المداولات بشأن لهجة الحديث عن الوقود الأحفوري تمدد "كوب 28"

المفاوضون يعملون على صياغة مسودة جديدة والدول النفطية والنامية تعارض التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري

راية تحمل شعار قمة المناخ "كوب 28" في مدينة "اكسبو دبي"، الإمارات العربية المتحدة
راية تحمل شعار قمة المناخ "كوب 28" في مدينة "اكسبو دبي"، الإمارات العربية المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دخلت قمة المناخ "كوب 28"، المُقامة في دبي، الوقت الإضافي، فيما يعمل المفاوضون على مسودة اتفاق جديدة تتجاوز الخلافات بين المطالبين بالتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، وتحالف الدول المُصدرة للنفط والدول النامية التي تعارض الفكرة بشكل عنيد.

يتنقل الدبلوماسيون حالياً بين الاجتماعات الثنائية، فيما تسعى الإمارات العربية المتحدة، الدولة المُضيفة، إلى التوصل إلى اتفاق حول مسودة جديدة، يُرتقب صدورها مساء اليوم. بعدها، سيدقق المفاوضون في كل كلمة، طوال الليل على الأرجح، في محاولة للتوصل إلى إجماع.

وقال ماجد السويدي، المدير العام لقمة "كوب 28"، في إحاطة صحفية: "أردنا أن تطلق المسودة شرارة المحادثات، وهذا ما حدث. ما رأيناه منذ ذلك الوقت أن الأطراف متمسكة بوجهات نظرها بشدة، وآراؤها منقسمة، لا سيما بشأن اللهجة المستخدمة في الحديث عن الوقود الأحفوري".

الإمارات تسعى لحل وسط

دعت المسودة، التي جاءت في 21 صفحة، وصدرت يوم الإثنين، إلى خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، فيما حاولت الإمارات، مستضيفة القمة، التوصل إلى حل وسط.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضمن المعترضين على تلك المسودة، الذين أشاروا إلى أنها لم تحرز تقدماً كبيراً بشأن التخلي التدريجي عن مصادر الطاقة المسببة للتلوث، وتسمح للدول باستغلال الثغرات أو عدم المشاركة.

سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك"، ورئيس قمة "كوب 28"
سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك"، ورئيس قمة "كوب 28" المصدر: بلومبرغ

يتولى سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة النفط الإماراتية "أدنوك"، ومدير "كوب 28"، مهمة إقناع نحو 200 دولة بالموافقة على مسودة ستنظم المعركة العالمية ضد تغير المناخ. وهناك تحالف كبير يرغب في لغة أشد حزماً تدعو إلى التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، لكن السعودية ودول تحالف "أوبك+" الأخرى تعارض تلك الصيغة.

كم ستخسر دول الخليج حال عدم التكيف مع التغير المناخي؟

وقال وزير البيئة النيجيري، إسحاق كونلي سالاكو، متحدثاً نيابة عن أكبر اقتصاد في أفريقيا وإحدى أكبر الدول المنتجة في تحالف "أوبك+"، إن "مطالبة نيجيريا أو أفريقيا بالتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، هي في الحقيقة طلب بالتوقف عن التنفس في غياب أجهزة الإعاشة. هذا غير مقبول".

اقترحت المسودة المقترحة الأولى الحد من استهلاك الوقود الأحفوري بشكل عادل ومنظم، وهما صفتان تهدفان إلى طمأنة الدول الأكثر تحفظاً. إلا أنها طرحت ذلك الخفض، فضلاً عن تعزيز كفاءة الطاقة وزيادة مصادر الطاقة المتجددة، على أنها مجرد خيارات.

مطالبات بلهجة أشد حزماً

في اجتماع لكبار المفاوضين، عُقد في ساعة متأخرة يوم الاثنين، قال المبعوث الأميركي لشؤون المناخ جون كيري إن المسودة المقترحة لم ترتق لمستوى الحدث. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن اللهجة المستخدمة في الحديث عن الوقود الأحفوري يجب أن تكون أكثر حزماً بشكل كبير.

