الجيل الجديد يتسلح بـ"التواصل الاجتماعي" لغزو "وول ستريت"

شركة "غيم ستوب"
شركة "غيم ستوب" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من الطبيعي أن يكون سر الاستثمار القادم الكبير كامن في خبايا مواقع ومنتديات الإنترنت ومواقع التواصل، بالنسبة لجيل نشأ على فكرة أنه يمكنه الحصول على أي شيء يريده تقريباً عبر الإنترنت.

هذا الاعتقاد قاد بعض المستثمرين لمطاردة أسهم شركة "غايم ستوب"، خاصةً بعد مشاهدة كيف قام أعضاء منتدى "وال ستريت بيتس" على منصة "ريديت" بإثارة ارتفاع مذهل في أسهم الشركة، وقلب توقعات "وول ستريت" التي راهنت على انهيارها سابقا، رأساً على عقب. وبات هؤلاء المستثمرون الآن يبحثون في "ريديت" و"تويتر" عن الفرصة المحتملة التالية.

نقاشات ريديت تستبدل توصيات الأسهم وتحليلاتها المنطقية

كيفن ألدريان، 19 عاماً، وهو شاب يبحث عن سهم يمكن أن يتجه إلى ارتفاع كبير في الأسعار في وقت قصير، بما يسمى بـ"الضغط القصير" وهي ظاهرة التداول التي كانت وراء رحلة شركة "غايم ستوب" الجامحة. وقال ألدريان، وهو طالب في السنة الثانية في الاقتصاد بجامعة سان دييغو، أنه بعد "غايم ستوب" بدأ في البحث عن الفرصة المحتملة التالية، ومع أنه لا توجد طريقة للتنبؤ فعلياً بالشركات التي قد تتخذ أسهمها المسار نفسه، لكنه يراقب مجموعة "وال ستريت بيتس" على منصة "ريديت"، ويبقي عينه على التغريدات المتعلقة بالموضوع في "تويتر".

وبعد ازدهار "غايم ستوب"، حققت كل من سلسلة دور السينما "أيه إم سي إنترتانمينت هولدينغ"، وشركة "إكسبرس" لبيع الملابس بالتجزئة، بالإضافة إلى شركات الاتصالات القديمة مثل "بلاك بيري"، وشركة "نوكيا" مكاسب بالفعل، وذلك بعد أن تم تداول وانتشار أسمائها في المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي.

ولطالما شكّل الإنترنت ملاذا للانغماس في الهواجس الشعبية الكثيرة، سواء العام منها أو تلك المتخصصة في كل شيء بدءاً من السياسة إلى الموسيقى وحقائب "هيرميس"، وحتى التصوير.

وبينما لن يكلفك نشر ثرثرة أحد المشاهير التي لم يتم التحقق منها على "انستغرام" أموالاً، إلا أن اعتمادك في قراراتك الاستثمارية على نصائح تطبيق "تيك توك" و"تويتر" و"ريديت" قد يكون كارثياً من الناحية المالية، طبقاً لما يقوله خبراء هذه الصناعة.

لا أحد يهزم الأسواق

ويقول دوجلاس بونبارث، رئيس ومؤسس "بوند فايد ويلث" في نيويورك إنه: "من الصعب على أي سمسار للأسهم أن يهزم السوق باستمرار ويحقق الأرباح بشكل دائم، فكثيرون سيطلقون عل ما يحدث بـ"الفقاعة" بينما يقول المعارضون لذلك إنها "مختلفة هذه المرة"، وسوف نرى ذلك بالتأكيد. لكن تخميني الأكبر هو أن بعض الناس سيكسبون الكثير من المال، لكن المزيد سيفقدون شغف مطاردة السهم الكبير التالي".

ومع ذلك، فإن الجيل الجديد من المستثمرين الذي يركز على الإنترنت لا يزال يملؤه الشغف بالبحث. وأعطى بعض أعضاء المنتديات مثل "وال ستريت بيتس" اهتماماً كبيرا لشرح وتحليل المقاييس المالية للأسهم، وهم يتجادلون بحماس عن قراراتهم الاستثمارية. إلا أن البعض الآخر يتعامل مع مقاييس الأسهم والشركات التي تم اختبارها تاريخيا، مثل التقييم ونسب الديون إلى حقوق الملكية، والتدفق النقدي الحر، باعتبارها مصطلحات مالية يمكن تجاهلها ببساطة.

مكاسب ومخاطر

ويقول مايك جانافي، وهو مستثمر يبلغ من العمر 30 عاماً ويستخدم تطبيق "روبن هوود" للتداول، أن "تويتر" كان أول ملجأ له عند اتخاذ القرارات المالية والاستثمارية. ويقول مايك وهو متخصص إنتاج الملابس والأحذية في نيويورك إنه كان يستثمر بجدية خلال العامين الماضيين.

