تهديدات السلامة في قطاع الطيران ناقوس خطر لباقي القطاعات

معدل دوران الموظفين أثناء الوباء قد يكون سبباً لما يعانيه القطاع على صعيدي السلامة والجودة

لوحة في طائرة "بوينغ 737 ماكس" انفجرت أثناء رحلة لـ"ألاسكا إيرلاينز"
لوحة في طائرة "بوينغ 737 ماكس" انفجرت أثناء رحلة لـ"ألاسكا إيرلاينز" المصدر: بلومبرغ
Thomas Black
Thomas Black

Thomas Black is a Bloomberg Opinion columnist covering logistics and manufacturing. Previously, he covered U.S. industrial and transportation companies and Mexico's industry, economy and government.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو الأمر كما لو أن الطائرات تتفكك في السماء. تعرضت شركة "يونايتد إيرلاينز" (United Airlines) لأحدث حادث مؤسف بعد أن اكتشف طاقم أرضي لوحة مفقودة على متن طائرة "بوينغ 737-800" بعد الهبوط الآمن لرحلة 15 مارس إلى ميدفورد بولاية أوريغون.

وفي الشهر ذاته، فقدت طائرة تابعة لشركة "يونايتد" إطاراً بعد وقت قصير من إقلاعها من سان فرانسيسكو، وأجرت رحلة تابعة لشركة "يونايتد" من هيوستن إلى فورت مايرز بولاية فلوريدا هبوطاً اضطرارياً بعد أن اشتعلت النيران في أحد المحركات.

لاحقاً كان هناك هبوط طائرة من طراز "بوينغ 787" خلال رحلة لشركة "لاتام إيرلاينز غروب" (Latam Airlines Group) في 11 مارس إلى أوكلاند قادمة من سيدني، بعد أن دفع مقعد قمرة القيادة الطيار باتجاه أدوات التحكم.

تضاف مشكلات السلامة المثيرة للقلق هذه إلى الحادث المرعب الذي وقع في 5 يناير، حيث انفجرت لوحة بحجم الباب من طائرة "بوينغ 737 ماكس" أثناء رحلة لشركة "ألاسكا إير غروب" (Alaska Air Group). كانت المخاوف بشأن السلامة في شركة "يونايتد إيرلاينز" كافية لدفع الرئيس التنفيذي سكوت كيربي هذا الأسبوع إلى الدعوة لمراجعة إجراءات السلامة والتدريب. ويخطط المسؤولون التنفيذيون في شركات الطيران أيضاً للقاء أعضاء مجلس إدارة شركة "بوينغ" لمناقشة قضايا السلامة التي تعاني منها شركة صناعة الطائرات.

تداعيات الوباء

المزيد من مشكلات السلامة سوف تتصدر عناوين الأخبار الآن بعد أن أصبح قطاع الطيران تحت مجهر وسائل الإعلام. ستتم الإشارة إلى الحوادث البسيطة التي عادة ما يتم تجاهلها بشكل قاطع.

على الرغم من سلسلة المخاوف المتعلقة بالسلامة، يظل الطيران وسيلة السفر الأكثر أماناً، وقد أصبح أكثر أماناً بمرور الوقت، ويرجع ذلك أساساً إلى التكنولوجيا مثل أنظمة استشعار التضاريس والتحذير.

في العام الماضي، لم تكن هناك حوادث مميتة لطائرات ركاب تجارية، وانخفض عدد حوادث الطائرات النفاثة إلى 94 من 121 في العام السابق، وفقاً لتقرير السلامة السنوي الصادر عن مؤسسة سلامة الطيران والذي نُشر هذا الشهر. كان متوسط عدد الحوادث خلال السنوات الخمس الماضية 116 حادثاً.

مع ذلك، هناك افتراض واسع النطاق بأن السلامة ومراقبة الجودة قد تآكلتا منذ تفشي الوباء، وليس فقط في مجال الطيران.

وصلت عمليات سحب المنتجات من الأسواق التي أعلنتها لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية إلى أعلى مستوى لها منذ ست سنوات في عام 2023، ووجدت شركة "سيدجويك" (sedgwick)، وهي شركة تساعد الشركات في عمليات السحب، أن هذا النوع من العمليات ارتفع بشكل كبير العام الماضي بين شركات تصنيع الأدوية والأغذية، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".

دوران الموظفين

ردد الدكتور حسن شهيدي، الرئيس التنفيذي ورئيس مؤسسة "فلايت سيفتي فاونديشن" (Flight Safety Foundation)، هذا القلق في رسالة بتاريخ 11 مارس مصاحبة لتقريرها. وحذر من شعور الرضا عن الأداء باعتباره "تهديداً خفياً يمكن أن يؤدي إلى تآكل السلامة والجودة ما لم تتم مواجهته بفاعلية وبثقافة سلامة صلبة".