الصين وأميركا تعملان للوصول إلى اتفاق مناخي في "كوب 28"

قد يكون لدى المسؤولين الأوروبيين رغبة أكبر في الدفاع عن اللهجة الأشد حزماً التي تحث الدول على الحد من استهلاك الوقود الأحفوري، وفقاً لهدف الإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 مئوية، من رغبتهم في العام الماضي، عندما كان إنشاء صندوق لخسائر وأضرار المناخ هي القضية الأساسية المطروحة. يعتقد أولئك المسؤولون أن الدول الراغبة في الضغط للوصول إلى تلك النتيجة تمثل أغلبية ساحقة أمام حوالي 18 دولة في التحالف التي تقوده السعودية ويعارض المسودة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. علماً بأن اتفاقات قمم المناخ تتطلب الإجماع عليها.

قال الجابر أمام جلسة عامة للقمة، عُقدت بعد نشر المسودة الأولى يوم الاثنين: "لقد أحرزنا تقدماً، لكن لا يزال أمامنا الكثير للقيام به. تعرفون ما لم يُتفق عليه بعد، وأنني أريد أن ترفعوا سقف طموحكم بشأن كل البنود، بما يشمل لهجة الحديث عن الوقود الأحفوري".

ستصدر مسودة الاتفاق الجديد بعد ساعات من ختام القمة المقرر في الساعة 11:00 صباحاً.

لهجة الحديث عن الوقود الأحفوري

تعد بعض الدول إدراج الوقود الأحفوري في المسودة وإقناع دول تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على النفط، مثل السعودية، بالمشاركة في المحادثات حوله نجاحاً كبيراً في حد ذاته.

لكن تلك الإشادة امتزجت بمعارضة آخرين لإجراءات أشد حزماً، ما يوضح أن هدف التوصل إلى اتفاق كان بعيد المنال.

جون سيلك، رئيس وفد جزر مارشال، وهي دولة مهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، قال إن "جمهورية جزر مارشال لم تأت إلى هنا للتوقيع على حكم إعدامها. ما شهدناه اليوم غير مقبول. لن نقف مكتوفي الأيدي حتى يغرقنا البحر".

"كوب 28" ترصد 3 مليارات دولار للحد من آثار الغذاء على المناخ

طرحت المسودة أيضاً بعض الإجراءات، تشمل زيادة إنتاج الطاقة المتجددة 3 أضعاف والحد من استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، على أنها خيارات، عوضاً عن اعتبارها إجراءات إلزامية.

التركيز على انبعاثات أخرى

قالت ريتشيل كليتوس، مديرة السياسات في "اتحاد العلماء المهتمين"، إن تلك البنود الواردة في المسودة تسبقها عبارة "اتخاذ إجراءات قد تشمل"، ما يجعل تنفيذ كل الإجراءات المدرجة خياراً مطروحاً أمام الدول. المسودة تخيب الآمال، وتثير القلق بأقصى درجة ممكنة، وأبعد ما تكون عن مستوى الطموح الذي يستحقه الناس في جميع أنحاء العالم.

العناصر الأساسية الأخرى في المسودة ضمت أول اتفاق لتجاوز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر الحد من تلك الناجمة عن الميثان والغازات الدفيئة القوية الأخرى بكميات كبيرة بحلول 2030. ويأتي ذلك بعد أول تعهد طوعي بخفض انبعاثات الميثان العالمية 30%، الذي بادرت به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قبل عامين. وتتسم تلك الخطوة بأهمية ملحوظة؛ إذ إن الميثان والغازات الفلورية وأكسيد النيتروز لها تأثير أكبر على ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

وجاءت في إطار العمل بشأن كيفية التكيف مع تغير المناخ، المعروفة باسم الهدف العالمي للتكيف، إشارات قوية إلى التمويل، لتلبية الحاجة إلى سد فجوة التمويل.