شواطئ السعودية تطمح لحصة من كعكة السياحة العالمية الفاخرة

حجم قطاع السياحة الفاخرة عالمياً يناهز 1.28 تريليون دولار

لقطة علوية لفندق "شيبارا" في جزيرة "أمالا" السعودية على البحر الأحمر
لقطة علوية لفندق "شيبارا" في جزيرة "أمالا" السعودية على البحر الأحمر المصدر: موقع شركة البحر الأحمر
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مثّل مشروع "إيبكون" الشاطئي، الذي أعلنت السعودية عنه الأربعاء، أحدث الوافدين إلى عالم الوجهات الفاخرة، وسلّط مزيداً من الضوء على الاستراتجية التي تعتمدها المملكة في إطار تنمية قطاع السياحة عموماً، والسياحة الشاطئية الفاخرة خصوصاً.

في عام 2017، أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وجهة البحر الأحمر، كوجهة سياحية عالمية، وهو ما أعطى لمحة مقتضبة عن رؤية المملكة في الدخول إلى هذا القطاع.

بعد حوالى 6 سنوات من هذا الإعلان، بدأت ملامح هذه السياسة بالتكشف مع إطلاق العديد من الوجهات الجديدة على شاطئ البحر الأحمر. ووفقاً لما تعلنه السعودية، فإن المفهوم بات أقرب إلى الدمج بين السياحة الشاطئية والسياحة الفاخرة.

وجهات جديدة

"نيوم" أعلنت الأربعاء عن إطلاق وجهتها السياحية الجديدة على خليج العقبة تحت اسم "إيبكون"، وتضم فندقاً فائق الفخامة ومنتجعاً، يحتويان على 41 شقة سياحية فائقة الفخامة، ومساكن فاخرة تشمل 14 جناحاً وشقة، إضافة إلى 120 غرفة و45 فيلا سكنية مطلّة على الشاطئ.

"إيبكون" ليست الوجهة السياحية الفاخرة الوحيدة لـ"نيوم"، إذ سبق وأعلنت عن جزيرة "سندالة" التي أجرى فيها الأمير محمد بن سلمان مقابلته مع قناة "فوكس نيوز" أخيراً، ومن هناك أعلن عن هدف لتطوير 50% من الجزر التي تملكها السعودية والتي يصل عددها الإجمالي إلى 1150، مشيراً إلى وجود 22 جزيرة قيد التطوير.

السعودية تتوقع أن تجذب "سندالة" التي تضم 3 فنادق فاخرة لديها 333 شقة فندقية و88 فيلا و413 غرفة فندقية فائقة الفخامة، بالإضافة إلى نادٍ لليخوت و86 رصيفاً بحرياً، نحو 2400 زائر يومياً بحلول 2028.

على بعد نحو 350 كيلومتراً إلى الجنوب، تعمل شركة البحر الأحمر أيضاً على مشاريع سياحية فاخرة، خصوصاً في جزر شيبارة وشورى وأمالا.

قال رئيس مجموعة الاستثمارات والشؤون القانونية في "شركة البحر الأحمر" غريغ جيريجيان إن منطقة البحر الأحمر بدأت فعلياً باستقبال السياح، بعدما هبطت أول رحلة في مطار البحر الأحمر في سبتمبر الماضي.

ولفت في تصريحات لـ"الشرق"، إلى فتح فندقين في المنطقة حالياً، وقريباً جداً سيتم فتح الفندق الثالث.

أول الفنادق التي بدأت باستقبال السياح هو "سيكس سينس ساوثيرن ديونز البحر الأحمر"، والذي لديه 76 مفتاحاً، من بينها 40 فيلا. كما يتضمن مجمعاً فندقياً مكوناً من 36 غرفة تطل على منظر صحراوي.

أما المنتجع الثاني فهو سانت ريجيس البحر الأحمر، والذي يضم 90 مفتاحاً، وفقاً لجيريجيان الذي أشار إلى أن منتجع "نجومه محمية الريتز-كارلتون" والذي يضم 82 مفتاحاً سيفتتح قريباً، مشيراً في الوقت ذاته إلى اكتمال 60% من مشروع "ديزيرت روك" الذي يوفر 50 فيلا و10 غرف فندقية.

أما في جزيرة شيبارة، فتم تركيب الفيلات العائمة الـ38، إضافة إلى تركيب 15 فيلا شاطئية.

جزيرة شورى من جهتها تضم 11 منتجعاً وبطاقة استيعابية تصل إلى 2247 مفتاحاً فندقياً، وتضم الفنادق التالية:

اسم الفندق عدد المفاتيح
ذي ريد سي إيديشيون 240
فيرمونت ريد سي 193
رافلز ريد سي 168
إس إل إس ريد سي 150
غراند حياة ريد سي 430
إنتركونتينانتال ريد سي 210
جميرا ريد سي 159
روزوود ريد سي 187
ميرافال ريد سي 180
فاينا ريد سي 150
فو سيزون ريزورت ريد سي 180

أما جزيرة أمالة، فتضم 5 منتجعات بعدد مفاتيح فندقية يصل إلى 576 مفتاحاً.

