 5 ملايين دولار- من أكثر الأفلام المُنتجة في إندونيسيا تكلفة، في حين بلغت ميزانية فيلم "تيرميناتور" لعام 1984 نحو 15 مليون دولار- حسب قيمة الدولار في الوقت الحالي، وأخذ التضخم بعين الاعتبار- علماً بأن الآراء الأولية (التي كانت معظمها من إندونيسيا) حول فيلم "فوكس تروت سيكسكانت إيجابية بشكل عام، وإن لم يزل من المبكر الحكم على أداء هذا الفيلم في شباك التذاكر العالمي.

بدأت الأفلام المُنتجة محلياً بالتزايد ببطء على مدى السنوات الأربع، منذ رفع الحظر المفروض على المشاركة الأجنبية في إنتاج الأفلام، وارتفعت من 20 بالمئة عام 2015 إلى ما يقارب 35 بالمئة اليوم، كما ازدادت شعبية الأفلام التي تضم ممثلين محليين في جميع أنحاء إندونيسيا، ما أعطى المنتجين حافزًا أكبر لتصوير المزيد منها.

من جانبها، أعلنت شركة "إيديوسورس" (Ideosource) المحلية لرأس المال المغامر، مؤخراً، عن استثمارها 3.6 مليون دولار في 10 مشاريع لإنتاج الأفلام خلال عام 2019، عازمة- في الوقت نفسه- على جمع مبلغ 15 مليون دولار إضافي، ما يشير إلى اعتقاد الشركة الجازم بإمكانية أن يحقق الفيلم الناجح أرباحاً أسرع من الشركات الناشئة.

أما شركة "إم دي بيكتشيرز تي بي كيه بي تي" (MD Pictures Tbk PT)- إحدى كبرى شركات إنتاج الأفلام الإندونيسية- فأعلنت عن طرح أسهمها في أغسطس 2018، لتنجح في جمع 19 مليون دولار في اكتتابها العام الأولي، ومع حصة سوقية وصلت إلى 24 بالمئة من جمهور الأفلام المنتجة محلياً، تستعد الشركة في الوقت الحالي لجذب ممثلين مشهورين، وعقد صفقات مع شركاء آخرين في هذا المجال، في وقت تتعرض فيه صناعة الأفلام للهجوم على مستوى العالم، من خلال خدمات بث الفيديو عبر الإنترنت، بحيث يتوجب- على هذه الشركة وغيرها- إنشاء برامج مميزة لكسب المستهلكين.

أدى إنتاج الأفلام السينمائية، وتدفق النقود الجديدة، إلى انتشار دور السينما في جميع أنحاء البلاد، إذ قامت "سينما 21" (Cinema 21) - أكبر شركة لإدارة وتشغيل دور السينما في البلاد- بتوسيع نطاق عملها، ليشمل أكثر من 1000 موقع منذ عام 2015، بمساعدة استثمار كبير من صندوق "جي آي سي بي تي إي إل تي دي" (GIC Pte. Ltd) للثروة السيادية في سنغافورة، بمبلغ وصل إلى 3.5 تريليون روبية (أي ما يعادل 244 مليون دولار)، في حين تمتلك ثاني أكبر شركة لتشغيل دور السينما- وهي شركة "سي جي في سينما" (CGV Cinema)- نحو 321 داراً، مع نيتها التوسّع أيضاً.

يتوقع المحللون زيادة عدد دور السينما المنتشرة في جميع أنحاء إندونيسيا في العقد القادم، من 1700 إلى 7500 دار، وعلى الرغم من تزايد المنافسة، لا يبدو أنّ شركات تشغيل دور السينما تنوي خوض حرب الأسعار، لأن متوسط ​​سعر التذكرة ارتفع من 35 ألف روبية عام 2016 إلى 38 ألف روبية فقط، (أي ما يعادل 2.67 دولار) عام 2017.

من المفترض أن نشهد ازدهار الأعمال في هذا المجال، مع زيادة خبرة صناع الأفلام، وجذب ميزانيات لأفلام بمستوى أفضل، علمًا أن إندونيسيا تحتل المرتبة الرابعة في العالم- من حيث الدول الأكثر اكتظاظاً بالسكان- ومن المقرر أن يصبح ما يقارب 141 مليوناً من مواطنيها- البالغ عددهم 264 مليون مواطن- في صفوف الطبقة الوسطى بحلول عام 2020، ما يشكّل أعداداً كبيرة من الجماهير التي يجب العمل على جذبها.