انهيار أسعار النيكل يعزز سيطرة إندونيسيا على الإمدادات

تراجع أسعار المعدن المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية بأكثر من 40% مقارنة بالعام الماضي

حفارات بمنجم للنيكل في موروالي ريجنسي، وسط سولاويزي، إندونيسيا
حفارات بمنجم للنيكل في موروالي ريجنسي، وسط سولاويزي، إندونيسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يشكل التراجع المستمر في أسعار النيكل اختباراً للمنتجين حول العالم، حيث يزيد من احتمالات إغلاق المناجم بشكل كبير، كما قد يعزز هيمنة إندونيسيا على الإمدادات العالمية.

تراجعت أسعار المعدن المستخدم في الفولاذ المقاوم للصدأ وبطاريات السيارات الكهربائية بأكثر من 40% عن العام الماضي وسط وفرة الإمدادات العالمية، مفاقماً الضغوط على العمليات ذات التكلفة المرتفعة، وقد يشكل أكبر خطر على المشاريع الجديدة خارج إندونيسيا.

حتى الآن، تتركز الخسائر الرئيسية في أستراليا، حيث أعلنت شركة "ويلو ميتلز بتي" (Wyloo Metals Pty Ltd)، المنتجة للنيكل والمملوكة للملياردير أندرو فورست أنها ستغلق مناجمها يوم الاثنين. كما حذرت "بي إتش بي غروب" (BHP Group). الأسبوع الماضي من احتمالات تشغيل "نيكل ويست" (Nickel West)، بينما علقت "فيرست كوانتوم مينيرالز " (First Quantum Minerals) العمل في منجم تابع لها.

ماذا يعني انهيار النيكل في بورصة لندن للأسواق؟

لكن الإنتاج في إندونيسيا -الذي يمثل بالفعل نصف الإمدادات العالمية- قد يكون أكثر مقاومة لخفض الإنتاج. وبرزت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا كمركز عالمي للنيكل بعد ضخ مليارات الدولارات من الاستثمارات في المصانع الفعالة التي تستفيد من العمالة والكهرباء الرخيصة والمواد الخام المتوفرة بسهولة.

تعليقاً على ذلك، قال ألان راي ريستورو، المحلل في بلومبرغ "إن إي أف": "المشاريع الإندونيسية أكثر مرونة في استيعاب آثار تراجع أسعار النيكل". مضيفاً أن هذا يعني أن الإمدادات العالمية ستواصل ارتفاعها رغم قيود الإنتاج في دول أخرى.

ضغوط على أسواق المعادن

طغى تدفق الإمدادات الجديدة من إندونيسيا خلال العامين الماضيين على الطلب في وقت تتعرض فيه أسواق المعادن لضغوط من الاقتصاد العالمي المتعثر. بالنسبة إلى النيكل، يشكل نمو الطلب الضعيف من قطاع السيارات الكهربائية أيضاً رياحاً معاكسة، وقد تداولت الأسعار مؤخراً بالقرب من 16 ألف دولار للطن، بالقرب من أدنى مستوى لها منذ عام 2021.

كما يتعرض منجم "أفيبوري" (Avebury) التابع لشركة "مالي ريسورسيز" (Mallee Resources) في تسمانيا، ومشروع "أي جي أو" (IGO) لخطر الإغلاق، وفقاً لبلومبرغ "إن إي أف". ولم يتم الرد على المكالمات الهاتفية للشركتين فوراً.

قالت "بي إتش بي غروب" يوم الخميس إنها تراجع أعمال "نيكل ويست"، وقد تضطر إلى شطب قيمة الأصول. وقالت شركة "فيرست كوانتوم" إنها ستعلق العمل في منشأة "رافينثورب" (Ravensthorpe) للنيكل في غرب أستراليا وتخفض ثلث قوتها العاملة، بينما تغلق شركة "ويلو" المملوكة لـ"فورست" المناجم بالقرب من كامبالدا. وألقى الجميع باللوم في قرار الإغلاق على الأسعار المنخفضة.

الشركات الصينية تتهافت على إندونيسيا بحثاً عن النيكل

تتوقع "سيتي غروب" (Citigroup) تراجع أسعار النيكل إلى 15500 دولار للطن في الأشهر الثلاثة المقبلة. وخفض البنك مؤخراً توقعاته لمتوسط الأسعار هذا الربع إلى 16 ألف دولار للطن، مقارنة بـ18 ألف دولار للطن سابقاً.

مع ذلك، فلا شك أن إندونيسيا لديها مشكلات خاصة بها. وأثار حادث وقع في ديسمبر وأودى بحياة 21 شخصاً دعوات في البلاد لتشديد الرقابة على صناعة النيكل قبل الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل. وانتقد أحد المرشحين الثلاثة لمنصب نائب الرئيس الطريقة التي أدارت بها الحكومة الحالية القطاع خلال مناظرة تلفزيونية يوم الأحد.

تراجع الطلب على النيكل والكوبالت

تضيف إعلانات "بي إتش بي" و"فيرست كوانتوم" إلى علامات التوتر الأخرى. حيث قالت غلينكور (Glencore) في سبتمبر إنها ستواصل تمويل منجم "كونيامبو" (Koniambo) للنيكل، الذي يواجه تحديات كبيرة حتى الشهر المقبل. وذكرت الحكومة الفرنسية العام الماضي أن مصانع النيكل في إقليم "كاليدونيا الجديدة" الفرنسية معرضة لخطر الإغلاق.

في هذا الإطار، قال نيخيل شاه، المحلل الرئيسي لقسم المعادن في مجموعة "سي آر يو CRU: "لا تزال معظم الإمدادات تأتي من إندونيسيا، وسنحتاج إلى تراجع أكبر في أسعار النيكل لتقييد نمو الإمدادات من إندونيسيا".

الرئيس الإندونيسي يرجح فرض ضريبة على صادرات النيكل هذا العام

تعكس مشكلات النيكل ديناميكيات أسواق مواد البطاريات الأخرى، والتي شهدت انخفاضاً في الأسعار بعد نمو قوي ومفاجئ في الإمدادات. كما شهد الطلب على النيكل والكوبالت أيضاً تحديات كبيرة، حيث تتبنى الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية أنواعاً من البطاريات لا تحتاج إلى استخدام أي من المعدنين.

ختاماً، ورغم احتمال حدوث مزيد من التخفيضات في إمدادات المناجم، من المتوقع أن تظل السوق في حالة تخمة هذا العام، نظراً لارتفاع إنتاج النيكل الأولي القادم من إندونيسيا والصين، وفقاً لما قاله جيسون سابور، كبير المحللين في "إس آند بي غلوبال كوموديتيز إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights). وذكر سابور "نتوقع استمرار ضعف أسعار النيكل هذا العام".

معادن أساسية