هل ستنجح فولكس واجن في اختبار طرح "بورشه" للاكتتاب العام؟

سيارة 911 الفاخرة  من بورش
سيارة 911 الفاخرة من بورش المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُمثل التحرك المحتمل لشركة "فولكس واجن" الألمانية العملاقة لصناعة السيارات، لطرح شركتها "بورشه" للسيارات الرياضية في البورصة، لحظة إستراتيجية فاصلة، ويشير إلى أن التغييرات غير المسبوقة في صناعة السيارات قد تكون مجرد بداية.

ولقد نجحت " فولكس واجن" وشركات أخرى في مواجهة جائحة كورونا أفضل بكثير مما كان متوقعاً في البداية، وحققت أرباحاً قوية ومبالغ ضخمة من التدفقات النقدية.

ومع ذلك، فإن تقييماتها منخفضة للغاية مقارنة بشركة "تسلا" الرائدة عالمياً في صناعة السيارات الكهربائية.

ولم يأسف أي مدير تنفيذي في شركات صناعة السيارات بشكل علني ومتكرر مثل "هربرت ديس"، الرئيس التنفيذي لـ " فولكس واجن" الذي يتصدر عناوين الأخبار بشكلٍ دائم من خلال التأكيد على الضرورة الملحة التي يجب أن تتحرك بها الشركة لإحداث تغييرات بها.

ويمثل بحث إدارج "بورش" في البورصة بمثابة إشارة إلى تلك الحاجة الملحة وسيكون اختباراً أساسياً نوعاً ما لمستقبلها.

وقال "يورغن بيبر" المحلل في "بانكهاوس ميتزلر" إن "عدم التحرك قدماً يعود إلى التقييم المنخفض، وهو ما اشتكى منه "ديس" في الماضي، وهذا عائق كبير.. الطرح العام الأولي لشركة "بورش" سيكون بمثابة الحل السحري".

وارتفعت أسهم "فولكس واجن" بنسبة 1% بعد وقت قصير من بدء التداول المنتظم في فرانكفورت، فيما تثير" بورشه" شهية المستثمرين بشكلٍ واضح.

تقييمات مرتفعة للطرح

ويعتقد "مايكل دين" المحلل في "بلومبرغ إنتليجنس" أن شركة "بورشه" المصنعة للسيارة "911" يمكن أن تبلغ قيمتها 110 مليارات يورو (133 مليار دولار) في طرح عام أولي، أي ما يزيد بنحو 20 مليار يورو عن تقييم المستثمرين لـ "فولكس واجن" حالياً.

لكن إنجاز الطرح العام الأولي لـ "بورش" لن يكون أمراً بسيطاً بسبب العقبات المؤسسية التي وقفت في طريق المحاولات الأخرى التي قام بها "هربرت ديس"، الرئيس التنفيذي لـ"فولكس واجن" البالغ من العمر 62 عاماً، لإحداث تغييرات في الشركة منذ توليه مهام منصبه في 2018.

ويجب أن تتم الموافقة على القرارات الرئيسية من قبل المساهمين المهيمنين على الشركة، وفي كثير من الأحيان بقيادة عائلتي "بورشه" و"بايش" وولاية ساكسونيا السفلى، التي تميل إلى جانب النقابات العمالية القوية.

"السيارة القديمة"

ومع ذلك، فإن صعود شركة "تسلا" أرسل إشارة واضحة إلى هربرت ديس، الرئيس التنفيذي لمجموعة "فولكس واجن" بضرورة اتخاذ تدابير قوية من أجل أن تستقبل أسواق رأس المال طرح أسهم شركات "السيارات القديمة".

وتأتي مراجعة "فولكس واجن" للخيارات بشأن "بورش" في أعقاب قرار شركة "دايملر إيه جي" الألمانية للسيارات فصل وحدة الشاحنات الخاصة بها بعد سنوات من معارضة الإدارة لمثل تلك الخطوة. وارتفعت أسهمها بنسبة 13% منذ ذلك الحين وتحوم حول أعلى مستوى لها في ثلاث سنوات.

وحتى بعد فصل وحدة الشاحنات الخاصة بها، تبلغ قيمة "دايملر" حوالي 86 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريباً تقييم شركة "نيو إنك" (NIO Inc)، وهي شركة سيارات صينية متخصصة في تصميم وتطوير السيارات الكهربائية، التي حققت ما يقرب من عُشر الإيرادات في 2020.

المستثمرون يفضلون الوافدين الجدد

ولدى المستثمرين وجهة نظرة سيئة إزاء قدرة شركات صناعة السيارات على مواكبة الشركات الوافدة الجديدة غير المرتبطة بشبكات الإنتاج الكبيرة التي تتمحور حول محركات الاحتراق.

وأعلنت شركة "فورد موتور" (Ford Motor) الأمريكية لصناعة السيارات الأسبوع الجاري عن خطة للتحول إلى إنتاج سيارات ركاب كهربائية بالكامل بحلول 2030.

ومن الواضح أن "فولكس واجن" لن تدخر جهداً للحاق بركب "تسلا"، بعد أن خصصت شريحة أكبر من ميزانية إنفاقها البالغة 150 مليار يورو للاستثمار في السيارات الكهربائية والبرمجيات في السنوات الخمس المقبلة.

