ألمانيا تعلق حدود الاقتراض مجدداً بعد صدمة الميزانية

وزير المالية اضطر للتراجع عن "كبح الديون" بعد إصراره على استعادته

روبرت هابيك (على اليسار)، وأولاف شولتس (في المنتصف)، وكريستيان ليندنر (على اليمين)
روبرت هابيك (على اليسار)، وأولاف شولتس (في المنتصف)، وكريستيان ليندنر (على اليمين) المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعتزم ألمانيا تعليق الحد الدستوري لصافي الاقتراض الجديد للعام الرابع على التوالي بعد أن اضطرت حكومة المستشار أولاف شولتس إلى إجراء إصلاح جذري للميزانية بموجب حكم صدر الأسبوع الماضي من المحكمة العليا في البلاد.

أفادت المتحدثة باسم وزارة المالية يوم الخميس أن الإجراء الطارئ لتعليق ما يُعرف بـ"كبح الديون" سيكون جزءاً من ميزانية 2023 المعدلة التي يعتزم وزير المالية كريستيان ليندنر تقديمها الأسبوع المقبل. وألزم حكم المحكمة ليندنر باحتساب ديون جديدة بقيمة 37 مليار يورو (40.3 مليار دولار) على الأقل خارج الميزانية المخصصة لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز على الأسر والمستهلكين.

هذا الإجراء يُعد تراجعاً مهيناً لرئيس الحزب الديمقراطي الحر، الذي أصر على استعادة حد الاقتراض بعد تعليقه لثلاثة أعوام بسبب الجائحة وأزمة الطاقة، ويروّج لنفسه باعتباره محافظاً على الاستقرار المالي في ألمانيا.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة عبر البريد الإلكتروني: "في ظل الميزانية التكميلية، ستقترح الحكومة الفيدرالية على مجلس النواب (البوندستاغ) قراراً لإعلان حالة الطوارئ الاستثنائية لعام 2023". وأضافت أن الأموال المستخدمة لتخفيف تكاليف الطاقة "ستُحدد بموجب أساس قانوني آمن"، ولن تتحمل الحكومة أي ديون جديدة.

حزب شولتس يعد خطة لتشجيع الاستثمار وفرض ضرائب على الأثرياء

تراجعت أسعار سندات الدين الألمانية بشكل أكبر بعد أن أفادت "بلومبرغ" يوم الخميس أن الحكومة تخطط لرفع حد الاقتراض، ما دفع عوائد السندات لأجل 10 أعوام للارتفاع إلى 2.62%، بواقع 6 نقاط أساس. فقدت العلاوة على سعر عقود المقايضات الخاصة بالسندات المناظرة، وهو مؤشر رئيسي لمخاطر العرض، مكاسبها لتصبح فروق العائد قريبة من أدنى مستوياتها منذ فبراير 2022 عند 52 نقطة أساس.

أثار الحكم المفاجئ الذي أصدرته المحكمة الدستورية في كارلسروه في 15 نوفمبر، شكوكاً حول تمويل الصناديق الحكومية الخاصة بمئات المليارات من اليورو، بعضها يعود إلى عقود، والتي لا تشكل جزءاً من الميزانية الفيدرالية العادية.

مزيد من الإصلاحات

إضافة إلى الحد من تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة، خصصت إدارة شولتس أموالاً من مختلف المصادر لمبادرات مثل التصنيع الصديق للبيئة والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة والبنية التحتية للشحن ودعم مرافق صناعة البطاريات وأشباه الموصلات.

مكّن استخدام الأموال الخاصة ليندنر في البداية من الوفاء بتعهده بإعادة كبح الديون للميزانية العادية هذا العام، مع الاستمرار في توجيه النقد لدعم تجديد قاعدة التصنيع في ألمانيا والمساعدة في خفض الانبعاثات الضارة.

يُعد تعليق كبح الديون مجدداً الخطوة الرئيسية الثانية التي تتخذها الحكومة بعد أن جمدت تقريباً جميع تراخيص الإنفاق الجديدة لعام 2023، بينما تقوم بتقييم التأثير الأوسع وطويل المدى لقرار المحكمة.

لم تتعامل الحكومة بعد مع التأثير المحتمل على الخطة المالية للعام المقبل، والتي كان يُفترض عرضها على البرلمان الأسبوع المقبل، لكنها أُجلت الآن إلى أجل غير مسمى. وربما يؤدي أي إجراء يُتخذ لإصلاح الصناديق الخاصة إلى تعريض الحكومة لمزيد من التحديات القانونية.

ألمانيا تدعم خطة لتعليق القيود على موازنة دول الاتحاد الأوروبي لعام إضافي

وقال ليندنر في وقت مبكر من يوم الخميس في بيان مختصر للصحفيين: "يمكننا العودة إلى مناقشة عام 2024 والأعوام القليلة المقبلة فقط عندما نكون في وضع آمن قانونياً وسليم دستورياً". وأوضح أن "البلاد الآن تتمتع بوضع قانوني جديد بشأن كيفية التعامل مع الأصول الخاصة".

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":

"أصبحت آفاق السياسة المالية للبلاد أكثر غموضاً، فربما يتوقف تمويل مجموعة كبيرة من مشاريع البنية التحتية والبيئية الآن. وهذا قد يُخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.5% العام المقبل، ما يُعرّض التعافي التدريجي بعد انكماش 2023 للخطر، ويضيف مخاطر هبوطية كبيرة إلى توقعاتنا لعام 2024". - الخبير الاقتصادي مارتن أدمر

نُقل عن لارس كلينجبيل، الزعيم المشارك للحزب الاشتراكي الألماني بزعامة شولتس، قوله يوم الخميس إنه "من المبرر سياسياً" تعليق كبح الديون لهذا العام ودعا إلى رفعه العام المقبل أيضاً.

وقال كلينجبيل، في مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية، إن "تداعيات الجائحة" وأزمة الطاقة والتضخم والحرب في أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط تجعل تعليق كبح الديون ضرورياً.

قيود الاقتراض مُدرجة ضمن الدستور الألماني، لكن يمكن تنحيتها مؤقتاً في حالة الكوارث الطبيعية أو حالات الطوارئ الخارجة عن سيطرة الحكومة.

جدير بالذكر أن قيود الاقتراض جرى تعليقها لثلاثة أعوام حتى 2022 لمعالجة تداعيات كوفيد-19 والارتفاع في تكاليف الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبموجب قواعد "كبح الديون"، يقتصر الاقتراض الهيكلي الصافي، المعدل وفقاً للعوامل الدورية، على 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي. يُسمح بزيادة صافي الاقتراض خلال فترة الركود الاقتصادي، لكن هناك مساحة أقل للديون الإضافية في فترات الانتعاش.