لا ينبغي على مودي مطاردة ماسك لصناعة السيارات في الهند

الحكومة الهندية عليها خفض الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المستوردة.. لكن ليس بهدف إقناع "تسلا" لبناء مصنع في البلاد

إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" المصدر: بلومبرغ
Mihir Sharma
Mihir Sharma

Mihir Swarup Sharma is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior fellow at the Observer Research Foundation in New Delhi and head of its Economy and Growth Programme. He is the author of "Restart: The Last Chance for the Indian Economy," and co-editor of "What the Economy Needs Now."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يقترب إيلون ماسك من الفوز في معركة إرادات طويلة الأمد مع الحكومة الهندية. إذ يأمل صانعو السياسات في نيودلهي في إغراء شركة "تسلا" لإنتاج سيارات كهربائية داخل بلادهم. وفي الوقت نفسه، يسعى ماسك إلى بيع سياراته في البلاد دون دفع الرسوم الجمركية الباهظة على الاستيراد التي تفرضها الهند.

وفقاً لـ"بلومبرغ نيوز"، ربما يقترب الطرفان من عقد اتفاق من شأنه خفض التعريفات الجمركية على واردات "تسلا" اعتباراً من 2024، بشرط أن تنشئ الشركة مصنعاً في الهند في غضون العامين المقبلين. قد تستثمر "تسلا" ملياري دولار في المصنع وتلتزم بشراء ما تصل قيمته إلى 15 مليار دولار من المدخلات من الشركات المحلية المنتجة للسيارات.

"تسلا" تخطط لشراء قطع غيار سيارات بــ1.9 مليار دولار من الهند

يمكن أن يعتبر ماسك بالتأكيد هذه الصفقة بمثابة انتصار. وقد لا يشكو المستهلكون في الهند أيضاً إذا استطاعوا شراء أفضل السيارات الكهربائية بتعريفة جمركية تبلغ 15% فقط، مقارنةً بنسبة 100% التي يدفعونها حالياً على السيارات المستوردة.

ورغم ذلك، فإذا كانت الحكومة الهندية تعتقد أن هذه هي طريقة بناء نظام بيئي لتصنيع السيارات الكهربائية، فينبغي عليها أن تفكر مرة أخرى.

سياسة خاصة

الامتيازات المصممة خصيصاً لشركة واحدة لا يُرجح أن تأتي بأي خير، بغض النظر عن مدى نجاحها أو شهرتها. في الواقع، عندما توضع هذه السياسة في نهاية المطاف، فمن المرجح أن تُطبق عالمياً. يجب أن تكون كل شركة مصنعة للسيارات الكهربائية على استعداد لتلبية المتطلبات قادرة على الاستفادة، باستثناء الشركات الصينية التي تمثل الآن أكثر من نصف مبيعات السيارات الكهربائية العالمية.

في الوقت نفسه، إذا صُممت السياسة خصيصاً لتناسب احتياجات "تسلا" -على سبيل المثال، من خلال الموافقة على الجدول الزمني المفضل للشركة وهيكل التعريفة الجمركية، أو دعم "الشواحن الفائقة" بدلاً من تبديل البطاريات- قد لا تفيد الشركات المنافسة كثيراً.

اتفاق وشيك بين الهند و"تسلا" لتوريد سيارات كهربائية وإنشاء مصنع

قد تشير نيودلهي إلى نجاح السياسات الأخرى المصممة مع وضع شركات معينة في الاعتبار. في عام 2020، عدلت الحكومة القواعد المتعلقة بتصنيع وبيع الهواتف المحمولة في الهند في محاولة لجذب شركة "أبل"، ومنذ ذلك الحين، أنتجت شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة منتجات بقيمة 7 مليارات دولار في الهند، مع تعهدات بزيادة تصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.

نمو "أبل" في الهند

لكن "تسلا" ليست "أبل". أولاً، لا ينبغي لأي صانع سياسات في أي مكان في العالم أن يفترض أن شخصية متهورة مثل ماسك ستفي بوعد من هذا النوع.

