العمل عن بُعد.. هل يحقق عدالة التوظيف أم يلغيها؟

العمل عن بُعد فتح الباب أمام توظيف المواهب بغض النظر عن مكانها
العمل عن بُعد فتح الباب أمام توظيف المواهب بغض النظر عن مكانها المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كريستال تومكزيك تتحدث بشغفٍ عن ازدهار العمل من المنزل. وهي تَشغل منصب نائبة الرئيس لشؤون العدالة والمساواة لدى شركة العقارات الأمريكية "زيلو جروب"، ويقتضي عملها بالمساعدة في التوظيف والاحتفاظ بأشخاص يمثلون الفئات الديمغرافية المتعددة.

ويأتي ذلك رغم أن تقرير تحقيق التعدد والمساواة في الشركة العقارية لعام 2020، كان بعيداً عن تحقيق هذه الأهداف. حيث يشكِّل الرجال حوالي ثلثي المناصب القيادية، ويستحوذ ذوو البشرة البيضاء على نحو 80% من الوظائف العليا. ومن بين أكثر من 5 آلاف موظف في الشركة، هناك 5.1% فقط من السود، و6.9% من ذوي الأصول اللاتينية، وهو ما يقل بكثير من نسبة كل منهم من التعداد السكاني في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، يمكن أن تكون مهمة تومكزيك أكثر سهولة بفضل ثورة العمل عن بُعد التي تسارعت بسبب الإغلاق الناجم عن الوباء.

وشاركت "زيلو" كشركات أخرى في مجال التكنولوجيا، في ثورة العمل عن بُعد. وهو ما سمح للموظفين بالعمل بشكلٍ دائمٍ من أي مكان في الولايات المتحدة أو كندا إذا ما أتيحت لهم شبكة "واي فاي" جيدة.

انخفاض تكاليف المعيشة

وهناك فوائد عديدة تعود على الموظفين من العمل بعيداً عن المكتب، منها انخفاض تكاليف المعيشة في الأماكن الأبعد، وشعور العمال بسعادة أكثر. وكما تقول تومكزيك إن السبب الرئيسي وراء تبني شركة العقارات العاملة عبر الإنترنت "نموذج عمل عن بُعد"، هو "القدرة على تنويع القوى العاملة".

ويقع مقر "زيلو" في مدينة سياتل في الولايات المتحدة، وهي مدينة يقل عدد سكانها من ذوي الأصل الأفريقي واللاتيني عن المتوسط في باقي البلاد. لكن في ظل ظروف العمل الراهنة لن تضطر الشركة إلى تقييد عمليات التوظيف في المدينة.

ومن هذا المنطلق، تقول تومكزيك: "سَمح لنا العمل عن بُعد بتقديم عروض عمل بناءً على مكان تواجد الموهبة بالضبط. وممكن لوكالات التوظيف أن تبحث الآن عن المواهب من ذوي البشرة السوداء، أو الأشخاص من الأصول العرقية المختلفة أينما كانوا". وتتفحص الشركة بالفعل مجموعة متنوعة من المرشحين في مدن مثل أتلانتا ودالاس وفينيكس، لشغل وظائف مطوري البرمجيات.

وعادة ما يفكر الاقتصاديون في المدينة التي تقع بها الشركة كسوق العمل المناسب، إذ عادة ما يتقدم 81% من الناس لشغل الوظائف في منطقتهم الحضرية. لكن العمل عن بُعد غير هذه الأفكار.

ووجد استطلاع حديث أجرته شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" أن حوالي 13%، من بين 133 مديراً تنفيذياً خضعوا للاستطلاع، مستعدون للتخلي عن المكتب إلى الأبد.

ويمكن لهؤلاء المسؤولين التنفيذيين الاستفادة من المواهب في كافة أنحاء البلاد، وأصبح أرباب العمل أكثر تقبلاً لتوظيف شخص لا يعيش قريباً من مقر العمل، بعد أن كانوا يرفضون ذلك تماماً.

البحث عن المواهب أصبح ممكنا في أي مكان بالعالم

وفي الوقت ذاته، وجد استطلاع أُجري في سبتمبر من العام الماضي على أكثر من 330 مسؤولاً تنفيذياً للموارد البشرية في الشركات الأمريكية الكبرى، أن أكثر من ثلث المستطلعين كانوا على استعداد لفحص طلبات المرشحين القادمين من أي مكان في العالم.

وقد ساهم تفشي الوباء بالفعل في تعزيز فرص العمل عن بُعد، فقد ارتفعت نسبة الوظائف الأمريكية المعروضة على محرك البحث "إنديد"، والتي تستخدم مصطلح "العمل عن بُعد" بأكثر من الضعف، وذلك لتشكل 5.8% في ديسمبر 2020، وذلك بعد أن كانت تمثل 2.8% فقط في العام السابق.

ويمكن أن يكون الوصول إلى مجموعة أوسع نطاقاً من الأشخاص، جذاباً بالنسبة للشركات التي تعهدت بتعزيز التنوع الديمغرافي لديها. وبالنسبة للشركات في أمريكا يعد ذلك أمراً هاماً خاصة بعد حركة الاحتجاجات التي أُطلق عليها اسم "حياة السود مهمة".

ويقول جد كولكو، كبير الاقتصاديين لدى "إنديد": "العمل عن بُعد قادرٌ على إتاحة الفرص. هذه هي الفرضية، وهذا صحيح. لكن هناك العديد من الاستثناءات، إحدها يتمثل في صعوبة إنجاز أكثر من 60% من الوظائف من المنزل. كما أنه من المرجح أن يكون أولئك الذين يميلون إلى العمل في مجالات تصلح للعمل عن بُعد، هم من فئات ذوي البشرة البيضاء أو الآسيويين، وقد يكونوا أعلى أجراً وأكثر تعليماً".

وإلى جانب كل الفوائد المحتملة، هناك "الكثير من السيناريوهات التي يمكن أن تسوء بها الأمور"، كما تقول جيسيكا لي، محامية الموظفين في "مركز قانون حياة العمل". والتي تقول أيضاً إنه إذا لم يكن أرباب العمل على دراية بالمخاطر، فإن التحول إلى العمل عن بُعد سيعيق مبادرات التنوع وقد يقود إلى رفع دعاوى قضائية. وتقول "لي" إنها قلقة بشكل أكثر بشأن النساء والأمهات.

ويقدر "مركز قانون حياة العمل" أن المكالمات التي يتلقاها على الخط الساخن للحصول على مشورة قانونية بشأن قضايا موقع العمل تضاعفت بمقدار ثلاث مرات خلال العام الماضي.

وتقول جوان ويليامز، وهي مديرة "مركز قانون حياة العمل"، وأستاذة قانون بـ"جامعة كاليفورنيا هاستينغز" الواقعة في سان فرانسيسكو، إن المركز تلقى اتصالاً من سيدة قيل لها إنها ستفقد وظيفتها إذا شوهد طفلها على موقع "زوم" أثناء اجتماعات العمل. وتساءلت تلك السيدة: "هل سيخصصون مال لصنع قفص من أجل وضع طفل عمره عامين فيه؟".

وأشارت ويليامز إلى أن طفرة العمل من المنزل كانت مثيرة للقلق بشكل خاص لرؤساء العمل، وذلك في ظل "الترتيبات العائلية التقليدية" والاضطرار لوجود شخص قائم بالرعاية بدوامٍ كاملٍ في المنزل.

وفي إشارة إلى العمل عن بُعد، قالت السيدة التي هُددت بفقدان وظيفتها، إن رؤساءها لا يثقون بالعمل عن بعد. وهم يريدون العودة إلى العمل على أرض الواقع. ومع ذلك، تشعر ويليامز بالتفاؤل بأن أرباب العمل الأكثر تطوراً، خاصة في منطقة وادي السيليكون، سيكونون أكثر انفتاحاً.

وفي الأوقات العادية، من المتوقع أن يحصل الآباء على خدمة لرعاية الأطفال عند العمل عن بُعد، حسبما قالت ويليامز. لكن العام الماضي كان بعيداً تماماً عن المألوف، فالناس لم يعملوا فقط من المنزل، بل كانوا يقومون بما يسميه الباحثون: العمل في الأزمات، وتَطلَّب منهم الأمر القيام بأنشطة إضافية كآباء ومعلمين بجانب أعمال وظيفتهم.

