أسماء بارزة في مجال تغيير المناخ لعام 2023.. سنة الحر

بات إنكار حقيقة الاحترار العالمي أصعب من أي وقت مضى في ظل الحاجة للحؤول دون تفاقمه أكثر

التغير المناخي يهدد العالم بأسره
التغير المناخي يهدد العالم بأسره المصدر: بلومبرغ
Mark Gongloff
Mark Gongloff

Mark Gongloff is an editor with Bloomberg Opinion. He previously was a managing editor of Fortune.com, ran the Huffington Post's business and technology coverage, and was a columnist, reporter and editor for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

جار الناس على مناخ كوكبهم على مدى قرون، وظنوا أن تبعات أفعالهم ستكون مشكلة مستقبلية لا آنية، إلا أن هذا الوهم تبدد جلّه في 2023، إذ أصبحنا نحث الخطى لمعالجة تبعات الكوابيس التي جلبناها على أنفسنا بدل أن نلقيها على كواهل أبنائنا وعلى الدول الأخرى.

امتدت موجات الحر القاتلة من بكين إلى فينكس، فقضت على شعاب المرجان، وتسببت بحرائق في أماكن كان يُعتقد سابقاً أنها ملاذات مناخية أو أغرقت بعضها بالفيضانات، فيما تسبب دخان حرائق الغابات بأمراض بين أناس يعيشون على بعد مئات الكيلومترات منها.

لكن كان لذلك جانب إيجابي، فقد أصبح إنكار التغير المناخي أصعب من أي وقت مضى في ظل الحاجة للحؤول دون تفاقمه. كان هذا العام الأشد حرّاً في تاريخ البشرية المعروف، ولكن كما ذكّرنا علماء المناخ على طريقة شخصية هومر سمبسون الكرتونية، كان هذا العام الأشد حرارة حتى الآن، لكن في المستقبل قد نستذكر هذا الأيام على أنها زمن خير.

الجيد في الموضوع أن البشر ما يزالون قادرين على تقرير إلى أي مدى يمكن أن تتفاقم الأمور، أما السيئ فيه هو أنهم لا يبرعون في "اتخاذ القرارات"، وهكذا أضعنا عاماً آخر بمهاترات القوى المتنافسة حول مستقبل الكوكب، حتى أن بعض تلك القوى تصارعت مع ذاتها لأن كثيراً منا بالطبع هم جزء من المشكلة ومن الحل في آن معاً.

فيما يلي تصنيف عكسي التسلسل لأهم الفاعلين في عام 2023 الحافل بالأحداث المناخية، ومنهم محسن ومسيء.

10- فضح التعويض عن انبعاثات الكربون

بدأ التعويض عن انبعاثات الكربون، الذي تشتريه الشركات وكذلك الأفراد المسببون للتلوث بغرض تحقيق الرضى عن النفس أو تحسين صورتهم، يفقد بريقه منذ سنوات، وذلك ببساطة لأنه لا يحقق حقاً الهدف الحقيقي منه. إلا أن سلسلة تقارير فاضحة أعدتها بلومبرغ غرين وغيرها أظهرت مدى هذا التدهور. وبدأ الناس يفكرون بتنظيمه أو بالبحث عن بديل، ولا شك أن ذلك سيصب في مصلحة المناخ.

تايلر سويفت، النجمة كثيرة الأسفار
تايلر سويفت، النجمة كثيرة الأسفار المصدر: غيتي إيمجز

9- تايلر سويفت

يبدو أن نجمة العصر تعاني من علة صحية تجبرها على التنقل على متن طائرات خاصة دائماً، فتتسبب بانبعاثات غازات دفيئة أكثر بنحو 1200 مرة مما يسببه الشخص العادي، إلا أن جولتها الموسيقية الضخمة "إيراس" في البرازيل تعثرت بفعل شدة الحرارة والرطوبة، لتذكر سويفت وجمهورها الواسع بأن كوكب الأرض يحترق، وهذا أمر لا يمكن "تحمّله"، كما تقول كلمات إحدى أغنياتها.

8- الهند

هي من أضخم اقتصادات في العالم وأسرعها نمواً، كما أنها تتسبب بثالث أكبر بصمة كربونية. وفي حين أعلنت البلاد عن طموحات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، تتيح لها أن تكون مثالاً يحتذى به في شأن إحداث تنمية اقتصادية دون تدمير الكوكب، إلا أنها أخفقت هذا العام في تحقيق أهدافها بالتحول نحو موارد الطاقة المتجددة. لقد أحرقت كمية من الفحم تفوق ما أحرقته في أي وقت مضى.

حكايات عن تكيف شبه القارة الهندية الملتهبة مع تغير المناخ

7- إيلون ماسك

من الناحية الإيجابية، أمضى الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" هذا العام يخفض أسعار المركبات الكهربائية، لتصبح أكثر جذباً للمستهلكين من غير الأثرياء، كما أبرم اتفاقات مع شركات نفط ومع صانعي سيارات آخرين من أجل تشارك محطات شحن المركبات الكهربائية. ولكن من الناحية السلبية، طرح ماسك، الذي تورط في معاداة السامية في شركته الجانبية، مركبة "سايبر تراك"، وهي ثقيلة إلى حد الخطورة وجماليتها مشكوك بها وتعتري العيوب قدرتها على تحقيق الاحتكاك اللازم بين إطاراتها والأرض، وقد نفّر ذلك جيلاً من شراة المركبات الكهربائية المحتملين. نعم، هنالك كثير من التباينات.

