الكويت تلجأ لصندوقها السيادي لسدّ عجز الموازنة

من إحدى جلسات مجلس الأمة الكويتي
من إحدى جلسات مجلس الأمة الكويتي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نقلت حكومة الكويت ملكية آخر أصولها المنتجة إلى الصندوق السيادي للبلاد، بهدف الحصول على سيولة مالية لسد عجز شهري في الموازنة قدره 3.3 مليار دولار، حيث تواجه البلاد خيارات قليلة لسد هذا العجز، وفق مصدر مطلع.

وخفضت وكالة "فيتش"، اليوم الأربعاء، نظرتها المستقبلية للكويت إلى "سلبية" من "مستقرة"، مشيرة إلى "استنفاد وشيك للأصول السائلة" بغياب تفويض برلماني للحكومة بالاقتراض. وأكدت فيتش على التصنيف الائتماني للكويت عند AA.

وكشف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه لخصوصية المعلومات، أن الأصول التي ستنقل إلى صندوق الكويت السيادي تشمل حصصاً في بيت التمويل الكويتي "بيتك" وشركة الاتصالات "زين". كما جرى نقل مؤسسة البترول الكويتية المملوكة للدولة من خزينة الحكومة إلى صندوق الأجيال القادمة (صندوق الكويت السيادي) الذي تبلغ قيمته 600 مليار دولار، ويهدف لحماية ثروة البلاد لفترة ما بعد النفط.

وأضاف المصدر أن القيمة الاسمية لمؤسسة البترول الكويتية تبلغ 2.5 مليار دينار (8.3 مليار دولار).

ورفضت وزارة المالية الكويتية الإدلاء بتفاصيل بشأن عملية نقل الأصول.

أزمة آنية

رغم أن الكويت تتمتع بواحد من أعلى معدلات دخل الفرد في العالم، إلاّ أن انخفاض أسعار النفط على مدار سنوات، أجبر الحكومة على استنفاد احتياطياتها النقدية في حين منعتها الظروف السياسية من الاقتراض.

وفي محاولة لتوليد السيولة، بدأت الحكومة بمقايضة أفضل أصولها مع صندوق الأجيال القادمة للحصول على الأموال. لكن بعد إنفاقها، من غير الواضح كيف ستغطي قيمة عجز الموازنة للشهر الثامن على التوالي، والمتوقع أن يبلغ 12 مليار دينار للسنة المالية التي تبدأ في أبريل.

ويَعتبر نواف العبد الجادر، أستاذ إدارة الأعمال بجامعة الكويت، "أنها أزمة فورية للغاية حالياً، وليست أزمة طويلة الأمد كما كانت من قبل". مُضيفاً أن "صندوق الأجيال القادمة هو سترة نجاة، ولكن ليس لدينا قارب ليأخذنا إلى الشاطئ، وليس لدينا رؤية. فنحن بحاجة لإعادة هيكلة اقتصادنا والابتعاد عن دولة الرفاهية ".

أستاذ بجامعة الكويت: "صندوق الأجيال سترة النجاة لكن ليس لدينا قارب"

ومثل جيرانها، تواجه الكويت ضغوطاً مزدوجة تتمثل في جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط. لكن خلافاً للسعودية ودول خليجية أخرى، رفض نواب مجلس الأمة الكويتي مقترحات للاقتراض من الأسواق الدولية لتغطية عجز الموازنة. ولم تلجأ الكويت إلى السوق للاقتراض منذ إصدارها لأول سندات دولية "يوروبوند" عام 2017.

كما عارض برلمانيون أيّ تلميح لخفض الإنفاق، قائلين إنه يجب على الحكومة الحد من الهدر والفساد قبل تمرير العبء إلى الشعب أو اللجوء إلى الديون.

إلى ذلك، فإنه لا يمكن الاقتراب من أموال صندوق الأجيال القادمة بدون إقرار تشريعات، كما أن هذه الفكرة لا تحظى بشعبية على الإطلاق.

لكن في المقابل، فإن مجلس الأمة الكويتي أقرّ قانوناً في 2020، يعفي الحكومة من تحويل 10% من الإيرادات المعتادة إلى صندوق الأجيال القادمة خلال سنوات تسجيل عجز في الموازنة العامة.

الأمل بقانون الاقتراض

حتى قبل تقرير " فيتش"، الصادر اليوم الأربعاء، حذرت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني أنها تدرس خفض تصنيف الكويت في الأشهر الستة إلى الـ12 المقبلة إذا لم يتمكن السياسيون من تجاوز المأزق، مما قد يقوض ثقة المستثمرين.

وأفصحت "ستاندرد آند بورز" في 15 يناير: "في الحالة القصوى، قد يؤدي عدم كفاية الاستجابة السياسية إلى وضع الكويت في مواجهة قيود مالية صعبة، مما قد ينجم عنه تعديل غير منظم في الإنفاق، الأمر الذي يمكن أن يلحق أضراراً طويلة الأمد بالاقتصاد".

وتعتمد الحكومة الكويتية على النفط لتوفير 80% من الدخل، وبالتالي تحتاج البلاد لأن يبلغ سعر النفط الخام 90 دولاراً لتحقيق التعادل في الموازنة الجديدة.

ويبلغ سعر خام برنت القياسي حوالي 57 دولاراً للبرميل حالياً، بينما يُتوقع أن يرتفع الإنفاق الحكومي بالكويت بنسبة 7%.

رئيس بورصة الكويت السابق: الحكومة ستلجأ إمّا لفرض ضرائب عالية أو لخفض قيمة الدينار

ويعمل أكثر من 80% من الكويتيين في القطاع الحكومي، ويتمتعون بأوجه دعم سخية، لكن الحكومة جاهدت لإجراء تعديلات طفيفة على الإنفاق في مواجهة معارضة واسعة النطاق.

وبدأت اللجنة المالية في البرلمان مراجعة مشروع قانون الاقتراض مرة أخرى البارحة الثلاثاء، بعد يوم من اجتماع أزمة مع المسؤولين الحكوميين.

ورفعت المراجعة المزمعة التوقعات بحدوث انفراج، لكن سياسة حافة الهاوية أزعجت مجتمع الأعمال، الذي حذر من أن التأخيرات المتكررة تحمل تكاليف طويلة الأجل.

ويَرى طلال فهد الغانم، الرئيس التنفيذي السابق لبورصة الكويت، أن الحكومة ستلجأ في النهاية "إما لفرض ضرائب عالية. أما إذا فشلت الحكومة في إقناع البرلمان بهذه الضرائب، فسيتعين على البنك المركزي اللجوء لتخفيض قيمة الدينار".