أزمة الشحن البحري تجبر التجار على البحث عن حلول خارج الصندوق

ارتفاع أسعار الشحن يربك التجارة العالمية
ارتفاع أسعار الشحن يربك التجارة العالمية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تبحث المصانع وعملاؤها عن حلولٍ أرخص نتيجة الارتفاع المتواصل في تكلفة شحن البضائع حول العالم، ويدرس المصدرون والمستوردون ووكلاؤهم إمكانية شراء حاويات شحن خاصة بهم، واستئجار سفن لتجنُّب التكاليف الباهظة والتأخيرات المرتبطة بالخدمات الحالية.

وأغلب ال 25 مليون حاوية المستخدمة عالمياً في الوقت الحالي إما مملوكة أو مستأجرة من قِبل حوالي 12 شركة شحن، من بينها شركة "مولر ميرسك"، الواقعة في كوبنهاجن، و"كوسكو شبينغ هولدينغز كو" الصينية.

ولا تزال الصناديق الفولاذية نادرة على خطوط الشحن من الصين، أكبر دولة تجارية في العالم، ويشتكي المصدرون في آسيا من أن أسعار نقل البضائع إلى أوروبا أو الولايات المتحدة قفزت خمسة أضعاف خلال العام الماضي، وتقول واحدة من أكبر صانعي الألعاب مثل لعبة "سي-مانكيز " (Sea-Monkeys) إن المشترين يؤجلون شحناتهم حتى تهدأ الأسعار.

ارتفاع أسعار الشحن يهدد التعافي الاقتصادي

وإذا استمرت الأزمة ستهدد بتبديد آمال التعافي السلس من ركود الاقتصاد العالمي نتيجة الوباء، ورغم أن الطفرة في الطلب على تكنولوجيا العمل من المنزل والمعدات الطبية أدت إلى تعافٍ حادٍ في التجارة، فإن الضغوط على جانب المعروض تقلص المخزونات وترهق الميزانيات.

وقال كلارنس سميث، رئيس مجلس إدارة شركة "هافرتي فيرنتشركو" التي تأسست قبل 135 عاماً في ولاية أتلانتا، في مؤتمر عبر الهاتف الأسبوع الماضي: "لدينا سجل طلبيات متأخرة هو الأكبر في تاريخنا، وندفع علاوة لنحصل على المنتج ونضمن قدرتنا على خدمة عملائنا، وبالتالي نرفع الأسعار"

وبينما يتوقع بعض الاقتصاديين أن تهدأ العقبات بحلول منتصف العام، فإن استمرار الارتفاع في أسعار الشحن لفترة طويلة يمكن أن يضر في النهاية بجيوب المستهلكين.

وأظهر بحث أجراه الاحتياطي الفيدرالي بولاية كانساس في 2016 أن الزيادة بنسبة 15% في تكاليف الشحن تقود إلى صعود بنسبة 0.10% في التضخم الأساسي بعد عام.

تأثيرات مهملة

وفي الولايات المتحدة، يشكل حجم البضائع المستوردة حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي ويصل معظمها عبر البحر، ونظراً لأن مؤشرات أسعار الواردات الأمريكية لا تشمل معلومات بشأن أسعار الشحنات، فإن "ضغوط تكاليف الشحن تبدو كقناة إضافية، ولكن مهملة عادة، تؤثر من خلالها الواردات على النمو الإجمالي في الأسعار"، وفقا لبحث "فيدرالي" كانساس سيتي.

وفي توضيح لمدى كآبة العقبات، درست مؤخراً وحدة من مجموعة "شفارتز" الألمانية - واحدة من أكبر مشغلي مراكز التسوق في العالم - إمكانية استئجار شاحنات لنقل بضائعها من الصين إلى أوروبا ثم استبعدت الخيار، والآن، تبحث الوحدة وهي "شفارتز آيشا باسيفيك سورسينغ ليمتد" (Schwarz Asia Pacific Sourcing Ltd) أو "SAPS Ltd" إمكانية استئجار سفن كاملة لنقل البضائع، وفقا للمدير التنفيذي في هونغ كونغ، بيورن ليندنر.

وقال ليندنر في مقابلة: "نبحث كافة أشكال النقل الممكنة لجلب بضائعنا إلى أوروبا.. ويعاني جميع نظرائنا بالقطاع في سبيل توفير البضائع، ويتعين علينا أن نبتكر".

