"أسترا" لصناعة الصواريخ تُخطط لطرح عام عبر "شيك على بياض"

صورة لإطلاق أحد صواريخ شركة "أسترا"
صورة لإطلاق أحد صواريخ شركة "أسترا" المصدر: الموقع الإلكتروني لشركة "أسترا"
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في فصل جديد من "شركات الشيك على بياض"، تخطط شركة "أسترا" (Astra) صانعة الصواريخ الصغيرة المستخدمة لإرسال الأقمار الصناعية للفضاء، للكشف عن اتفاق لطرح أسهمها في البورصة من خلال الاندماج مع "هوليسيتي إنك" (Holicity Inc) شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي يديرها أسطورة الاتصالات الملياردير، كريغ مكاو.

وتثمِّن الصفقة "أسترا" بقيمة 2.1 مليار دولار، وتسمح لها بالوصول إلى 300 مليون دولار جمعتها "هوليسيتي"، بجانب 200 مليون دولار أخرى من صناديق يديرها "بلاك روك".

وإذا أُغلقت الصفقة كما هو متوقَّع في الربع الثاني، فإنَّ "أسترا" سوف تتداول برمز "ASTR" في بورصة ناسداك، بحسب ما قالت الشركتان.

وتُصنِّعُ الشركة -التي أسسها كريس كيمب وآدم لندن في 2016- صواريخ صغيرة ورخيصة نسبياً في مصنعها في ألاميدا بولاية كاليفورنيا، وبنت الشركة سريعاً أوَّل صواريخ اختبار، ولكنَّها واجهت مشكلات أثناء محاولات إطلاقها المبدئية، وانتهى الأمر ببعضهم بالانفجار.

وقال كيمب، المدير التنفيذي لـ"أسترا"، إنَّ "الشركة تمكَّنت في ديسمبر الماضي من إطلاق صاروخ "3.2" بنجاح من ميناء فضائي في ألاسكا، فقد كان أداؤه جيداً لعدَّة دقائق، ثم فوَّت بفارق ضئيل الوصول إلى المدار المستهدف في الفضاء".

وأوضح أنَّ الصاروخ يحتاج تعديلات بسيطة لإصلاح المشكلة، مما سيسمح لـ"أسترا" بالتحليق مجدداً في الصيف.

وذكر كيمب أنَّ الهدف هو البدء في إطلاق صواريخ شهرياً خلال النصف الثاني من العام، وقال: "لقد أثبتنا قدرتنا على الوصول لمدار، والآن يتعلَّق الأمر بضخِّ رأس مال في الشركة لبناء مصنعنا، وتوظيف بعض أفضل المواهب".

ماذا عن شركات صواريخ الفضاء الأخرى؟

وفي مجال قطاع الفضاء الخاص، تُعدُّ شركة "سبيس أكسبلوريشن تكنولوجيز كورب" المملوكة لإيلون ماسك، هي أكبر صانع للصواريخ الكبيرة المصمَّمة لحمل آلاف الأرطال من الأقمار الصناعية إلى المدار، ويكلِّف كل إطلاق تقريباً 60 مليون دولار.

في حين تعدُّ شركة "روكيت لاب" (Rocket Lab)، التي أسسها بيتر بيك في نيوزيلندا، صانعة الصواريخ الصغيرة الوحيدة التي تطير في بعثات منتظمة بتكلفة تبلغ حوالي 10 ملايين دولار إلى 13 مليون دولار.

ويستطيع صاروخها "إلكترون روكيت" حمل مئات الأرطال من الأقمار الصناعية للعملاء التجاريين والحكوميين، وسيتمكَّن صاروخ "أسترا" من حمل كمية أقل من صاروخ "روكيت لاب"، إلا أنَّه سيكلِّف 3 ملايين دولار فقط لكل إطلاق.

وكان أول - وآخر- صانع صواريخ كبير يطرح أسهمه في البورصة هو "أوربيتال ساينسيز" (Orbital Sciences) في عام 1990، كما لا تزال شركات "سبيس إكس"، و"روكيت لاب" مملوكات ملكية خاصة.

وعلى جانب السياحة الفضائية، طرحت "فيرجن غالاجتيك" (Virgin Galactic) أسهمها عبر شركة شيك على بياض في 2019، ولا تزال الشركة المملوكة لريتشارد برانسون تجري اختبارات على طائرة الفضاء المصمَّمة لنقل الناس لمسافة 55 ميلاً في السماء، إذ سيتمكَّنون لوقت وجيز من اختبار انعدام الوزن.

