انتعاش بتكوين يغري المستثمرين بالعودة إلى العملات المشفرة

مواصلة رفع الفائدة والتوترات الجيوسياسية تدفع مستشاري الاستثمار إلى التوصية بالتنويع عبر بتكوين

شعار بتكوين في اليوم المفتوح بإحدى فعاليات "بلوكتشين" الأوروبية في وقت سابق من الشهر الجاري
شعار بتكوين في اليوم المفتوح بإحدى فعاليات "بلوكتشين" الأوروبية في وقت سابق من الشهر الجاري المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يساهم صعود بتكوين إلى 35 ألف دولار في استعادة سمعتها في عالم الاستثمار. تجاوز ارتفاع أكبر عملة مشفرة في العالم الضعف مقارنة بسعرها بعد الانهيار المدوّي الذي مُنيت به العام الماضي، وهو تطور كبير في وقت انخفضت فيه الأسهم وارتفعت عائدات السندات. في ظل نية "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي" مواصلة رفع أسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية التي تهدد الاستقرار المالي، يرى بعض المستشارين أن إضافة بتكوين إلى المحافظ الاستثمارية يمكن أن يكون وسيلة جيدة للتنويع.

يعد هذا التطور بمثابة تغيير كبير عن نوفمبر الماضي، عندما أدى إفلاس "إف تي إكس" (FTX)-الذي أثار اتهامات بالاحتيال قادت مؤسِسها سام بانكمان-فريد إلى المحاكمة—ما دفع بالعملات المشفرة إلى الدوامة، مع تداول "بتكوين" دون مستوى 16 ألف دولار. على الرغم من أنه لا يزال العديد من مستشاري الثروات يحذرون من الاستثمار في العملة المشفرة، كونها عرضة للتقلبات، يجادل آخرون بأن تخصيصاً محدوداً يمكن أن يساعد في توزيع المخاطر بمحفظة استثماراتك.

قال فون كيلرمان، مستشار الثروات المساعد في "إتش سي إم ويلث أدفيزرز" (HCM Wealth Advisors) في سينسيناتي: "يجب أن تحظى بتكوين بحصة في أي محفظة استثمارية متوازنة، بدءاً من المتقاعدين إلى الشباب في مقتبل أعمارهم".

يوصي "كيلرمان" عادةً بتخصيص ما بين 1% إلى 3%، ولكن هذه النسبة تصل إلى حوالي 5%، اعتماداً على تحمل المستثمر للمخاطر ونطاق محفظته.

"ميزة المحرك الأول" التي تحظى بها بتكوين بصفتها أكبر عملة مشفرة تجعلها رهاناً أكثر أماناً من بعض العملات المشفرة الأحدث والأكثر تقلباً، بما في ذلك مشاريع التمويل اللامركزية التي خضعت للتدقيق.

هل تواصل بتكوين ارتفاعها حال السماح بصناديق مؤشرات تستثمر بها؟

لا ارتباط بالأسهم والسندات

أما رايان فيرث، المخطط المالي في "ميرسر ستريت" (Mercer Street) بمدينة بيلير بولاية تكساس، فيرى أن جاذبية بتكوين تتمثل في عدم ارتباطها بالأسهم والسندات، على الأقل في الأشهر الأخيرة. ارتفعت العملة المشفرة منذ بداية سبتمبر بنسبة 34%، في حين انخفض مؤشرا "إس أند بي 500" و"ناسداك 100" بحوالي 8%.

قال "فيرث" إن عودة ظهور بتكوين كوسيلة تحوط محتملة ضد التضخم-بسبب طبيعتها الثابتة واللامركزية—أمر جدير بالاهتمام أيضاً. على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لا يزال متوسط أسعار المستهلكين آخذاً في الارتفاع.

يمكن أن يشجع تتبع صندوق بتكوين المحتمل للتداول في البورصة الأشخاص العاديين على إضافة التشفير إلى محافظهم أكثر من أي وقت مضى. على الرغم من أن الصناعة تحاول على مدار سنوات إطلاق مثل هذا المنتج، فقد تعرضت لمواجهات مع الجهات التنظيمية مراراً وتكراراً، والتي يساورها القلق بسبب الطابع المتقلب الذي يميز التشفير وإمكانية التلاعب في هذه الصناعة.

