ما تداعيات احتجاز الحوثيين سفينة تجارية في البحر الأحمر؟

توقعات بأن تؤدي الحادثة لارتفاع في أسعار النفط عند فتح الأسواق

سفينة Galaxy Leader التي يعتقد أن جماعة الحوثي احتجزتها في البحر الأحمر
سفينة Galaxy Leader التي يعتقد أن جماعة الحوثي احتجزتها في البحر الأحمر المصدر: marinetraffic
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

احتجزت جماعة الحوثي اليمنية سفينة شحن في البحر الأحمر، بحجة أنها "إسرائيلية"، وهو ما أثار مخاوف من ارتفاع أسعار النفط عند فتح الأسواق، وكلفة التأمين على الشحن البحري، في منطقة حيوية للتجارة العالمية.

كانت جماعة الحوثي في اليمن هددت في وقت سابق من اليوم الأحد، أنها ستستهدف جميع السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي أو السفن التي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية، أو تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية، وذلك رداً على التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة.

وبعد ساعات قالت إسرائيل إن السفينة المحتجزة مملوكة لبريطانيين ويديرها يابانيون في جنوب البحر الأحمر، ولا يوجد على متنها إسرائيليون، واصفة الحادث بأنه "عمل إرهابي إيراني" ستكون له تداعيات على الأمن البحري الدولي، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز".

أسواق النفط

توقع أندريه كوفاتاريو، المؤسس المشارك لشركة الأبحاث "ECERA"، في تصريحات لـ"الشرق"، ارتفاع أسعار النفط بضعة دولارات عند افتتاح الأسواق في آسيا، منبهاً إلى أن حجم الزيادة سيرتبط بتداعيات الحادث.

وأضاف أن أي اضطراب من هذا النوع، وخاصة خلال فترة تتسم بالمخاطر الجيوسياسية المتزايدة، يمكن أن يرسل إشارة صعودية إلى الأسواق.

ارتفاع الأسعار يرتبط بشكل مباشر بكيفية تطور الأمور في الساعات المقبلة، وفقاً لكوفاتاريو الذي رأى أنه إذا كانت هذه بداية للتصعيد، فسنرى قفزة كبيرة في الأسعار.

كوفاتاريو اعتبر أيضاً أن المنطقة ستشهد ارتفاعاً في أسعار التأمين على الشحن البحري، وخصوصاً بالنسبة لشحنات النفط التي تمر عبر هذه المناطق.

عودة علاوة المخاطر

من جهته، اتفق هومايون فلكشاهي، محلل أول للنفط والغاز في "KPLER"، مع كوفاتاريو، معتبراً في تصريح لـ"الشرق"، أن سوق النفط ستتفاعل صعوداً مع هذا الحادث، نظراً إلى أنه يفاقم المخاطر الجيوسياسية، كما يمكن أن ترتفع كلفة الشحن والتأمين.

ولكنه توقع أن يكون الارتفاع محدوداً عند دولار أو دولارين للبرميل لخام "برنت" الذي أغلق الجمعة عند حدود 80 دولاراً للبرميل. وأضاف أن التأثير لن يكون مستمراً نظراً لأن التهديدات الحوثية تركز على السفن الإسرائيلية، والتي لا تمثل نسبة كبيرة من حجم التجارة، وخصوصاً النفطية، في تلك المنطقة.

لكنه نبّه إلى أن استمرار الخطر الجيوسياسي لفترة أطول سيعني أن الخطر لم ينته، وبالتالي قد تصبح كلفة التأمين على السفن المتجهة عبر قناة السويس أو مضيق باب المندب أعلى، ما يعني إمكانية زيادة أسعار السلع؛ رغم استبعاده هذه الفرضية على المدى المتوسط.

تأثيرات على النفط الإسرائيلي؟

فلكشاهي لفت أيضاً إلى أن التهديدات لن تؤثر على أسواق النفط بشكل عام لأن حجم استيراد إسرائيل يمثل ما يصل إلى 0.3% من مجمل التجارة النفطية العالمية.

أغلقت إسرائيل الشهر الماضي ميناء عسقلان، ما أدى إلى انخفاض الكميات التي تستوردها يومياً إلى 180 ألف برميل في أكتوبر. ولكن في نوفمبر، زادت تل أبيب استيرادها إلى 280 ألف برميل يومياً، وهو رقم مرتفع، وفقاً للمحلل.

لفت فلكشاهي إلى أن غالبية النفط الإسرائيلي يأتي من غرب أفريقيا وأذربيجان وكازاخستان، والناقلات الوحيدة التي تمر من البحر الأحمر حيث يمكن لجماعة الحوثي استهدافها، هي تلك الآتية من أذربيجان إلى ميناء إيلات، عبر ميناء جيهان التركي، منبهاً إلى أنها تشكل حوالي 40% من مجمل واردات إسرائيل، فيما تصل الكميات الأخرى عبر البحر المتوسط، ما يعني أنها بعيدة عن جماعة الحوثي.

سيناريوهات تحرك أسعار النفط

رغم أن جماعة الحوثي في اليمن هي من احتجزت السفينة، إلا أن إسرائيل سارعت إلى اتهام إيران، واعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان، الحادث "تصعيداً في عدوان إيران"، وله "تداعيات دولية على أمن مسارات الشحن العالمية"، وهو ما فاقم مخاوف حدوث تطورات.

وكانت "بلومبرغ إيكونوميكس" أجرت دراسةً لتأثير الصراع في الشرق الأوسط على النمو العالمي والتضخم وفق ثلاثة سيناريوهات.

وفق الحالة الأولى، ستظل الأعمال العدائية محصورة إلى حد كبير في غزة وإسرائيل. أمّا الحالة الثانية، فتفترض توسع الصراع إلى الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا التي تضم جماعات مسلحة قوية تدعمها طهران؛ مما يحوّلها بشكل أساسي إلى حرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران. وينطوي الاحتمال الثالث على تصعيد مباشر بين هذين العدوين الإقليميين.

وفي السيناريو الأكثر حدة، فإن أسعار النفط قد تقفز إلى 150 دولاراً للبرميل، ومن الممكن أن يتراجع النمو العالمي إلى 1.7%، وهو ما يمكن أن يقتطع نحو تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي.