بعد انتشار السيارات الكهربائية.. هل يودع العالم محطات الوقود التقليدية؟

محطات الوقود التقليدية عليها مواجهة واقع جديد
محطات الوقود التقليدية عليها مواجهة واقع جديد المصدر: بلومبرغ
Nathaniel Bullard
Nathaniel Bullard

Nathaniel Bullard is BloombergNEF's Chief Content Officer. He writes weekly for Bloomberg Green on energy, transport, technology, climate and finance

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في أكبر حملة تطعيم على الإطلاق، جرى إعطاء أكثر من 181 مليون شخص جرعة لقاح مضادة لوباء كورونا في جميع أنحاء العالم حتى الآن، وهذا لا يعني أننا وصلنا إلى نهاية الوباء، لكننا قد نكون في بداية النهاية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن العالم على وشك أن يصبح أكبر بكثير مرة أخرى.

ومن المقرر أن تكون المركبات الكهربائية وسيلة التنقل المسؤولة عن كثير من انتقالات البشر، الذين بدأوا في العودة إلى طبيعتهم مرة أخرى. وتعتبر شركة "فورد"، وهي أحد الشركات المؤسسة لقطاع السيارات الأمريكي، أحدث مثال على تطبيق هذا الأمر، إذ تعهد صانع السيارات الأمريكي مؤخراً بأن تكون كافة مبيعاته من السيارات- في أوروبا على الأقل- كهربائية بحلول 2030.

وكنت أفكر مؤخراً في مشهد انتشار السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، بدءاً من محطات الوقود، وليس المركبات نفسها. خاصة أن هناك أكثر من 106 آلاف محطة وقود في الولايات المتحدة، أي أقل مما كان عليه الوضع في عام 1990، وأكثر من الأعوام التي تلت الأزمة المالية العالمية، وما يعادل إحصاءات عام 2005 تقريباً.

التوظيف في محطات الوقود

كان نمط التوظيف يتتبع عدد محطات الوقود إلى حد ما، وذلك على الأقل خلال منتصف العقد الأول من الألفية، إذ انخفض إجمالي العمالة من أواخر التسعينيات إلى عام 2010، ثم ارتفع مرة أخرى بعد انقضاء أسوأ أزمة مالية عالمية بما يتماشى تماماً مع ارتفاع عدد المحطات.

ووصل عدد الموظفين في كل محطة وقود إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في عام 2019، إذ كانت تحوي كل محطة تسعة موظفين بالتحديد. وكان إجمالي العمالة في محطات الوقود في أوائل عام 2020 أقل قليلاً من ذروته التي وصل إليها في أواخر التسعينيات، ثم تفشى وباء "كوفيد-19" الذي تسبب بدوره في انخفاض العمالة، لكنها سرعان ما تعافت حتى مع استمرار تفشي الوباء.

مصير المحطات بعد السيارات الكهربائية

كيف سيكون وضع العمال في محطات الوقود عندما يكون أغلبية أسطول السيارات كهربائياً؟ للإجابة على هذا الأمر، دعونا نلقي نظرة على النرويج (كما فعل الممثل الأمريكي ويل فيريل في إعلان للسيارات الكهربائية).

وصلت مبيعات وقود السيارات في النرويج إلى ذروتها، وسجلت مبيعات البنزين انخفاضاً مستمراً لعقد من الزمان، في حين بلغت مبيعات الديزل والبنزين مجتمعة ذروتها في عام 2017. لكن مع بدء تشغيل أسطول السيارات بالكهرباء هناك، لا يُحتمل تعافي أرقام المبيعات على الإطلاق، رغم بلوغ عدد محطات الوقود النرويجية ذروتها قبل أعوام.

ويساهم وجود كل مركبة كهربائية جديدة في النرويج في القضاء على جانب من استخدامات محطة الوقود، لكن هل يؤدي أيضاً إلى القضاء على جوانب الاستخدام الأخرى؟. وفقاً للقيمة، بلغت مبيعات المواد الغذائية والبقالة في محطات الوقود النرويجية ذروتها قبل الأزمة المالية العالمية، وتراجعت ثم ارتفعت مرة أخرى قبل أن تعاود الانخفاض في عام 2018

لن أقول إن هذا دليل قاطع على أن أسطول المركبات الكهربائية المتنامي يلحق الضرر بالأعمال الأخرى غير الوقودية في محطات الوقود النرويجية. في الواقع، ذكرني زميل نرويجي أن محطات الوقود غالباً ما تكون الشيء الوحيد الذي يفتح أبوابه هناك ليلاً. الجدير بالذكر أن الأمر نفسه ينطبق على الولايات المتحدة، إذ يعمل أكثر من 95% من موظفي محطات الوقود هناك إما في خدمات الطعام أو وظائف التجزئة.

وربما لا نحتاج إلى العديد من محطات الوقود خلال عقد من الزمان مثلما نحتاج الآن، لكن أي منها سيغلق أبوابه؟ لا أعتقد أنها ستكون المحطات الحضرية الصغيرة الملحقة ببعض وسائل الرفاهية، فهذا النوع من المحطات متواجد من أجل السوق المقتصرة على أفراد المدينة الذين لا يملكون أي خيارات أخرى للتزود بالوقود.

وأشك أيضاً في أنها ستكون المحطات الضخمة على الطرق السريعة الخارجية، فتلك المحطات متواجدة بالمثل من أجل السوق المخصصة لسائقي المسافات الطويلة، كما أنها قادرة على التكيف أيضاً مع السيارات الكهربائية. لكني أعتقد أن محطات ضواحي المدن التي تخدم السكان الذين لديهم قدرة كبيرة على شحن سياراتهم في المنزل ستكون أول المتأثرين.

فكرة باهظة الثمن

وماذا سيحدث لهم عندما يفعلون ذلك؟ للإجابة على ذلك، دعونا ننظر إلى كندا، حيث يتواجد المطورون الراغبون في تحويل محطات الوقود القديمة، والذين يدفعون في الغالب مقابل تنقية البيئة بشكل أكثر من أرض المحطة ذاتها.

وربما يكون تحويل محطة وقود إلى متجر تجزئة أو مطعم أو مدرسة متعددة الاستخدامات فكرة باهظة الثمن للغاية، لكن خفض التكلفة يمكن أن يتم بطرق عديدة دون اللجوء لفكرة إنشاء مشروع جديد، وبالتالي عدم الإضرار بالتربة. وقد لا يكون من المكلف للغاية إنشاء مركز صغير لتلبية احتياجات التوصيل للمنازل من مكان محطة الوقود، وبالتالي المساعدة في تلبية الاحتياجات وفقاً لحاجة السكان المعتمدين بشكل كبير على الطلبيات.

ويمكن لهذه المحطات أن تظل نقطة توقف في طريق العودة إلى المنزل، مع توافر مواقف للسيارات أو حتى منفذ طعام يمكن تناوله بالسيارة. وبالتأكيد، ستحتفظ العقارات التجارية التي تتمتع بموقع جيد على طرق الضواحي بقيمتها، سواء كانت السيارات المارة على الطريق تعمل بالبنزين أو كانت كهربائية.