مخلفات التعدين.. قنبلة موقوتة تتزايد مخاطرها كل يوم

لتفادي وقوع كارثة أخرى ككارثة "فالي دي ريو دوسي" يجب على الشركات الاستثمار بطرق أفضل للتخلص من مخلفات التعدين

هناك مشكلة بانتظارنا
هناك مشكلة بانتظارنا المصدر: بلومبرغ
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعمل القائمون على صناعة التعدين مؤخراً على تعديل القوانين التي تحكم هذا القطاع بعد وقوع مأساتين في غضون ثلاث سنوات؛ فقد أعلنت حكومة البرازيل مؤخراً عن خططها لحظر بناء سدود مخلَّفات التعدين فوق الأنهار بعد مأساة برومادينهو، في يناير 2019، التي تسببت بها هذه الطريقة ذات التكلفة المنخفضة لتجميع نفايات التعدين، فضلاً عن انهيار "سماركو" (Samarco) عام 2015.

وكانت شركة "فالي دي ريو روسي" (Vale SA)- المملوكة للحكومة، ومشغِّل موقعي الانهيارين- قد بدأت باتخاذ خطوات على أرض الواقع، على شاكلة إعلان الحكومة، وأوقفت عمل جميع سدودها التي تعمل بالآلية نفسها. كما سبقت حكومة تشيلي البرازيل إلى حظر إقامة السدود فوق الأنهار عام 1970، في ظل طبيعتها المعروفة بكثرة الزلازل التي تشكل خطراً على استقرار برك المخلَّفات.

هذا أقل ما يمكن للقائمين على الصناعة فعله لحماية أنفسهم، فالفكرة التي تقوم عليها شركات التعدين، هي تحويل الموارد المعدنية العامة إلى أرباح خاصة، وعندما تصبح آثار عمل هذه الشركات سلبية على المجتمع المحيط (سواءً عبر التسبب بالتلوُّث أو الكوارث أو حتى عدم التخلُّص من المخلَّفات بالطريقة المناسبة)، فإنَّها ستدفع الحكومة إلى سن قوانين تحظر أنشطتها، وتنهي وجودها، ولعل المثال على ذلك في الفلبين، التي تعدُّ من أغنى دول العالم بالموارد المعدنية، في حين تمتنع شركات التعدين العالمية عن استغلال مواردها بعدما شهدته من انهيارات في سدود مخلَّفات التعدين في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وما قادت إليه هذه الانهيارات من ردود فعل شعبية عنيفة.

كي يتمكَّن القائمون على صناعة التعدين من استعادة ثقة العامة، يترتب عليهم فقط الاستثمار في تحسين طرق التخلُّص من النفايات، ولكنَّ الأمر ليس بهذه السهولة، لا سيَّما مع وجود العديد من المؤشرات التي تثبت أنَّ التخلُّص من تلك النفايات، سيصبح أصعب خلال العقود القادمة، وليس العكس.

أحد هذه الأمور هو نسبة المعادن داخل صخور الخام– أي نسبة المعادن الأساسية في الصخور المستخرجة من الأرض– التي تتناقص بشكل مستمر منذ عقود، فبعد أن كان عنصر النحاس يشكل 0.74 % من صخور النحاس الخام المستخرج عام 2005، انخفضت نسبته لتصل إلى 0.59 % عام 2017، بحسب شركة "إيه إم إي" (AME) للاستشارات:

لا يبدو في هذا الرقم ما يثير القلق، إلا أنَّ الأمر سيكون مختلفاً إذا ما نظرنا إليه بعين الصناعة التي تنتج قرابة 20 مليون طن متري من النحاس كل عام، فبحسب التقديرات، أنتجت مناجم النحاس 1.4 مليار طن سنوياً من النفايات الإضافية عام 2017 مقارنة بعام 2005، في زيادة يعود نصفها إلى انخفاض نسبة النحاس في الصخور المستخرجة، ونصفها الآخر إلى زيادة الإنتاج.

استفادت شركات التعدين الضخمة من انخفاض هذه المعدَّلات بشكل كبير، من خلال استغلال الرواسب الكبيرة، منخفضة الجودة، أكثر من أي وقت مضى، مما قاد إلى ارتفاع هائل في إنتاج مخلَّفات التعدين، ووصل إلى 14 مليار طن متري عام 2010، بالإضافة إلى زيادة حجم نفايات التعدين التي أدَّت إلى رفع تكاليف فصل النفايات عن المعادن الثمينة، الأمر الذي جعل بدوره من الطرق الرخيصة، والأكثر خطورة للتخلُّص من النفايات الأكثر جذباً وتفضيلاً.

ونتيجة لذلك، أخذت حوادث انهيار سدود مخلَّفات التعدين الكبيرة- كانهيار "برومادينهو" Brumadinho) )، و"سماركو" (Samarco)- بالتزايد في العقود الماضية، على الرغم من انخفاض إجمالي أعداد المخالفات، بحسب قاعدة البيانات التي يعدُّها المستشاران "لندسي نيولاند بوكر" (Lindsay Newland Bowker)، و"ديفيد تشامبرس" (David Chambers).

هناك مشكلة أخرى، إذ يرتبط السبب الرئيسي لانهيار سدود مخلَّفات التعدين خارج مناطق الزلازل بالماء - كمية الماء في الطين المليء بالمعادن خلف السد، والكمية التي تدخل مجمع السد، والكمية التي يتمُّ تصريفها لتحويل النفايات اللزجة إلى صلبة.

تزيد حدَّة الفصول الرطبة والجافة من صعوبة الحفاظ على درجة الأمان في السدود، عن طريق تسريع تعرية السدود، والتسبُّب بتمدد الأرض وتقلصها، حتى يصبح حال السد تماماً كحال المنزل القائم على أسس غير ثابتة، كما تزيد غزارة الأمطار من خطورة الحوادث التي قد تحدث بسببها، مما يؤدي إلى حدوث انهيارات كارثية.