تدهور الوضع الاقتصادي بمنطقة اليورو مع تزايد احتمالات الركود

مؤشر مديري المشتريات انكمش للشهر السابع في ديسمبر

 عمال لدى شركة صناعة السيارات الفرنسية رينو في فلينس
عمال لدى شركة صناعة السيارات الفرنسية رينو في فلينس المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تدهور نشاط القطاع الخاص في منطقة اليورو نهاية العام، مما يزيد من خطر تعرض المنطقة للركود في النصف الثاني. انكمش مؤشر مديري المشتريات الذي تصدره "ستاندرد آند بورز غلوبال" للشهر السابع في ديسمبر، وانخفض إلى 47 نقطة. يمثل ذلك تحدياً لتوقعات خبراء الاقتصاد بحدوث ارتفاع طفيف، رغم أنهم ما زالوا يتوقعون أن يظل المؤشر أقل بكثير من مستوى 50 الذي يشير إلى التوسع. أظهرت قراءات التصنيع والخدمات حدوث تراجع.

قال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في مصرف "هامبورغ كوميرشال بنك": "الأرقام ترسم صورة محبطة، حيث أخفق اقتصاد منطقة اليورو في إظهار أي علامات واضحة على التعافي". أضاف: "إن احتمال دخول منطقة اليورو في حالة ركود منذ الربع الثالث لا يزال مرتفعاً بشكل ملحوظ".

أرقام يوم الجمعة -التي أظهرت أيضاً انخفاض النشاط الاقتصادي بشكل حاد- تتوافق مع المؤشرات والبيانات التي تشير إلى انكماش اقتصاد المنطقة خلال الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر الماضي. مع ذلك، فإن أحدث توقعات البنك المركزي الأوروبي، التي نُشرت الخميس، تتوقع تحسناً طفيفاً خلال تلك الفترة. على غرار الاتجاه العام، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات الخاصة بألمانيا وفرنسا أن الانكماش تفاقم لدى أكبر اقتصادين في منطقة اليورو.

ضعف نشاط الأعمال بمنطقة اليورو يفاقم احتمالات الركود

واصلت السندات الألمانية مكاسبها وانخفض اليورو بعد صدور الأرقام. ارتفعت توقعات المتعاملين أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في العام المقبل بعد صدور البيانات الضعيفة، إذ يتوقعون أن يخفضها بمقدار 155 نقطة أساس، مقابل توقعات يوم الخميس بأن يقلصها بمقدار 150 نقطة أساس.

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"

"يوضح المسح أن الاقتصاد بوجه عام لا يزال ينكمش. هذا الوضع يمثل مخاطر سلبية لتوقعاتنا وكذلك توقعات البنك المركزي الأوروبي وينبغي أن يحافظ على توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة قبل يونيو 2024".

ديفيد باول، محلل اقتصادي

عوامل ضعف اقتصاد ألمانيا

يُشار إلى أن العوامل الجيوسياسية وإحجام العملاء ومعركة البنك المركزي الأوروبي ضد التضخم، تُعتبر أسباباً للأداء الضعيف في ألمانيا. قالت "ستاندرد آند بورز غلوبال" إن عدم اليقين بشأن المالية العامة للبلاد بعد حكم المحكمة الدستورية التاريخي الذي أثار أزمة مرتبطة بالميزانية ربما أثر أيضاً على النشاط.

قال "دي لا روبيا" إن هناك "عدداً متزايداً من الشركات أعلن عن انخفاض في الإنتاج لدى قطاعي الخدمات والتصنيع". وتابع: "هذا يؤكد رؤيتنا بتسجيل النمو السلبي خلال الربع الثاني على التوالي بحلول نهاية العام، مدفوعاً بتراجع قطاع التصنيع". ومما يزيد من التشاؤم، توقع البنك المركزي الألماني في وقت سابق أن ألمانيا لن تنمو إلا بالكاد في عام 2024 بعد انكماشها هذا العام.

"المركزي الأوروبي" يبقي أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثانية

قالت "ستاندرد آند بورز غلوبال" إن البيانات الفرنسية تشير في الوقت نفسه إلى انكماش بنسبة 0.2% في الربع الأخير من العام، بعد انخفاض النمو 0.1% في الربع الثالث من 2023. قال طارق كمال شودري، المحلل الاقتصادي لدى "هامبورغ كوميرشال بنك": "الاقتصاد الفرنسي يغرق في مستنقع الركود". وأضاف: "يعزو المشاركون في الاستطلاع انخفاض مستويات النشاط إلى ظروف الطلب الضعيفة، وانخفاض القوة الشرائية للعملاء، والتباطؤ العام في الاقتصاد- وهي ليست أخباراً جيدة للنمو في نهاية العام".

كانت وكالة الإحصاء الفرنسية (إنسي) أكثر تفاؤلاً، الخميس، وتوقعت حدوث ركود في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023. وتوقعت توسعاً بنسبة 0.2% فقط في النصف الأول من عام 2024.

صورة مختلطة للتضخم

تراقب الأسواق مؤشرات مديري المشتريات عن كثب عند صدورها في وقت مبكر من الشهر، وهي جيدة في الكشف عن الاتجاهات ونقاط التحول في الاقتصاد. يكون من الصعب أحياناً على استطلاعات الرأي الربط المباشر بين التغيرات الواسعة في الناتج بدلاً من تفاصيل الأداء المتعمقة والناتج المحلي الإجمالي الفصلي. انخفض معدل التوظيف في كلا البلدين، مما زاد من العلامات المبدئية على التباطؤ في سوق العمل لدى منطقة اليورو، والتي كانت بمثابة نقطة مضيئة حتى الآن. جاءت صورة التضخم مختلطة. وقالت "ستاندرد آند بورز غلوبال" إنه في حين خفّت الضغوط في فرنسا، رفعت شركات الخدمات الألمانية أسعارها بمعدل أكثر حدة، وهو ما يُعد بمثابة تذكير بالمخاطر المستمرة التي تهدد التوقعات.

لاغارد: "المركزي الأوروبي" بدأ رصد تأثير رفع أسعار الفائدة

أظهرت بيانات منفصلة للمملكة المتحدة أن الشركات شهدت أقوى انتعاش في الإنتاج خلال ستة أشهر، مما يعكس تكاليف الاقتراض الأكثر استقراراً وارتفاع الطلب على الخدمات. أشارت أرقام مؤشر مديري المشتريات السابقة من أستراليا إلى انخفاض أقل حدة، وعاد مؤشر اليابان إلى النمو. ومن المتوقع أن تشير الأرقام الأميركية في وقت لاحق إلى استمرار التوسع.