"أبل" تطور روبوتات منزلية بعد تعثر مشروع السيارات

عملاقة التكنولوجيا تعزز وجودها في منازل المستهلكين وتستفيد من تقدم الذكاء الاصطناعي في مشروع الروبوتات

عملاء يلتقطون صوراً أثناء افتتاح متجر "أبل" الجديد في شنغهاي، الصين
عملاء يلتقطون صوراً أثناء افتتاح متجر "أبل" الجديد في شنغهاي، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتمتع شركة "أبل" بوجود فرق عمل تدرس سلوكيات التحول نحو الروبوتات الشخصية، وهو مجال لديه القدرة على أن يصبح واحداً من "الخطوات الكبيرة التالية" دائمة التغير بالنسبة للشركة، وفقاً لأشخاص ملمين بالوضع.

كان مهندسو "أبل" يستكشفون روبوتاً متنقلاً يمكنه تتبع المستخدمين في جميع أنحاء منازلهم، حسب الأشخاص الذين طلبوا إخفاء هويتهم نظراً لسرية مشروع "سكانك ووركس" (Skunk-works). وقالوا إن صانعة هواتف "أيفون" طورت أيضاً جهازاً منزلياً متقدماً يحاكي شكل المنضدة ويستخدم التقنيات الروبوتية لتحريك شاشات العرض.

على الرغم من أن الجهود لا تزال في مراحلها الأولى، ولم يتضح بعد ما إذا كانت المنتجات ستخرج إلى النور في النهاية أم لا، فإنها تأتي بينما تواجه "أبل" ضغوطاً متزايدة لإيجاد مصادر جديدة للإيرادات. بعدما ألغت الشركة مشروعاً لتصنيع السيارات الكهربائية في فبراير، ويُتوقع أيضاً أن يستغرق التحول إلى نظارات الواقع المختلط عدة أعوام حتى يصبح مصدراً رئيسياً للدخل.

يمكن أن تكتسب "أبل" موطئ قدم أكبر في منازل المستهلكين والاستفادة من التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي بفضل مشروع الروبوتات، لكن لم يتضح بعد النهج الذي قد تتبعه. وعلى الرغم من أن شاشة العرض الذكية الروبوتية متقدمة بكثير عن الروبوت المتنقل، فقد تمت إضافتها وإزالتها من الخطط التفصيلية لمنتجات الشركة خلال الأعوام الماضية، وفقاً لما ذكره الأشخاص.

هل تزدهر شركات الروبوتات الناشئة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

ويجري تنفيذ أعمال الروبوتات ضمن قسم الأجهزة الهندسية لدى "أبل" ومجموعتها للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، التي يديرها جون جياناندريا. كما أشرف مات كوستيلو وبريان لينش، وهما مديران تنفيذيان يركزان على المنتجات المنزلية، على تطوير الأجهزة. ومع ذلك، لم تلتزم "أبل" بأي من المشاريع على مستوى الشركة، ولا يزال العمل في مرحلة البحث المبكرة. ورفضت المتحدثة باسم الشركة التعليق على الأمر.

فرص مستقبلية في "أبل"

قبل إلغاء مشروع السيارات الكهربائية، أخبرت "أبل" كبار مسؤوليها التنفيذيين أن مستقبل الشركة يتمحور حول ثلاثة مجالات، وهي السيارات والمنزل والواقع المختلط. لكن مشروع السيارات لم يعد متواجداً الآن، وقد أصدرت الشركة بالفعل أول منتجاتها للواقع المختلط، وهو نظارة "فيجين برو" (Vision Pro). لذلك انتقل التركيز نحو فرص مستقبلية أخرى، بما فيها كيفية تنافس "أبل" بشكل أفضل في سوق المنازل الذكية.

أثار مشروع الروبوتات التي تحاكي شكل المنضدة حماسة كبار المسؤولين التنفيذيين في "أبل" لأول مرة قبل بضعة أعوام، بمن فيهم رئيس هندسة الأجهزة بالشركة، جون تيرنوس، وأعضاء فريق التصاميم الصناعية. وكانت فكرته تقوم على جعل شاشة العرض تحاكي حركات الرأس، مثل الإيماءات، لشخص ما في مكالمة "فيس تايم" (FaceTime). إضافة إلى أنه يتضمن ميزات التركيز على شخص واحد بين حشود من الناس أثناء مكالمة فيديو.

