بعد مغامرة "تسلا".. هل أصبحت "بتكوين" تساوي النقود؟

بتكوين مع الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني
بتكوين مع الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني المصدر: رويترز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انتعش عالم العملات الرقمية بعد قرار إيلون ماسك استثمار 8% من احتياطيات "تسلا" النقدية في العملة الرقمية "بتكوين"، إذ يمثِّل وصول بتكوين لميزانية رابع أكبر شركة في العالم بمثابة لحظة فارقة للعملة، وبوابة القبول الأوسع كبديل للنقدية. وقال مايك نوفوغراتس، الذي يدعم بتكوين منذ وقت طويل، إنَّ "كل شركة في أمريكا" ستقبل العملة كوسيلة دفع قريباً.

وقال مايكل سايلور، الذي وضعت شركته "مايكروستراتيجي إنك، مليار دولار في بتكوين، إنَّ أيام الدولار كعملة احتياطيات أصبحت معدودة.

وحثَّ المحلل ميتش ستيفز، من "آر بي سي كابيتال ماركتس"، شركة "آبل" على اتباع خطى "تسلا".

الشكوك حول بتكوين لا تنتهي

وخارج عالم مشجعين بتكوين، يتخذ المراقبون وجهة نظر مختلفة، مفادها أنَّ العملة الرقمية قد تحظى بقبول أوسع، ولكنَّ الأمر الأكثر ترجيحاً هو أنَّ تظل بتكوين كما كانت دائماً: أصل مضاربة يتبناه متجر أو اثنان كوسيلة دفع إلى جانب النقدية.

ويقول تشيستر سبات، أستاذ التمويل في كلية كارنيغي ميلون تيبر للأعمال، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين، ومدير مكتب التحليل الاقتصادي في لجنة الأوراق المالية والبورصات: "بالتأكيد لدي شكوك عميقة في حدوث تحرُّك واسع في هذا الاتجاه في المستقبل القريب؛ لأنَّ العملة الرقمية تتسم بتقلُّبات هائلة، مما يثير الكثير من التساؤلات".

كما أنَّ المشاركين في السوق لديهم شكوكهم، ويشيرون إلى أنَّ السيناريو الأساسي لبتكوين تحوَّل من وسيلة لتبادل البضائع والخدمات إلى "ذهب رقمي"، ومخزن للقيمة، مما يروج لـ"الاحتفاظ" بالأصول الرقمية بدلاً من إنفاقها على المعاملات التجارية.

وكان ذلك صحيحاً بشكلٍ خاص في الوقت الذي طارد فيه المستثمرون حول العالم العائدات الأعلى في ظل مواصلة البنوك المركزية الإبقاء على أسعار الفائدة قرب الصفر، وتقديم الحكومات حزم تحفيز وفيرة خلال وباء كوفيد 19، مما عزَّز المخاوف بشأن ارتفاع وشيك في التضخُّم.

"تسلا" لها رأي آخر

ولكنَّ مغامرة "تسلا" تطرح حجَّة مضادة منطقية، فإذا نقلت الشركة النقدية إلى بتكوين، فهي تساوي بين الاثنتين، وهو ما يفسر أيضاً سبب ما قالته شركة صناعة السيارات الكهربائية، إنَّها ستقبل بالأخير العملة الإلكترونية وسيلةً للدفع مقابل سياراتها، وبالتالي إذا كانت بديلاً للنقدية، فلماذا لا نستطيع استخدامها على هذا النحو؟ ويتمثَّل الاختبار الحقيقي لإيمان "تسلا" بالعملة المشفرة في كيفية تسعير مركباتها.

ويقول سبات: "هل ستسعِّر "تسلا" سياراتها ببتكوين أم بالدولار؟"، مضيفاً أنَّ ذلك محوريٌّ لما تعنيه الشركة. وحتى إذا كانت "تسلا" وماسك يرونها افتراضياً، مثل العملات التقليدية - لأنَّها مكانٌ يمكن وضع الاحتياطيات فيه، وشيء يمكن به شراء طراز "3"- فإنَّ أغلب الشركات، وجميع الشعب الأمريكي تقريباً، يراها شيئاً آخر، وبالتأكيد ليست شيئاً مثل النقدية.

