لماذا لا يجب على "جاغوار لاند روفر" التسرّع نحو الطاقة الخضراء؟

جاغوار لاند روفر تعلن عن تحول أغلب منتجاتها لكهربائية خلال العقد المقبل
جاغوار لاند روفر تعلن عن تحول أغلب منتجاتها لكهربائية خلال العقد المقبل المصدر: بلومبرغ
Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعجُّ الأسواق بوعود إنتاج ملايين السيارات الكهربائية الجديدة، إذ يحب المستثمرون صوت أيِّ شيء فيه طاقة خضراء.

وتماشياً مع هذا التوجه، أعلنت شركة "جاغوار لاند روفر" المملوكة لشركة "تاتا موتورز" الهندية، في 15 فبراير، عن إجراء إصلاح شامل، إذ ستصبح أغلب منتجات الشركة كهربائية في العِقد المقبل تقريباً، مع تخصيصها 2.5 مليار جنيه إسترليني (3.4 مليار دولار) سنوياً لهذه الخطوة.

وتَعِدُ الشركة أن يكون صافي انبعاثات الكربون صفراً في جميع المجالات مع حلول عام 2039. ويمثِّل ذلك استراتيجية خضراء كبيرة وجريئة، كما أمضت لأجلها الشركة السنوات القليلة الماضية في كبح جماح تكاليفها، وإنفاقها الاستثماري بشدة. ومع ذلك، وبرغم كل هذه الضجة، يجب التفكير في مدى واقعية هذه الخطط.

كجزء من خطتها التي أطلقت عليها اسم "إعادة التصور"، وضعت شركة صناعة السيارات البريطانية جداول زمنية طموحة، وذلك لأنَّ "جاغوار" ستصبح علامة تجارية فاخرة تعمل بالكهرباء بالكامل مع حلول عام 2025، كما ستنتج "لاند روفر" ست سيارات كهربائية كلياً، مع طرح الطراز الأول في غضون ثلاث سنوات تقريباً.

وبحلول عام 2030، تأمل الشركة أن تكون 60% من سيارات "لاند روفر" التي سيتمُّ بيعها مجهزة بمحركات خالية من أنابيب العادم.

وتستعد "جاغوار لاند روفر" أيضاً للحصول على طاقة خلايا وقود نظيفة، مع نماذج أولية من المتوقَّع أن تنطلق في طرق المملكة المتحدة في غضون الاثني عشر شهراً القادمة.

وتتلاءم هذه الأهداف بشكل جيد مع نهج "الكهربة" السائد، ولكن لم يتضح بعد كيف ستصل الشركة إلى تلك الأهداف.

ولن تكون نسخة البطارية المخطط لها من سيارة "السيدان" الفاخرة "جاغوار إكس جي" التي تمَّ الإعلان عنها في عام 2019 جزءاً من التشكيلة الجديدة. بدلاً من ذلك، من المتوقَّع أن يؤدي هذا الإلغاء إلى شطب ما لا يقل عن 300 مليون جنيه إسترليني، بحسب ما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" في 16 فبراير، نقلاً عن شخصين شاركا سابقاً في المشروع.

هل خطط "جاغوار لاند رفور" واقعية؟

لكن، لم تؤدِ الاستثمارات الضخمة على مدى العقد الماضي إلى أسطول من نماذج السيارات الكهربائية إلى نجاح كبير للشركة. فحتى الآن، تمتلك "جاغوار لاند روفر" سيارة كهربائية واحدة فقط -"جاغوار آي-بيس"- وقد تمَّ تصنيعها بواسطة جهة تصنيع متعاقدة، وليس داخل الشركة.

وفي الربع المنتهي في ديسمبر 2020، كانت أكثر من 50% من مبيعاتها كهربائية ولكن من هذه الفئة، كانت أكثر من 40% من السيارات الهجينة الخفيفة، والسيارات التي لا يمكن توصيلها بالطاقة، ولا يمكن تشغيلها بواسطة محرِّكاتها الكهربائية فحسب. وعادةً، لا ينظر إليها على أنَّ لديها كفاءة في استهلاك الوقود.

ويتطلَّب تحويل المركبات الرياضية التي تستهلك الكثير من الوقود مثل سيارة "لاند روفر" الشهيرة إلى سيارات كهربائية بطاريات باهظة الثمن، وكثيفة، وكبيرة إلى جانب المزيد من المحرِّكات.

وقد وعدت الشركة بأوَّل نموذج كهربائي بالكامل من "لاند روفر" في عام 2024. ويعمل عدد من الشركات الناشئة، بما في ذلك محبوبة المستثمرين "ريفيان للسيارات" (Rivian Automotive Inc)، على سيارات الدفع الرباعي الخضراء، وتخطط لإطلاقها قريباً.

