"بيس باور" تريد أن تجعل في منازل أميركا شبكة لتخزين الكهرباء

الشركة الناشئة تجد في هشاشة الشبكة الكهربائية في تكساس نقطة لانطلاق نموذج عملها وترغب بتوسيعه عبر البلاد

time reading iconدقائق القراءة - 8
نظام بطاريات تخزين الطاقة من \"بيس باور\"  - المصدر: بلومبرغ
نظام بطاريات تخزين الطاقة من "بيس باور" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا خلاف على أن تكساس موقع ملائم لتأسيس شركة كهرباء، إذ إن الولاية باشرت تخفيف القيود التنظيمية على قطاع الطاقة قبل ما يربو على 25 عاماً، فبرزت كرائدة في قطاع الطاقة المتجددة المعتمدة على الرياح والشمس، وكذلك بتقديمها أحد أنجح النماذج الاقتصادية الجديدة لبيع الكهرباء.

تواجه شبكة الولاية ضغوطاً كبيرةً بسبب النمو السكاني والتوسع الصناعي وتأثير تغير المناخ، ما جعل شبكتها تعمل بأقصى طاقتها لتلبي الطلب، الذي كان يفوق استطاعتها في بعض الأحيان.

يُرجّح أن تواصل هذه التحديات الضغط على شبكة كهرباء تكساس، بل ويبدو أن تفاقم وطأتها محتوم مع كل سيارة كهربائية جديدة تغزو شوارع الولاية، فضلاً عن التوسع في إنشاء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ومراكز التصنيع.

أدت هذه الظروف مجتمعةً إلى بزوغ شركة "بيس باور" (Base Power) في أوستن، حيث شارك زاك ديل، نجل الملياردير مايكل ديل الرئيس التنفيذي لرائدة تطوير الحواسيب الشخصية (Dell)، في تأسيسها العام الماضي.

صُممت "بيس باور"، التي تسعى لتزويد المنازل بالكهرباء في ظل شبكة تتعرض للضغط. قال ديل وهو رئيس الشركة التنفيذي: "نعتقد أن شبكة الكهرباء القائمة معتلة، فهي قديمة وأصغر بكثير مما يجب وسيئة الصيانة. للأسف، يجعل ذلك إمدادات الزبائن غير موثوقة ومتقلبة الأسعار".

تركّب "بيس باور" منظومة بطاريات لتخزين الطاقة في منازل الزبائن مقابل ألفي دولار لتكون مصدراً للكهرباء. تهدف الشركة لمساعدة أصحاب المنازل على التغلب على انقطاعات التيار الكهربائي باستخدام بطاريتها، التي تأتي بخصم كبير جداً مقارنة بشبيهاتها، إذ إن ما يدفعه الزبون لا يتجاوز تكلفة تركيبها.

تبيع "بيس باور" البطاريات بسعر زهيد بسبب نموذج أعمالها المعقد، فهي تسعى لإقامة شبكة واسعة من البطاريات التي يمكنها الاستفادة منها باستمرار، فيما تستخدم برمجية لتراقب تقلبات أسعار الكهرباء لحظة بلحظة بحيث تتمكن من شحن البطاريات عند تراجع الأسعار ومن السحب منها حين ترتفع. تخطط الشركة الناشئة لتحقيق مكاسب من تذبذبات الأسعار نتيجة تباين العرض والطلب، وسيمكّنها ذلك من تمرير بعض الوفورات إلى المستهلكين.

تخطي التحديات

سواءً كانت الفكرة المبتكرة هي السبب أم شهرة ديل، فقد جمعت "بيس باور" 68 مليون دولار من مستثمرين مثل "ثرايف كابيتال" (Thrive Capital) بقيادة جوشوا كوشنر، "فالور إيكويتي بارتنرز" (Valor Equity Partners) و"تراست فينشرز" (Trust Ventures). لكن ديل، كما كان حال والده من قبله، يواجه قائمة طويلة من تحديات ينبغي التغلب عليها لتتحول "بيس باور" من شركة ناشئة قوامها عشرون شخصاً إلى عملاقة طاقة.

أحد هذه التحديات هو أن الشركة تفرض عدداً لا بأس به من المتطلبات لتركيب بطارياتها لدى الزبائن. على سبيل المثال، ينبغي أن يخصص أصحاب المنازل مساحة لاستيعاب بطارية كبيرة في منازلهم، وتنسيق التركيب مع كهربائي توفره الشركة وأن يغيروا الشركة التي تتزودهم بالكهرباء. في المقابل، تعد "بيس باور" بأن بطارياتها ستزودهم بالكهرباء لما يتراوح بين 6 إلى أكثر من 24 ساعة اعتماداً على حجم المنزل ومتطلباته من الكهرباء عند حدوث الانقطاعات المتكررة. بالتالي، سيتشكك البعض ما إذا كان النظام يستحق عناء تركيبه.

كما تتطلب مثل هذه العملية فريق مبيعات ضخماً وحشداً من المقاولين لإدارة التركيبات. كان ديل والمؤسس المشارك، جاستن لوباس، يحرصان على الترويج لبطاريات "بيس باور" في منازل العملاء المحتملين مباشرة خلال العام الماضي. قال ديل مازحاً: "الترويج من باب إلى باب تجربة تجلب التواضع الى النفس، لكنها في تكساس هي مخيفة بعض الشيء".