بتكوين تلقى مزيداً من القبول

وارتفعت بتكوين العام الماضي بنسبة 300%، وشكَّلت المعاملات التجارية 0.3% فقط من جميع المعاملات في العملات المشفرة، أما البقية فكانت تداولات عالية الأحجام، وفقاً لشركة الأبحاث "تشين أناليسيز" (Chainanalysis)، وفي الوقت نفسه، هناك 15 ألف شركة حول العالم تقبل بتكوين، أو توفِّر ماكينات صرف آلية للعملات المشفرة، بحسب بيانات "فانديرا" (Fundera)، و"كوين ماب دوت أورج".

وتخطط "باي بال هولدينغز إنك"، التي بدأت قبول التعامل بالعملات المشفرة في أكتوبر، أن تسمح للتجار على شبكتها البالغ عددهم 29 مليون قبولها كذلك، ومع ذلك، سيدفع للتجار بالعملات التقليدية، مثل الدولار ،وليس العملات المشفرة، عندما يقوم عملاء "باي بال" بمشتريات.

ولا يستطيع المحاسبون لدى ماسك أن يعاملوا بتكوين معاملة النقدية نفسها، وسيضطرون إلى خفض قيمة ممتلكاتهم منها عندما ينخفض سعرها، ولكن لن يستطيعوا زيادة القيمة حتى يتحقَّق المكسب، وكل ذلك يسلط الطبيعة المضارِبة لمثل هذه الخطوة.

"إيلون ماسك" المثير للجدل دائماً

ويشتهر أغنى رجل في العالم بأعماله الدعائية المثيرة، وحاجته لجذب الانتباه، وأقحم نفسه في محاولات إنقاذ فريق كرة قدم تايلاندي محاصر، ودخن الماريجوانا في برنامج "البودكاست" لجو روغان، ومؤخراً، أصبح يغرِّد بشأن "دوج كوين"، وهي عملة رقمية أخرى تمَّ إنشاؤها على سبيل المزاح.

ويمكن لماسك أن يقول، إنَّ "تسلا" ستقبل العملة الرقمية مقابل السيارات، ولكن أظهرت البيانات على مر السنوات أنَّ أغلب المستثمرين يرونها كأصل مضاربة، وليس شيئاً يمكن حمله في المحافظ التقليدية، ولكن إعطاء مناصريه الإمكانية لاستخدامها كنقدية؛ لا يؤدي سوى إلى زيادة انجذابهم إلى "تسلا"، و"بتكوين".

وقال لويس كويندو، المؤسس المشترك لـ"أراغون" (Aragon)، وهي منصة لبناء وإدارة المؤسسات غير المركزية، وتدير أصولاً تزيد على 650 مليون دولار، إنَّ قبول مدفوعات باستخدام بتكوين هو مجرد علامة على ازدياد زخم قبول العملة، ولا يعني أنَّ المستهلكين سيستعملونها على نطاق واسع.

وأضاف: "تواصل "تسلا" باعتبارها أروع شركة إنتاج سيارات، تحسين صورة علامتها التجارية من خلال إظهار نفسها من أوائل متبني العملة الرقمية".

وحتى الآن، كان للتحوُّل من النقدية إلى بتكوين تأثير إيجابي، وكانت العملة تتداول بالفعل بالقرب من 40 ألف دولار قبل إعلان "تسلا" يوم الإثنين، وصعدت منذ ذلك الوقت بنسبة 20% إلى مستوى قياسي 48.215 دولاراً.

وقال جيل لوريا، مدير الأبحاث المؤسسية في "دي إيه ديفيدسون آند كو": إنَّ "الهدف الأصلي لبتكوين هو أن تكون نقدية رقمية... ولكن أغلب الناس الذين يحملون بتكوين الآن، يعتقدون أنَّها استثمار".