وبالرغم من أن هذا الوضع لن يدوم إلى الأبد، إلا أنه يشكِّل ويعزز تحيزات أرباب العمل والمديرون الفعلية ضد مقدمي الرعاية، اللذين عادة ما يكونوا من النساء.

ورصد الباحثون ظاهرة تعرف باسم "وصمة العار"، فقد وجدت دراسات عديدة في مختلف بيئات العمل أن كلا من الرجال والنساء اللذين يطلبون أوضاع مرنة للعمل تتم معاقبتهم بطريقة أو بأخرى، وينظر إليهم بدونية باعتبارهم مقدمي رعاية، بسبب مفهوم العامل المثالي الذي لا يتحمل أي مسؤوليات خارج نطاق عمله. ووجدت أبحاث أخرى أن النساء يتم الحكم عليهن بشكل أكثر قسوة لرعايتهن لأطفالهن أثناء أيام العمل، أو لطلبهن مرونة أكثر في ساعات العمل.

وتقول كايتلين كولينز، عالمة الاجتماع في جامعة واشنطن في سانت لويس: "غالباً ما يتم تنميط وقولبة النساء باعتبارهن أقل التزاماً وقدرة على العمل عندما يصبحن أمهات وينجبن أطفالاً".

وأضافت كولينز، التي تُدرِّس عدم المساواة بين الجنسين في العمل: "عندما تضطر الأم لتقديم الرعاية للطفل أثناء العمل، يميل زملاء العمل والرؤساء بإعطائها الكثير من نظرات الملامة، ووسمها بالأحكام المسبقة".

هل ساعد العمل عن بُعد على تعزيز المساواة بين الجنسين؟

وهناك نظرية مفادها أن قضاء عاماً آخر في العمل القسري عن بُعد يمكن أن يضاعف هذه الوصمات لدى النساء العاملات.

ووجدت الاستطلاعات قبولاً أكبر للعمل من المنزل، خاصة بين الرجال، اللذين لم يعتقد كثيراً منهم سابقاً أن هناك إمكانية لإتمام وظائفهم عن بُعد.

كما أظهر استطلاع للرأي أجري في شهر أبريل 2020 على 1025 من الآباء والأمهات، بقيادة دانيال كارلسون من "جامعة يوتا"، أن الرجال كانوا يساهمون بشكل أكثر في المنزل ويعملون بنفس قدر النساء تقريباً وذلك في بداية عمليات الإغلاق الناجمة عن الوباء.

ويشعر بعض الأكاديميين بالتفاؤل إزاء استمرار هذا التحول حتى بعد الوباء، مما يؤدي إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في العمل.

بينما تشير دلائل أخرى إلى استمرار أوجه انعدام المساواة، فقد تابع كارلسون وزملاؤه دراسة الآباء في نوفمبر الماضي. ومع أنهم لم يحللوا البيانات بشكل كامل حتى الآن، لكن الاتجاهات الأولية تظهر انحداراً إلى العرف السائد ما قبل الجائحة.

وبصفته أباً لطفلين ولديه زوجة تدير شركة ملابس خاصة بها من قبو منزلهما، لم يكن كارلسون مندهشاً للغاية، فقد قال: "عليك التحلي بالوعي. الأم لا تزال موجودة لتتحمل الجزء الأكبر في الرعاية والمهام عن الأب، لقد وجدنا أنفسنا مضطرين لمحاربة الكثير من هذه الضغوط".

ويبدو أن الرجال الذين كانوا يتسمون بالحماس في الربيع للمشاركة في المهام المنزلية قد فقدوا الاهتمام أو عادوا إلى عاداتهم القديمة، في حين أن النساء الذين انغمسوا في رعاية الأطفال والأعمال المنزلية هن اللواتي باتوا مضطرين لترك وظائفهن.

وفي سبتمبر من العام الماضي، قامت 865 ألف امرأة بالانسحاب من القوى العاملة، وهو مؤشر صارخ على أن المرأة لا تزال تتحمل وطأة الآلام الاقتصادية عند نشوب صراع بين العمل والأسرة.

ويمكن أن يؤدي العمل عن بُعد بشتى الطرق إلى تضخيم أوجه التحيز الذي يغذي انعدام المساواة، إذ تواجه النساء وتحديداً من ذوات البشرة الملونة تحيزات بالفعل نظراً لعدم اعتبارهن أشخاص أكفاء كأقرانهم من الذكور، وأصحاب البشرة البيضاء.

