اضطراب سلاسل التوريد بالبحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين

"CMA CGM": وقف عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر

سفينة الحاويات "لا سكالا" تابعة لشركة "سي إم إيه سي جي إم" ترسو بميناء تانجونج بيليباس، بمنطقة إسكندر بوتيري في مدينة جوهور في ماليزيا
سفينة الحاويات "لا سكالا" تابعة لشركة "سي إم إيه سي جي إم" ترسو بميناء تانجونج بيليباس، بمنطقة إسكندر بوتيري في مدينة جوهور في ماليزيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تصاعدت وتيرة هجمات جماعة الحوثي اليمنية على سفن الشحن في البحر الأحمر لتتفاقم المخاطر التي قد تواجه السفن التي تمر عبر المنطقة، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ما أجبر شركات شحن على توجيه سفنها لتعليق الإبحار عبر البحر الأحمر مؤقتاً.

قررت شركة "سي إم إيه سي جي إم" (CMA CGM) إصدار تعليمات لجميع سفن الحاويات التابعة لها في منطقة البحر الأحمر والتي من المقرر أن تمر عبره "بالوصول إلى المناطق الآمنة، وإيقاف رحلاتها مؤقتاً في المياه الآمنة بأثر فوري حتى إشعار آخر" وفق ما أوردته في بيان صدر اليوم السبت. وأضافت الشركة الفرنسية أن الوضع في المنطقة "يشهد مزيداً من التدهور، كما يتزايد القلق بشأن السلامة".

من جهتها، أصدرت شركة "إم إس سي ميدترينيان شيبنغ" (MSC Mediterranean Shipping)، والتي تعد أكبر شركة لنقل الحاويات حول العالم، توجيهات بتحويل مسار سفنها بعيداً عن البحر الأحمر لتجنب تعرض ناقلات البضائع التجارية لهجمات، بعد تعرض سفينة "إم إس سي بلاتيوم 3" (MSC Palatium III) لهجوم يوم الجمعة في البحر الأحمر.

"MSC" تغيّر مسار سفن الشحن بعيداً عن البحر الأحمر

قالت الشركة في بيان اليوم السبت: "بسبب هذا الحادث، وحفاظاً على حياة وسلامة البحارة، وإلى أن يصبح عبور البحر الأحمر آمناً، لن تمر سفن (إم إس سي) عبر قناة السويس من قافلتين الشرق والغرب".

من جهتها، أصدرت شركة شحن الحاويات العملاقة "إيه بي مولر ميرسك" (A. P. Moller-Maersk) تعليمات، يوم الجمعة، لسفنها المتجهة إلى المدخل الجنوبي للبحر الأحمر بوقف رحلاتها. وقالت الشركة في بيان: "بعد الحادث الوشيك الذي تعرضت له سفينة (ميرسك جبل طارق) أمس، والهجوم الآخر على سفينة حاويات أخرى اليوم، أصدرنا تعليمات لجميع سفن (ميرسك) في المنطقة المتجهة للمرور عبر مضيق باب المندب بإيقاف رحلاتها حتى إشعار آخر". باب المندب هو مضيق ضيق من المياه يربط المحيط الهندي بالبحر الأحمر، وفي نهاية المطاف، بقناة السويس المصرية شمالاً.

كما أعلنت شركة شحن الحاويات الألمانية "هاباغ لويد" (Hapag-Lloyd) تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر مؤقتاً، يوم الجمعة، بعد ساعات من تعرض إحدى سفنها لهجوم بالقرب من اليمن.

قالت شركتان لناقلات النفط إنهما تصران على وجود بند في العقود يسمح لهما بتحويل سفنهما للإبحار حول أفريقيا إذا رأوا أن المياه قبالة اليمن غير آمنة.

أشارت شركة "ميرسك تانكرز" (Maersk Tankers) إلى أن سفنها يمكن أن تتجنب البحر الأحمر بعد سلسلة الهجمات الأخيرة. من جهتها، قالت مالكة ناقلات النفط العملاقة، "يوروناف" (Euronav)، إنها تصر على منح سفنها خياراً في جميع المواثيق لتجنب البحر الأحمر.

تزايد استهداف السفن التجارية

ارتفعت وتيرة الهجمات من قبل جماعة الحوثيين على السفن خلال الأيام القليلة الماضي بالبحر الأحمر.

قالت شركة الأمن البحري البريطانية "أمبري"، الجمعة، إن سفينة الحاويات المملوكة لسويسرا، "إم إس سي بلاتيوم 3" (MSC Palatium III)، والتي ترفع علم ليبيريا، تم استهدافها أثناء عبورها شمالاً على بعد نحو 22.8 ميل بحري جنوب غرب المخا في اليمن.