لدى "أبل" أيضاً مجموعة من الأسباب الحقيقية التي تبرر التصنيع في الهند. حيث تنمو السوق المحلية لأجهزة "أيفون" بمعدلات قوية. ويتوقع بنك "مورغان ستانلي" أن تمثل الهند خُمس نمو قاعدة عملاء "أبل" على مدى السنوات الخمس المقبلة وتحقق إيرادات بـ40 مليار دولار على مدى العقد المقبل. إذ إن نصف الإيرادات البالغة 9 مليارات دولار التي تجنيها الهند من صادرات الهواتف المحمولة تأتي من أجهزة "أيفون".

رئيس "أبل" يسعى لتهدئة المخاوف بشأن "أيفون" في الصين

يُستبعد أن تشهد "تسلا" النوع نفسه من النمو في سوق السيارات التي تتأثر بسهولة بتقلبات الأسعار في الهند. فشل العديد من الشركات الأجنبية الأخرى المصنعة في اختراق قانون السيارات الهندي. وفي عام 2021، أغلقت شركة "فورد موتور" مصانعها في البلاد بعد عقدين، ما أدى إلى إعادة هيكلة بقيمة ملياري دولار، ويعود ذلك نسبياً إلى عدم قدرتها على المنافسة في السعر.

أشار مسؤول تنفيذي هندي رائد في مجال السيارات في ذلك الوقت إلى أن مفتاح السوق المحلية يتمثل في "النظر إلى سلسلة القيمة بأكملها بدءاً من المواد الخام وصولاً إلى إعادة البيع، وبعد ذلك، في كل مرحلة، عليك أن ترى كيف يمكنك الاقتصاد في التكلفة". لا يبدو أن "تسلا" نجحت في القيام بهذه الخطوة خلال مسيرتها، وهو بالطبع سبب آخر وراء صمود ماسك لفترة طويلة في خطوة الاستثمار في الهند.

خفض انبعاثات الكربون

ومؤخراً في يوليو، أصر المسؤولون في الهند على أنه "لن يتم وضع سياسة خاصة" لجذب "تسلا" إلى الهند. إذاً، ما الذي تغير؟ من المؤكد أن تفضيلات ماسك لم تتغير. وعلى الأرجح، فإن الحكومة -التي تفصلها الآن أشهر فقط عن حملة إعادة انتخابها- على استعداد لبذل جهد إضافي لتتصدر عنوان رئيسي في الأخبار.

أنا لا أزعم أن رسوم الهند على استيراد المركبات الكهربائية يجب أن تظل مرتفعة كما هي. هناك حجة جيدة لتسهيل الحواجز المفروضة أمام المركبات التي من شأنها تسريع وتيرة الهند في الانتقال إلى وسائل النقل منخفضة الكربون.

الهند تحتاج لنمو سنوي 8% لتخطي مساهمة الصين باقتصاد العالم

لكن هذا القرار يجب أن يكون محايداً من حيث التكنولوجيا والشركة. وينبغي أن يتحدد ذلك من خلال ما يخدم أولويات المناخ في الهند ومستهلكيها على أفضل وجه.

يُعد بناء نظام محلي لتصنيع المركبات الكهربائية مهمة مختلفة تماماً -لا يمكن تحقيقها من خلال تغييرات التعريفة التقديرية. وبدلاً من ذلك، قد تساعد الاستثمارات القوية في البنية التحتية الداعمة- بدءاً من أسعار الكهرباء إلى محطات الشحن- التي من شأنها أن تجعل الاستثمارات في تصنيع السيارات الكهربائية أكثر جاذبية لكل من شركات صناعة السيارات الهندية والأجنبية.

تريد هذه الشركات في المقام الأول الاطمئنان السياسي. وللأسف، إن تغيير السياسات لتناسب أهواء شخص متقلب المزاج مثل إيلون ماسك، يؤدي إلى عكس ذلك.