لكن في الأشهر الأخيرة، يبدو أن هذا الاحتمال يتحسن، حيث كانت شركة "بلاك روك"

(.BlackRock Inc) في يونيو الماضي قدمت طلباً لإنشاء "صندوق بتكوين" (Bitcoin ETF) متداول في البورصة، وألغى قاضٍ في أغسطس الماضي قراراً مسبقاً بحظر تحويل صندوق بتكوين من شركة "غرايسكيل إنفستمنتس" (Grayscale Investments LLC) إلى صندوق متداول. تساعد هذه التطورات أيضاً في تعزيز سعر بتكوين.

يقول مايك كيلي، وهو مؤسس شركة "كيلي فايننشال بلانينغ" (Kelly Financial Planning) في سينسيناتي، إن إطلاق صندوق متداول في البورصة سيكون أفضل طريقة للشخص العادي للاستثمار في بتكوين، كما يوصي بإبقاء المخصصات أقل من 5%.

أضاف: "إنها التوصية نفسها بالنسبة إلى السهم الواحد. أنت تسعى للحفاظ على التنويع في المحفظة، وألا تسمح لمركز استثماري واحد أن يهوي بمحفظتك".

إنفوغراف: "بتكوين" ترتفع بنسبة 23% منذ اندلاع "طوفان الأقصى"

ضد التشفير

على صعيد آخر، لا يزال آخرون في عالم الاستشارات المالية ينظرون إلى بتكوين على أنها رهان محفوف بالمخاطر، وهي أقرب إلى المضاربة من كونها استثماراً طويل الأجل.

في هذا الصدد، قال برايان دونكانسون، وهو مخطط مالي في "فيرو بيتش" (Vero Beach) بفلوريدا: "لا تزال بتكوين، والعملات المشفرة بشكل عام، فئة أصول يغلب عليها طابع المضاربة. فهي ليست ورقة مالية تعمل شركة تشغيل على بناء قيمتها، بل إن القيمة هي مجرد سوق مدفوعة بالعرض والطلب".

يوصي "دونكانسون" عملاءه بشراء كمية محدودة للغاية فقط-إن وجدت على الإطلاق-لاستخدامها كأصل للمضاربة والتسلية، خاصة في ظل انتشار الاحتيال على امتداد هذه الصناعة.

إلى ذلك، نرى بعض المخططين الماليين مثل دانيال يرغر، وهو رئيس شركة "إم واي ويلث بلانرز" (MY Wealth Planners) في لونغمونت بكولورادو، يشككون في الادعاء بأن بتكوين تتيح التنويع بالفعل.

وقال: "ترتبط بتكوين بشكل مطرد بتحركات سوق الأسهم الأوسع على صعيد المكاسب والخسائر في السوق، وبالنظر إلى أن قيمتها تعتمد كلياً على معنويات السوق، فمن غير المرجح أن تتوقف عن كونها أصلاً شديد التقلب في المستقبل القريب".

علامة تحذيرية.. صناع سوق العملات المشفرة يعانون من تدهور الربحية

التحرك في اتجاهين متعاكسين

لنأخذ العام الماضي كمثال. ففي 2022، هوت قيمة بتكوين بـ64%، حيث انخفض مؤشر "إس أند بي 500" بنسبة 19%. ولكي تكون حقاً أداة تنويع، يجب أن تتحرك هذه الأسعار في اتجاهين متعاكسين.

ثم هناك حقيقة أنه من المستحيل تقريباً استخدام بتكوين كوسيلة للدفع لشراء الاحتياجات اليومية، كما قال إريك روبرغ، مؤسس شركة التخطيط المالي "بيوند يور هاموك" (Beyond Your Hammock) ومقرها في بوسطن. ولكي تستخدمها في عمليات الشراء، عليك تحويلها إلى دولارات أو عملة أخرى، في الوقت الذي يتسم فيه سعر الصرف بالتقلب بشكل كبير.

أضاف أنه بالنسبة للحجة القائلة إن "بتكوين" يمكن أن تكون بمثابة تحوط ضد التضخم، فهي حجة تفترض أن العملة المشفرة تنطوي على قيمة بحد ذاتها، وسوف تحتفظ بهذه القيمة بشكل موثوق في مواجهة مجموعة معينة من المخاطر.

تابع "روبرغ": "بتكوين لا تنطوي على أي ضمان بأنها لن تفقد قيمتها في مواجهة مخاطر التضخم، أو أي عدد من مخاطر السوق الأخرى. فهي معرضة للانحدار إلى الصفر، وليس هناك ما يحول حقاً دون انزلاقها".