بلومبرغ
بعد ثمانية أشهر من رفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها في عقدين من الزمن، يقترب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه من تخفيف حدة معركتهم مع التضخم.
في شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، أكد باول أن البنك المركزي يحتاج إلى "مزيد من الأدلة" على أن التضخم يتراجع نحو معدله المستهدف عند 2% قبل خفض تكاليف الاقتراض. أضاف: "لسنا بعيدين عن ذلك المعدل".
يُتوقع على نطاق واسع أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بلا تغيير خلال الاجتماع الخامس على التوالي عندما يجتمع صناع السياسة النقدية يومي 19 و20 مارس. سينصب أغلب تركيز المستثمرين على التوقعات الفصلية التي تصدرها لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بشأن أسعار الفائدة، بما في ذلك ما إذا كانت البيانات الجديدة عن التوظيف والتضخم قد أدت إلى أي تغيرات.
إذا توقع مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في عام 2024، فسيمهد ذلك الطريق لخفض محتمل في يونيو كما يتوقع المستثمرون.
قال فنسنت راينهارت، كبير الاقتصاديين في "دريفوس وميلون" (Dreyfus and Mellon)، إن رسالة بنك الاحتياطي الفيدرالي في شهر مارس ستكون: "إننا نسير في الاتجاه الصحيح". "إن مسؤولي الفيدرالي يقتربون من اكتساب القدر المناسب من الثقة".
تريث "الفيدرالي"
صوّت صناع السياسة النقدية بالإجماع لصالح إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في نطاق يتراوح بين 5.25% إلى 5.5% في يناير، واستبعد باول ومسؤولون آخرون في بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض سعر الفائدة في مارس غير محتمل.
جزء من السبب الذي يمكّن المسؤولين من التريث هو أن النمو الاقتصادي لا يزال قوياً، كما تستمر سوق العمل في توفير عدد ملائم من الوظائف، بما في ذلك 275 ألف وظيفة في فبراير، متجاوزة التوقعات.
تضمن ذلك التقرير أيضاً إشارات إلى استمرار الاعتدال، مع خفض توقعات الارتفاع في الأشهر السابقة، وتباطؤ نمو الأجور، وزيادة معدل البطالة إلى أعلى مستوى في عامين عند 3.9%.
قال ديريك تانغ، المحلل الاقتصادي لدى "إل إتش ماير/ مونيتاري بوليسي أنالتيكس" (LH Meyer/Monetary Policy Analytics): "الأرجح أن البيانات قد قللت خطر اضطرار الاحتياطي الفيدرالي تأجيل وتقليص نطاق خفض أسعار الفائدة". "تقييم باول بالاقتراب من اكتساب القدر الكافي من الثقة لإجراء الخفض لا يزال صحيحاً".
سيحصل مسؤولو الفيدرالي على بيانات مؤشر مهم للتضخم قبل الاجتماع. ومن المرجح أن يظل مؤشر أسعار المستهلك مرتفعاً عند 3.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا استطلاع لآراء المحللين الاقتصاديين أجرته "بلومبرغ". باغت الصعود المفاجئ في يناير مسؤولي البنك المركزي، ومن الممكن أن تؤدي مفاجأة أخرى في فبراير إلى تغيير توقعات مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن مسار سعر الفائدة خلال عام 2024.
"تجاوبت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بشكل فعال مع البيانات السلبية المفاجئة، كما اتضح من تحول موقف رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول سريعاً نحو خفض أسعار الفائدة في ديسمبر، بعد حدوث تراجع طفيف في سوق العمل حينذاك. في ضوء توقعاتنا بتراجع سوق العمل سوف تهدأ بسرعة أكبر في المستقبل، نتوقع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في مايو– في توقيت أبكر من توقعات السوق بحدوث الخفض في يونيو". آنا وونغ وستيوارت بول وإليزا وينغر وإستيل أو
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
يركز مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على مؤشر منفصل للتضخم، يُقاس بنفقات الاستهلاك الشخصي، والذي سجل 2.4% في يناير و2.8% باستثناء أسعار الغذاء والطاقة. بعيداً عن الأرقام الرئيسية، يشعر بعض مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي بالقلق إزاء ضيق نطاق التحسن في الآونة الأخيرة، وخاصة في السلع.
المخطط النقطي
أظهر "المخطط النقطي" الذي يصدره الاحتياطي الفيدرالي -وهو مجموعة من التوقعات الفردية لصناع السياسات النقدية بشأن أسعار الفائدة- تبايناً واسعاً على نحو غير معتاد في ديسمبر. يتطلب الأمر أن يغير اثنان من صناع السياسة النقدية توقعاتهما لتحريك المتوسط.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كاشكاري، يوم الأربعاء، إنه يدرس خفض توقعاته لخفض أسعار الفائدة إلى احتمال أقل هذا العام، مضيفاً: "بيانات التضخم التي سنطلع عليها ستحدد ذلك".
في حين واصل باول سيطرة قوية على اللجنة، مع عدم وجود معارضين لأكثر من عام على الرغم من التوقعات المتغيرة وغير المؤكدة، فإنه قد يواجه تحدياً في الحفاظ على اجماع الآراء، فيما يحول البنك المركزي مسار سياسته النقدية نحو خفض أسعار الفائدة.
قالت ديان سوونك، كبيرة الاقتصاديين لدى "كيه بي إم جي" (KPMG): "بدأنا نرى خلافات بشأن كيفية تنفيذ الخفض". "قد لا يكون الإجماع إزاء المسار قوياً على النحو المتوقع، مع اقتراب الخفض المرتقب قريباً".
سيبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً في الاجتماع المقبل مناقشات متعمقة حول التقليص الجاري لميزانيته البالغة 7.5 تريليونات دولار، وهي عملية تُعرف باسم التشديد الكمي. ويستبعد اتخاذ قرار بشأن التقليص المحتمل أو تقليل حيازة الأصول، على الرغم من أن باول قد يستخدم مؤتمره الصحفي للتعليق على التقدم المحرز في تلك المحادثات.