مبيعات "علي بابا" تفوق التوقعات برغم ضغوط الصين على عمالقة التكنولوجيا

تميمة تاو دول في المقر الرئيسي لمجموعة علي بابا القابضة في هانغتشو بالصين.
تميمة تاو دول في المقر الرئيسي لمجموعة علي بابا القابضة في هانغتشو بالصين. تصوير: كيلاي شين / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ارتفعت مبيعات مجموعة "علي بابا" بوتيرة أسرع من المتوقَّع، مما قدَّم دفعة للشركة هي بأمس الحاجة إليها، كونها تواجه حملة تنظيمية على إمبراطورية "جاك ما" التكنولوجية.

وزادت الإيرادات بنسبة 37%، ووصلت إلى 221.1 مليار يوان (34.2 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر، مقارنة بمتوسط توقُّعات المحللين الذي بلغ 215.3 مليار يوان، وارتفع صافي الدَّخل العائد للمساهمين بنسبة 52% إلى 79 مليار يوان.

وقالت الشركة في بيان الأرباح، إنَّ "علي بابا" أنشأت فريق عمل خاص بها لإجراء مراجعات داخلية، وإنَّها تتواصل بنشاط مع هيئات مكافحة الاحتكار لكي تمتثل لمتطلَّباتهم.

ويشار إلى أنَّ هذه الأرباح الأقوى من المتوقَّع قد يطغى عليها تحقيقٌ جارٍ لمكافحة الاحتكار، كان قد قضى بالفعل على أكثر من 130 مليار دولار من قيمة عملاق التجارة الإلكترونية منذ سجلها في شهر أكتوبر.

ضبابية القرارات الحكومية

وبدأت حالة عدم اليقين في نوفمبر عندما نسف المنظِّمون في البداية الطرح العام الأولي لمجموعة "آنت" ( Ant Group Co) الذي كان قياسياً، ثم أطلقوا تحقيقهم في شركة بيع التجزئة عبر الإنترنت. وتراجعت أسهم "علي بابا" بنسبة 13% منذ أن تمَّ إحباط ظهور "آنت" لأول مرة، وهو أسوأ أداء على مؤشر"هانغ سنغ" (Hang Seng) القياسي في هونغ كونغ.

وفي هذا السياق قال "آندي هاليويل"، وهو المحلِّل في شركة استشارات التكنولوجيا "بابليكس سابينت" (Publicis Sapient) ، في مذكرة بحثية نشرت بعد نتائج الأرباح: "إنَّ أداء الأعمال قوي، ويشعر الكثيرون أنَّ الأسهم مقوَّمة بأقل من قيمتها الحقيقية مقارنة بخريطة الطريق ومسار بعض أعمالهم، ومع ذلك، إذا كانت الحكومة الصينية تتطلَّع إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد روَّاد الأعمال الصريحين، واتخاذ موقف محافظ أكثر مع شركاتهم التكنولوجية الأكبر، فإنَّ هذا سيضعف ثقة المستثمرين في العلامة التجارية، وقد يخلق فرصة للآخرين لاستغلالها."

وكانت أسهم "علي بابا" قد عوَّضت بعض خسائرها بعد ظهور "ما" على الملأ خلال مؤتمر عبر الفيديو المباشر الشهر الماضي، في إشارة واضحة إلى أنَّ أسوأ السيناريوهات - مثل الاستحواذ الذي تقوده الحكومة أو تفكك شركاته - هي ربما الآن ليست على الطاولة.

والملاحظ، أنَّ قلة قليلة هم الذين يتوقَّعون أن تتراجع بكين كلياً عن حملتها لتشديد الرقابة على شركات "آنت"، و "علي بابا"،و بقية عمالقة التكنولوجيا الحديثة في الصين. لكنَّ الانتعاش الجزئي للسهم يشير إلى أنَّ المستثمرين بدأوا في تقدير مخاطر شنِّ حملة من شأنها أن تعرِّض أغنى روَّاد الأعمال في البلاد، ومعظم الشركات المبتكرة لخطر جسيم.

779 مليون مستهلك

ومن جهته، أعلن القسم السحابي في "علي بابا" عن أوَّل أرباح معدَّلة إيجابية على الإطلاق قبل الفوائد، والضرائب، والإطفاء، وهي نقطة فارقة للأعمال التجارية المتنامية. وارتفعت إيرادات هذا القطاع بنسبة 50%، مدفوعة من قبل العملاء في الإنترنت، والتجزئة، والقطاع العام. وأشارت الشركة إلى أنَّ وحدة اللوجستيات "كاينياو"(Cainiao) التابعة لها تعمل أيضاً بشكل إيجابي بخصوص التدفُّق النقدي.

جدير بالذكر أنَّ عدد المستهلكين النشطين سنوياً قد شهد نمواً إلى 779 مليون مستهلك في الربع المنتهي في ديسمبر، مما أدَّى إلى زيادة بنسبة 38% في أعمال التجارة الأساسية للشركة.

وسجَّلت "علي بابا" مبيعات بمبلغ 75 مليار دولار خلال حملتها الترويجية السنوية لـ"يوم العزاب" في شهر نوفمبر الماضي، لتتفوَّق بسهولة على حصتها لعام 2019 بعد أن بدأت الشركة في حملتها الترويجية في وقت مبكر، وأضافت خدمات إضافية للحساب للمرة الأولى.

وجاءت زيادة الإنفاق على الرغم من انخفاض مبيعات التجزئة الإجمالية بنسبة 3.9% العام الماضي، مع تراجع الاستهلاك عن النشاط الصناعي في التعافي الاقتصادي الأوسع. ولكن من جهتهم، يتساءل المستثمرون عما إذا كان بإمكان "علي بابا" الحفاظ على هذا النمو، مع تكثيف بكين جهودها للإشراف على عمالقة التكنولوجيا الصينية، لا سيَّما في التجارة عبر الإنترنت.