وأكثر ما يهم هو كيف تدير شركة "جاغوار لاند روفر" الأرباح خلال تحوُّلها نحو الطاقة الخضراء، فقد قال محللو "غولدمان ساكس" في مذكرة، إنَّ تركيز الشركة على توليد تدفُّق نقدي حر، وخفض الديون "عبر تخفيضات التكلفة، وهبوط الحصة السوقية" في المناطق الرئيسية "يشير إلى توقُّعات بأنَّ أعمال الشركة ستكون مليئة بالتحديات". ويذكر أنَّ "جاغوار لاند روفر" أعلنت في يوم الأربعاء أنَّها ستسرِّح 2000 عامل.

وفي السنوات السابقة، أنفقت الشركة ما بين 14% و16% من إيراداتها على الاستثمار، بما في ذلك البحث والتطوير، ونفقات رأس المال، وفقاً للعروض المالية العامة للشركة والتقارير الأخرى، لكنَّها خفَّضت هذه النفقات منذ إطلاق خطة التحوُّل لعام 2018.

وفي إطار مبادرة (Project Charge+) الحالية، يتمثَّل الهدف في الوصول إلى 2.5 مليار جنيه إسترليني من المدخرات مع حلول نهاية السنة المالية 2021؛ وهو المبلغ نفسه الذي تقول، إنَّها ستلتزم به سنوياً لاستراتيجيتها الكهربائية الجديدة.

ويجب أن يأمل المستثمرون أنَّ استراتيجية "إعادة التصور"لن تعوض ببساطة العمل الشاق المتمثِّل في تشديد ضوابط التكلفة، وخفض الإنفاق الاستثماري على مدى السنوات القليلة الماضية.

وعلى نطاق أوسع، وكما هو الحال في هذه الصناعة، تستند خطط "جاغوار لاند روفر" إلى شعورٍ عميق وملح، إذ يتمُّ فرض لوائح مناخية صارمة، وتفرض مجموعة من صانعي السيارات من الجيل الجديد تحولاً أسرع نحو تقنيات السيارات الكهربائية.

التحول للكهرباء باهظ التكلفة

ومع ذلك، فإنَّ "الكهربة" الكاملة تأتي بتكاليف باهظة، ولهذا السبب استغرق عمالقة مثل "تويوتا"، و "فولكس واجن" سنوات لصقل استراتيجياتهم، وبرغم ذلك، فإنَّ هؤلاء ما يزالوا غير كاملين.

فمنذ ما يزيد قليلاً عن عامين، أعلنت "فولكس واجن" عن خطط لإنتاج 1.5 مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2025. وفي عام 2020، قامت بتسليم أكثر من 212 ألف سيارة كهربائية، بزيادة قدرها 158% عن العام السابق.

لكن من هذا المجموع، فقط 134 ألف سيارة تعمل بالكامل بالبطاريات الكهربائية. وتستهدف الشركة الآن ما بين 6%، و8% من المبيعات لتكون كهربائية بحتة هذا العام. وحتى مع الزيادات، أخفقت "فولكس واجن" بالوصول إلى أهدافها الأوروبية الخاصة بثاني أكسيد الكربون لعام 2020.

أما "تويوتا" فقد أصدرت تفاصيل عن أحدث سياراتها الكهربائية البحتة فقط في نهاية عام 2020، وأعلنت في هذا الشهر في -السوق الواسعة للولايات المتحدة- عن طرازين جديدين يعملان بالكهرباء بشكل كامل. ذلك على الرغم من سنوات من نجاحها في بيع الملايين من السيارات الهجينة، ووجود عدد كبير من سياراتها التي تعمل بالوقود البديل في الأسواق.

وفي السنوات السابقة، أطلقت بشُحٍ (وتوقَّفت) سيارتها الكهربائية من طراز "راف4". وهي الآن تقيم مشاريع مشتركة، وشراكات لتأمين إمدادات البطاريات، كما أنَّها حصلت على أكبر عدد من براءات الاختراع المتعلِّقة بالبطاريات.

وفي ظلِّ عدم إطلاقها سيارات كهربائية بحتة في هذا العام، ومع زيادة اختراق كل من الصين وأوروبا، يمكن أن تستمر "جاغوار لاند روفر" في خسارة حصتها في سوق فئة الوقود البديل. وفي الوقت نفسه، وفقاً للتقارير المالية للشركة، ارتفعت المديونية إلى 7.17 مليار جنيه إسترليني اعتباراً من ديسمبر، من 5.8 مليار جنيه إسترليني في مارس 2020.

كما فشلت "جاغوار لاند روفر" في تلبية معايير الانبعاثات الأوروبية خلال العام الماضي، مما اضطرها لشراء اعتمادات امتثالاً للقوانين في الولايات المتحدة، والصين.

أما بالنسبة لـِ"جاغوار لاند روفر"، فهي مرحلة صعبة ومحفوفة بالمخاطر، وعلى الأغلب سيفيد تخفيف الضجيج والإنفاق الشركة على المدى الطويل؛ بالرغم من أنَّ ذلك لن يُطرب آذان المستثمرين. لكن، لماذا يجب وضعهم في موضع يخيِّب آمالهم؟