الأحداث الجيوسياسية تضغط على مؤشرات الأسهم الأميركية

محى مؤشر "إس آند بي 500" التقدم السابق، وانخفض بما يزيد عن 1%

لوحة تظهر عليها أسماء مؤشرات الأسهم الأميركية في نيويورك
لوحة تظهر عليها أسماء مؤشرات الأسهم الأميركية في نيويورك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أدت الأحداث الكبرى إلى انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية، حيث قفزت عوائد السندات بعد أن حفزت مبيعات التجزئة المرتفعة الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يكون في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة، في وقت أثر القلق من الأحداث الجيوسياسية على أسعار النفط.

وفي جلسة متقلبة، محى مؤشر "إس آند بي 500" التقدم السابق، وانخفض بما يزيد عن 1%. قادت شركات "إنفيديا" و"أبل" و"مايكروسوفت" الانخفاض في مجال التكنولوجيا، نظراً لحساسيته تجاه سعر الفائدة.

ارتفعت التقلبات، مع وصول العلاوة لخيارات البيع لمدة شهر واحد للحماية من تراجع الأسهم الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر. وصل "مقياس الخوف" في وول ستريت - VIX - إلى مستويات غير مسبوقة هذا العام.

نهج أكثر حذراً

قال غريغ جونسون من "بايبر ساندلر" إن "الأسهم بدأت في عكس الاتجاهات الصعودية والتراجع"، مضيفاً أنه "من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول. من المفضل اتباع نهج تكتيكي أكثر حذراً مع بدء موسم الأرباح".

انخفض مؤشر "إس آند بي 500" إلى ما دون مستوى 5100 نقطة، لينخفض إلى أدنى مستوى له منذ شهرين تقريباً. وانخفض مؤشر "ناسداك 100" الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بما يزيد عن 1.5%. اخترق كلا المقياسين المتوسطات المتحركة لمدة 50 يوماً، والتي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها إشارة هبوطية. تفوقت أسهم البنوك بفعل أرباح مفاجئة من مجموعة "غولدمان ساكس".

ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات تسع نقاط أساس إلى 4.62%، في حين اقتربت عوائد السندات لأجل عامين من 5%. وتعرضت السندات أيضاً لضغوط، بعدما توجه بنك "جيه بي مورغان تشيس" و"ويلز فارغو" إلى سوق السندات الأميركية عالية الجودة، في خطوة هي الأولى ضمن سلسلة من مبيعات البنوك للسندات بعد النتائج.

استعاد خام "غرب تكساس" الوسيط علامة 85 دولاراً، بعد انخفاضه لفترة وجيزة، وارتفع الذهب وسط مخاوف من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. وأكد كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أن البلاد ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني الذي شنته في نهاية الأسبوع.

طلب استهلاكي مرن

ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية بأكثر من المتوقع في مارس، وتم تعديل الشهر السابق بالارتفاع، مما يظهر الطلب الاستهلاكي المرن الذي يستمر في تغذية الاقتصاد القوي بشكل مدهش. وطالما أن سوق العمل القوي يدعم الطلب الأسري، فهناك خطر من أن يصبح التضخم راسخاً.

اقرأ أيضاً: النفط يقلص خسائره مع انتظار الأسواق رد إسرائيل على إيران

قال كريس لاركين من "إي ترايد" في "مورغان ستانلي" إن المستثمرين بحاجة إلى تجاوز المخاوف من تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة بسبب التضخم الثابت، إذا أرادوا أن يتجنب مؤشر "إس آند بي" أول خسارة في ثلاثة أسابيع منذ سبتمبر الماضي.

وأضاف أنه "على المدى القريب، يمكن أن يعود ذلك إلى النغمة التي حددها الأسبوع الأول الكامل من موسم الأرباح، لكن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تظل ورقة لا يمكن توقع نتائجها".

المراهنة على عدم تخفيض الفائدة في 2024

من جهته، أشار تورستن سلوك من شركة "أبولو غلوبال مانجمنت"، إلى أن الرياح القوية الناجمة عن الظروف المالية السهلة تستمر في تعزيز التضخم والنمو، بما في ذلك الإنفاق الاستهلاكي في مارس، ما يزيد من المراهنة على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة في عام 2024.

أما كريس زاكاريللي، من شركة "إندبندنت أدفايزر"، فأشار إلى أن الأسواق استفادت من أرباح الشركات القوية وأسعار الفائدة، ولكن يبدو أن هذين الأمرين يتعارضان بشكل متزايد مع بعضهما بعضاً، لذلك يجب علينا توخي بعض الحذر على المدى القريب".

اقرأ أيضاً: أسواق المال الأميركية تعيد تذكيرنا بطبيعتها الاستثنائية

تتحول توقعات السياسة النقدية نحو بداية لاحقة لتخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، والتي قال المسؤولون إنها تتطلب درجة أعلى من الثقة في أن التضخم في طريق مستدام نحو هدفه البالغ 2%. لم يعد التجار يسعرون بشكل كامل خفض سعر الفائدة قبل نوفمبر.

وقال جون ستولتزفوس من "أوبنهايمر لإدارة الأصول": "من وجهة نظرنا، لا يتعلق الأمر بارتفاع الفائدة لفترة أطول، عندما يتعلق الأمر بنظام سعر الفائدة الذي يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي، بل هو استمرار للتوقف المؤقت عن خفض الفائدة في الوقت الحالي، حتى يتخلى التضخم عن ثباته".