وأضاف جانافي: "المضحك بالموضوع هو أنني لا أعرف أي شيء عن الرسوم البيانية للأسهم، وليس لدي أي فكرة عن التمويل، فقط استنتج من الحسابات التي أتابعها على تويتر، وأبحث عن المؤشرات على المنصة الخاصة بالتداول، وإذا بدا الأمر منطقياً بالنسبة لي، أشتري السهم. لا أستطيع قراءة الرسوم البيانية أو أي شيء من هذا القبيل. أتخذ قراراتي فقط من خلال التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي".

وقام جانافي مؤخراً بوضع أموال في شركة (BioNano Genomics.) و(Churchill Capital) وذلك بعد رؤية التوجه نحو أسهم هذه الشركات على "تويتر"، ويقر جانافي بوجود مخاطر في استراتيجيته، لكنه يقول إنه تمكن من تحقيق مكاسب قوية حتى الآن.

منصات متعددة

بعيدا عن "تويتر"، يميل ألدريان إلى التركيز أكثر على منصة "ريديت"، حيث يقول إنه ينقر على صفحة المناقشة اليومية لمنتدى "وال ستريت بيتس" -وهو مجتمع يضم أكثر من 2 مليون متداول- ويقوم بتمرير شاشة الهاتف لأسفل لتحميل أكبر عدد ممكن من الرسائل التي ينشرها المستخدمون. وباستخدام الاختصار "control F" على لوحة المفاتيح الخاصة به، يقوم بالبحث في التعليقات لمعرفة الأسهم الأكثر تداولاً. ويقول ألدريان إن كمية التعليقات أو الإعجابات أو المشاركات لمنشور ما تدل على الاتجاه الذي قد يتخذه السوق.

ويقول ألدريان، الذي اشترى بالفعل بعض أسهم "أيه إم سي" إنه يرى عدد المنشورات الموجودة، وما تقوله التعليقات، وعدد هذه التعليقات ويأخذها بعين الاعتبار. وهو يقوم بذلك لمتابعة الشركات التي يتم استهدافها، ويتجه بعدها للبحث عن أي أسهم ذات اهتمام وتوصيات لأرباح قصيرة المدى. وللحصول على التقييمات الفنية الخاصة بالشركات لاتخاذ القرارات على أساسها، فكل ما عليك هو تصفح "ريديت" بشكل متكرر وإلقاء نظرة على النقاشات اليومية، وفقا لالدريان.

بداية الازدهار

وبدأت شرارة الطفرة في التداولات الفردية العام الماضي في الازدهار مع تزايد (مجتمعات) الإنترنت التي تركز على نصائح الأسهم، ودروس التداول واستراتيجيات الاستثمار عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي. فيوجد "ستوك توك" على تطبيق "تيك توك"، و"فاين تويت" على "تويتر"، ومحادثات ومناقشات استثمارية على منصة المراسلة "ديسكورد"، كما هناك منتديات على "ريديت"، وحتى توجد مجموعات متخصصة على "فيس بوك".

كل هذا يعني أن التداول أصبح متاحاً بشكل أكبر لملايين المستثمرين، مع بعض النصائح المالية غير المنظمة، والتي قد تكون سيئة إلى حد كبير أيضاً، في ظل وجود قليل من الرقابة أو غيابها على الشؤون المالية. ومن الصعب التمييز بين النصيحة الجيدة من السيئة، في وقت يطالب فيه خبراء الصناعة المالية بالتنظيم الحكومي لهذه الظاهرة.

حتمية تنظيم الأسواق

وقال لاري سمرز، وهو المدير السابق لشركة المجلس الاقتصادي الوطني في عهد الرئيس أوباما في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" مؤخرا: "من الممكن أن تنجوا أسواقنا المالية من وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا الأمر أبرز الحاجة (كما كان يُقال في وزارة الخزانة في التسعينيات)، لتحديث النظم التنظيمية للأسواق. فهناك دائماً حاجة إلى تنظيم المداولات الفردية، وتنظيم الطرق المختلفة حتى تتم الاستفادة من المستثمرين الأفراد. ونحن في موقف قد يكون فيه هذا الموضوع قديما، إلا أن هناك بالتأكيد طرقاً حديثة للقيام بذلك."

ومع ذلك، فقد تم اعتبار مسيرة "غايم ستوب" بمثابة حجة قوية من قبل المؤيدين ضد المشككين، فيما يتعلق بالتداول والمضاربة الفردية عبر المنصات المختلفة. ومن هؤلاء، جوي سيلينتانو، وهو طالب في السنة الثانية بجامعة بيس، ويبلغ من العمر 19 عاماً، وهو لم يقضِ الكثير من الوقت "وال ستريت بيتس"، ولكنه بات يتطلع الآن لشراء عدد صغير من أسهم "آيه إم سي" أو" بلاك بيري".

وقال سيلينتانو في رسالة نصية: " يجب أن أقرأ نقاشات "وال ستريت بيتس" على "ريديت ، وأرى ما هي الخطط والمسارات المطروحة". وعندما سُئل عن أسهم "غايم ستوب"، قال إن الاستثمار بالشركة يعد مخاطرة كبيرة له، لذلك قرر عدم الانضمام لهذه الموجة، مؤكدا "أنه لم يدخلها أبداً"، ومضيفا رمزا تعبيريا بالنفي في رسالته النصيّة.