"أرم" التابعة لـ"سوفت بنك" لا تجسد لعبة الذكاء الاصطناعي كما تظنها

قيمة أسهم الشركة تتضاعف بسبب الحماس للذكاء الاصطناعي لكن التكنولوجيا الأساسية لديها لا تدخل في أهم الرقائق التي تقود الطفرة الحالية

الرئيس التنفيذي لشركة "أرم هولدينغز"، رينيه هاس، يقف ممسكاً بمجسم لجرس افتتاح جلسات التداول الكريستالي في مبنى سوق "ناسداك" للتداول بتاريخ 14 سبتمبر 2023 بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية
الرئيس التنفيذي لشركة "أرم هولدينغز"، رينيه هاس، يقف ممسكاً بمجسم لجرس افتتاح جلسات التداول الكريستالي في مبنى سوق "ناسداك" للتداول بتاريخ 14 سبتمبر 2023 بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية المصدر: بلومبرغ
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل يمكن اعتبار أسهم شركات الذكاء الاصطناعي أسهم الميم الجديدة؟ يبدو الأمر كذلك بالتأكيد من خلال الصعود الجنوني مؤخراً لشركة "أرم هولدينغز".

تضاعفت قيمة أسهم شركة تصميم أشباه الموصلات البريطانية بين 5 و12 فبراير إلى 149 دولاراً. تراجعت منذ ذلك الحين مستقرة عند 128 دولاراً، وربما عندما عادت السوق لرشدها. كان الحافز هو أرباح "أرم" خلال الربع الثالث من 2023، والتي كانت أرقامها جيدة نوعاً ما لكنها أثارت الحماس بطريقة كبيرة حول قدرة "أرم" على الاستفادة من طفرة الذكاء الاصطناعي التي دفعت شركة "إنفيديا" لتصنيع الرقائق لارتفاعات هائلة.

يجب أخذ ذلك بحذر لأن "أرم" لا تشارك بصورة مباشرة في أهم الأعمال التجارية في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي المهمة جداً بالنسبة لـ"إنفيديا".

وحدة معالجة الرسومات

تم تصميم وحدات معالجة الرسوميات (GPU) التي تنتجها "إنفيديا" في الأصل لإظهار الرسوميات في ألعاب الكمبيوتر. لكن على مر السنين، أصبح لها غرض آخر. لقد جعلت قدراتها المتفوقة في المعالجة الموازية منها الخيار المثالي لتلبية الاحتياجات الحسابية لتدريب وصيانة نماذج الذكاء الاصطناعي. واليوم، أصبحت وحدات معالجة الرسوميات هي المعيار الذهبي لتطوير الذكاء الاصطناعي. لقد أصبح صعباً للغاية الحصول عليها، وتكلف الوحدة عشرات الآلاف من الدولارات. وقد رفع الطلب الكبير على الرقائق (التي يوفرها مزودو خدمات الحوسبة السحابية على غرار "أمازون.كوم" و"مايكروسوفت") القيمة السوقية لـ"إنفيديا" إلى 2.47 تريليون دولار من 323 مليار دولار نهاية 2020.

أسهم "سوفت بنك" تواصل التحليق مع استمرار ارتفاع "أرم"

لا يزال بإمكان "أرم" الاستفادة من طفرة الذكاء الاصطناعي بفضل نشاطها في مجال تصميم الرقائق لمراكز البيانات. ومع ذلك، سيكون هذا النجاح من خلال توفير الأدوات الضرورية، وليس عبر نجاح مباشر وفوري مثل ذلك الذي حققته "إنفيديا" من خلال بيع منتجات تقع في صميم تطوير الذكاء الاصطناعي.

"أرم"، التي يقع مقرها في كامبريدج بالمملكة المتحدة، لا تصنع الرقائق بنفسها، ولكنها تقوم بترخيص نماذجها، وتستخدم تصميماتها بشكل أساسي في وحدات المعالجة المركزية (CPUs)، وهي معالجات مخصصة لأغراض عامة تستخدم في مهام متنوعة مثل التحكم بنظام التشغيل أو إدارة طلبات البيانات والشبكات في مراكز البيانات. تصميمات "أرم" لا تُستخدم في وحدات معالجة الرسوميات، حيث إن هذه الرقائق تعتمد على تكنولوجيا "إنفيديا". وامتنع متحدث باسم "أرم" عن التعليق على الموضوع.

طاهي السوشي

فكر في وحدة معالجة الرسوميات على أنها تشبه طاهي السوشي من الصفوة عالية الأجر الذي يرغب الجميع في توظيفه، ووحدة المعالجة المركزية بوصفها مديراً للمطعم. لا يشارك الأخير بطريقة مباشرة بإعداد الطعام الذي يحضر من أجله الجميع، لكنه لا يزال يستفيد من نجاح وحدة معالجة الرسوميات ونهم الجميع للسوشي (أو الذكاء الاصطناعي). على سبيل المثال، لا يزال بمقدور "أرم" الاستفادة بطريقة كبيرة من الطلب الهائل من شركات خدمات الحوسبة السحابية التي تهيمن على أعمال تدريب الذكاء الاصطناعي، عن طريق تنفيذ الوظائف التكميلية في مراكزها للبيانات. بعد أن دخلت في مواجهة مع معالجات "إكس 86" من "إنتل" و"أدفانسيد مايكرو ديفايسز " (Advanced Micro Devices) لأعوام، نمت حصة "أرم" في سوق رقائق مركز البيانات حتى بلغت نحو 7.1%. لا يعد هذا موضعاً سيئاً، ويعزا الفضل في ذلك جزئياً لتصميمات الرقائق الموفرة للطاقة، والتي جعلت منها عنصراً أساسياً للهواتف الذكية، ودفعت الآن بائعي خدمات الحوسبة السحابية الكبار مثل "أمازون" لاستخدام تصميمات "أرم" لوحدات المعالجة المركزية من نوع "غرافيتون" أو (Graviton) التي تشغل خوادم "أمازون ويب سيرفيسز".