درس ديل مشكلات شبكة الكهرباء لسنوات أثناء عمله في مجال الحيازات الخاصة لدى "بلاكستون" (Blackstone)، ثم لدى شركة رأس المال الجريء "ثرايف" (Thrive) عبرها التقى لوباس، الرئيس السابق لقطاع التصنيع في شركة "أندوريل إندستريز" (Anduril Industries) الناشئة لتقنيات الدفاع، إذ إن "ثرايف" من أبرز مستثمريها.

نشأ توافق بين الرجلين وقررا تأسيس "بيس باور" الصيف الماضي، وهما يديرانها من منزل يملكه أحد مستثمري الشركة الناشئة لكنهما سينقلان نشاطها قريباً إلى أول مقر مناسب. "فالور إيكويتي بارتنرز"، وهي من قدامى المستثمرين في "تسلا" التي تبيع أيضاً البطاريات وأنظمة الطاقة الشمسية للاستخدام المنزلي، من أهم داعمي "بيس باور".

لا يسهل نقل الاشتراك بين شركات تزويد الكهرباء في كل مناطق تكساس لأن سياسة تخفيف القيود التنظيمية تصاحبها بعض التحفظات، لكن انقطاع التيار الكهربائي مشكلة كبيرة في جميع أنحاء الولاية. كما أن انقطاعات التيار الكهربائي شائعة في كاليفورنيا، فيما تداني شبكات عدة ولايات حدود طاقتها القصوى لتلبية الطلب المتزايد. عموماً، أخفقت الولايات المتحدة في الاستثمار في بنيتها التحتية للكهرباء خلال العقود الأخيرة، لا سيما في ظل تزايد في النمو السكاني وفي طلب القطاع الصناعي.

مشكلات تجلب فرصة

يرجح مؤسسا "بيس باور" أن يؤدي التحول إلى بدائل مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى تفاقم المشكلات في جميع أنحاء البلاد كونها تعتمد على ظروف معينة لكي تعمل، تحديداً الرياح وأشعة الشمس. يقول لوباس وديل إن ذلك يجعل الشبكة أقل موثوقية ويفتح أسواقاً جديدة لشركتهما.

كما يمكن أن يكون بناء شبكة من البطاريات بمثابة قوة تثبيت لشبكات الكهرباء عبر البلاد. شرح لوباس: "هدفنا الرئيسي الذي نتطلع إلى تحقيقه هو نشر عدد كبير من البطاريات عبر شبكة الكهرباء حيث تشتد الحاجة إليها"، مضيفاً أن: "تكساس تنتج وتستهلك كهرباء أكثر من أي ولاية أخرى في أميركا، لكنها مجرد نقطة بداية".

اجتذبت "بيس باور" عدداً من الموظفين البارزين من شركات "أندوريل إندستريز" و"سبيس إكس" و"تسلا"، وبينهم مجموعة مبرمجين يعكفون على ابتكار برامج قادرة على إدارة عقود مقايضة الطاقة المعقدة من جهة، وتقديم طريقة مبسطة وعصرية للزبائن كي يتابعوا استخدامهم للكهرباء وليدفعوا فواتيرهم.

يقدّر مستثمرو الشركة قيمتها بنحو 300 مليون دولار، وفقاً لأشخاص مطلعين على شروط التمويل طلبوا عدم كشف هوياتهم لدى تطرقهم لبيانات غير معلنة. كتب كوشنر في بيان عبر البريد الإلكتروني: "إننا متحمسون لمقاربة (بيس باور) المُقسم الذي يعطي أولوية للبرمجيات، فيما نتوقع أن نجد ارتفاعاً حاداً في الطلب على الكهرباء".

نظام موثوق

في بداياتها، تشتري "بيس باور" معظم تقنية البطاريات والكهرباء التي توفرها من موردين آخرين. في غضون ذلك، تعكف الشركة الناشئة على تطوير نظام بطاريات التخزين داخلياً، والذي سيميزه تصميمها الصناعي الشبيه بما تفعله شركة "أبل" ويمكن تركيبه بسرعة أكبر. كما تخطط لبناء مزارع لاستجرار طاقة الرياح والشمس خلال السنوات المقبلة لتوفير الكهرباء. حتى الآن، ركبت الشركة أنظمتها في منازل قليلة، لكنها تقول إن لديها بضع مئات من الأشخاص على قائمة الانتظار.

لقد عانى جيسون لوري من انقطاعات عديدة في الخدمة خلال السنوات القليلة الماضية. لوري، المقيم في إحدى ضواحي أوستن، وهو من أوائل زبائن "بيس باور" الأوائل، أمضى أشهراً يبحث عن مولدات وخيارات الأخرى قبل أن يقرر تجربة "بيس باور". قال: "بالتأكيد، كنت متردداً بعض الشيء وكان لدي أسئلة حول التسعير والموثوقية. لكنني اغتنمت الفرصة أيضاً لاختبار التقنية الجديدة".

تشكل مرحلة التوسع من أوائل المستخدمين إلى الجمهور العريض تتويجاً لجهود غالبية الشركات الناشئة. لكن شهادات مثل شهادة لوري قد تساعد على قفزة في الترويج لخدماتها في تكساس. كان الأخير يشاهد إحدى مباريات بطولة كرة القدم الجامعية في يناير عندما لاحظ تذبذباً طفيفاً في التيار الكهربائي في منزله.

قال لوري: "لم أكن متأكداً مما حدث، لذلك خرجت ونظرت إلى نهايتي الشارع الذي كان مظلماً بأسره، لكن لم يكن لدي أي انقطاع فواصلت مشاهدة المباراة مع زوجتي". لقد كان كل شيء كما ينبغي، فقد اجتمع له أنه موجود في تكساس ويحضر مباراة كرة القدم دون انقطاع في التيار الكهربائي.

تصنيفات