وأوضح بيان شركة "أمبري"، أن السفينة واصلت الإبحار شمالاً، وغيرت مسارها بمقدار 180 درجة بعد نحو 30 دقيقة لتبحر جنوباً باتجاه مضيق باب المندب مرة أخرى، لافتاً إلى أن السفينة كانت في طريقها إلى مدينة جدة السعودية في ذلك الوقت.

هجوم على سفينة حاويات قرب اليمن مع تصاعد تهديدات البحر الأحمر

وأضافت "أمبري"، أن سفينة أخرى تحمل اسم "إم إس سي ألانيا" (MSC ALANYA)، أصدرت مثل هذا التحذير في وقت سابق، الجمعة.

من جهة أخرى، قالت شركة "هاباغ لويد" (Hapag-Lloyd) الألمانية للشحن، إن سفينة "الجسرة" (Al Jasrah) هوجمت أثناء إبحارها قرب ساحل اليمن. وأضافت الشركة في بيان نقلته "بلومبرغ": "لم يتعرض أفراد الطاقم لإصابات. وستعزز الشركة إجراءاتها لضمان سلامة فرق عملها البحرية".

أعلنت "ميرسك" يوم الخميس تعرض إحدى سفنها وهي "ميرسك جبل طارق" (Maersk Gibraltar) لاستهداف بصاروخ في البحر الأحمر لكن لم ترد أنباء عن وقوع أي إصابات أو أضرار مادية في السفينة.

أشار المتحدث باسم الحوثيين إلى أن سفينة "ميرسك جبل طارق" كانت تبحر إلى إسرائيل، وأنها تعرضت للقصف بعدما تجاهل طاقمها رسائل التحذير. واختتم أنهم تمكنوا من منع عدد من السفن من الإبحار إلى الموانئ الإسرائيلية خلال الـ48 ساعة الماضية.

وقالت "ميرسك": "نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الأمني ​​المتصاعد للغاية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.. إن الهجمات الأخيرة على السفن التجارية في المنطقة مثيرة للقلق وتشكل تهديداً كبيراً لسلامة وأمن البحارة".

أثارت هذه الحوادث تهديداً للسفن التي تعبر أحد أهم طرق التجارة في العالم، ما قد يجبر السفن على تغيير مسارها والإبحار حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا.

مخاطر تجارية

تتزايد مخاطر تحويل التجارة العالمية عبر اثنتين من أهم قنوات الشحن، مما يزيد من كلفة نقل البضائع ويعطل سلاسل التوريد وإحداث تأخيرات لا يمكن التنبؤ بها.

قالت شركة "فليكس بورت"، وهي منصة للشحن مقرها سان فرانسيسكو، في تدوينة إن تحويل المسار حول أفريقيا (عبر رأس الرجاء الصالح) يطيل أمد الرحلة بمقدار سبعة إلى 10 أيام مقارنة باستخدام قناة السويس، وفق ما نقلته بلومبرغ.

وفي وقت تتعرض السفن لمخاطر الهجمات في البحر الأحمر قبل أو بعد عبور قناة السويس، يخنق الجفاف حركة المرور عبر قناة بنما. وتجبر هذه الضربة المزدوجة شركات الشحن على البحث عن طرق أطول وأعلى تكلفةً حول أفريقيا وأميركا الجنوبية لتجنب مخاطر عبور أفضل طريقين مختصرين بين آسيا والولايات المتحدة وأوروبا.

هجمات البحر الأحمر تعطل ميناء إيلات

قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، الخميس، إن وصول السفن إلى ميناء إيلات بجنوب إسرائيل توقف بشكل شبه كامل بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، في وقت أرسلت إدارة الرئيس جو بايدن رسائل حذرت الحوثيين من الاستمرار في شن الهجمات، ووسط توقعات بإنشاء قوة متعددة الجنسيات تساهم في الردع، وفق ما أورده موقع "أكسيوس" الأميركي، بينما حذّر وزير الدفاع الإيراني، الولايات المتحدة، من مغبة تشكيل تلك القوة.

وذكر الموقع أن المبعوث الأميركي لليمن، تيم ليندركينج، طالب دبلوماسيين من السعودية وسلطنة عُمان وقطر بنقل رسائل تحذير إلى الحوثيين، وذلك خلال زيارة للمنطقة مؤخراً.

ولفت إلى أن هجمات الحوثيين أسفرت عن "خلق توترات" في المنطقة، وفرضت "تهديداً متفاقماً" على السفن التي تبحر في أحد طرق الشحن التجارية الرئيسية في المنطقة، فيما شدد على أن الولايات المتحدة "تشعر بقلق بالغ" إزاء تلك الهجمات التي تهدد حرية الملاحة في المياه الدولية.