رئيس "أرم" التنفيذي يرى في مراكز البيانات فرصة مثيرة للاهتمام

أكد المتحدث باسم "أرم" أن الشركة لا تقسم الإيرادات وفق مصادرها المختلفة على غرار مراكز البيانات والهواتف الذكية، ما يجعل تحديد مقدار استفادة الشركة فعلاً من الذكاء الاصطناعي صعباً. وأوضح الرئيس التنفيذي لـ"أرم"، رينيه هاس، في مكالمته مع محللين في وقت سابق من الشهر الجاري، أنه يوجد "نمو منتظر قطعاً من جانب مركز البيانات"، لكنه لعب أيضاً دوراً محدوداً في الضجة المحيطة بالذكاء الاصطناعي.

أجهزة فائقة التطور

على سبيل المثال، قال هاس إن تكنولوجيا "أرم" كانت تُستخدم في 24 ألف وحدة من رقائق "جي إتش 200 غريس هوبر" من تصنيع "إنفيديا" التي كانت تعمل على تشغيل كمبيوتر عملاق في ألمانيا، ثم ذكر (ربما بطريقة نفعية) أن "أرم" كانت تتوقع "طلبات متنامية على الذكاء الاصطناعي بمركز البيانات، سواء كان ذلك حول التدريب أو الاستدلال". إنه لأمر مبهر أن تدخل تكنولوجيا "أرم" في الكمبيوتر العملاق الألماني، ولكن ربط ذلك بالطلب الكبير على التدريب والاستدلال لنماذج الذكاء الاصطناعي اليوم يبدو وكأنه مبالغة، حتى لو كان ذلك يعني المزيد من العمل لـ"أرم" بوصفها مديرة للمطعم. لا تنفذ وحدات المعالجة المركزية، غالباً، هذا العمل لنماذج الذكاء الاصطناعي. لكن وحدات معالجة الرسوميات من "إنفيديا" تفعل ذلك.

"إنفيديا" تعزز استثمارات الذكاء الاصطناعي بحصص جديدة في 3 شركات

عندما ذكر هاس أن استخدام المزيد من الذكاء الاصطناعي يعمل على توفير المزيد من الأجهزة فائقة التطور.. وهذا كله يقوم على "أرم"، بدا ذلك متفائلاً نوعاً ما أيضاً. تشير "الأجهزة فائقة التطور" إلى الهواتف الذكية التي تحتوي على رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها ولا تحتاج إلى الاتصال بالإنترنت لتشغيل خدمات على غرار "تشات جي بي تي". لكن سوق هذه الأنواع من الأجهزة لا تزال صغيرة وفي مراحلها المبكرة.

كيف تتغلب "أرم" على سوء الطالع؟

تتمثل إحدى النقاط الأخرى التي ينبغي أخذها بالحسبان في "أرم" في إرثها المتعثر، عندما تدخل سوقاً جديدة. عندما اشترى مؤسس "سوفت بنك غروب"، ماسايوشي سون، "أرم" خلال 2016 مقابل 32 مليار دولار، كانت لديه خطط كبيرة للشركة للسيطرة على السوق الناشئة للأجهزة المتصلة بالإنترنت، والمعروفة أيضًا باسم "إنترنت الأشياء" أو (IoT). لكن بعد 5 أعوام، كانت مبيعات برمجيات الشركة لإنترنت الأشياء راكدة وشكلت جزءاً محدوداً من هدف إيرادات الشركة البالغ ملياري دولار لسنة 2025. واجهت "أرم" صعوبات في التحول إلى شركة جديدة (تعتمد على مبيعات البرمجيات) لم تكن على دراية بها، لأن مصدرها الرئيسي للربح لأعوام كان يتمثل في جمع رسوم التراخيص وعوائد بيع حقوق استخدام الملكية الفكرية لتصميمات رقائق الهاتف المحمول.

لا يزال بمقدور "أرم" استغلال طفرة الذكاء الاصطناعي. كلما زاد عدد الأشخاص الذين يريدون السوشي، زاد عدد زيارتهم للمطعم. ولكن رغم كل الإمكانات التي يمكن أن تأتي من أعمال الذكاء الاصطناعي، فإن مسار "أرم" للاستفادة منها ربما يتطلب بعض الوقت بنفس القدر الذي تطلبته برمجيات إنترنت الأشياء، ولن تملك "أرم" خطاً مباشراً للقلب النابض لهذه الأعمال أيضاً، وهو وحدات معالجة الرسوميات. يجعل هذا تألق الذكاء الاصطناعي حالياً يبدو أقل توهجاً.