6- الوقود الأحفوري

برغم أن القطاع الرائد سابقاً في التسبب بالتغير المناخي فقد بعضاً من زخمه حديثاً، لا يمكن التغافل عن كبريات شركات النفط. فهي تمتلك بحراً من الأموال والنفوذ والنفط طبعاً، حتى أنها أغرقت محادثات "كوب 28" المناخية في دبي بدعاة تأييدها الذين بلغ عددهم ما يوازي ثالث أكثر الدول تمثيلاً في قمة المناخ. الأخطر في الموضوع أن هذه الشركات تمكّنت بطريقة ما من إقناع بعض الأشخاص الجديين بنجاعة تقنية احتجاز الكربون، في حين أن هذه التقنية المكلفة، والتي تعتمد على حرق الطاقة، ما تزال بعيدة كل البعد عن الفاعلية على نطاق واسع، ولكن هكذا يمكن الاستمرار باستخدام الوقود الأحفوري لقرن إضافي.

كيف توصل "كوب 28" لأول صفقة عالمية للتحول عن الوقود الأحفوري؟

ميا موتلي، رئيسة وزراء باربادوس
ميا موتلي، رئيسة وزراء باربادوس المصدر: بلومبرغ

6- ميا موتلي

ربما لعبت رئيسة وزراء باربادوس الدور الأهم على ساحة التغير المناخي حتى دون أن نسمع باسمها. إن تواجدها القوي في قمة "كوب 28" كاد يوازي حضور شركات النفط الكبرى. وشكّلت خطتها لتمويل مكافحة تغيير المناخ، المعروفة بـ"مبادرة بريدج تاون" أساس برنامج عمل القمة الدولية. لن تتحقق الأحلام الطموحة بالتحوّل في مجال الطاقة دون إنفاق أموال طائلة، وتساعد موتلي من خلال رؤيتها وقيادتها رويداً رويداً في فتح محافظ الأثرياء.

سيدات يقدن معركة وقف التغير المناخي

4- فريدريكه أوتو

إن كنت تتعرض للكمات متتالية على وجهك، سترغب على الأقل في معرفة من يهاجمك. هذا العام، شرحت مجموعة "ورلد ويذر أتربيوشن" (World Weather Attribution)، التي أسهمت أوتو في إنشائها، كيف أن الكوارث كافة، من حرائق الغابات في كندا مروراً بالجفاف في شرق أفريقيا حتى موجة الحر خلال حفل تايلر سويفت في البرازيل، تزايد احتمال وقوعها بسبب التغير المناخي. فلا بد أن تشجعنا هذه المعرفة على التصدي لما يجري.

إنفوغراف: انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون تواصل الارتفاع

3- أسعار الفائدة

رفع الاحتياطي الفدرالي معدل الفائدة مرات عديدة في مسعى لإبطاء الاقتصاد ومكافحة التضخم، ولم يفلح ذلك في إبطاء الاقتصاد إلا أنه ربما ساعد على مكافحة التضخم. لكن المؤكد أنه جعل شراء منزل محالاً، كما أفقد الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة كثيراً من جاذبيته، بما أن مثل هذه الاستثمارات تتطلب رأسمال ضخم منذ البداية. في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه لأن نستثمر مزيداً من الأموال من أجل التحول عن اعتمادنا على الوقود الأحفوري، جفّ نبع الاحتياطي الفيدرالي السحري الذي يوفر قروضاً، فجفّت معه كثير من الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة.

سلطان الجابر
سلطان الجابر المصدر: بلومبرغ

2- سلطان الجابر

تمكن رئيس شركة نفط تديرها الدولة في الإمارات العربية المتحدة، التي تنعم بثراء وافر أساسه النفط، من إدارة مفاوضات تمخضت عن البيان الأقوى في مناهضة الوقود الأحفوري في تاريخ مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ، وكان هذا معبراً عن عام 2023. هذا ما كان، وثمة تباينات كثيرة، لكن لئلا نجنح بعيداً لا بد أن نتذكر أن "أوبك" رحبت بنتائج "كوب 28"، وأن شركة النفط التي يديرها الجابر لا تخطط للتخلي عن النفط. مع ذلك، اتضح أن لا أساس للمخاوف من أن تكون رئاسته لقمة "كوب" كارثة.

نجاح قمة "كوب 28" يتجاوز الأقوال إلى الأفعال

1- جنون درجات الحرارة

أرجو ألا تجبروني على أن أذكر كل الأرقام القصوى مجدداً. فقد حطمت درجات الحرارة 2023 رقماً قياسياً تلو الآخر، شهراً بعد شهر وكان سبب جزء من ذلك هو ظاهرة إل نينو المناخية في المحيط الهادئ، إلا أن السبب الأكبر كان عقوداً من الاحترار. يُرجح أن يكون هذا هو أول عام يتجاوز فيه متوسط الحرارة 1.5 درجة مئوية فوق معدلات ما قبل الحقبة الصناعية، بحسب بعض القياسات، وكنّا قد لامسنا عتبة درجتين مئويتين في نوفمبر.

إن الحر أشد فتكاً من الأعاصير والحرائق والجفاف والفيضانات أو أي كوارث طبيعية أخرى، وفي الوقت نفسه فهو يزيد من احتمال حصول هذه الكوارث أو من قوتها أو من كلا الأمرين، ويُتوقع أن يرافقنا على المدى الطويل.

  • إضافة إلى ما سلف، استحق كل مما يلي تنويهاً في هذا السياق: طاقة الرياح، الفحم، الصين، روسيا، الولايات المتحدة، آل غور، جون كيري، شيه تشن هوا، ريشي سوناك، شجرة سيكامور غاب، أفران الغاز، إحياء "فيروسات الزومبي".