سباق السفر للفضاء

وتُعدُّ كل تلك الشركات جزءاً من منافسة محمومة عالمية لتقليل تكلفة وضع الناس والأشياء في مدار، وفي الوقت نفسه التفوق على الحكومات، والمقاولين الحكوميين الذين طالما هيمنوا على هذا المجال.

وتراهن شركات، مثل "أسترا" على أنَّ ثورة "الفضاء التجاري" بدأت للتو، وأنَّ هناك طلباً قريباً سيكون على إطلاقات يومية للصواريخ في ظل سعي الشركات الناشئة والكبرى لملء السماوات بوسائل الاتصال، والتصوير، والمعدَّات العلمية.

وقال كيمب: "منذ اليوم الأول، ركَّزنا على بناء شركة يمكنها فتح إمكانية الوصول للفضاء.. ونريد أن نساعد في إطلاق هذا الجيل الجديد من الشركات التي تراقب، وتربط، وتحسِّن الحياة على الأرض".

عودة "مكاو" لمشروعات الفضاء

وأما بالنسبة لمكاو، فتُمثِّل الصفقة عودة إلى أعمالٍ حاول عملاق الاتصالات شق طريقه إليها منذ عقود، وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي، واجه مكاو عدَّة خيبات أمل في محاولاته لتخفيض تكلفة بناء الأقمار الصناعية، وإطلاقها في الفضاء، وكان يأمل في بناء نوع أنظمة الاتصالات والإنترنت التي تبنيها حالياً شركات مثل: "سبيس إكس"، و"وان ويب" (OneWeb)، و"أمازون دوت كوم إنك" وغيرهم.

ويقول مكاو، إنَّ صانعي الصواريخ واللاعبين التقليديين جعلوا تكلفة تلك التكنولوجيا باهظة للغاية لدرجة تسبَّبت في فشل مشروعاته السابقة.

وقال: "كان النظام بأكمله خاطئاً، وتوقَّعوا أن يستخدم الناس أشياء رديئة، ويتحمَّلون مخاطر جسيمة، وكانت تكاليف التأمين وحدها تعادل 30 إطلاق لصاروخ شركة أسترا"، مضيفاً أنَّه يعود مجدداً لأعمال الإطلاق، "لأنَّها المجال الذي على وشك أن يشهد أكبر التغييرات".

ويدعم بيل جيتس، شريك الأعمال لمكاو منذ وقت طويل، شركة "هوليسيتي" كذلك.

وقال مكاو، إنَّه في ظل تفوق العديد من الشركات على "أسترا" في هذا المجال، يتعيَّن عليها التعلُّم سريعاً كيف تحوِّل أعمال إطلاق الصواريخ منخفضة التكلفة التقليدية إلى مشروعٍ ناجحٍ على المدى البعيد؟ وفي الوقت نفسه التفوق على المنافسين.

وتمكَّنت شركة "فيرجن أوربيت" (Virgin Orbit)، وهي مشروع خاص لبرانسون منفصل عن "فيرجن غالاكتيك"، من الوصول لمدار بصاروخها مؤخَّراً، ومن المتوقَّع أن تحذو الشركات الأخرى حذوها في السنوات القليلة المقبلة.

ويقول مكاو: "يتمثَّل التحدي في هذا المجال في ضمان ألا تتحوَّل إلى سلعة.. ومن المؤكَّد أنَّ مجال إطلاق الصواريخ سيشهد غربلة، والسؤال هو من سيصل؟ ومن لن يصل؟ وهذا هو الاختبار الحاسم أمام أسترا".

وضمن محاولات الوصول للربحية، تخطط "أسترا" كذلك البدء في بناء العناصر الرئيسية للأقمار الصناعية في صواريخها، مما سيسمح للأقمار الصناعية والشركات الناشئة العلمية بتجنُّب أغلب العمل الشاق، وفي الوقت نفسه، ستتمكَّن "أسترا" من فرض رسوم على خدمات الأقمار الصناعية، وتحرَّكت "روكيت لاب" بالفعل في الاتجاه نفسه.

وقال كيمب: "ستكون لدينا مركبة فضائية مثبَّتة في صاروخنا، مما سيسمح لعملائنا بالتركيز على كاميراتهم، أو برنامجهم، أو الراديو الفريد الذي يريدون إطلاقه، ونريد بناء منصة يكون الإطلاق أساسها".