وربما تزيد العزلة التي يفرضها العمل عن بُعد من صعوبة إثبات تلك المجموعات لجدارتها، كما أنه يُصعِّب عليهم الدخول إلى الشبكات، والحصول على رعاة ومستشارين، وتمرير مهام العمل التي تؤدي إلى ترقيات.

واستطاع نيك بلوم، أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات العليا في إدارة الأعمال في "جامعة ستانفورد"، تحديد هذا الخطر من الناحية الكمية أثناء دراسته العمل عن بُعد.

وفي ديسمبر 2010، أنشأ بلوم تجربة واقعية للعمل من المنزل بين العاملين في مراكز الاتصال الخاصة بأحد وكالات السفر الصينية، حيث تتبع هو وزملاؤه 249 موظف، وقاموا بتقسيمهم عشوائياً إلى مجموعتين، إحداهما عملت عن بُعد والأخرى من المكتب.

ووجدوا أن إنتاجية المجموعة التي تعمل من المنزل ارتفعت بنسبة 13% خلال الأشهر التسعة من التجربة، لكن معدَّل ترقيات تلك المجموعة انخفض.

وكتب الباحثون: "يبدو أن أحد الجوانب السلبية للعمل من المنزل- بشرط الوفاء بالأداء المطلوب- هو ارتباطه بمعدلات ترقية منخفضة نسبتها 50% تقريباً".

ولن تكون هناك أي مشكلة إذا ظل الجميع في المنزل إلى الأبد، لكن ليس هذا ما يبدو عليه العمل بالنسبة لمعظم الناس بعد السيطرة على الوباء. حيث يفضل معظم أرباب العمل والموظفين السيناريو المختلط، الذي يعمل فيه الناس بضعة أيام في الأسبوع من المكتب.

الأشخاص العاملون عن بُعد سيكونون أكثر عزلة وتقل فرصهم في الترقية

وفي الاستطلاعات الشهرية التي شملت 500 شركة و25 ألف شخص في سن العمل في الولايات المتحدة، وجد بلوم أن معظم المستطلَعين يتوقعون العمل من المنزل خلال 20% من أيام العمل الرسمية.

وفي ظل هذا النموذج، يخشى بلوم من أن بعض المجموعات الديموغرافية- مثل النساء اللاتي لديهن أطفال صغار- ستكون أكثر عرضة للبقاء في المنزل ودفع الثمن لهذا الأمر.

ويقول الاقتصادي بلوم: "ستكون للعمل من المنزل تداعيات سيئة، خاصة على هذه المجموعات التي لن تجد منهم أي مديرين كبار بعد 10 أعوام من الآن. وهذا قد يفتح كابوساً من الدعاوى القضائية التي لا حصر لها حول التمييز".

ويوصي بلوم، الذي يقدم المشورة لنحو 200 مدير بشأن القضايا المتعلقة بمكان العمل، بإنشاء جداول زمنية مع تحديد الأيام التي يمكن للجميع الحضور فيها إلى المكتب.

فمثل هذه الخطوة من شأنها معالجة التحيز في عمليات الترقية، فضلاً عن أنه يشير إلى أن أرباب العمل لا يزالون يربطون العمال بشكل أساسي بالمكاتب.

وهذا الأمر قد يمحو مكاسب التنوع الديمغرافي المحتملة الناتجة عن القدرة على التوظيف من أي مكان، وقد يعني أيضاً أن الأشخاص القاطنين في أماكن بعيدة عن مقر العمل سيكونون أكثر عزلة وسيدفعون ثمناً باهظاً. تخيل الآن أن هؤلاء الأشخاص يميلون إلى أن يكونوا من فئات ديمغرافية مختلفة، ويمكنك البدء في معرفة إلى أي مدى تصبح الأمور صعبة.

وتقول إيفلين كارتر، أخصائية علم النفس الاجتماعي والعضو المنتدب في شركة "باراديجم استراتيجي"، التي تقدم استشارات بشأن التنوع والشمولية: "في أفضل الأحوال، يمكن للعمل عن بُعد إعادة إنشاء مكان عمل أكثر إنصافاً، لكنه لن يفعل ذلك. لكن مع ذلك يمكن لتعديل الهياكل التنظيمية أن تُخفف العزلة للعاملين عن بُعد، لكن هذا الأمر يتطلب العمل لأجله".

