"فيتش" تخفض تصنيف مصر الائتماني إلى "B-"

تزايد مخاطر تمويل مصر الخارجي واستقرار الاقتصاد الكلي وآفاق الديون الحكومية

مبانٍ سكنية وتجارية، خلفها مجمع أهرامات الجيزة، كما تظهر من قلعة صلاح الدين، في القاهرة، مصر، يوم السبت 7 يناير 2023
مبانٍ سكنية وتجارية، خلفها مجمع أهرامات الجيزة، كما تظهر من قلعة صلاح الدين، في القاهرة، مصر، يوم السبت 7 يناير 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خفضت وكالة "فيتش ريتنغز" تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى "B-" من "B"، بنظرة مستقبلية مستقرة. مشيرة إلى بطء التقدم في الإصلاحات، والانتقال إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، وفي مراجعات برامج صندوق النقد الدولي.

أوضحت وكالة التصنيف الائتماني أن هذا الخفض يعكس "المخاطر المتزايدة على تمويل مصر الخارجي واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل".

وتُعد خطوة "فيتش ريتنغز" بمثابة الخفض الثاني من قبل مؤسسة التصنيف الائتماني في نفس العام، ففي مايو الماضي، خفضت الوكالة تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى "B" من "+B"، بنظرة مستقبلية سلبية.

أضافت "فيتش": "أدى بطء التقدم في الإصلاحات، بما في ذلك التأخير في الانتقال إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، وفي مراجعات برامج صندوق النقد الدولي، إلى الإضرار بمصداقية سياسة سعر الصرف، وتفاقم قيود التمويل الخارجي في وقت يتزايد فيه إعادة تمويل الديون الحكومية الخارجية".

ونتيجة للعوامل السابق الإشارة إليها، ألمحت مؤسسة التصنيف الائتماني إلى "تزايد الضغوط الهبوطية على العملة.. وأصبح مسار تعديل السياسات أكثر تعقيداً، من وجهة نظرنا".

تأتي خطوة "فيتش ريتنغز" بعد أن خفضت "موديز إنفستورز سيرفيس" تصنيف إصدارات الحكومة المصرية طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية إلى "Caa1" من "B3"، الشهر الماضي. كما خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" العالمية تصنيفها الائتماني لديون مصر السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية إلى "-B" من "B"، في أكتوبر.

تعاقب الإصلاحات بعد الانتخابات الرئاسية

أمّا بخصوص النظرة المستقبلية المستقرة، فقالت "فيتش" إنها تعكس رؤية الوكالة الأساسية بأن الإصلاحات، بما في ذلك الخصخصة، وتباطؤ المشاريع العملاقة، وتعديل سعر الصرف، "سوف تتسارع بعد الانتخابات الرئاسية في ديسمبر، مما يمهد الطريق على الأرجح لبرنامج جديد وأكبر محتمل لصندوق النقد الدولي، ودعم إضافي من دول مجلس التعاون الخليجي".

وتجدر الإشارة إلى أن مصر تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة برنامج الإنقاذ الخاص بها إلى أكثر من 5 مليارات دولار، وفق مانشرته "بلومبرغ" في منتصف أكتوبر، وأشارت في حينها إلى أن أي إعلان عن زيادة محتملة عن مبلغ 3 مليارات دولار الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي لن يأتي إلا بعد أن تُكمل مصر مراجعاتها المتأخرة للبرنامج.

سياسة سعر الصرف

ترى "فيتش ريتنغز" أن قدرة البنك المركزي المصري على استعادة سعر الصرف والمصداقية النقدية باتت "غير مؤكدة". وأشارت إلى أن تعويم الجنيه المصري، دون إعادة بناء الثقة وتوفير السيولة الأجنبية في السوق الرسمية، قد يصاحبه تجاوز كبير لأسعار الفائدة والتضخم (الذي بلغ بالفعل 40% على أساس سنوي في سبتمبر)، على حساب استقرار الاقتصاد الكلي والاجتماعي والمالية العامة، لافتة إلى أن التأخير سيؤدي إلى تفاقم هذه المخاطر.

قالت "فيتش ريتنغز" إن استقرار سعر الصرف الرسمي منذ فبراير "يتناقض" مع تعهد البنك المركزي المصري المعلن باتباع سعر صرف مرن بشكل دائم. وأشارت إلى "ضعف الثقة" في توفير العملات الأجنبية، في ظل نقص توافر العملات الأجنبية بالسعر الرسمي، واستمرار وجود سعر سوق موازية مختلف على نطاق واسع، واكتناز القطاع الخاص للعملات الأجنبية.

تجدر الإشارة إلى أن سعر صرف الجنيه في البنوك المصرية يبلغ نحو 31 أمام الدولار، وهو أقل بكثير من سعره بالسوق الموازية البالغ نحو 46 أمام الدولار.

ضغوط السيولة الأجنبية

من جهة أخرى، حذّرت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي، من أن مصر سوف تستنزف احتياطاتها من العملة الأجنبية ما لم تخفض قيمة الجنيه مرة أخرى، على الرغم من إشادتها بالخطوات التي اتخذتها لتصحيح الاقتصاد المأزوم.

وعلى الرغم من تخفيض مصر قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ بداية 2022، حتى فقدت العملة ما يقرب من نصف قيمتها أمام الدولار، قالت غورغييفا إن البلاد تؤجل أمراً لا مفر منه عبر الامتناع عن تخفيض الجنيه مرة أخرى، موضحة أن زيادة التأخير تجعل الأمور أسوأ مما هي عليه.

استحقاقات ديون خارجية متزايدة

أشارت مؤسسة التصنيف الائتماني إلى أن مصر ستواجه ارتفاعاً كبيراً في استحقاقات الديون الخارجية من 4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023 إلى 8.8 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو 2024، و9.2 مليار دولار في العام المالي 2025.

وتوقعت "فيتش" أن يبلغ صافي الاقتراض الحكومي الخارجي نحو سالب ملياري دولار في السنة المالية 2024، ورجحت أن تتم تغطيته من عائدات وزارة المالية من مبيعات أصول الدولة.

ووصلت الحكومة إلى مراحل متقدمة للحصول على 1.5 مليار دولار مدعومة بضمانات من جهات متعددة، بالإضافة إلى نحو 4 مليارات دولار تمويلاً مباشراً من الشركاء الرسميين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي. ولا يزال هناك احتمال لإصدار صكوك أخرى للمستثمرين في الدول الخليجية في السنة المالية 2024، بحسب مؤسسة التصنيف الائتماني.

مخاطر حرب إسرائيل في غزة

توقعت "فيتش ريتنغز" أن تشكل الحرب بين إسرائيل و"حماس" مخاطر سلبية كبيرة على السياحة، كما رجحت تضررها على المدى القريب.

وألمحت إلى أنه إذا تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس فسيؤدي ذلك إلى زيادة عدم الاستقرار والمخاطر الأمنية في مصر، فضلاً عن تأثر السياحة ومعنويات المستثمرين بقوة، وبالتالي زيادة التحديات الاجتماعية والسياسية المحلية أمام تنفيذ الإصلاحات.

وقالت الوكالة إن قرب مصر من الصراع بين إسرائيل وحماس، والتدفق المحتمل للاجئين، "يزيد من المخاطر الأمنية، خاصة في منطقة سيناء".