حلول مبتكرة

ويفكر آخرون بنفس الطريقة، وقال برايان سوندي، المدير التنفيذي لشركة تأجير الحاويات "ترايتون انترناشونال ليمتد" (Triton International Ltd) في هاملتون، برمودا، إن بعض شركات شحن البضائع تفكر في شراء حاوياتها الخاصة ويرون أن هذا سيخفض صافي السعر إلى حد ما.

وقال سوندي في مؤتمر عبر الهاتف الأسبوع الماضي: "رأينا اهتماماً من بعض الأشخاص بامتلاك الحاويات نتيجة فرض رسوم أعلى عليهم من شركات الشحن عندما يحتفظون بها لوقت أطول مما يفترض بهم".

وقال تحالف الشاحنين العالميين (Global Shippers’ Alliance)، وهي منظمة تضم المصانع وتجار التجزئة والجملة، في بيان صادر في 17 فبراير إن الشاحنين "محبَطين من سوق الشحن الفوضوي ونقص الآليات لتنظيمه".

"بذل أقصى جهد"

وقال جون بوتلر، المدير التنفيذي لمجلس الشحن العالمي، الذي يمثل شركات الشحن، إن شركات تشغيل سفن نقل الحاويات "تبذل قصارى جهدها" لمقابلة الطلب الآخذ في الارتفاع.

وأضاف: "أبحرت جميع السفن، وجميع معدات التعامل مع الحاويات يتم استخدامها، وتقوم شركات الشحن بإنشاء مستودعات داخلية جديدة لتسريع عمليات النقل بالشاحنات، وتبذل أقصى ما عندها لإبقاء العملاء على اطلاع في هذا الوضع غير القابل للتوقع تماماً".

وقد تهدأ بعض ضغوط المعروض في الشهور المقبلة بالنظر إلى ازدياد سعة تداول الحاويات في ميناء شنغهاي بأكثر من 20% على أساس سنوي خلال إجازة العام القمري الجديد، بينما ارتفعت السعة في ميناء نينغبو شوشان بنسبة 29%، حسبما نقلت وكالة أنباء "شينخوا"، مستشهدة ببيانات رابطة الموانئ والمرافئ الصينية.

وكتب لي ميويان، نائب رئيس رابطة صناعة الحاويات الصينية، التي تمثل صانعي الحاويات، في مقال الشهر الماضي أن نقص الحاويات انخفض قليلاً اعتباراً من الربع الأخير من العام الماضي، لأن المصنعين الصينيين أنتجوا 440 ألف حاوية في يناير، وهو ما يقابل تقريباً الطلب السوقي على الحاويات الجديدة.

ومع ذلك، كلما استمر الارتفاع في أسعار الشحن، ستزداد التساؤلات بشأن ما إذا كانت ستبدأ في الظهور في أسعار السلع الاستهلاكية.

"سي-مانكيز"

قال صانع الألعاب ديف كيف، الذي يدير شركة "دراغون-آي تويز" (Dragon-I Toys) في هونغ كونغ والتي تعد أكبر صانعة ألعاب ديناصورات في العالم وتشتمل منتجاتها أيضا على ألعاب حيوانات أليفة مائية تسمى "سي مانكيز"، وهامستر متحدث اسمه "تشاتيمال" (Chatimal)، إن بعض الألعاب ذات الهوامش الهزيلة بالفعل في القطاع لا تستحق الشحن.

وحذر من أن عدم تحسن الأوضاع يجبر بائعي التجزئة على رفع أسعارهم، وقال: "إذا لم يتغير شيء من الآن وحتى مايو، فإن كل من يحصل على بضائعه عن طريق الشحن سيرفع الأسعار بحدة عن أسعار المنتجات الموجودة حاليا في المتجر".

ويؤجل بعض عملاء "كيف" بالفعل شحناتهم حتى أبريل على أمل تحسن الأوضاع، وقال كيف: "لم يحدث أبداً أن تحرك سعر الشحن بالحاويات أكثر من 20% إلى 30% صعوداً وهبوطاً، أما الارتفاع الحالي بنسبة 500% هو شيء جديد على الجميع".

ومع ذلك، في هذه المرحلة، يظل الاقتصاديون متفائلون بشأن تهديد التضخم، ولا يتوقعون أن تُحبِط تكاليف الشحن سلَّات التسوق بحدة في أوروبا والولايات المتحدة.

وقالت هيلين تشياو، كبيرة الاقتصاديين بشئون الصين في "بنك أوف أمريكا: "في النهاية، يعتمد تمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين على قوة طلب المستهلك الذي يرتبط أكثر بالسياسة المالية والنقدية في الولايات المتحدة وأوروبا".