وتتعامل تومكزيك مع هذه المشكلات في "زيلو"، فبعد السيطرة على الوباء، سيُصنف كافة الموظفين العاملين بدوامٍ كامل في واحدة من أربعة أشكال وظيفية.

إذ أن أكثر من النصف منهم سيكونو عاملين "عن بُعد"، بينما سيتبع ثلث الموظفين نموذجاً مختلطاً بين العمل من المنزل والمكتب، وحوالي 3% سيكون لديهم وظائف مكتبية، أما الشكل الرابع فهو العاملين في الميدان (العمل الخارجي)، والذي يعمل فيه 7.2% من الموظفين.

ومن هذا المنطلق، لن يشعر الأشخاص القاطنين في أماكن نائية بالانفصال عن مكان العمل، خاصة أن كل الاجتماعات التي تتم مع ثلاثة أشخاص حاضرين على الأقل تحدث الآن من خلال تطبيق "زوم" أو تقنيات مماثلة.

وبالإضافة إلى ذلك، ولأن بعض الأشخاص لا يستطيعون النجاح خلال محادثات الفيديو، تشجع الشركة القيام بعمل تعاوني من خلال "مستندات غوغل" أو غيرها من الأنظمة التي لا تشترط التزامن، وذلك لضمان تمثيل صوت الجميع.

النساء هنّ الفئة الأكثر تضرراً من العمل عن بُعد

وبعد سماع تعليقات الآباء، حددت "زيلو" في بداية العام الحالي "ساعات العمل الأساسية"، وانعقاد كافة الاجتماعات بين الساعة 10:00 صباحاً والساعة 2:00 ظهراً بتوقيت الولايات المتحدة بالنسبة للجميع، بمن فيهم المدير التنفيذي.

وتقول تومكزيك: "أملنا هو تخفيف الضغوطات خاصة بالنسبة للآباء. نحن لا نريد أن يشعروا بأنهم يُنظر إليهم بطريقة مختلفة بسبب أطفالهم وواجبتهم تجاه تعليمهم أو رعايتهم". ومع تقدم الأمور، تخطط تومكزيك للتحدث مع الموظفين لمعرفة الأمور المناسبة وغير المناسبة بالنسبة لهم.

ويعتبر الأجر واحداً من تلك الأمور، فقد كانت هناك نقاشات كثيرة حول كيفية حساب التعويضات المالية في ظل انتشار العمال عبر المدن وفي أماكن مختلفة. وقال بعض أرباب العمل، في شركات مثل "فيسبوك" و "مايكروسوفت" وشركة "ريدفن" المنافسة لـ "زيلو"، إنهم سيخفضون أجور العاملين إذا انتقلوا إلى أسواق ذات تكلفة معيشة أقل. وقالت "زيلو" إنها لن تفعل ذلك، لكنها مثل معظم الشركات، تضع تكلفة المعيشة في الاعتبار عند حساب الأجور، وقد تبتعد الشركة عن هذه الممارسة، نظراً لأنها قد تؤدي إلى أوجه تفاوت غير مقصودة في الأجور.

وتقول تومكزيك إن "زيلو" تستعرض المساواة في الأجور مرتين سنوياً، وبالتالي: "هذا يوفر لنا ضوابط للتوازن، مع استمرار توزيع قاعدة موظفينا بشكل أكبر، للتأكد من أننا نحافظ على هذه المساواة".

وحتى المنظمات ذات النوايا الحسنة تتعامل مع اضطراب كبير في ظل طريقة العمل الراهنة، التي سيكون لها تأثيرات غير المتوقعة.

وتقول عالمة الاجتماع كولينز: "أعتقد حقاً أن التغيير والتنويع الثقافي أصبح ممكناً"، لكنها تحذر مما سيبدو عليه الأمر بدون تغييرات سياسية وتنظيمية أيضاً.

وقالت: "بدون الدعم الحكومي للبنية التحتية، بما في ذلك الإجازة العائلية مدفوعة الأجر ورعاية أطفال ميسورة التكلفة، ستستمر معاناة النساء من ركود الأداء الوظيفي في المنزل، وسنعود إلى حيث بدأنا".