اسم المنتجع عدد الغرف
منتجع كلينيك لابريري الصحي 85
منتجع جاياسوم الصحي 153
روزوود أمالا 110
سيكس سينسيز أمالا 100
منتجع أكوينوكس أمالا 128

الإطار القانوني

السياحة الفاخرة مرتبطة بشكل كبير بالاستثمار، لذا فإن أبرز التساؤلات تُطرح بشأن الإطار القانوني الذي سيميز هذه المناطق.

وفي هذا الإطار، أشار جيريجيان إلى أن رؤية 2030 أرست الكثير من الإصلاحات الاجتماعية في المملكة. مضيفاً أن "الإطار الاجتماعي اللازم للزوار الدوليين ليشعروا بالراحة والترحيب، موجود إلى حد كبير".

وأضاف: "يجري الآن إنشاء هيئة مخصصة للإشراف على البحر الأحمر وأمالا، من خلال بيئة تنظيمية مخصصة ومعززة، ستتولى دور المشرف البيئي والتصميمي، وتضع معايير التجديد وتراقبها، وتمكن من خلق بيئة تنافسية للأعمال والسياحة".

أما بخصوص تملك العقارات، وهو أمر مهم لجذب المستثمرين، في بلد يسمح للأجانب بالتملك وفق شروط محددة، فقال جيريجيان إن المملكة تخطط لتخفيف قوانين ملكية العقارات للأجانب كجزء من أهدافها الاستراتيجية؛ "مما يجعل شراء عقاراتنا في متناول السوق الدولية بشكل متزايد".

السياحة الفاخرة

تراهن السعودية على الاستفادة من النمو المرتقب في مجال السياحة الفاخرة التي قدرت قيمتها في 2021 بنحو 1.28 تريليون دولار، والمتوقع أن تنمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 7.6% من السنة الجارية وحتى 2030، وفقاً لتقرير صادر عن شركة الأبحاث "غراند فيو".

سيكون هذا النمو مدعوماً من المسافرين النخبويين الذين يبحثون عن وجهات جديدة غير مستكشفة. وأشار التقرير إلى أن هؤلاء المسافرين يميلون إلى الحصول على تجارب فريدة وشخصية للغاية.

يبدو أن السعودية تضع السائح النوعي نصب أعينها من خلال إعلانها عن هذه الوجهات الفاخرة، وذلك في محاولة منها لاقتطاع حصة من هذه السوق النامية.

هذه الاستراتيجية كشف النقاب عنها الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة فهد حميد الدين في مقابلة مع إذاعة "ثمانية"، قائلاً إن المملكة تركز على السائح "النوعي"، مشيراً إلى أن "الإنفاق هو المعيار الحقيقي للنجاح".

السائح النوعي

حميد الدين أوضح بأن إنفاق السياح من الداخل والخارج، بلغ عام 2018 نحو 165 مليار ريال، منبهاً إلى أن هذا الرقم يشمل الإنفاق المتأتي من الحج. أما المستهدف بحلول نهاية 2030، فهو الوصول إلى 561 مليار ريال، وهو ما يعني مضاعفته 3 مرات.

أما في ما يتعلق بالعدد، فأشار حميد الدين إلى أن الزيادة المطلوبة كانت من 50 مليون زيارة، إلى 100 مليون. وفي وقتٍ لاحق رفعت السعودية مستهدفاتها من عدد الزيارات إلى 150 مليوناً بحلول 2030.

وشدد على أن "النجاح لا يتمثل في استقطاب العدد فحسب، وإنما تغيير الفئة المستهدفة ومعدل الإنفاق ونوع السائح وغرض الزيارة".

هل هي مالديف جديدة؟

تمتلك السعودية مئات الجزر غير المستغلة في البحر الأحمر وتعمل على تطوير 22 جزيرة في الوقت الحالي.

العمل على سياحة الجزر يطرح تساؤلين مهمين، الأول هو هل تنجح المملكة في مهمتها في ظل وجود الكثير من الوجهات الرائدة في هذا المجال؟ والثاني هو: هل تخطط السعودية لأن تكون "مالديف" جديدة؟

حميد الدين لخص الإجابة عن هذين السؤالين بالقول إن المملكة لديها ثلاثة مقومات تميّزها عن الوجهات الأخرى. الأولى هو التنوع الجغرافي، على غرار شاطئ البحر الأحمر الذي يمتد على مساحة 1700 كيلومتر ويضم أندر الشعب المرجانية في العالم، فضلاً عن أنها "أرض حضارات وأنبياء"، بالإضافة إلى أنها تعمل على بناء الوجهات الجديدة مستفيدة من كل أخطاء الوجهات العالمية الأخرى.

أما السؤال الثاني، والمتمثل في: هل تصبح السعودية مالديف جديدة، فأجاب عنه الأمير محمد بن سلمان قائلاً إنه لا يعتقد أن أي سائح سيأتي إلى وجهة "مستنسخة". لذا فإن السعودية تريد أن تقدم "شيئاً جديداً"، وسمة جديدة وخدمة مختلفة، لكي يندفع السائح للاطلاع على الثقافة المختلفة في البحر الأحمر.

ولفت خلال المقابلة التي أجريت عام 2021 إلى أن المشاريع قسمت إلى فئتين رئيسيتين: أولها تستلهم مشاريع أصلية قائمة على طراز معماري محلي من تبوك أو جازان مثلاً، أو على طراز مبتكر يحاكي تميز البحر الأحمر وفرادته.