حافز للتصحيح

لفت سام ستوفال، من "سي أف آر إيه" إلى أنه بسبب المخاوف المتزايدة من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون "أبطأ" في خفض أسعار الفائدة، يشعر المستثمرون الآن بالقلق من أن قراءات التضخم العنيدة هذه سيُنظر إليها على أنها حافز للتصحيح.

وأضاف أنه بالنسبة لجميع التصحيحات الـ24 منذ الحرب العالمية الثانية، استغرق مؤشر "إس آند بي 500" أربعة أشهر فقط لاستعادة كل ما فقده في الانخفاض. والأفضل من ذلك، منذ عام 1990، عادت السوق إلى نقطة التعادل في ثلاثة أشهر فقط.

وقال ستوفال: "لذلك، يذكرنا التاريخ مرة أخرى أنه بالنسبة للمستثمرين على المدى الطويل، كان الشراء أفضل من التخلي عن الأسهم".

أدى التضخم العنيد والاقتصاد القوي والإشارات الصادرة عن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن أسعار الفائدة ستظل أعلى لفترة أطول، إلى عرقلة تفاؤل المتداولين بشأن خفض أسعار الفائدة بحلول الصيف. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم قلقون بشأن سوق الأسهم.

التضخم ليس سيئاً بالضرورة

يتفق المحللون في شركات "جيفريز" "جيه بي مورغان تشيس" و"سيتي غروب" و"ستايت ستريت كورب" على أن قوة البيانات الاقتصادية وأرباح الشركات كافية للحفاظ على استمرار ارتفاع سوق الأسهم هذا العام، سواء تم خفض أسعار الفائدة أم لا.

وأشار استراتيجيون من "بنك أوف أميركا كورب" بقيادة أوسونج كوون إلى أن التضخم الأكثر ثباتاً الناتج عن الزخم الاقتصادي القوي، أفضل للأسهم الأميركية من الركود التضخمي.

وكتبوا في مذكرة أنه: "إذا كان التضخم ثابتاً بسبب الزخم في الاقتصاد، فهذا ليس سيئاً بالضرورة بالنسبة للأسهم، لكن الركود التضخمي هو أمر سيئ".

دعم الأصول الخطرة

وقال جيسون دراهو من "يو بي إس" لإدارة الثروات العالمية، إن "بيانات التضخم الأخيرة قضت على فكرة الاقتصاد الأميركي المعتدل. بدلاً من ذلك، سيتعين على المستثمرين وبنك الاحتياطي الفيدرالي تحمل مسار انكماش أكثر وعورة مما افترضوه في بداية العام".

وأضاف: "لكن الظروف الكلية الشاملة للنمو، وصعوبة تباطؤ التضخم، واستعداد بنك الاحتياطي الفيدرالي لممارسة تخفيضات أسعار الفائدة، لا تزال داعمة للأصول الخطرة".

من جهتهم، كتب استراتيجيون في بنك "جيه بي مورغان تشيس" بقيادة ميسلاف ماتيكا: "لا تعتمد على موسم أرباح الشركات المتفائل لدفع الأسهم إلى الارتفاع، حيث إن الكثير من التفاؤل قد تم تسعيره بالفعل في أعقاب الارتفاع القياسي هذا العام".

وقالوا: "لقد حققت الأسهم نتائج جيدة بالفعل، مما يشير إلى أن المستثمرين أكثر تفاؤلاً مما تظهره توقعات الأرباح المتشائمة من قبل المحللين الذين ينصحون بالبيع"، وأضافوا: "نحن بحاجة إلى رؤية تسارع واضح في الأرباح من أجل تبرير التقييمات الحالية للأسهم، والتي نخشى أنها قد لا تتحقق".

توسع الأرباح

يرى الاستراتيجيون في معهد الاستثمار التابع لشركة "بلاك روك" علامات على توسع نمو الأرباح إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، وصولاً إلى قطاعات أخرى مثل الصناعات والمواد في الفترة المشمولة بالتقرير.

دعمت البيانات الاقتصادية القوية وأرباح الشركات، الرغبة في المخاطرة حتى الآن هذا العام، على الرغم من القفزة في عوائد السندات، لكن "الأرباح ستحتاج إلى تلبية التوقعات العالية"، حسبما قال فريق بقيادة كبير استراتيجيي الاستثمار العالمي وي لي يوم الاثنين في مذكرة أسبوعية.

كان تحسن التوقعات بالنسبة للاقتصاد الأميركي، واستمرار الظروف السهلة في الأسواق المالية، من الأسباب التي دفعت "معهد ويلز فارغو للاستثمار" إلى تعزيز توقعاته لسوق الأسهم الأميركية، وتقديرات أرباح الشركات.

ورفع المستشار الاستثماري توقعاته لمؤشر "إس آند بي 500" لنهاية العام 2024، لتتراوح من 5100 إلى 5300 نقطة.

وكتب الاستراتيجيون في المعهد مقررين أن "نقطة التركيز هي أن أهداف نهاية العام هذه تسمح بخيبات الأمل المحتملة في السوق فيما يتعلق بمسار التضخم وسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية".