بلومبرغ
"أكثر ما يقلقني هو فقدان البشر لإمكاناتهم" على الأجهزة. كانت هذه كلمات أجاب بها رينيه هاس، الرئيس التنفيذي لشركة "أرم هولدينغز" (.Arm Holdings Plc)، على سؤال حول أكثر ما يؤرّقه بشأن الذكاء الاصطناعي. أضاف: "أنت بحاجة إلى قدر من الحسم، وبعض الأبواب الخلفية، وطريقة يمكن من خلالها اتخاذ قرار بإغلاق المنظومة".
هاس، الذي كان يتحدث إلى "بلومبرغ" في مقابلة تناولت طيفاً واسعاً من الموضوعات من مقر الشركة في كامبريدج بالمملكة المتحدة، يدرك شيئاً أو اثنين عن الآلات. بحسب تقديره، فإن 70% من سكان العالم يتعاملون مع المنتجات التي تصممها "أرم" بطريقة أو بأخرى.
وفي هذا الإطار، فهو يذكّرنا بالمكانة الاستثنائية التي تحظى بها الشركة، باعتبارها عملاقة التكنولوجيا العالمية الناشئة في المملكة المتحدة، حتى لو كانت مملوكة حالياً بحصة أغلبية لـ"سوفت بنك غروب كورب" (Softbank Group Corp) التابعة لماسايوشي سون في اليابان، وهي مُدرجة في بورصة نيويورك.
على الرغم من أن هاس منشغل بالجوانب السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي، فهو واثق من أن الفصل التالي لـ"أرم" سيشهد إثبات الشركة أهميتها في ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكذلك بالنسبة إلى الهواتف الذكية حيث تنتشر أشباه الموصلات الخاصة بالشركة.
قال هاس، الذي أشرف هذا العام على عملية الطرح العام الأولي للشركة بقيمة 54.5 مليار دولار: "أعتقد أنها (الشركة) ستتمكّن من شق سبيلها إلى كل جوانب حياتنا، والطريقة التي نعمل بها، ونعيش بها، ونمارس ألعابنا. ستتمكّن من تغيير كل شيء خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة".
اقرأ أيضاً: تغطية اكتتاب "أرم" بأكثر من 10 مرات قيمة الطرح
بدائل الهواتف الذكية
يحاول هاس، الذي تولى منصبه كرئيس تنفيذي للشركة في فبراير العام الماضي، تقليص اعتماد شركة "أرم" على صناعة الهواتف الذكية الآخذة في التراجع، من خلال إدخال تكنولوجيتها في مجالات أخرى مثل أجهزة الكمبيوتر الشخصية والخوادم والمركبات الكهربائية. تقدم الشركة أيضاً تصاميم أكثر تكاملاً بالنسبة إلى عملاء الهواتف، بهدف جني المزيد من الإيرادات لكل جهاز يُباع.
منتجات "أرم" منتشرة في كل أرجاء السوق بالفعل، إذ أن بنية مجموعات الأوامر الخاصة بمنتجاتها مدمجة في المعالجات التي تشغّل جميع الهواتف الذكية المُباعة سنوياً تقريباً، والبالغ عددها 1.4 مليار هاتف ذكي، ويعتمد أكثر من 99% منها على تصاميم "أرم" أو تقنيتها.
مع ذلك، أصبحت مراكز البيانات السحابية حالياً المجال الذي يرى فيه هاس فرصاً مثيرة للاهتمام. تتطلب النماذج الكبيرة للغات، مثل "أوبن إيه آي" (OpenAI) و"بارد" (Bard) من شركة "غوغل"، مساحات هائلة من سعة التخزين والبيانات، حيث يستهدف هاس اقتناص حصة سوقية تبلغ 50% على مستوى العالم خلال السنوات المقبلة.
اقرأ أيضاً: "غوغل" تزود مساعدها الافتراضي بأدوات "بارد" للذكاء الاصطناعي
طموح لا يضمن النجاح
لكن الطموح في حد ذاته لا يضمن النجاح بالطبع، ويبقى أن نرى ما إذا كانت شركة "أرم" ستثبت مكانتها المحورية بالنسبة إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي. حتى الآن، كانت "إنفيديا" المستفيد الرئيسي من الطفرة، إذ ارتفعت أسهمها بأكثر من 200% هذا العام وسط حالة ضبابية انتابت المستثمرين بشأن آفاق الصناعة.
مع ذلك، قد تكون الاحتمالات واسعة، حيث ترى "أرم" أن الإيرادات قد تنمو إلى 28 مليار دولار بحلول عام 2025، وتزداد بـ17% سنوياً من الآن، وفقاً لعرض فيديو قدمه المدير المالي جيسون تشايلد في سبتمبر الماضي.
يركز هاس أيضاً على السيطرة على ما يسمى بالحوسبة المتطورة، والتي تمكّن الأنظمة من تشغيل الأجهزة في المنزل أو المكتب، بدلاً من منصة سحابية مركزية.
وفي هذا الصدد، قال هاس: "نظراً لأن هذه الأجهزة المتطورة أصبحت أكثر ذكاءً بشكل متزايد، ويتم دمج المزيد من التكنولوجيا بها، فهذا مجال عمل جيد جداً بالنسبة إلى أرم"، مشيراً إلى ريادة الشركة على صعيد التصاميم الموفّرة للطاقة.
فرص ومخاطر في الصين
تنطوي السوق في الصين على فرص ومخاطر في آن واحد بالنسبة إلى "أرم"، التي تجني نحو 25% من إيراداتها من ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فقد بلغ إجمالي إيرادات الشركة نحو 2.7 مليار دولار في عامها المالي 2023.
تحتاج "أرم" إلى التغلب على القيود الأميركية المفروضة على شحن الرقائق المتطورة إلى الصين، مع الحفاظ على حصتها في هذه السوق، وحماية ملكيتها الفكرية. قال هاس إن الرؤساء التنفيذيين للتكنولوجيا الذين يتعاملون مع الصين "يخوضون جميعاً مرحلة حساسة للغاية هذه الأيام".
أضاف: "أعتقد أن الرؤساء التنفيذيين قبل 10 سنوات لم يتحدثوا إلى المسؤولين الحكوميين بالوتيرة المكثفة نفسها التي نتحدث بها اليوم. لذلك نحن نلتزم بجميع قيود التصدير، سواء كانت من الولايات المتحدة، أو من أجزاء أخرى من العالم".
بينما تتكيف الشركة مع التغيرات في السوق الصينية، قال هاس إن الاهتمام الأكثر إلحاحاً هو إيجاد الكوادر ذات الكفاءة، خاصة في المملكة المتحدة.
أشار إلى أن بريطانيا لا تزال تحظى بمكانة جوهرية بالنسبة إلى مستقبل الشركة، لكن لا ينبغي للسياسيين أن يغيب عن بالهم حاجة شركات التكنولوجيا إلى تعزيز كوادر العمل لديها بالمواهب من الخارج.
قال هاس: "لقد نشأنا هنا في المملكة المتحدة، ونعتزم البقاء فيها. من فضلكم يسّروا علينا استقطاب المواهب العالمية، وجذب المهندسين للقدوم إلى هنا والعمل لدى أرم".