وعلى الرغم من قوة الأرباح حالياً، فإن الشركات ستتعرض للضغوط بسبب جميع التكاليف المرتبطة بإيقاف بعض العمليات.

وقال فيليب هوشوا، المحلل في "جيفريز غروب"، وهو بنك استثماري أمريكي متعدد الجنسيات ومقره نيويورك في مذكرة: "الميزانية العمومية لشركة "فولكس واجن" قد لا تكون مناسبة لتمويل الاستثمارات المتسارعة في السيارات الكهربائية وذاتية القيادة وتمويل التقليص المتسارع للمسائل الموروثة".

"سيارة مثل فيراري"

ويمكن أن تحقق حصيلة طرح "بورشه" في البورصة نجاحاً كبيراً، بفضل قوة علامتها التجارية وشكلها الفاخر، ما يعادل سيارات "فيراري"، الشركة الإيطالية لصناعة السيارات الرياضية، وهي واحدة من قصص النجاح الحديثة النادرة بين شركات السيارات التقليدية.

وانفصلت شركة "فيات كرايسلر" عن " فيراري" شركة تصنيع السيارات الفائقة في عام 2015، وارتفعت الأسهم بنسبة 282% منذ طرحها للاكتتاب العام في البورصة.

ومن المحتمل أن تتجاوز مبيعات سيارة "بورشه 911" وحدها أرباح "فيراري" قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء، وفقا لما قاله "مايكل دين" المحلل في "بلومبرغ إنتليجنس".

ولدى "بورش" قصة نجاح في السيارات الكهربائية، حيث إن سيارتها الكهربائية "تايكان" (Taycan) التي ظهرت لأول مرة في عام 2019، تشير إلى أنه قد يكون نصف مبيعاتها من السيارات التي تعمل بالبطارية (الكهربائية) بحلول عام 2025.

وستضيف "بورش" سيارة أكثر اتساعاً من "تايكان" إلى منتجاتها في وقت لاحق من العام الجاري، ثم تطرح نسخة تعمل بالبطارية من طراز "ماكان كروس أوفر" في عام 2022 والتي ستستند إلى منصة جديدة للسيارات الكهربائية يتم تطويرها بالاشتراك مع "أودي"، إحدى الشركات الألمانية التي تنتج سيارات فاخرة وهي جزء من مجموعة "فولكس واجن".

"لا شيء جديد"

إن فكرة إدراج شركة "بورش" بشكلٍ منفصلٍ في البورصة عن "فولكس واجن"، ليست جديدة على هذا النحو.

فقبل ثلاث سنوات، أشار "لوتز ميشكي" المدير المالي لشركة "بورشه" للسيارات الرياضية، إلى القيمة المحتملة لها عبر الطرح بالبورصة خلال كلمة غير رسمية في مركز للأبحاث والتطوير خارج شتوتغارت، ليواجه موجة توبيخ من قبل المقر الرئيسي لشركة "فولكس واجن".

ويبدو أن المعارضة داخل مجلس إدارة "فولكس واجن" قد تراجعت في أعقاب التحول الذي تشهده صناعة السيارات وتوقعه الكثيرون قبل سنوات، لكنه الآن يكتسب قوة دفع بوتيرة غير مسبوقة.

وما يقرب من 10% من سيارات الركاب المباعة بأوروبا في الربع الرابع 2020 تعمل بالبطاريات الكهربائية. وفي ديسمبر الماضي، كانت حصة السيارات الكهربائية حوالي 14% من إجمالي مبيعات السيارات في أوروبا.

ومع ذلك، فإن إدراج "بورشه" بالبورصة ليس أمراً مؤكداً. وشرعت "فولكس واجن" في مراجعة الأصول قبل 5 سنوات، بهدف المزيد من إقرار مبدأ اللامركزية والتسلسل الإداري وتبسيط عملياتها في أرجاء الشركة.

ولا تزال نتائج جهود الإصلاح الإداري متواضعة حتى الآن، مع محاولات لفصل العلامات التجارية المتخصصة مثل "دوكاتي" (Ducati) و"لامبورغيني" (Lamborghini) من قبل أصحاب المصلحة الرئيسيين.

وأدرجت "فولكس واجن" بالبورصة وحدتها "تراتون" لصناعة الشاحنات عبر طرح عام أولي في عام 2019، وكاد أن يخرج عن مساره بسبب الخلافات الداخلية.

وقال توم نارايان المحلل في "أر بي سي كابيتال" (RBC Capital) عبر الهاتف: "إن كنت تعتقد أن الاتفاق على بيع الشركة الايطالية سيكون بالأمر السهل فأنت مخطئ، لأن ذلك لم يحدث من قبل فلماذا سيتم الأمر مع بورش".

وأضاف: "الأمر بالفعل محبط بالنسبة للشركات التقليدية وهي ترى "تسلا" تستطيع من خلال بيع الأسهم تمويل نمو أعمالها واكتساب حصة سوقية على حساب شركات السيارات التقليدية".