كتب شهيدي: "يمكن أن يؤدي الرضا عن الأداء إلى طرق مختصرة، وتدهور الجودة، وإهمال الإجراءات، وضعف التواصل، وتأخر الاستجابة للمخاطر المتصاعدة".

اقرأ أيضاً: رئيس "بوينغ" التنفيذي يتنحى وسط تغييرات جذرية في الإدارة

يمكن استبدال مصطلح الرضا عن الأداء بمصطلح دوران الموظفين، ذلك أن عدداً كبيراً من العمال خرجوا من قطاع الطيران أثناء الوباء عندما انخفض نشاط الطيران التجاري. العديد من الموظفين ذوي الخبرة - من الطيارين إلى الميكانيكيين - تقاعدوا مبكراً. واضطر آخرون إلى الانتقال إلى وظائف أخرى، مسرعين لإطعام أسرهم والحفاظ على منازلهم.

عندما انطلق نشاط القطاع مرة أخرى، كان هناك نقص في العمال. وكان لا بد من تعيين موظفين جدد وتدريبهم. وقالت "يونايتد" في مؤتمر لإعلان الأرباح في يناير إن أكثر من ثلث القوى العاملة لديها والبالغ حجمها 100 ألف شخص، هم ممن تم تعيينهم في عامي 2022 و2023.

تدقيق مشدد

يثير الأمر تساؤلات حول ما إذا كان معدل دوران الموظفين أثناء الوباء أضر بالسلامة والجودة لشركات الطيران والفضاء، وما إذا كان هذا قد يمتد إلى قطاعات أخرى. تناول شهيدي هذا الأمر مباشرة في رسالته قائلاً: "تواجه الصناعة العديد من التحديات، بما في ذلك توظيف عشرات الآلاف من العمال الجدد وتوفير الموارد لهم وتدريبهم".

اقرأ أيضاً: مشاكل "بوينغ" تفاقم أوجاع شركات الطيران والمسافرين

بطبيعة الحال، فإن قضايا السلامة والجودة الناجمة عن اضطرابات القوى العاملة - إذا كان الأمر كذلك - سوف تظهر أولاً في مجال الطيران، وهو القطاع الأكثر خضوعاً للتدقيق الشديد فيما يتعلق بالسلامة والجودة.

وكانت سلسلة التوريد في مجال الطيران واحدة من أكثر سلاسل التوريد تأثراً بالوباء لأن الموردين الكبار غالباً ما تتم تغذيتهم من قبل العديد من ورش الآلات الصغيرة التي تصنع أجزاء متخصصة بكميات منخفضة نسبياً. عانى هؤلاء الموردون الصغار من صعوبات مالية خلال فترة الوباء، وفقدوا العمال المخضرمين، ما جعل من الصعب عليهم زيادة الإنتاج مرة أخرى.

إذا تفشت مشاكل الجودة لتصل إلى قطاعات أخرى، فمن غير المرجح أن تظهر بالسرعة أو بشكل بارز. لنفترض أن شركةً مصنعة للغسالات تعاني من وجود أجزاء غير صالحة. من المؤكد أن هذا لن يتصدر عناوين الأخبار وسيتم التعامل معه داخلياً. قد تكون مسألة الجودة مشكلة تتعلق بالتكلفة أو بالقلق التنافسي، ولكن من غير المرجح أن تكون حياة أي شخص في خطر.

أولوية الجودة

هناك دلائل تشير إلى أن الجودة أصبحت في مقدمة اهتمامات الشركات. أظهرت دراسة استقصائية شملت 1353 مصنعاً عالمياً العام الماضي أجرتها شركة "روكويل أوتوميشن" (Rockwell Automation) التي تبيع المعدات التي تتحكم في التشغيل الآلي، أن الهدف الأسمى لمشاريع التحول الرقمي هو رفع الجودة. وجاءت زيادة الأتمتة ودقة التنبؤ في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.

أضافت الشركة في الاستطلاع: "الجودة هي التي تقود مستقبل الرقمنة".

بعض الشركات، بما في ذلك شركة "سبيريت أيروسيستمز" (Spirit AeroSystems) . و"جي إي أيروسبيس" (GE Aerospace) و"باركر هانيفين" (Parker Hannifin)، ناقشت علناً أهدافها المتمثلة في القضاء على العيوب تماماً.

المفهوم ليس جديداً لقد تم نشره من قبل فيليب كروسبي، خبير الجودة الذي كتب العديد من الكتب بدءاً من كتاب "الجودة مجانية" في عام 1979. أدى ذلك إلى إطلاق جدل مستمر حول ما إذا كان هدف القضاء على العيوب قابلاً للتحقيق حقاً. بعض الأدوات الجديدة، مثل الروبوتات وأجهزة الاستشعار والكاميرات، إلى جانب الذكاء الاصطناعي، تساعد الشركات على السعي لتحقيق هذا الهدف. كل ذلك سوف يساعد. ومع ذلك، فإن حجر الأساس للجودة والسلامة سيكون دائماً قوةً عاملةً مدربةً جيداً وذات خبرة.