هل فعلاً مستقبل السيارات الكهربائية في السوق الصينية؟

مبيعات المركبات الكهربائية تستحوذ على 50% من سوق السيارات في الصين منتصف العام الجاري

time reading iconدقائق القراءة - 23
صالة عرض خاصة بشركة \"بي واي دي\" الصينية في سيدني، استراليا - المصدر: بلومبرغ
صالة عرض خاصة بشركة "بي واي دي" الصينية في سيدني، استراليا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

دع كل ما سمعته عن فتور الحماس وضعف الإقبال على السيارات الكهربائية. فقد شارفت على تحقيق انتصار حاسم في أكبر سوق للسيارات في العالم، وقريباً ستتبعها بقية الأسواق.

تراجعت أسعار معادن البطاريات مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت بنسب 80% و30% و25% على الترتيب خلال العام الماضي. وكذلك تسير البطاريات التي تُصنع من تلك المعادن في نفس الاتجاه، إذ يتوقع مصرف "غولدمان ساكس" انخفاضاً بنسبة 40% في سعر الوحدة بين عامي 2023 و2025، ما يدفع متوسط الأسعار العالمية دون مستوى 100 دولار لكل كيلوواط/ساعة بكثير.

هذا هو المستوى الذي طالما اعتبرته شركات صناعة السيارات معادلاً لنقطة التفرد التكنولوجي، وهي النقطة التي يعتقد فيها منظرو الذكاء الاصطناعي أن الآلات ستتولى زمام الأمور بلا رجعة. وبفضل المتوسط العالمي الذي يقل عن 100 دولار لكل كيلوواط في الساعة، ستصبح السيارات الكهربائية أرخص من نظيراتها التي تعمل بالبترول، سواء من حيث تكلفة شرائها أو تشغيلها. إن عصر المركبات التقليدية التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي يشرف على نهايته.

نجاح بارز

وصلت الصين فعلاً إلى ذلك المستقبل، إذ إن 6 من أعلى 10 سيارات مبيعاً في البلاد كانت سيارات كهربائية في فبراير الماضي. ويتوقع وانغ تشوانفو، الرئيس التنفيذي لشركة "بي واي دي" الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية في السوق، أن تكون نصف السيارات المباعة بحلول منتصف العام إما كهربائية بالكامل أو هجينة تعمل بالكهرباء. وقد تندفع إلى رفض تلك التوقعات معتقداً أنها تنطوي على المبالغة المعتادة في حديث مسؤول تنفيذي بالشركة، لكن جمعية سيارات الركاب الصينية، وهي إحدى منظمات القطاع، تتوقع أن تستحوذ هذه السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة ما يقرب فعلاً من 46% من مبيعات السيارات هذا الشهر.

تؤكد نتائج "بي واي دي" السنوية يوم الثلاثاء مدى صلابة وقوة هذا التحول. من البديهي في البلدان الأخرى أنه من المستحيل تحقيق أرباح من بيع السيارات الكهربائية، لكن رغم إلغاء الصين الحوافز الخاصة بدعم شراء السيارات الكهربائية في عام 2022، بلغ صافي دخل "بي واي دي" 30.04 مليار يوان (4.16 مليار دولار)، مرتفعاً بنسبة 80% عن العام السابق، ما يعني أن الأرباح تنمو بوتيرة أسرع من زيادة حجم المبيعات التي بلغت نسبتها 60% .

لم يحدث ذلك أيضاً في سوق مريحة تقل فيها المنافسة، إذ إن موجات خفض الأسعار العنيفة خلال العام الماضي جعلت من سوق السيارات في الصين أشبه بساحة للمعارك الشرسة، حيث تضطر السيارات التقليدية اضطراراً إلى الخروج وإفساح المجال لمجموعة هائلة من طرازات السيارات الكهربائية الأرخص سعراً والأكثر جاذبية وإثارة، حتى مع احتفاظ "بي واي دي" بهوامش أرباح ثابتة ربما تبلغ نحو ألف دولار في كل سيارة.

حرب الأسعار

يُعتبر شهر مارس تقليدياً موسم الذروة لصناعة السيارات في الصين، حيث يعود المستهلكون بعد فترة هدوء عقب السنة القمرية الجديدة، ويحددون معدلات أداء السوق خلال العام. ومع تراجع أسعار البطاريات التي تعد بخفض التكاليف، تستعد شركات صناعة السيارات الكهربائية للانقضاض وتخفيض الأسعار إلى درجة لن تستطيع السيارات التقليدية مواكبتها.