ويذكر أنَّ شركة "ما"، التي كانت ذات يوم ترفع راية الشركات الخاصة سريعة النمو في الصين ،ومجال الإنترنت المزدهر، تواجه الآن عقوبات تصل إلى 10% من إيراداتها أو حوالي 7.8 مليار دولار إذا تبيَّن أنَّها انتهكت القواعد فيما يتعلَّق بممارسات مثل الترتيبات الحصرية القسرية مع التجار، وهي الطريقة المعروفة بعبارة "اختر واحداً من اثنين"، وأيضاً فيما يتعلَّق بالتسعير الجائر أو الخوارزميات المفترسة التي تفضِّل المستخدمين الجدد.

وكنتيجة لأي لوائح، تطلب من "علي بابا" تنفيذ وقف كامل للسياسات الحصرية القسرية، التي قد تضرب مبيعات "تيمول" (Tmall) بما يقارب العشر في عام 2021، قبل عودة المبيعات إلى نموٍّ سنوي يتراوح بين 18% إلى 20% في عام 2022، وما بعده، وفقاً لـ"أوكاهيدرون كابيتال مانيجمانت" (Octahedron Capital (Management LP التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرَّاً لها، التي أشارت إلى أنَّه بحسب تقديرها؛ فإنَّ أقل من 10% من العلامات التجارية الأكثر مبيعاً هي علامات تجارية حصرية. بالإضافة إلى ذلك، فقد تعيق القوانين أيضاً قدرتها على صدِّ منافسيها من "جيه دي.كوم" (JD.com Inc) حتى "بيندودو" (Pinduoduo Inc) ، التي يقترب مستهلكوها البالغ عددهم 730 مليون مستهلك سنوياً من بلوغ حجم قاعدة مستخدمي "علي بابا".

وفي الوقت نفسه، فإنَّ منصات الفيديو القصيرة مثل "بايت دانس"(ByteDance Ltd) و "كوايشو تكنولوجي" (Kuaishou Technology) المدعومة من "تينسنت"(Tencent) تستغل أيضاً البث المباشر كمنفذ مبيعات لانتزاع حصة أكبر من التجارة الإلكترونية. فقد كشفت شركة "بايت دانس" التي تتخذ من بكين مقرَّاً لها عن عمليات إيراداتها من "يوم العزَّاب" لأوَّل مرة في عام 2020، وسجَّلت "دوين"(Douyin)، وهي النسخة الصينية من شركة "تك توك" العالمية الشهيرة، 18.7 مليار يوان من إجمالي قيمة البضائع.

يشار إلى أنَّ "آنت" ساهمت بـ 4.8 مليار يوان في أرباح "علي بابا" في هذا الربع، مما يعني أنَّ الشركة جنت 14.5 مليار يوان في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر - قبل إفساد الاكتتاب العام الأولي البالغ 35 مليار دولار - فقد تأخرت أرباحها بمقدار الربع عن "علي بابا". وكجزء من الحملة؛ تمَّ الطلب من شركة "آنت" "تصحيح" خدمات الإقراض، والتأمين، وإدارة الثروات. ومع استمرار الشركة التابعة لها في عملية تطوير خطة التصحيح، قالت "علي بابا" يوم الثلاثاء، إنَّها غير قادرة على إجراء "تقييم كامل وعادل" لمدى التأثير على أعمالها.

وقد تعيق متطلَّبات رأس المال الأكثر صرامة قدرة "آنت" على إصدار القروض بحرية، مما يزيد من التحديات التي تواجه العمليات التجارية للشركة الشقيقة.

500 مليون مقترض

ومن جهته، قال دانيال تشانغ وهو الرئيس التنفيذي لشركة "علي بابا"، إنَّ الشركة لا تحدد حجم مبيعاتها المموَّلة بقروض "آنت"، لأنَّ عملاق التكنولوجيا المالية يوفِّر ائتماناً صغيراً غير مضمون لحوالي 500 مليون شخص من خلال منصاتها، مثل: منصة "جست سبند" ((Just Spend التابعة لـ"هواباي" (Huabei)، ومنصة "جست ليند"((Just Lend التابعة لـ"جيبي" (Jiebei)، وتلك التي يتمُّ استخدامها جزئياً لدفع ثمن مشتريات الملابس والمكياج من سوق "تاوباو"(Taobao)، أو الرحلات التي يتمُّ حجزها على "فليغي" (Fliggy)، وهو موقع السفر الخاص بالمجموعة عبر الإنترنت.

وختاماً، قد يؤدي التدقيق التنظيمي المشدد على عمليات الاندماج أيضاً إلى إعاقة عملاق التكنولوجيا في سعيه لاقتناص الشركات الناشئة الواعدة في الصناعات الناشئة أو في حصوله على حصص ضخمة في شركات أخرى لدرء المنافسة. فشركة "علي بابا" - التي أنفقت في السنوات الأخيرة المليارات على حصص في شركات، مثل: مشغل "هايبر مارت" (hypermart)، وهي "مجموعة سن ارت ريتيل المحدودة" (Sun Art Retail Group Ltd)، وشركة "كوالا" (Kaola) للتجارة الإلكترونية التابعة لشركة "نت إيز" (NetEase) – التي تمَّ تغريمها بمبلغ 500 ألف يوان في شهر ديسمبر لعدم سعيها للحصول على موافقة قبل تعزيز حصصها في سلسلة متاجر " إينتيم للتجزئة"(Intime Retail Group Co) في عام 2017.