الصين وأوروبا تدفعان أمريكا خارج سباق تصنيع البطاريات عالميا

صورة توضيحية لعلم أمريكا على إحدى البطاريات
صورة توضيحية لعلم أمريكا على إحدى البطاريات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم تخسر الولايات المتحدة الأمريكية سباق تصنيع البطاريات فحسب، لكنها بالكاد تسارع الخطى وسط السباق العالمي المحموم.

وتهيمن الصين على إنتاج بطاريات أيون الليثيوم، وتقوم ببناء مصانع لإنتاجها بسرعة فائقة، فيما تبني أوروبا أيضاً مصانع للبطاريات مع تحول شبكة الكهرباء وشركات السيارات بها بعيداً عن الوقود الأحفوري. وعلى الرغم من وجود خطط لإنشاء عدد قليل من المصانع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مصنع شركة "تسلا" في ولاية تكساس، إلا أن "بلومبرغ NEF " تتوقع أن تنخفض حصة البلاد من إنتاج البطاريات في جميع أنحاء العالم من 8% حاليا إلى 6% في عام 2025.

توافر المواد الخام

وتأتي تلك التطورات، في ظل امتلاك الولايات المتحدة معظم المكونات التي تحتاجها لصناعة البطاريات، حيث يتوافر لديها المواد الخام، كما تحتضن ثلاث شركات قامت بتطوير مرافق لاستخراج الليثيوم من محلول ملحي تحت سطح الأرض في صحراء جنوب كاليفورنيا. فضلاً عن مشاريع مماثلة جارية في أركنساس ونيفادا، وهو ما يتزامن مع وجود إقبال وطلب مرتفع. ويعتمد العديد من المرافق على بطاريات كبيرة حاليا لتوصيلها بالشبكة الكهربائية لتخزين الطاقة المتجددة والحماية من انقطاع التيار الكهربائي، كما أن شركات صناعة السيارات الأمريكية تعمل على تكثيف إنتاجها من السيارات الكهربائية.

وكانت الإدارة الأمريكية قد دفعت سابقاً في عهد الرئيس أوباما نحو إنشاء مصانع بطاريات محلية، لكن الطلب على الأجهزة لم يكن مرتفعاً بما يكفي لدعم المصانع، ما أدى إلى إخفاقات محرجة مثل إفلاس الشركة المصنعة "A 123 سيستمز" عام 2012 بعد أن تلقت منحة فيدرالية بقيمة 249 مليون دولار.

ضرورة للأمن القومي

وربما تغير الوضع الآن بالكامل، فوفقا لما يقوله سام يافي، المدير الإداري لشركة "كيرن إنرجي ريسيرش"، وهي شركة استشارية في مدينة بولدر في ولاية كولورادو فإنه: "إذا أردنا الحصول على سلسلة توريد محلية للبطاريات في أمريكا الشمالية، فقد حان الأوان إذاً للإسراع في ذلك، ويجب أن تركز المصانع على التجربة البشرية بالكامل للقيادة الكهربائية، وليس فقط حصر العلاقة بين البطارية والسيارة".

ولا يتعلق الأمر هنا بالحديث عن الفخر بالصناعة الوطنية، إذ أن بطاريات "أيون الليثيوم" أصبحت تقنية أساسية للحياة في القرن الحادي والعشرين، وذات أهمية كبيرة لدرجة أن الحكومة الفيدرالية أدرجت الليثيوم في عام 2018 على قائمة تضم 35 معدناً ضرورياً للحفاظ على الأمن القومي.

ويقول داني كينيدي، وهو كبير مسؤولي الطاقة في منظمة "نيو انرجي نيكسيس" غير الربحية للتكنولوجيا النظيفة، والتي أصدرت مؤخراً تقريراً عن إنشاء صناعة البطاريات محليا في أمريكا، إنه: "ضرب من الجنون ألا يكون أكبر اقتصاد في العالم مشاركاً في هذا. يمكن أن نهيمن على المستقبل إذا شاركنا فيه الآن ولم نتنازل عنه".

كما أن هناك سببا وجيها للرغبة في تصنيع بطاريات بالولايات المتحدة بالنسبة لشركات صناعة السيارات الأمريكية، ففي عصر الاضطرابات التجارية هذا، قد يكون الاعتماد على البطاريات المستوردة مشكلة، حتى لو تخلى الرئيس بايدن عن استخدام سلفه للتعريفات الجمركية، ومع تحول شركات السيارات في جميع أنحاء العالم إلى السيارات الكهربائية، ستحتاج مدينة ديترويت إلى إمدادات كافية للحفاظ على انخفاض أسعار السيارات.

سيناريو الخلايا الشمسية

فضلاً عن ذلك، تعد حزم بطاريات المركبات الكهربائية كبيرة وثقيلة، مما يجعلها مكلفة للشحن، إذ أن حزمة البطاريات مصغرة لسيارة "شيفروليه بولت"، على سبيل المثال، تزن حوالي 950 رطلاً (1 رطل =ك0‪.450 يلو غرام). ويمكن أن تخفض مصانع البطاريات الأمريكية التي تغذي مصانع السيارات الأمريكية من هذه التكاليف.

ويقول بريت سميث، وهو مدير التكنولوجيا في مركز أبحاث السيارات: " التفكير في شحن بضع ملايين من البطاريات من آسيا أمرا يشبه الكابوس!.. من المنطقي من الناحية اللوجستية أن يتم تصنيعها هنا".

وبخلاف مصنع بطاريات "جنرال موتورز - أل جي كيم"، الذي لا يزال قيد الإنشاء في ولاية أوهايو، ومصنعي "أس كيه انوفيشين" المستقبليين في ولاية جورجيا، فإن هناك الكثير من الشركات الناشئة في الولايات المتحدة التي تقترب من الإنتاج.

وتتوقع شركة "سوليد باور"، وهي الشركة المصنعة للبطاريات في ولاية كولورادو، أن يتم توفير الدعم لعملية إنتاج السيارات في وقت مبكر من عام 2025. ويقول الرئيس التنفيذي لها، دوغ كامبل، إن البلاد لديها قدرة ظاهرة على الابتكار، ويضيف: "ومع ذلك، فإن الخطر الذي نواجهه يتمثل بمدى إمكانية الاحتفاظ بهذه الابتكارات هنا في الوطن، أم أنها قد تلقى ذات المصير الذي لاقته الخلايا الشمسية".