ما سر علاقة ظهور "بتكوين" بحركة دينية غامضة؟

بتكوين عملة مثيرة للجدل طوال الوقت
بتكوين عملة مثيرة للجدل طوال الوقت المصدر: غريتي إيمدجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل أكثر من 10 سنوات، ظهرت عملة "بتكوين"، لكن مؤخراً، تجاوزت القيمة الإجمالية للعملة الشهيرة 700 مليار دولار لأول مرة، وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد حتى الآن إجماع حول ماهيتها بالتحديد، وهو ما يعدُّ أحد الأسباب التي تجعلها تهبط بشكل حاد ومفاجئ بين الحين والآخر.

ويطلق على "بتكوين" اسم "العملة المشفرة"، غير أنَّها لا تسلك تماماً سلوك العملات التقليدية، كما أنَّه من الشائع تسميتها بـ"الذهب الرقمي"، لكنَّها كذلك لا تعدُّ سلعة.

وفي حين يميل بعضهم إلى اعتبارها بمثابة شركة ناشئة، أو شركة مثل "فيسبوك" أو "باي بال"، يعدُّها آخرون شكلاً آخر من أشكال الاحتيال التي تعرف بمكيدة "بونزي"، ويعتقدون أنَّها مسألة وقت قبل أن تصل إلى رقم يعدُّونه قيمتها الحقيقية؛ وهو

(0 دولار).

وبغض النظر عن الاستعارات المالية، ربما تكون أفضل طريقة للتفكير في "بتكوين" هي تصورها كحركة دينية نوعا ماً. وليس المقصود هنا التلميح أنَّ ذلك أمراً سيئاً، ولكن على الأشخاص أن يقرروا ما إذا كانت معتقدات مناصري العملات المشفرة لها حججها المقنعة أم لا. وعلى الرغم من ذلك، فقد صادف أنَّ "بتكوين" تضمُّ العديد من ملامح وخصائص المعتقدات أو الأحزاب والحركات، بدءاً من المناسبات الخاصة حتى المبشِّرين بها، والمناصرين لها.

من قام بابتكار هذا الأصل الجذاب والمثير للجدل؟

لقد تمَّ تطوير "بتكوين" من قبل شخصية غامضة ليس لها وجود فعلي معروف. وهو يُدعى باسم ساتوشي ناكاموتو. في حين يبقى اسمه الحقيقي غير معروف. وفي مرحلة ما، توقَّف ناكاموتو عن النشر على الإنترنت تماماً، وكأنَّه قد اختفى من كوكب الأرض. وهو شخصياً لم يقم أبداً ببيع العملات والاستفادة منها، لو حتى لمرة واحدة، وقد ابتكر هذا الشيء بقيمته الهائلة دون أي مؤشر واضح على قيمته، مما يجعله شخصية ناكرة لذاتها بالأساس.

وتعدُّ كتابات ناكاموتو بمثابة نصوص ذات طابع مقدس، لأشد مناصري العملة الرقمية. وتوجد الوثيقة البيضاء أو المستند التقني لـ"بتكوين" ومنشوراته المبكرة على لوحة النقاشات في منتدى "Bitcointalk.com"، فقد كان ساتوشي يراسل زملاءه من الـ "سايفربانك" والمهتمين بابتكار النقود الرقمية. ومن ثم، يعدُّ هؤلاء الأوائل هم أول مناصري الـ"بتكوين".

ويعدُّ هال فيني، أوَّل متلقٍ معروف لمعاملة "بتكوين"، من بين هؤلاء، وقد توفي فيني في عام 2014، وقد تمَّ تجميد جثته بالتبريد في منشأة في سكوتسديل بولاية أريزونا، على أمل أن يستطيع العلم أن يوقظه يوماً ما، فكل الاعتقادات والحركات لديها نظرتها الميتافيزيقية الخاصة بالحياة الأبدية، وكما أوضح فين بروتون في كتابه "الصدام الرقمي: التاريخ المجهول للفوضويين والمثاليين والتقنيين الذين ابتكروا العملات المشفرة "، فقد تداخل تاريخ ما قبل "بتكوين" بشكل كبير مع حركة تدعى بـ "الإكستروبية" (Extropian movement)، وهي حركة تؤمن بإمكانية تحقيق الحياة الأبدية من خلال تبني التكنولوجيا.

تشابه مع أصحاب المعتقدات

وتتسم نظرة "بتكوين" للعالم بخصائص أخرى تتشارك بها أصحاب المعتقدات ومنتمي الحركات. فهناك ميل لشيطنة بعض الجهات (المصرفيون ومحافظو البنوك المركزية)، ووعود ضمنية بالثروات للمناصرين الحقيقيين أو من يعرفون في عامية منتديات البيتكوين بالـ "HODL"، وهم من (يحتفظون بالعملات دون بيع). كما أنَّ هناك نظرة استياء تجاه من لا يؤمنون بالعملات الرقمية، ويرفضون ذلك الاتجاه (حيث تعد جملة "استمتع بالبقاء فقيرًا" تعويذة شائعة لدى أشد مناصري العملة الرقمية).

ويوجد نظام خاص بالـ"بتكوين"، ومناسبات خاصة بها مثل "يوم بيتزا البتكوين" وغيره، والذي يحدث كل أربع سنوات، عندما تنخفض وتيرة إصدار عملات "بتكوين" الجديدة إلى النصف. كما توجد انشقاقات داخل مناصري الحركة ذاتها. ففي عام 2017، قامت مجموعة لديها رؤية مختلفة لتوسيع نطاق عملات "بتكوين" بالانفصال بعملة "بتكوين كاش"، ثم تفرَّعت من داخلها مجموعة أخرى، واستحدثت عملة "بتكوين إس في" (وتشر الأحرف إلى Satoshi’s" "Vision أي رؤية ساتوشي).

وبالطبع، لا يعبأ كل من يهتم بعملة "بتكوين" بهذه الأشياء. فالغالبية تضارب فقط من أجل المال، وسوف ينسحبون في المرة القادمة التي تشهد فيها "بتكوين" انخفاضاً كبيراً. ولكن حتى الآن كان الفائزون الكبار هم الأتباع الذين لم يترددوا أبداً في التزامهم تجاه العملة، واتجاه كونهم "HODL". لذلك إذا اشترى شخص ما في حياتك عملة "بتكوين"، ولم يتوقَّف عن الحديث عنها والتبشير بها، فأنت الآن تعرف السبب، لقد انضمَّ لحركة جديدة.