المصور: Luke Sharrett/Bloomberg

السكر "حبيب" البشر وعدوهم.. فارق بين الطبيعي والمضاف

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يقف السكر عند المنتصف في علاقته مع البشر، بين الحب والكراهية؛ بداية من كونه متعة تُترك، حتى نهاية وجبة دسمة وركيزة أساسية في الأعياد والمناسبات، بل ومصطلح يستخدم للتعبير عن المحبة.

وعلى النقيض من ذلك هو عدو أيضًا؛ إذ أن الاستخفاف به كمصدر للسعرات الحرارية الفارغة يسبب تسوّس الأسنان واكتساب الوزن.

وتنامت الصورة السلبية للسكر كثيرًا خلال العقود الأخيرة وحل بدلاً من الدهون والنشويات ليتصدر محاذير الحميات الغذائية للكثيرين، وذلك في ظل حرص خبراء الصحة العامة على التنبيه بضرورة التمييز بين السكريات الطبيعية -الموجودة في الحليب والفاكهة على سبيل المثال- والسكر "المُضاف" لتحلية المشروبات والأطعمة المغلفة والمعلبة، إلى جانب تزايد ميول الحكومات للتعامل مع المشروبات الغازية السكرية على غرار السجائر والكحول والحد من استهلاك منتجاتها بفرض الضرائب عليها.

السكر سبب رئيسي لعدد من المشكلات الصحية

ترتفع مستويات السمنة والمشاكل الصحية المصاحبة لها - مثل السكري وأمراض القلب والسرطان - مع توجه الأنظار إلى السكر المُضاف باعتباره سببًا رئيسيًا في هذه الأمراض، ما دفع بعض المجموعات للتشجيع على التقليل من استهلاكه، من بينهم "بلومبرغ فيلانثروبيس" (Bloomberg Philanthropies) المؤسسة الخيرية لـ "مايكل بلومبرغ" مؤسس ومالك "بلومبرغ نيوز" التابعة لـ "بلومبرغ إل بي".

وفي الولايات المتحدة، هناك 4 من بين كل 10 بالغين يعانون من السمنة، بحيث يحصل الشخص العادي على ما يزيد عن 13% من إجمالي السعرات الحرارية من السكر المُضاف، في وقت توصي فيه منظمة الصحة العالمية بـ 10% - أو ما يعادل 12 ملعقة صغيرة - كحد أقصى في اليوم، وهي الكمية الموجودة في أقل من 500 مل من مشروب "كوكاكولا" (Coca-Cola).

وأمام ذلك، فرضت أكثر من 30 دولة إلى جانب عدد من المدن الأمريكية ضرائب على المشروبات السكرية، التي ترى فيها الدراسات المشكلة الأكبر، بالإضافة إلى تشديد متطلبات وضع ملصقات القيم الغذائية على المنتجات الغذائية المغلفة والمعلبة.

ففي تشيلي - حيث يحصل الأفراد على سعرات حرارية من المشروبات السكرية أكثر من أي مكان آخر في العالم – صار ينبغي الآن وضع إشارات تحذيرية واضحة على غلاف المنتجات الغنية بالسكر (أو الملح أو الدهون المشبّعة أو السعرات الحرارية) إلى جانب منع إعلاناتها الموجهة للأطفال، بينما لابد لهذه المنتجات في الولايات المتحدة أن تحمل ملاحظة تحذر من احتوائها على سكر مُضاف.

متوسط استهلاك الفرد سنوياً من السكر ( متوسط الفترة 2014-2016)

خلفية الموضوع

لا يقل السكر المُضاف فائدة عن السكر الطبيعي وها ما أثبتته مقارنة الجزيئات بينهما، سواء كان المصدر هو العسل أو دبس السكر (العسل الأسود) أو سكر القصب المكرر أو حتى الطعم الحلو في التفاحة؛ فجميعها عبارة عن غلوكوز أو فركتوز أو مركب من كليهما، إلّا أن الاختلاف يكمن في وجود السكر الطبيعي بكميات محدودة كجزء من مجموعة من العناصر الغذائية والألياف التي تبطئ من هضمه وتمنح الكبد المزيد من الوقت للتعامل معه وتمنع ارتفاعه الضار في الدم، بينما يتواجد السكر المُضاف في المنتجات على النقيض من ذلك بوفرة كبيرة غالبًا دون أن تصاحبه في حالة المشروبات الغازية أي عناصر غذائية.

إذا ما زادت كمية السكر تحفزت البكتيريا في الفم على إنتاج أحماض تسبب تآكل مينا الأسنان، كما أن شرب المشروبات السكرية يزيد ميول أي شخص للإصابة بالسمنة، خاصةً أنه قد يستمر بشرب الكثير من هذه المشروبات دون الشعور بالاكتفاء، كما تدعم بعض الأدلة الشكوك بأن استهلاك السكر قد يكون "عادة مكتسبة"، ذلك أن فئران المختبر أظهرت أعراض إدمان تقليدية تتضمن الرغبة والشراهة والانسحاب.

صحيح أن الأغذية والمشروبات منخفضة السعرات الحرارية تحتوي على مُحليات صناعية قليلة السعرات الحرارية، إلا أن بعض الأدلة تشير في المقابل إلى أنها قد تفتح الشهية فضلًا عن كونها حلوة تبقى الشخص تواقًا لمذاق السكر الحلو.

جدل دائر حول ضرائب المشروبات الغازية والحد من السعرات الحرارية

ترى شركات المشروبات الغازية في ممارسة الرياضة الطريقة الأنسب لمنع السكر المُضاف من التسبُّب بأي مشاكل، وعلى الرغم من صحة ذلك - فالنشاط البدني يساعد في الحفاظ على الوزن - إلا أن الحد من السعرات الحرارية المستهلكة هو ما يصنع الفارق الأكبر وفقًا لما أظهرته الدراسات.

من جانب آخر، يرى معارضو ضرائب المشروبات الغازية فيها عبئًا على الفقراء وتهديدًا بفقدان فرص العمل في قطاع الأغذية، إلا أن تجربة المكسيك خلصت في نهاية المطاف إلى تكبد الأغنياء للضرائب وتقليل الفقراء من استهلاك المشروبات الغازية دون أن تظهر الأدلة حتى الآن سواء في المكسيك وفيلادلفيا أي تراجع في الوظائف بسببها.

بشكل عام، تبدو الضرائب حلًا جيدًا، ذلك أن ضريبة البيزو الواحد للتر الواحد من المشروبات الغازية في المكسيك والتي فُرضت عام 2014 أدت على سبيل المثال إلى انخفاض الاستهلاك بنسبة 7.6 بالمئة (مولت هذا البحث مؤسسة "بلومبرغ فيلانثروبيس" (Bloomberg Philanthropies))، بينما تراجَع استهلاك سكان فيلادلفيا اليومي للمشروبات الغازية بنسبة 40 بالمئة تقريبًا مباشرة بعد تطبيق ضريبتها عام 2017.

أما في المملكة المتحدة، فلم تفرض ضريبة المشروبات الغازية على عدد اللترات بل بناء على كمية السكر في كل لتر، ما دفع منتجي المشروبات لتقليل كمية السكر في منتجاتهم.