"أبل" تعتزم الكشف عن استراتيجية الذكاء الاصطناعي في يونيو

لكن الشركة كانت قلقة بشأن ما إذا كان المستهلكون على استعداد لدفع مبالغ كبيرة مقابل مثل هذا الجهاز. وكانت هناك أيضاً تحديات تقنية تتعلق بتوازن وزن المحرك الآلي على قاعدة صغيرة. في الوقت نفسه، ظهرت عقبة أساسية وهي اختلاف الرأي بين المديرين التنفيذيين في "أبل" حول ما إذا كان ينبغي المضي قدماً في صناعة المنتج، بحسب الأشخاص.

بالقرب من مقرها الرئيسي في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، تمتلك "أبل" منشأة سرية تشبه أجزاء المنازل الداخلية، وهو موقع يمكنها فيه اختبار الأجهزة والمبادرات المستقبلية للمنزل. حيث تستكشف "أبل" أفكاراً أخرى لهذا السوق، بما في ذلك إطلاق جهاز منزلي جديد مزود بشاشة تشبه "الأيباد".

جون جياناندريا، رئيس جهود الذكاء الاصطناعي لدى شركة "أبل"، الذي يساعد في الإشراف على عمل الروبوتات
جون جياناندريا، رئيس جهود الذكاء الاصطناعي لدى شركة "أبل"، الذي يساعد في الإشراف على عمل الروبوتات المصدر: بلومبرغ

التقدم في مجالات أكثر

كانت "أبل" مهووسة بتحقيق "خطوات كبيرة تالية" منذ عصر ستيف جوبز. لكن أصبح من الصعب تصور منتج قادر على مضاهاة هواتف "أيفون"، التي مثلت 52% من مبيعات الشركة البالغة 383.3 مليار دولار خلال العام الماضي.

كان من الممكن أن يسهم مشروع السيارة في تعزيز إيرادات "أبل" بمئات المليارات من الدولارات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه كان من المتوقع أن تُباع السيارة الواحدة بنحو 100 ألف دولار. وهناك منتجات قليلة أخرى تتمتع بمثل إمكانية النمو هذه، لكن "أبل" لديها عدد من المشاريع قيد التنفيذ، بما فيها نظارة "فيجن برو" المحدثة، وأجهزة "ماك" ذات الشاشة العاملة باللمس، وسماعات "إيربودز" المزودة بكاميرات مدمجة، وتقنيات صحية جديدة مثل جهاز مراقبة نسبة السكر في الدم دون وخز.

"أبل" تحقق تقدماً كبيراً في ساعتها لقياس سكر الدم دون وخز

في الوقت نفسه، يشكل الذكاء الاصطناعي محور تركيز رئيسي آخر، حتى لو كانت "أبل" تحاول اللحاق بالركب في عالم روبوتات الدردشة والتكنولوجيات التوليدية الأخرى، فهذه المجالات قد تكون متداخلة بعض الشيء مع عمل الروبوتات. وبينما لا تزال البحوث في مراحلها الأولية، يستكشف الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي لدى "أبل" استخدام الخوارزميات لتتمكن الروبوتات من التنقل في المساحات المزدحمة داخل المنازل.

"أبل" ليست أول من يطور روبوتاً منزلياً

إذا مضت "أبل" قدماً في أعمالها الروبوتية، فإنها لن تكون أول شركة تكنولوجية عملاقة تطور روبوتاً منزلياً. حيث قدمت شركة "أمازون دوت كوم" نموذجاً يسمى "أسترو" (Astro) في 2021 بتكلفة 1600 دولار. لكنها كانت بطيئة في توفير الجهاز بكميات كبيرة، ويعتبر هذا المنتج حتى الآن نموذجاً مخصصاً. كما أطلقت الشركة لأول مرة نسخة روبوتية أكثر تركيزاً على الأعمال العام الماضي ومصممة للعمل كحارس أمن.