تُباع سيارة "سيغل" من "بي واي دي"، المزودة ببطارية مدمجة، والتي لا يُتوقع طرحها في العديد من الأسواق الخارجية، الآن بأقل من 10 آلاف دولار، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ نيوز" هذا الأسبوع. أما السيارة "تشين بلاس" (Qin Plus)، وهي سيارة سيدان هجينة تعمل بالكهرباء وتتمتع بمواصفات تنافس سيارات السيدان السائدة في السوق، فلا يكاد سعرها يتجاوز 11 ألف دولار.

إذا كنت تعاني من نقص في النقود حقاً، فيمكنك الحصول على سيارة "وولينغ هونغوانغ" (Wuling Hongguang) الصغيرة بأقل من 6 آلاف دولار.

تؤثر هذه الأسعار بشكل خاص على العلامات التجارية الخارجية، التي كانت بطيئة في تكثيف وطرح سياراتها الكهربائية. حيث كانت مبيعات فولكس واجن في الصين العام الماضي هي الأضعف منذ عام 2011، في حين انخفضت مبيعات شركة "هوندا موتور" إلى أدنى مستوى منذ عام 2015. كما تراجعت مبيعات شركتي "نيسان موتور" و"جنرال موتورز" بنحو 40% منذ عام 2019، بعد أن احتلتا المرتبتين الرابعة والسادسة على قائمة أكبر العلامات التجارية للسيارات في البلاد على التوالي. أما اليوم، لا توجد أي من الشركتين في قائمة أفضل 10 شركات .

ثورة السيارات الكهربائية

لا يمكن للصناعة خارج الصين أن تتوقع البقاء محصنة وصامدة لفترة طويلة. حيث يواصل متوسط سعر السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة تراجعه، لكن عند 52314 دولاراً في فبراير، أي أعلى بكثير من نطاق 100 إلى 150 ألف يوان (14 إلى 20 ألف دولار) الذي تتنافس "بي واي دي" والشركات الأخرى ضمنه أعنف منافسة.

حتى مع فرض رسوم استيراد بنسبة 27.5% وإضافة نحو ألف دولار من تكاليف الشحن، فإن استيراد السيارات من الصين أفضل كثيراً من أي سيارة متاحة في أوروبا أو أميركا الشمالية، وهذا أحد الأسباب الذي قد يسمح لها بأن تستحوذ على نحو ربع سوق السيارات الكهربائية في أوروبا هذا العام.

ليس من المستحيل كما قلنا أن تحاول الحكومات في الدول المتقدمة تشديد القيود بشكل أكبر لحماية الصناعات المحلية. ومع ذلك، عارضت الصناعة المحلية علناً مثل هذه الاجراءات، خاصة في أوروبا – لأنها تخشى الانتقام من بكين، ولأنها تأمل في الاستفادة من تكاليف الإنتاج المنخفضة في الصين للتصدير إلى بقية العالم من مصانعها هناك.

تُعتبر النزعة الحمائية بمثابة تدمير القيمة، وفقاً لما قاله أولا كالينيوس، رئيس مجموعة "مرسيدس-بنز"، للمستثمرين في فبراير. كما وضح أوليفر بلوم، الرئيس التنفيذي لشركة "فولكس واجن" النقطة نفسها، وقال للمستثمرين هذا الشهر: "من المهم أن تكون هناك تجارة عالمية حرة". مُضيفاً: "نحن نخشى من تفاقم النزعة الحمائية".

تفتقد الدول الغنية، التي لم تبدأ فيها بعد ثورة السيارات الكهربائية، ما يحدث في بقية العالم. إنها على وشك أن تجد نفسها من المكان الخطأ بسبب سرعة التحول. سيستمر نمو الطلب على النفط في عام 2030 لأن التحركات نحو التحول إلى السيارات الكهربائية خارج العالم المتقدم تشهد تباطؤاً كبيراً، وفقاً لما قاله راسل هاردي، الرئيس التنفيذي لشركة "فيتول" لتجارة النفط والسلع، في فبراير. لكن حاول أن تقنع تاجر سيارات صينياً بتلك المعلومة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

بكين

4 دقائق

30°C
غيوم متفرقة
العظمى / الصغرى 30°/30°
8.2 كم/س
50%