"أمازون" قد ترسم خريطة لمنزلك عبر مكنسة "رومبا"

ولا يزال "رومبا" (Roomba) الروبوت المنزلي الأكثر شعبية، وظهر لأول مرة قبل أكثر من عقدين. ووافقت أمازون على الاستحواذ على شركة "آي روبوت" (IRobot)، المصنعة لروبوت "رومبا"، في 2022، لكن معارضة الجهات التنظيمية أدت إلى فشل الصفقة في نهاية المطاف. كما قدمت شركات أخرى أيضاً فكرة الروبوتات الشبيهة بالبشر التي تحاكي حجم وحركات الأفراد.

نقاط مضيئة لمحاولات "أبل" الفاشلة

ثمة جانب مشرق في مساعي "أبل" الفاشلة في صناعة السيارات وهو توفيرها الأسس اللازمة لمبادرات أخرى، حيث طورت الشركة محركاً عصبياً، وهو عبارة عن رقاقة ذكاء اصطناعي خاصة بالشركة وموجودة داخل أجهزة "أيفون" و"ماك"، وتم تطويره في الأصل للسيارة. كما وضع المشروع أسساً لنظارة "فيجن برو" لأن "أبل" تحققت من استخدام الواقع الافتراضي أثناء القيادة.

بدأت عملية تصنيع الروبوت ببداية مماثلة، حيث نشأ ضمن إطار العمل على مشروع السيارة "تيتان" (Titan) التابعة لـ"أبل" في 2019 تقريباً. وكانت المسؤولية تقع آنذاك على عاتق دوغ فيلد، الذي أصبح الآن مديراً تنفيذياً كبيراً لقسم السيارات الكهربائية لدى شركة "فورد موتور".

كيف بددت "أبل" مليار دولار سنوياً على سيارة لم تصنعها

في ذلك الوقت، استعان فيلد بمجموعة من المديرين التنفيذيين للعمل على مبادرات الروبوتات، بدءاً من الطائرات المُسيرة التي لا تصدر أصواتاً تقريباً إلى الروبوتات المنزلية. وكانت المجموعة تضم لينش، ونيك سيمز، المدير السابق للمنتجات المنزلية لدى "غوغل"، وديف سكوت، الذي غادر "أبل" في 2021 لإدارة شركة تصنيع أجهزة متنقلة للتصوير بالرنين المغناطيسي لفترة وجيزة ثم عاد للعمل على مشروع "فيجن برو" في 2022. إضافة إلى هانز ولفرام تابينر، المؤسس المشارك لشركة الذكاء الاصطناعي والروبوتات "أنكي" (Anki).

تطوير روبوتات للمهام المنزلية

بعد مغادرة فيلد لشركة "أبل" في 2021، تحولت أعمال الروبوتات إلى مجموعة الأجهزة المنزلية. ومؤخراً، أعيد توجيه فريق عمل سابق من مشروع السيارة الذي أغلق للعمل على الأجهزة المنزلية والروبوتات. يمكن أيضاً تخصيص نظام تشغيل السيارة، الذي يطلق عليه البعض "سيفتي أو إس" (SafetyOS)، نظرياً للروبوتات، وفقاً لأشخاص مطلعين على هذه الجهود.

كان المفهوم الأصلي للروبوت عبارة عن جهاز يمكنه التنقل بمفرده تماماً دون تدخل بشري، مثل السيارة، ويمكن أن يكون أداة لعقد مكالمات الفيديو. وكانت "أبل" تطمح لجعله قادراً على التعامل مع المهام المنزلية، مثل تنظيف الأطباق في الحوض. لكن ذلك سيتطلب التغلب على تحديات هندسية صعبة للغاية، وهو أمر غير محتمل خلال هذا العقد.

"أبل" تتخلى عن حلم السيارة الكهربائية وتركز على الذكاء الاصطناعي

كذلك، أعلنت "أبل" عبر موقعها الإلكتروني عن وظائف شاغرة في مجال الروبوتات، مما يشير إلى أنها تحاول تعزيز الفرق العاملة في هذا المشروع.

ويقول وصف أحد الوظائف المتاحة على موقع "أبل": "فريقنا يعمل عند نقطة التقاء التعلم الآلي الحديث مع الروبوتات لتشكيل الذكاء الاصطناعي الذي سيُشغل الجيل المقبل من منتجات (أبل).. نبحث عن باحثين ومهندسين مبتكرين ومجتهدين في مجال التعلم الآلي والروبوتات لمساعدتنا في البحث وتحديد وتطوير الأنظمة والتجارب الروبوتية الذكية المعقدة في العالم الحقيقي".